الاثنين، 18 نوفمبر 2019

الهوية المصـرية .. تنوع خلاق..فيديو



صــور المــاضي الجـميل


قال أحد المؤرخين الأوروبيين أثناء إحدى رحلاته التى قام بها لمصر “اذا أردت ان تشاهد حداثة باريس ، وسحر فيينا ،  فاذهب الى القاهره”. تلك المشاهد التي نراها في صور وأفلام الأربعينات والخمسينات والستينات ، الحياة الراقية، والأخلاق العالية، الذوق الرفيع في الأدب و الفنون و الموضة، الحياة الهادئة والشوارع الفارغة، النفوس الطيبة الصافية، الترابط الأسري، الوجوه الجميلة بلا تجميل.



مصر فى صور الأبيض والأسود هى مصر التى لم نعاصرها بل شاهدناها فى الصور وتمنينا لو عاد بنا الزمن لنرى هذا الجمال وهذا التميز وهذه الخصوصية.. مصر الزمن الجميل  حيث البساطة والرقى  .. مصر بدون زحام وشوارع جميلة  وشعب ذو هوية خاصة يؤثر ولا يتأثر ،
... الهوية المصـرية .. تنوع خلاق ...
تعني هوية شيء من الأشياء الملامح والسمات التي ينفرد بها هذا الشعب عن غيره‏,‏ ويتميز بها عما سواه‏.‏ وما من سبيل لإسقاط أي دولة إلا هدم ثقافتها وهويتها ، فحينها تصبح الدولة تائهة بلا بوصلة تحركها ، وبلا أي منطلق لتوجهاتها.
والحديث عن هوية مصر يبدأ من موقعها الجغرافي الفريد، أو ما أسماه جمال حمدان: عبقرية المكان الذي يتعامد عليه الزمان في تعاقب قرونه وحقبه. ولذلك فهوية مصر هي ناتج تفاعل الحقب التي مرت عليها جميعا. وليست ناتج حقبة بعينها يمكن اختزال هوية مصر فيها أو قصرها عليها وحدها في تجاهل لغيرها من الحقب التي لا تزال فاعلة، والتي يصنع مجموعها في تفاعله هوية مصر التي لا تنفصل عن عبقرية مكانها .
فالهوية المصرية نمت وتطورت بشكل طبيعى وتدريجى على ضفاف النيل، واستطاعت أن تستوعب ثقافات وأديان كثيرة دون أن تتخلى عن هويتها الذاتية.
 التضامن الاجتماعي الذي أسسه المصريون على مدى التاريخ، يعكس روح التعاون، والآثار الفرعونية الموجودة ، تعكس حياة المصريين والعلاقة مع الأرض ..الزرع والنيل والمعطيات التي حبا الله مصر بها وعلاقات المصريين مع بعضهم البعض فكان المصريون يزرعون ويفلحون ويصلون لله.
المزيج المصري هو سر الخلطة االعجيبة التي قال عنها الإمام محمد عبده: "مصر لا تندغم في أحد، ولكن تدغم كل من قبل إليها، وكل من جاء إليها أخذت منه مايروق لها وفرزت الغث من الثمين".
لقد شهدت مصر لحظة تاريخية مجيدة من لحظات التنوع الخلاق في الهوية. وهي لحظة ثورة1919 التي رفعت شعار الدين لله والوطن للجميع, فكانت النتيجة أن اشترك أقباط مصر ويهودها ومسلموها في وضع دستور1923 علي أحدث النظم السياسية وأكثرها تقدما في العالم الغربي, ودفع ذلك سيد درويش إلي تلحين كلمات بيرم التونسي :

أنا المصري كريم العنصرين
بنيت المجد بين الأهرمين
جدودي أنشأوا العلم العجيب
ومجري النيل في الوادي الخصيب
لهم في الدنيا آلاف السنين
ويفني الكون وهما موجودين

********
       الثقافة مكون أساسى للهوية

تتميز هوية مصر الثقافية بالاعتدال والتسامح،وكثير من الدول أعطت أولوية لتجديد هويتها من خلال الاهتمام بالثقافة. فالثقافة المشتركة وما تشمله من قيم وعادات تمثل مكون أساسى للهوية الوطنية، ولكن من ناحية أخرى فإن كثافة و تميز الانتاج الثقافى الوطنى وقدرته على عبور الحدود و التأثير فى الأخرين يعد أيضا مصدرا أساسيا للزهو و داعما للهوية الوطنية. فقد لعب الانتاج الثقافى المصرى المتميز هذين الدورين فى عقود سابقة، سواء فى مجالات السينما والمسرح والأدب والغناء وغيرها. ومن ثم فإن تجديد الهوية المصرية يساهم فى فشل محاولات إضعاف أو التشويش على الهوية الوطنية المصرية .
... النوستالجيا .. الحنين إلى الماضى ...
النوستالجيا هو مصطلح يستخدم لوصف الحنين إلي الماضي، أصل الكلمة يرجع إلي اللغة اليونانية إذ تشير إلي الألم الذي يعانيه المريض إثر حنينه للعودة لبيته وخوفه من عدم تمكنه من ذلك للأبد، وتم وصفها علي أنها حالة مرضية أو شكل من اشكال الاكتئاب ثم أصبحت بعد ذلك موضوعا ذا أهمية بالغة في فترة الرومانتيكيه.
النوستالجيا هي حب شديد للعصور الماضية بشخصياتها وأحداثها، وجينات الهوية هى التى تجعل المصريون يسترجعون الماضى، يقول الخبراء أن ” النوستالجيا ” هي آلية دفاع يستخدمها العقل لرفع المزاج وتحسين الحالة النفسية، ومن المهم الايغرق الانسان نفسه فى الماضى ويرفض الانتقال إلى المستقبل أو إلى كل ما هو جديد،فمن المهم والضرورى  تذكر الماضي مع صنع الحاضر والمستقبل لان الغد دائما أفضل.
... توظيف النوستالجيا فى الاعلانات ...
خبراء التسويق والإعلان في العالم في بحث مستمرعن أفكار تسويقية مبتكرة لتساعدهم في تقديم منتجاتهم أو خدماتهم بطريقة أبداعية ومميزة، ومن ثم حفر أسم العلامة التجارية في ذاكرة المستهلك لفترة طويلة الأمد .
ومن ثم  إجتاحت عالم التسويق ظاهرة توظيف النوستالجيا أو إعادة إحياء صورالماضي الجميل التي تحتل عرش الذكريات السعيدة عند الجماهير، فأخذت العديد من الشركات إعادة إحياء الإنتاج الفني والإعلاني للأجيال السابقة من خلال توظيف شخصيات و مفردات وأحداث من الماضي وتقديمها بلمسة عصرية تعكس الحياة اليوم، فظاهرة التزاوج بين القديم والحديث والربط بين الماضي والحاضر آخذه في الإنتشار عالمياً وتجد صداها سريعاً، ويظهر ذلك فى العديد من البرامج التى تذكر المشاهد بكل ماهو قديم ويمثل له قيمة كبيرة ارتبط به عبر السنين .
... صور الأبيض والاسود .. حكواتى زمان ...
تحولت أيام زمان وشوارع زمان وفنانين زمان إلى صور وفيديوهات نادرة تتبارى الصفحات المختلفة فى نشرها باعتبارها كنزا عند مستخدمى "فيس بوك"،
كما تحول الـ"فيس بوك" من مجرد موقع للتواصل الاجتماعى ومشاركة الصور الشخصية إلى منصة يتم من خلالها إحياء أيام مضت وأصبح المستخدمون لديهم القدرة على مشاهدة كيف كانت مصر زمان.
وفيما يلى بعض الصور بطعم أيام زمان،  بشوارعنا القديمة ومعالمنا وآثارنا التى أصبحت بمثابة "الحكواتى" الذى يسرد دائماً قصص وحكايات عن عالم لم نعايشه ولكننا نشاهده فى الصور فقط.
أفـــلام ونجـــوم زمــان
عمر الشريف وفاتن حمامة فى .. فيلم نهر الحب ..


أفلام زمان .. مازالت تعيش فى أذهان المشاهدين لأنها تميزت بالصدق و لكونها الفن الذي يرصد أحداث المجتمع ويقدمها بعين واقعية فاقترب من الجمهور وأصبح جزءا لا يتجزأ من حياته .. وقد شهدت السينما المصرية أزهى أيامها في السنوات الواقعة بين ثلاثينيات وستينيات القرن الماضي وهي الأيام التي حملت لقب "العصر الذهبي" للسينما والتي عاصرت إنتاج المئات من الأفلام باللونين الأبيض والأسود سواء كوميدية أو رومانسية أو درامية. . ومن هذه الأفلام ما يعد من "كلاسيكيات" السينما المصرية و لهذه الأفلام نجوم حفروا أسماءهم وأدوارهم في ذاكرتنا وأذهاننا بأدائهم المتميز وبساطتهم وعفويتهم فى زمن الفن الجميل.  
كانت الأفلام القديمة هى الوسيلة للتعرف على مصر زمان ولكن أصبحت الفرصة سانحة الآن وبدلا من التليفزيون صار هناك منبر أكبر للعودة لأيام زمان، وهو شبكة الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعى فلم تعد الشاشة الصغيرة هى المتنفس الوحيد فينتظر المشاهدين موعد عرض أحد هذه الأفلام .
سعاد حسنى "السندريلا"


عبد الفتاح القصرى فى فيلم ابن حميدو



شوارع زمـان .. حلوة يابلدى




الشوارع شاهد حى على التاريخ،وشوارع مصر لها تاريخ يمتد عبر العصور..عاصرها الكثير من العلماء والأدباء والفنانين، تغيرت أسماء هذه الشوارع وتغير معها سكانها وعاداتهم وتقاليدهم، ولكنهم جميعا ينتمون إلى هذه الأماكن التى مازالت ساحرة، رغم كل ما حل بها من أحداث غيرت ملامحها، والتى مازالت معبرة عن تاريخ مصر بعصوره المختلفة.
فالشوارع ذاكرة تبني في وجدان من يتجول في أروقة تاريخها ويتعرف علي أسرار تلك الشوارع وحكاياتها المرتبطة في كثير من الأحيان بحقب تاريخية تركت آثارها في ذاكرة الأيام ورغم تحديث وتطوير الشوارع ولكنها بقيت شامخة متشبعة برائحة الماضي، وعبق الأصالة ، تواكب الحاضر ، وترقب المستقبل ، وكم من خطي مشت عليها وكم من أجيال مرت في أزمنتها وهي وحدها الشاهدة علي ما ضمته بين جوانبها من أحداث وشخوص،. شوارعنا هي ذاكرة أمتنا بكل ما تحمله باقية ما بقي التاريخ وما بقي الأثر.
... الترامواى يدخل مصر ...
كانت  الإسكندرية   أول مدينة في القارة الإفريقية وأول مدينة في مصر تشهد شوارعها تسيير خطوط الترامواي في عام 1860، وفي أول اغسطس 1896 تم الاحتفال بتدشين الخط الأول لسير عربات الترمواي داخل شوارع المحروسة فى القاهرة ، وبدأ الترمواي رحلته الأولى من بولاق مارا بميدان العتبة حتى وصل إلى القلعة. واصطف أهالي القاهرة على الجانبين ليشاهدوا ذلك الاختراع الجديد الذي يسير بقوة الكهرباء وصباح ذلك اليوم صدرت الصحف المصرية تتصدر عناوينها "العفريت يصل المحروسة"، و"العفريت يسابق الريح"، وغيرها من العناوين التي تبين مدى انبهار المصريين بذلك الوافد الجديد .



... أزياء زمـا ن .. الرقى والأناقة ...

تتطور الأزياء على مر العصور فمنها ما يستمر إلى عقود طويلة ودائمًا ما يتواجد بشكل أو بآخر فى خطوط الموضة ومنها ما يختفى تمامًا .. "الأناقة والرقي" سمات تميزت بها أزياء زمان من عشرينيات القرن الماضى حتى موضة الخمسينيات والستينات  "كونى جميلة ورقيقة" هذا هو شعارهن فى اختيار الأزياء، هذه الحقب الزمنية التى شهدت على ميلاد فترة متميزة فى تاريخ الأزياء النسائية



... برامج زمان .. العلم والثقــافة ...
عرفت مصر التليفزيون عام 1960 وقبل ذلك كان الراديو هو البطل وإلى جواره الصحف والمجلات، فكانوا مجتمعين يقدمون وجبة ثقافية دسمة للمصريين باختلاف طبقاتهم،أما الآن  يوجد الكثير من البرامج التى تملأ شاشات الفضائيات ،ولكن بمجرد مشاهدة أحدى مذيعات البرامج القديمة أو "تترات" تلك البرامج، يسترجع المشاهدون فورًا ذكريات زمان، وهذا المحتوى المتنوع الرائع للبرامج الذى أثر فى أجيال كاملة،وقام حالياً التليفزيون المصرى ببث  قناة ماسبيرو زمان وهي قناة مخصصة لإذاعة تراث ماسبيرو القديم بالأبيض والأسود من مباريات وسهرات وأغنيات ودراما متنوعة.






أغانى زمـان  .. الطرب الأصيل
عندما افتتحت الحكومة المصرية الإذاعة الرسمية منتصف عام 1934، بالتعاون مع شركة «ماركوني» الإيطالية، حرصت على أن تنتج وتذيع أغنيات كبار المطربين، أمثال أم كلثوم، ومحمد عبدالوهاب، سعياً إلى تشكيل الذوق الفني للمستمع المصري، بينما بدأت الأغنية الشعبية في موالد مصر، والليالي التي أحياها المنشدون والمدّاحون ومرددو المواويل في القرى والمراكز، ولم تعرف طريقها للتوثيق إلا في بداية ظهور الفيلم المصري، و بدأت الإذاعة ببثّ الأغاني الشعبية، عندما أخذت طابعاً أكثر التزاماً في شكل الأغنية الحديثة، بداية من أغاني محمد رشدي ومحمد العزبي في الستينات. وتميزت أغانى زمان بالطرب الأصيل والتنوع والاختلاف، أغانى وطنية وعاطفية وشعبية لمطربين الزمن الجميل مع الكلمات الراقية والالحان والنغمات المتميزة.




هكذا هى الهوية المصرية كامنة فى عقول وقلوب المصريين، جعلت مصر وشعبها متميزين فى جوانب مختلفة عن غيرهم من شعوب المنطقة، فقد طبعت الهوية المصرية بصماتها على الشخصية المصرية التى أخذت مكوناتها الأساسية من تاريخ مصر العريق. وإستمرار وصمود الهوية الوطنية هو الذى منع الدولة المصرية من الإندثار فى غياهب الماضى، والحفاظ والتمسك  بهذه الهوية هو الكفيل بأن يضع الدولة المصرية فى المكانة التى تستحقها فى سجلات المستقبل.



؛؛؛؛ مصـــر الـيـــوم ؛؛؛؛


ليست هناك تعليقات: