الخميس، 16 يونيو 2011

مصيبة أن يحكمنا من هم أقدر على التمثيل من الممثلين أنفسهم.!



السادات يغني لجيهان في عيد ميلادها بدلا من التورتة..!  
 ...نـــورا .. نـورا يا نـورا ... 
وكـــان إســم دلـــع ناريمـــان هـــو .. نــورا.



.... في هذا اليوم الغريب العجيب كانت مناقشة رسالة الدكتوراه المقدمة من السيدة جيهان رءوف حرم الرئيس السادات عن الشعر الرومانسي.. جاء الرئيس السادات وأفراد الأسرة وجلسوا في الصف الأول، وجلس الكاتب أنيس منصور بالقرب من السيدة جيهان التي كانت واقفة تنظر يمينا وشمالا وهي تقول: والله أنا متلخبطة، صحيح أنا عارفة كويس قوي وإيه اللي أنا حاقوله.. لكن امتحان. 
 ذكريات ذلك اليوم البعيد بعد أن حصلت سيدة مصر الأولي حينها جيهان السادات على درجة الدكتوراه - التي أشرف عليها د. سهير القلماوي - يرويها لنا على لسان أنيس؛ المؤلف إبراهيم عبد العزيز في كتابه "رسائل أنيس منصور" الواقع في 504 صفحة من القطع الكبير. 
يقول أنيس: في اليوم قابلت الرئيس السادات في بيته وبادرني بقوله: إيه رأيك؟
- قلت: والله يا ريس الدكتورة جيهان كانت مذاكرة وموضوعها بديع. 
- لابد وأن تطبع هذه الرسالة 
- هه.. وملاحظتش حاجة يا أنيس؟ 
- زي إيه يا ريس؟ 
- زي إيه.. وهو أنا اللي حاقول لك.. ما كان الكلام قدامك. 
- ربما بعض الاضطراب.. طبعا الأساتذة بيتناقشوا قدامك يا ريس. 
- آه فيه حاجة تانية.. هاها.. هاها.. ما خدتش بالك إن جيهان كانت طول الوقت.. هاها.. بتقول حاضر يا فندم.. هاها.. خدت بالك. 
- أيوه يا ريس. - لكن دي حاجات ما بنشوفهاش في البيت.. هاها.. هاها. 
- طالبة أمام أساتذتها.
- نعم.. حاضر.. على طول الخط.. هاها.. هاها.. آه نسيت أقولك تعرف جيهان مبسوطة من إيه.. من حاجة أنت كتبتها وبتوريها لكل الناس.. أنت أهديتها كتابك الأخير وجعلت الإهداء "إلى الزميلة" جيهان رءوف.. سعيدة جدا بحكاية "الزميلة" دي.. أنا قلت لها لازم تقرأ سلسلة "في صالون العقاد كانت لنا أيام" إللي أنت بتنشرها في مجلة "أكتوبر".. أنا والله يا أنيس بسيب كل شغلي واقؤأ السلسلة العجيبة دي.. أنا كنت غايب عن الدنيا اللي أنتم عايشين فيها.. أنا في ناحية تانية خالص. كان السادات في أعماقه فنانا جرب أن يمثل ويغني ويقرأ القرآن في شبابه، ولم ينكر ذلك بعد أن أصبح رئيسا للجمهورية. وقد قال يوما للسادات: أنا رجل فنان. 
أحب الفن وأقدره وأجد متعة في لقاء أهل الفن والاستماع إليهم.. ولولا هموم السياسة ما رفعت عيني ولا أطبقت أذني عنهم.. فأنا فنان.. أحب الكلام الجميل والصوت الجميل.. وكنت وكنت.. حاقول لك إيه؟ 
- كنت تغني يا ريس؟ 
- أيوه.. أمال أنت بس اللي بتغني يا أنيس.. أنا كنت باغني وكان من الممكن أن أكون مطربا.. هاها.. هاها. 
- طبعا لابد انك غنيت يا ريس لابد. - طبعا.. أيوه يا أخي غنيت وأقدر أسمعك دلوقت. وغنى الرئيس للسيد درويش.. وكان صوته جميلا. 
 في مذكرات جيهان السادات "سيدة من مصر" قالت إنه في أحد أعياد ميلادها قال لها السادات: يا جيهان أنا ما عنديش فلوس أجيب لك تورتة.. ولا عندي فلوس لكي نذهب إلى أحد الفنادق .. أنا حاغني لك، ثم غنى "يا ريتني طير" إحدى أغنيات فريد الأطرش، وكانت الملكة ناريمان معجبة بفريد الأطرش، فغنى لها أغنيته الشهيرة: 
نورا.. نورا يا نورا.. وكان اسم دلع ناريمان هو نورا. 
كان السادات يتمنى أن يصبح فنانا، وكان ضمن فريق التمثيل في المدرسة.. وفي إحدى الأيام جاء مذيع أمريكي ليجري حوارا مع السادات وفجأة قال له: ما رأيك يا سيادة الرئيس لو أننا قمنا بتمثيلية معا. 
أنا أقوم بدور السادات وأنت بدور مناحم بيجن، وأن يكون هذا التمثيل مرتجلا. تكلم السادات بلسان بيجن مهاجما السادات والعرب، ثم طلب أن يعود على نفسه ويرد على الكلام الذي قاله على لسان بيجن، وضحك السادات وهاجم بيجن بعنف، وأكد لبيجن أن مثل هذا التفكير العتيق لن يحقق السلام بين إسرائيل والعرب..! 
وفي نهاية التمثيلية قال المذيع لأنيس منصور: مصيبة كبرى أن يحكمنا هؤلاء الناس الذين هم أقدر على التمثيل من الممثلين أنفسهم!! وسمع أنيس من السادات ذات يوم أنه أخطأ الطريق إلى أمله، وهو أن يكون ممثلا أو مطربا، وقد سمع السادات وهو يغني وكذلك وهو يرتل القرآن الكريم، فقد كان لديه إحساس بأن صوته جميل النبرات. 
كان السادات صاحب خيال واسع، وكان يؤمن بعبارة ماوتسي تونج "لا ثورة بغير شعر"، أي لا ثورة بغير خيال وإبداع.. وكانت ثورة السادات قمة خياله، وقراراته هي الإبداع نفسه، وانعكس خياله على سلوكه الشخصي، فقرر أن يظهر أمام الناس في صور بسيطة يمارس فيها نشاطه وعاداته كمواطن لا كرئيس جمهورية. 
الصورة التى أغضبت جيهان وفي يوم نشرت صحيفة "أخبار اليوم" – وكان إبراهيم سعده رئيسا لتحريرها – صورا للسادات وهو يحلق ذقنه بالبنطلون والبيجامة، وهو على الأرض يقوم بحركات رياضية، وهي الصور التي التقطها له الفنان الراحل فاروق إبراهيم. 
ذهب أنيس إلى الرئيس في القناطر، فوجد جيهان وهمت مصطفى وسعد زغلول نصار، وكانت السيدة الأولى غاضبة فقالت لأنيس: إيه رأيك أنت؟ 
قال لها: مفيش فيها حاجة.. إن رؤساء أمريكا ينشرون صورهم يلعبون ويصطادون السمك.. ولع لالرئيس أراد أن يقول إن حياته بسيطة وإنه إنسان عاد جدا أو أنه في صحة جيدة. - لا.. لا يا أنيس.. لا.. الناس انزعجت لما شافت الصور.. صور وهو على الأرض.. كيف تنشرها "أخبار اليوم"؟ الصور أساءت للرئيس جدا.. لا لا يا أنيس، ما تقولش كده للريس.. اسأل همت واسأل سعد. 
قالت همت: أنا رأيت الصور في الصباح فانزعجت وتصورت أن سيادة الرئيس حصل له حاجة! وقال سعد: المراسلون الأجانب هلكوني مكالمات.. إيه ده.. إيه اللي حصل.. إيه المعنى؟ ذهب أنيس وجيهان للسادات وقالت غاضبة: كل الناس مش موافقين على نشر الصور، مفيش غير أنيس. 
وقال الرئيس لزوجته: إنها حديث الناس ليوم واحد، وبعد ذلك سوف يجد الناس أشياء أخرى.. لا تشغلي بالك. 
فردت جيهان غاضبة: كيف لا أشغل بالي؟ إن هذه الصور فضيحة.. كارثة!!



؛؛؛؛ مصـــر الـيـــوم ؛؛؛؛



ليست هناك تعليقات: