السبت، 6 مايو 2017

رسالة إلى السيسي: «مش عايزينك».. لا خير فينا إن لم نقلها



القمع والظلم فاق كل حد، 
فحجزنا مقاعدنا في ذيل الأمم 
في انتهاك الحريات العامة، وحرية الصحافة، 
وصرنا مضربا للمثل في ارتكاب الجرائم ضد الانسانية، تعذيب، واعتقال، واختفاء قسري، وقتل خارج نطاق القانون



«مش عايزينك».. لا خير فينا إن لم نقلها، قلناها منذ اللحظة الأولى، لطلبك تفويض القتل الشهير، وقلناها مع بداية طرحك لنفسك كـ ديكتاتور قادم، رفضناك منذ اللحظة الأولى، لإعلان ترشحك للرئاسة، ورفضنا أن يتقلص حلمنا لبلدنا لمجرد الهروب من ديكتاتور لديكتاتور، حتى لو ارتدى الأول عباءة الدين واستبدلها الثاني بالزي العسكري.
 اليوم نكررها ليس فقط بسبب تكريس ديكتاتوريتك، كما توقعنا كحاكم فرد، وليس بسبب فشل ترسخ، واخفاق طال كل مناحي الحياة، وعشرات الآلاف من المعتقلين والمعذبين، وملايين دهمهم قطار حكمك فنقلهم، لجموع الفقراء والمعوزين، لكن لأننا صرنا نخاف على المستقبل مع بقائك واستمرار حكمك، لفترة أخرى. 
 لم تعد أحلامنا فقط هي المهددة، بل أسس دولتنا، حاضرنا، ومستقبلنا، بلد حلمت بالمستقبل وثارت من أجله، فأخذها حكمك، وصمت قطاعات واسعة عليه من نكبة لأخرى، وكأن قدرنا صار أن نصارع السقوط، ونتصدى للانهيار بدلًا من أن نحلم للمستقبل. 
لكن هل يكفي أن نقولها وكفى، هل هذا زمن إبراء الذمة، هل سنواجه أبناءنا بدعوى أننا قلنا مجرد كلمة حق في وجه سلطان جائر، هل يكفي أن نقول للغولة عينك حمرا، وللديكتاتور كفى هذا ما جنته يديك وأيدي آلة حكمك فينا، أم أننا صرنا ملزمين أن نعمل على إيقاف طوفان السقوط، حتى لو منعتنا قيود حكمك من الحركة، أليس من حق هؤلاء الأبناء أن نحلم لهم بوطن أكثر رحابة يتسع لأحلامهم، أن نورثهم الحلم بدلا من أن نورثهم الفشل والديكتاتورية، أن نقول لهم أننا اتفقنا على حل ما، ولم نتوقف عن السعي والمطالبة بتحقيقه، مهما كانت الأثمان ودون أن تمنعنا عنهم خلافاتنا، أو نتذرع بقيود تشتد حتى كادت تخنق الجميع، هل نسلمهم وطن على أبواب التعافي، أم حبل مشنقة يضيق على أعناقهم فلا يبقى لهم إلا الموت أو الاستسلام. 
هل سنكتفي بأن نقول لهم أننا لم نصمت على انتهاكات نظامك، أم آن آوان العمل والتخطيط لمستقبل بدونك، وصار لزاماً علينا أن نعمل له، على الأقل في إطار الأدوات المتاحة ومساحات الحركة التي تبقت عسى أن تتسع على أيدينا، هل سنكتفي بالرفض، أم أن علينا السعي لخلق بديلنا، نتفق عليه وندعمه، أن نتجاوز خلافات تعطل حركتنا، دون الوقوع مرة أخرى في فخ من سرقوا الحلم على الجانبين، حتى ولو كان أقصى طموحاتنا أن نوسع مساحات الحركة لقادمين غيرنا.
لم يعد الوقت وقت الرفض بالقول واللسان بل وقت الحركة للحفاظ على ما تبق من قواعد ديمقراطية، وأسس انتقال سلمي للسلطة، قبل أن يلتهم ما تبقى منها طوفان حكمك، فلا يبق إلا طريق ربما ندفع جميعا ثمنه.
الأرقام تقول أن القمع والظلم فاق كل حد، فحجزنا مقاعدنا في ذيل الأمم في انتهاك الحريات العامة، وحرية الصحافة، وصرنا مضربا للمثل في ارتكاب الجرائم ضد الانسانية، تعذيب، واعتقال، واختفاء قسري، وقتل خارج نطاق القانون، ورغم ذلك انتقل النظام من خانة وعود الرخاء الزائف، والحلول القاصرة للمشاكل، كمشروعات المؤتمر الاقتصادي مرورا بالقناة الجديدة والمليون وحدة سكنية، والمليون ونصف فدان، وسيارات الخضروات للقضاء على البطالة، إلى خانة التحذير من مجرد الكلام، انتوا بتعذبوني عشان جيت، مش عاوز حد يتكلم تاني، وصولا لإلقاء اللوم على الجميع إلا نظامه ( احنا فقرا قوي، واحنا غلابة، وبنستلف عشان نصرف).
 الأرقام تقول أن الفشل تفاقم حتى عجز النظام عن إخفائه فانتقل حديثه من بكره تشوفوا مصر إلى استحملوا معايا سنة كمان، لكنه لازال يراهن على ضعفنا، باطمئنان الواثق، من غياب المنافس. فهل نتوقف لحظة أمام ثقة السيسي، وهو يعلنها لشباب مؤتمره، «لو مش عاوزيني اقسم بالله أنا هامشي»؟
كيف امتلك حاكم تجمعت على يديه كل مؤهلات «هدم الدولة» - من ديكتاتورية واستبداد وفشل مستعص – كل هذا اليقين بالبقاء، بل والرهان عليه، هل هو فقط رهان على قدرة نظامه على البطش والقمع، وحماية أسس حكمه، هل هو رهان على أنه أغلق بوابات الحركة أمام منافسة حقيقية، أم أنه أيضا رهان على غيابنا، رهان على ضعفنا، وتفرقنا وعزم فقدناه، ووهن أصاب الجميع بفعل تمكن ثورته المضادة، وتجارب صعبة دفعنا جميعا ثمنها. آما يستحق هذا اليقين أن نتصدى له، حتى لا يقترن في المرة القادمة بفرض قوانين استبدادية أخرى كقانون الهيئات القضائية، والذي تواكب صدوره مع زفة مؤتمر شبابه، أو بمصادرة جديدة لما تبقى لنا من مساحات للحركة، أو استكمال إغلاق مجالنا العام الذي صار يضيق حتى عن أن يستوعب، أي تحرك مهما كان محدوداً، ولو بحجم سلم نقابة، مثلما حدث بعد تفجيرات الكنائس، ليتم فرض المزيد من القوانين الاستثنائية وإصدار المزيد من القرارات لإغلاق ما تبقى من نوافذ للتعبير، بدلا من أن يعترف بالتقصير وينشغل بإزالة آثار دماء .

؛؛؛؛ مصـــر الـيـــوم ؛؛؛؛




ليست هناك تعليقات: