إسرائيل السبب في عدم الاستقرار في الشرق الأوسط.
المعركة التي يجب أن تخوضها امريكا
لاستعادة سياستها الخارجية وحسها الأخلاقي
بشأن فلسطين والشرق الأوسط ،طويلة وشاقة.
المعركة التي يجب أن تخوضها امريكا
لاستعادة سياستها الخارجية وحسها الأخلاقي
بشأن فلسطين والشرق الأوسط ،طويلة وشاقة.
تحرك الصهاينة الأميركيون بسرعة بعد أيام قليلة من فوز دونالد ترمب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، لضمان حماية المصالح الإسرائيلية بالكامل من قبل الإدارة الجديدة.
لم تُهدر المنظمة الصهيونية الأميركية أي وقت، واندمجت مباشرةً مع عنصريين سيئي السمعة، معروفين أيضًا بأجنداتهم المعادية لليهود. وكان من ضمن ضيوف حفل المنظمة الصهيونية الأمريكية السنوي في (20 نوفمبر/تشرين الثاني 2017)، ستيف بانون، وهو أحد زعماء ما يسمى باليمين المتطرف، والمعروف أيضًا باسم "تفوق العنصر الأبيض" في الولايات المتحدة.
أصبحت شبكة بريتبارت الإخبارية، تحت قيادة بانون، منصة رئيسية لليمين المتطرف، مؤججة لـ"معاداة السامية" كذلك (وغني عن القول، العنصرية من جميع الاتجاهات).
ويبدو أن مشاهدة استضافة كبار المسؤولين الإسرائيليين وقادة الجالية اليهودية في الولايات المتحدة، لبانون -بكل حماس- في حفل المنظمة الصهيونية الأمريكية السنوي، كان محيرًا للبعض، وأوضح آخرون بشكل عرضي أنها طبيعة السياسة، لأن إسرائيل تحتاج إلى تحالفها الأمريكي حتى لو كان ذلك يعني التعاون مع المعادين للسامية، ولكن من الصعب أن يكون الأمر بتلك البساطة.
ستيفن بانون مساعد الرئيس الأميركي ترمب وقد شغل منصب كبير مستشاري الرئيس للشؤون الإستراتيجية (رويترز)
تعود علاقات بانون مع الصهاينة إلى ما قبل فوز ترمب المفاجئ في الانتخابات.
وفي الواقع لم تواجه إسرائيل أبدًا مشكلة مع المعادين الحقيقيين للسامية، وبدلًا من ذلك، فإنها تكتفي بإعادة وصف أي انتقاد للاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية بأنه معاداة للسامية.
ومن خلال دمج هذا المصطلح، تمكن الصهاينة من إسكات جميع المناقشات حول إسرائيل في الولايات المتحدة، وعلى الرغم من المحاولات العنيفة لكسر إحكام إسرائيل على السيطرة الصهيونية على السردية المتعلقة بفلسطين والشرق الأوسط في وسائل الإعلام الأمريكية والحكومة والمجتمع ككل، تواصل إسرائيل الحفاظ على اليد العليا، كما فعلت على مدى عقود.
أعرب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو عن شكره الحار لترمب على كرم ضيافته في كلمة ألقاها في الغرفة الشرقية بالبيت الأبيض يوم (15 فبراير/شباط 2017)، أثناء مؤتمر صحفي مشترك مع ترمب، ثم تَلفظ بهذه الكلمات: "ليس لدى إسرائيل حليف أفضل من الولايات المتحدة، وأريد أن أؤكد لكم أن الولايات المتحدة ليس لديها حليف أفضل من إسرائيل"، ولكن ذلك لم يكن سوى نصف الحقيقة فقط، لقد كانت الولايات المتحدة في الواقع داعمًا قويًا لإسرائيل، وقدمت لها أكثر من 3.1 مليار دولار في شكل مساعدات مالية كل عام على مدى العقود القليلة الماضية، وزاد هذا المبلغ بشكلٍ كبير في ظل إدارة الرئيس باراك أوباما إلى 3.8 مليار دولار، بالإضافة إلى مئات الملايين من جميع أنواع المساعدات المالية والعسكرية و"القروض" مجهولة المصير في أغلب الأحوال.
ومع ذلك، كذب نتنياهو، لأن بلاده لم تكن حليفة قوية بنفس القدر للولايات المتحدة، في الواقع، كانت إسرائيل بمثابة عائق، ناهيك عن مختلف الحوادث الخطيرة للتجسس الإسرائيلي على واشنطن ومقايضة الأسرار والتقنيات الأمريكية مع روسيا والصين، فقد كانت إسرائيل سببًا في عدم الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط.
منذ الحرب العالمية الثانية، تنافست الولايات المتحدة لتحقيق هدفين رئيسيين للسياسة الخارجية في الشرق الأوسط؛ السيطرة على المنطقة ومواردها ودعم حلفائها (الديكتاتوريين في كثير من الأحيان)، مع الحفاظ على درجة من "الاستقرار" حتى يتسنى للولايات المتحدة القدرة على القيام بأعمالها دون عوائق. ومع ذلك، ظلت إسرائيل على مسار الحرب، وتطلبت هذه الحروب التي لم تستطع إسرائيل خوضها بنفسها، التدخل الأمريكي باسم إسرائيل، كما كان الحال في العراق، وكانت النتيجة كارثية بالنسبة للسياسة الخارجية الأمريكية، حتى رجال الجيش المتشددون بدأوا في ملاحظة الطريق المدمر الذي اختارته بلادهم من أجل الدفاع عن إسرائيل.
الجنرال ديفيد بترايوس، قائد قوة المساعدة الأمنية الدولية وقائد القوات الأمريكية في أفغانستان (رويترز)
قال القائد العسكري الجنرال ديفيد بتريوس في شهر (مارس/آذار عام 2010)، حين كان رئيسًا للقيادة المركزية الأمريكية، للجنة الخدمات المسلحة في مجلس الشيوخ خلال شهادته بأن إسرائيل أصبحت عائقًا بالنسبة للولايات المتحدة، والذي بدوره صار تحديًا "للأمن والاستقرار"، الذي سعت بلاده لتحقيقه، وإن "التوترات الإسرائيلية الفلسطينية غالبًا ما تنشُب عنها أعمال العنف، والمواجهات المسلحة واسعة النطاق، ويثير الصراع المشاعر المعادية للولايات المتحدة، بسبب تصور أن الولايات المتحدة تتحيز دائمًا لصالح إسرائيل، ويحد الغضب العربي المتعلق بالقضية الفلسطينية من قوة وعمق الشراكات الأمريكية مع الحكومات والشعوب في منطقة العمليات، ويضعف شرعية الأنظمة المعتدلة في العالم العربي، وفي الوقت نفسه يستغل تنظيم القاعدة والجماعات المسلحة الأخرى هذا الغضب لحشد الدعم".
وعلى الرغم من أن بتريوس كان يتحدث بشكل صارم من وجهة نظر المصلحة العسكرية الأمريكية، فقد قام اللوبي الإسرائيلي بالهجوم عليه على الفور تقريبًا. وانتقد آبي فوكسمان، مدير رابطة مكافحة التشهير، التي غالبًا ما يساء توصيف دورها في مكافحة العنصرية في الولايات المتحدة، القائد الأمريكي الأعلى واصفًا استنتاجاته بأنها "خطيرة وتؤدي إلى نتائج عكسية".
في الولايات المتحدة، لا أحد بمأمن من الانتقادات الإسرائيلية، بما في ذلك الرئيس نفسه، الذي من المتوقع أن يستوعب النزوات الإسرائيلية، دون توقع أي معاملة إسرائيلية بالمثل. وكشفت واقعة خاصة عن درجة النفوذ الإسرائيلي في الولايات المتحدة، عندما قام رئيس مجلس النواب آنذاك جون بوينر بالتآمر مع سفير إسرائيل في واشنطن آنذاك رون ديرمر لترتيب زيارة وخطاب أمام الكونغرس لنتنياهو في تحد للرئيس أوباما.
احتدم حديث نتنياهو وتكلم بحماس أمام الكونغرس الموحد (مع بعض الاستثناءات) الذي منح رئيس الوزراء الإسرائيلي فترات من التصفيق الحار، بينما قلل من شأن رئيسهم وانتقد بشدة السياسة الخارجية الأمريكية تجاه إيران.
شعر أوباما بأنه معزول كما لو كان هدفًا لانقلاب سياسي. وقد تخبط عدد قليل من الديمقراطيين في مؤتمر صحفي غير منظم للرد على اتهامات نتنياهو، ولكنهم كانوا بالتأكيد الأقلية الضئيلة، وكان هذا المشهد وحده كفيلًا بأن يظهر أن قوة إسرائيل في الولايات المتحدة قد نمت بشكلٍ هائل عبر الزمن من مجرد "نظام عميل" إلى "شريك".
وفي الواقع لم تواجه إسرائيل أبدًا مشكلة مع المعادين الحقيقيين للسامية، وبدلًا من ذلك، فإنها تكتفي بإعادة وصف أي انتقاد للاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية بأنه معاداة للسامية.
ومن خلال دمج هذا المصطلح، تمكن الصهاينة من إسكات جميع المناقشات حول إسرائيل في الولايات المتحدة، وعلى الرغم من المحاولات العنيفة لكسر إحكام إسرائيل على السيطرة الصهيونية على السردية المتعلقة بفلسطين والشرق الأوسط في وسائل الإعلام الأمريكية والحكومة والمجتمع ككل، تواصل إسرائيل الحفاظ على اليد العليا، كما فعلت على مدى عقود.
أعرب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو عن شكره الحار لترمب على كرم ضيافته في كلمة ألقاها في الغرفة الشرقية بالبيت الأبيض يوم (15 فبراير/شباط 2017)، أثناء مؤتمر صحفي مشترك مع ترمب، ثم تَلفظ بهذه الكلمات: "ليس لدى إسرائيل حليف أفضل من الولايات المتحدة، وأريد أن أؤكد لكم أن الولايات المتحدة ليس لديها حليف أفضل من إسرائيل"، ولكن ذلك لم يكن سوى نصف الحقيقة فقط، لقد كانت الولايات المتحدة في الواقع داعمًا قويًا لإسرائيل، وقدمت لها أكثر من 3.1 مليار دولار في شكل مساعدات مالية كل عام على مدى العقود القليلة الماضية، وزاد هذا المبلغ بشكلٍ كبير في ظل إدارة الرئيس باراك أوباما إلى 3.8 مليار دولار، بالإضافة إلى مئات الملايين من جميع أنواع المساعدات المالية والعسكرية و"القروض" مجهولة المصير في أغلب الأحوال.
ومع ذلك، كذب نتنياهو، لأن بلاده لم تكن حليفة قوية بنفس القدر للولايات المتحدة، في الواقع، كانت إسرائيل بمثابة عائق، ناهيك عن مختلف الحوادث الخطيرة للتجسس الإسرائيلي على واشنطن ومقايضة الأسرار والتقنيات الأمريكية مع روسيا والصين، فقد كانت إسرائيل سببًا في عدم الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط.
منذ الحرب العالمية الثانية، تنافست الولايات المتحدة لتحقيق هدفين رئيسيين للسياسة الخارجية في الشرق الأوسط؛ السيطرة على المنطقة ومواردها ودعم حلفائها (الديكتاتوريين في كثير من الأحيان)، مع الحفاظ على درجة من "الاستقرار" حتى يتسنى للولايات المتحدة القدرة على القيام بأعمالها دون عوائق. ومع ذلك، ظلت إسرائيل على مسار الحرب، وتطلبت هذه الحروب التي لم تستطع إسرائيل خوضها بنفسها، التدخل الأمريكي باسم إسرائيل، كما كان الحال في العراق، وكانت النتيجة كارثية بالنسبة للسياسة الخارجية الأمريكية، حتى رجال الجيش المتشددون بدأوا في ملاحظة الطريق المدمر الذي اختارته بلادهم من أجل الدفاع عن إسرائيل.
الجنرال ديفيد بترايوس، قائد قوة المساعدة الأمنية الدولية وقائد القوات الأمريكية في أفغانستان (رويترز)
قال القائد العسكري الجنرال ديفيد بتريوس في شهر (مارس/آذار عام 2010)، حين كان رئيسًا للقيادة المركزية الأمريكية، للجنة الخدمات المسلحة في مجلس الشيوخ خلال شهادته بأن إسرائيل أصبحت عائقًا بالنسبة للولايات المتحدة، والذي بدوره صار تحديًا "للأمن والاستقرار"، الذي سعت بلاده لتحقيقه، وإن "التوترات الإسرائيلية الفلسطينية غالبًا ما تنشُب عنها أعمال العنف، والمواجهات المسلحة واسعة النطاق، ويثير الصراع المشاعر المعادية للولايات المتحدة، بسبب تصور أن الولايات المتحدة تتحيز دائمًا لصالح إسرائيل، ويحد الغضب العربي المتعلق بالقضية الفلسطينية من قوة وعمق الشراكات الأمريكية مع الحكومات والشعوب في منطقة العمليات، ويضعف شرعية الأنظمة المعتدلة في العالم العربي، وفي الوقت نفسه يستغل تنظيم القاعدة والجماعات المسلحة الأخرى هذا الغضب لحشد الدعم".
وعلى الرغم من أن بتريوس كان يتحدث بشكل صارم من وجهة نظر المصلحة العسكرية الأمريكية، فقد قام اللوبي الإسرائيلي بالهجوم عليه على الفور تقريبًا. وانتقد آبي فوكسمان، مدير رابطة مكافحة التشهير، التي غالبًا ما يساء توصيف دورها في مكافحة العنصرية في الولايات المتحدة، القائد الأمريكي الأعلى واصفًا استنتاجاته بأنها "خطيرة وتؤدي إلى نتائج عكسية".
في الولايات المتحدة، لا أحد بمأمن من الانتقادات الإسرائيلية، بما في ذلك الرئيس نفسه، الذي من المتوقع أن يستوعب النزوات الإسرائيلية، دون توقع أي معاملة إسرائيلية بالمثل. وكشفت واقعة خاصة عن درجة النفوذ الإسرائيلي في الولايات المتحدة، عندما قام رئيس مجلس النواب آنذاك جون بوينر بالتآمر مع سفير إسرائيل في واشنطن آنذاك رون ديرمر لترتيب زيارة وخطاب أمام الكونغرس لنتنياهو في تحد للرئيس أوباما.
احتدم حديث نتنياهو وتكلم بحماس أمام الكونغرس الموحد (مع بعض الاستثناءات) الذي منح رئيس الوزراء الإسرائيلي فترات من التصفيق الحار، بينما قلل من شأن رئيسهم وانتقد بشدة السياسة الخارجية الأمريكية تجاه إيران.
شعر أوباما بأنه معزول كما لو كان هدفًا لانقلاب سياسي. وقد تخبط عدد قليل من الديمقراطيين في مؤتمر صحفي غير منظم للرد على اتهامات نتنياهو، ولكنهم كانوا بالتأكيد الأقلية الضئيلة، وكان هذا المشهد وحده كفيلًا بأن يظهر أن قوة إسرائيل في الولايات المتحدة قد نمت بشكلٍ هائل عبر الزمن من مجرد "نظام عميل" إلى "شريك".
المسيحيون المؤيدون لإسرائيل في أميركا
ودورهم في قضية القدس
كيف حققت إسـرائيل هـذا التـأثير القيــادي
على السياســة الخـارجية الأميركيــة؟
رجل الأعمال الأميركي شيلدون غاري أديلسون (رويترز)في مقالة بعنوان: "شبكة ستيف بانون المليئة بالغرابة: تعرف على أصحاب المليارات غريبي الأطوار الداعمين لكبير مستشاري الرئيس للشؤون الاستراتيجية"، ذكر المدون السياسي هيذر ديغبي باترون، عددًا قليلًا من "أصحاب المليارات الغرباء" هؤلاء، وكان من بينهم شيلدون أديلسون، الملياردير اليميني الذي يمتلك إمبراطورية قمار، والذي "يركز بشكل فريد على دولة إسرائيل".
وقد سبقت علاقات أديلسون الجيدة مع بانون (وترمب) انتصار ترمب في الانتخابات، وبدا أنه لم ينتبه إلى حقيقة أن بانون وأمثاله يُنظر إليهم من قبل العديد من اليهود الأمريكيين على أنهم مخيفون ومعادون للسامية ولديهم أجندة من التهديدات. ولكن أديلسون لا يهتم بالعنصريين الحقيقيين، لأن هاجسه لحجب الأجندة الصهيونية المتشددة لإسرائيل طغى على جميع المضايقات الأخرى التي تبدو ضئيلة.
لكن رجل الأعمال الذي يتمتّع بمركز مالي قوي جدًا في عالم القمار، ليس الاستثناء بين الصهاينة الأقوياء في الولايات المتحدة، إذ نشر موقع "موندويس" الأمريكي تقريرًا أوضحت فيه الشبكة الدولية اليهودية المناهضة للصهيونية، علاقة الحب بين إسرائيل والمعادين للسامية "بدءًا من قيصر روسيا وصولًا إلى النازيين ثم موسوليني ثم الإمبراطورية البريطانية الاستعمارية وانتهاءً باليمين المسيحي والصهيونية المسيحية، تبني الصهاينة لأشخاص مثل ترمب ومستشاره اليميني المتطرف المرموق للشؤون الاستراتيجية ستيف بانون، ليس استثناءً".
وبالتالي، فإنه ليس من المستغرب أن يمول أديلسون حملة ثرية ومؤتمرات فخمة لمكافحة تأثير حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات المدعومة من المجتمع المدني، بينما يقوم بالتآمر مع العناصر الأمريكية التي تعتبر كلمة "يهودي" إهانة في مُعجمهم الاجتماعي لدعم إسرائيل الصهيونية.
من خلال وضع إسرائيل والصهيونية في المقام الأول، أصبح هؤلاء الأفراد الأغنياء، وجماعات الضغط القوية، ومئات مراكز الفكر، والآلاف من الشبكات في جميع أنحاء البلاد، وحلفاؤهم من بين اليمين المسيحي، هم الآن المحركون والوكلاء الرئيسيون في أي مسألة تتعلق بالسياسة الخارجية الأمريكية في الشرق الأوسط، والمصالح السياسية والأمنية الإسرائيلية.
كثيرًا ما يتحدث الصهاينة عن علاقة تاريخية بين الولايات المتحدة والشعب اليهودي، ولكن القول بذلك لا يمكن أن يكون أكثر من كذب وافتراء. لم يُسمح لقارب يحمل مئات اليهود الألمان بالوصول إلى الشواطئ الأمريكية، وأعيد في نهاية المطاف إلى أوروبا، في يوم (13 مايو/أيار عام 1939). ولم يكن ذلك مجرد صدفة في السياسة الخارجية.
قبل ثلاثة أشهر من تلك الحادثة، في شهر (فبراير/شباط عام 1939) رفض أعضاء الكونغرس مشروع قانون من شأنه أن يسمح لـ20 ألف طفل من اليهود الألمان بالمجيء إلى الولايات المتحدة للهروب من الحرب والإبادة المحتملة على أيدي النازيين، ومن الغريب أن مشروع القانون رُفض على الرغم من أنه اقترح جلب الأطفال كجزء من حصة قائمة بالفعل للتأشيرات السنوية المسموح بها للمواطنين الألمان.
وعلى الرغم من أنه ليس جميع الأميركيين اليهود جزءًا من اللوبي أو حتى مؤيدين له، تمكنت الشبكة المؤيدة لإسرائيل من إقناع العديد من اليهود الأمريكيين بأن مصيرهم مرتبط بدعم السياسة الإسرائيلية، مهما كانت مدمرة أو ستأتي بنتائج عكسية. وقال الباحثان الأميركيان "لقد أنشأ اليهود الأمريكيون مجموعة كبيرة من المنظمات للتأثير على السياسة الخارجية الأميركية، والتي تعتبر لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية "أيباك AIPAC" الأقوى والأكثر شهرة من بينها".
ووفقًا للعدد الصادر من مجلة فورتشن عام 1997، تعتبر أيباك ثاني أقوى لوبي في واشنطن، وهو تقييم أيدته دراسة نشرت في مجلة "ناشونال جورنال" في شهر (مارس/آذار عام 2005). ويعتمد "اللوبي" أيضًا على الإنجيليين المسيحيين الذين دافعوا منذ زمن طويل عن عودة اليهود إلى فلسطين لتحقيق بعض النبوءات التوراتية المتعلقة بنهاية الزمان. تاريخيًا، لم يمانع الصهاينة العمل مع الدعاة الذين يُروجون لخطابات الكراهية مثل جيري فالويل، وبات روبرتسون وجون هاجي.
ولم يقتصر الأمر على قيام الكونغرس برفض المشروع تمامًا، ولكن الجمهور لم يكن مهتمًا به كذلك، إذ أن السماح لليهود بالقدوم إلى الولايات المتحدة كان مسألة لا تحظى بشعبية كبيرة، وفي حين أن هؤلاء اليهود لم يكونوا دائمًا موضع ترحيب، إلا أن الصهاينة كانوا يقيمون بالفعل تحالفات قوية في الحكومة ويمارسون الضغط على البيت الأبيض لإقامة "دولة يهودية" في فلسطين. في الواقع، تعود الأيام الأولى لجماعات الضغط الصهيوني إلى أوائل القرن العشرين، ولكن هذا الضغط أصبح مثمرًا حقًا خلال رئاسة هاري ترومان، حين قامت هذه الجماعات بالضغط على البيت الأبيض لدعم تقسيم فلسطين.
وأشار ترومان في مذكراته إلى أن "الواقع أن حركات الضغط حول الأمم المتحدة لم تكن فقط مختلفة عن أي شيء شوهد هناك من قبل، بل إن البيت الأبيض أيضًا تعرض لوابل مستمر.. لا أعتقد أنني تعرضت لمثل هذا القدر من الضغط والدعاية التي استهدفت البيت الأبيض مثلما حدث في مثل هذه الحالة. أدى إصرار عدد قليل من القادة الصهاينة المتطرفين -المدفوع بدوافع سياسية والتورط في تهديدات سياسية- إلى قلقي وانزعاجي".
ومنذ ذلك الحين، زاد هؤلاء "القادة الصهاينة المتطرفون" في العدد والنفوذ بشكل يتجاوز أي شيء كان يمكن أن يتصوره ترومان.
أخذ اثنان من العلماء الأميركيين البارزين، جون ميرشايمر ووالت ستيفن، على عاتقهما مهمة شاقة لتحليل القوة "الرسمية" و"غير الرسمية" للوبي الإسرائيلي التي نمت باطراد في السنوات الأخيرة، من خلال مقالهما الأصيل، اللوبي الإسرائيلي (الذي كان بمثابة أطروحة كتابهما "اللوبي الإسرائيلي والسياسة الخارجية الأمريكية") الذي نشر في مجلة "مراجعات لندن للكتب".
وقالا إن قوة اللوبي باتت الآن كبيرة للغاية، لدرجة أنها دبرت إلى حد كبير الحرب الأميركية على العراق في عام 2003، ولم تتغير إلا في أعقاب فشلها الذريع في الدعوة للحروب ضد إيران وسوريا، بالإضافة إلى ضمان عدم وجود سياسة خارجية أمريكية متوازنة بشأن إسرائيل وفلسطين. وقاما بطرح تساؤل في مقالهما "إذا لم تكن الحجج الاستراتيجية أو الأخلاقية مسؤولة عن دعم أمريكا لإسرائيل، فكيف يمكننا أن نفسر ذلك؟"، وقدما إجابة واحدة ممكنة فقط: "إن التفسير هو قوة اللوبي الإسرائيلي التي لا مثيل لها".
وأشار ترومان في مذكراته إلى أن "الواقع أن حركات الضغط حول الأمم المتحدة لم تكن فقط مختلفة عن أي شيء شوهد هناك من قبل، بل إن البيت الأبيض أيضًا تعرض لوابل مستمر.. لا أعتقد أنني تعرضت لمثل هذا القدر من الضغط والدعاية التي استهدفت البيت الأبيض مثلما حدث في مثل هذه الحالة. أدى إصرار عدد قليل من القادة الصهاينة المتطرفين -المدفوع بدوافع سياسية والتورط في تهديدات سياسية- إلى قلقي وانزعاجي".
ومنذ ذلك الحين، زاد هؤلاء "القادة الصهاينة المتطرفون" في العدد والنفوذ بشكل يتجاوز أي شيء كان يمكن أن يتصوره ترومان.
أخذ اثنان من العلماء الأميركيين البارزين، جون ميرشايمر ووالت ستيفن، على عاتقهما مهمة شاقة لتحليل القوة "الرسمية" و"غير الرسمية" للوبي الإسرائيلي التي نمت باطراد في السنوات الأخيرة، من خلال مقالهما الأصيل، اللوبي الإسرائيلي (الذي كان بمثابة أطروحة كتابهما "اللوبي الإسرائيلي والسياسة الخارجية الأمريكية") الذي نشر في مجلة "مراجعات لندن للكتب".
وقالا إن قوة اللوبي باتت الآن كبيرة للغاية، لدرجة أنها دبرت إلى حد كبير الحرب الأميركية على العراق في عام 2003، ولم تتغير إلا في أعقاب فشلها الذريع في الدعوة للحروب ضد إيران وسوريا، بالإضافة إلى ضمان عدم وجود سياسة خارجية أمريكية متوازنة بشأن إسرائيل وفلسطين. وقاما بطرح تساؤل في مقالهما "إذا لم تكن الحجج الاستراتيجية أو الأخلاقية مسؤولة عن دعم أمريكا لإسرائيل، فكيف يمكننا أن نفسر ذلك؟"، وقدما إجابة واحدة ممكنة فقط: "إن التفسير هو قوة اللوبي الإسرائيلي التي لا مثيل لها".
وعلى الرغم من أنه ليس جميع الأميركيين اليهود جزءًا من اللوبي أو حتى مؤيدين له، تمكنت الشبكة المؤيدة لإسرائيل من إقناع العديد من اليهود الأمريكيين بأن مصيرهم مرتبط بدعم السياسة الإسرائيلية، مهما كانت مدمرة أو ستأتي بنتائج عكسية. وقال الباحثان الأميركيان "لقد أنشأ اليهود الأمريكيون مجموعة كبيرة من المنظمات للتأثير على السياسة الخارجية الأميركية، والتي تعتبر لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية "أيباك AIPAC" الأقوى والأكثر شهرة من بينها".
ووفقًا للعدد الصادر من مجلة فورتشن عام 1997، تعتبر أيباك ثاني أقوى لوبي في واشنطن، وهو تقييم أيدته دراسة نشرت في مجلة "ناشونال جورنال" في شهر (مارس/آذار عام 2005). ويعتمد "اللوبي" أيضًا على الإنجيليين المسيحيين الذين دافعوا منذ زمن طويل عن عودة اليهود إلى فلسطين لتحقيق بعض النبوءات التوراتية المتعلقة بنهاية الزمان. تاريخيًا، لم يمانع الصهاينة العمل مع الدعاة الذين يُروجون لخطابات الكراهية مثل جيري فالويل، وبات روبرتسون وجون هاجي.
وقد برز هاجي، على وجه الخصوص، باعتباره على الأرجح أقوى تلك الشخصيات، وقد أدى حماسه إلى المعركة النهائية بين الشرق والغرب -أرمجيدون- إلى تأسيس مؤسسة مسيحيون متحدون من أجل إسرائيل.
في حين تفتخر أيباك بأنها تضم أكثر من مئة ألف عضو، حتى (يناير/كانون الثاني عام 2015)، فإن عدد أعضاء مؤسسة مسيحيون متحدون من أجل إسرائيل قدر بمليوني عضو. عندما هاجمت إسرائيل لبنان في صيف عام 2006، وصل آلاف من الإنجيليين إلى واشنطن للضغط على الكونغرس لدعم إسرائيل دون قيد أو شرط، جاءوا من جميع الولايات الخمسين، وفي يوم واحد، أفادت التقارير أنهم عقدوا 280 اجتماعًا في الكونغرس.
ولكن خلافًا للأيام الأولى للضغوط الصهيونية، لم يعد اللوبي يقف على الهامش ليحث الكونغرس والسلطة التنفيذية على اعتماد أجندة مؤيدة لإسرائيل؛ ففي العقدين الماضيين، تمكن اللوبي من التسلل إلى جميع جوانب الحكومة، وبالتالي صياغة السياسة بطريقة مباشرة. ناقش ميرشايمر ووالت، بل وآخرون أيضًا، تطور اللوبي وصولًا إلى المحافظين الجدد أثناء رئاسة جورج دبليو بوش، مقترنًا بانتشار "مراكز الفكر" والمنتديات السياسية، التي تسعى جميعها إلى الهدف النهائي المتمثل في دعم إسرائيل، بغض النظر عن التكلفة الباهظة التي تقع على عاتق الولايات المتحدة -وغني عن القول على عاتق الفلسطينيين والشرق الأوسط-.
علاوة على ذلك، لم يعد اللوبي راضيًا عن محاولة التأثير على واشنطن، من خلال الضغط على الكونغرس والسلطة التنفيذية، إذ أصبح تأييد إسرائيل هو الحالة الذهنية الطبيعية المتوقعة من المشرعين الأميركيين (باستثناء القليل من الجسورين منهم)، ولكنه "يسعى جاهدًا أيضًا للتأكد من أن الخطاب العام يعرض دائمًا الجانب المشرق لإسرائيل، من خلال تكرار الأساطير حول تأسيسها وتعزيز وجهة نظرها في المناقشات السياسية"، وفقًا لكتاب اللوبي الإسرائيلي والسياسة الخارجية الأميركية.
قام اللوبي بترسيخ جذوره منذ عقود، وهو مزيج من العديد من القوى ومدعوم من قبل "أصحاب المليارات غريبي الأطوار" والأجندات المظلمة بلا حدود
لا يقل قوة عن نظيره في أمريكا.. ماذا تعرف عن اللوبي الإسرائيلي في روسيا؟
من كتاب التاريخ.. نظرة على جذور اللوبي الإسرائيلي في روسيا الروس معجبون للغاية من قوة اللوبي المؤيد لإسرائيل (أيباك) وسائر المنظمات اليهودية في العاصمة الأمريكية، هناك جالية روسية ضخمة في الولايات المتحدة أكبر بكثير من الجالية اليهودية هناك، ولكن الجالية اليهودية أكثر تنظيمًا ونفوذًا. ينقل هذا القول الموجَّه من بوتين إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق أرئيل شارون، مدير مكتب الأخير «دوف فايسجلاس».
في حين تفتخر أيباك بأنها تضم أكثر من مئة ألف عضو، حتى (يناير/كانون الثاني عام 2015)، فإن عدد أعضاء مؤسسة مسيحيون متحدون من أجل إسرائيل قدر بمليوني عضو. عندما هاجمت إسرائيل لبنان في صيف عام 2006، وصل آلاف من الإنجيليين إلى واشنطن للضغط على الكونغرس لدعم إسرائيل دون قيد أو شرط، جاءوا من جميع الولايات الخمسين، وفي يوم واحد، أفادت التقارير أنهم عقدوا 280 اجتماعًا في الكونغرس.
ولكن خلافًا للأيام الأولى للضغوط الصهيونية، لم يعد اللوبي يقف على الهامش ليحث الكونغرس والسلطة التنفيذية على اعتماد أجندة مؤيدة لإسرائيل؛ ففي العقدين الماضيين، تمكن اللوبي من التسلل إلى جميع جوانب الحكومة، وبالتالي صياغة السياسة بطريقة مباشرة. ناقش ميرشايمر ووالت، بل وآخرون أيضًا، تطور اللوبي وصولًا إلى المحافظين الجدد أثناء رئاسة جورج دبليو بوش، مقترنًا بانتشار "مراكز الفكر" والمنتديات السياسية، التي تسعى جميعها إلى الهدف النهائي المتمثل في دعم إسرائيل، بغض النظر عن التكلفة الباهظة التي تقع على عاتق الولايات المتحدة -وغني عن القول على عاتق الفلسطينيين والشرق الأوسط-.
علاوة على ذلك، لم يعد اللوبي راضيًا عن محاولة التأثير على واشنطن، من خلال الضغط على الكونغرس والسلطة التنفيذية، إذ أصبح تأييد إسرائيل هو الحالة الذهنية الطبيعية المتوقعة من المشرعين الأميركيين (باستثناء القليل من الجسورين منهم)، ولكنه "يسعى جاهدًا أيضًا للتأكد من أن الخطاب العام يعرض دائمًا الجانب المشرق لإسرائيل، من خلال تكرار الأساطير حول تأسيسها وتعزيز وجهة نظرها في المناقشات السياسية"، وفقًا لكتاب اللوبي الإسرائيلي والسياسة الخارجية الأميركية.
قام اللوبي بترسيخ جذوره منذ عقود، وهو مزيج من العديد من القوى ومدعوم من قبل "أصحاب المليارات غريبي الأطوار" والأجندات المظلمة بلا حدود
لا يقل قوة عن نظيره في أمريكا.. ماذا تعرف عن اللوبي الإسرائيلي في روسيا؟
من كتاب التاريخ.. نظرة على جذور اللوبي الإسرائيلي في روسيا الروس معجبون للغاية من قوة اللوبي المؤيد لإسرائيل (أيباك) وسائر المنظمات اليهودية في العاصمة الأمريكية، هناك جالية روسية ضخمة في الولايات المتحدة أكبر بكثير من الجالية اليهودية هناك، ولكن الجالية اليهودية أكثر تنظيمًا ونفوذًا. ينقل هذا القول الموجَّه من بوتين إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق أرئيل شارون، مدير مكتب الأخير «دوف فايسجلاس».
"الهدف هو منع التعليقات الانتقادية من أن تنال فرصة منصفة للاستماع إليها في الساحة السياسية، ويعد التحكم في النقاش أمرًا أساسيًا لضمان الدعم الأميركي، لأن المناقشة الصريحة للعلاقات الأميركية الإسرائيلية قد تدفع الأميركيين إلى تفضيل سياسة مختلفة". هذا هو السبب في أن اللوبي يقوم حاليًا بالحشد لوقف وحتى تجريم حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات، لأنه حتى وإن فشل في دفع السياسة الخارجية الأميركية في اتجاه أكثر منطقية، فقد نجحت حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات نسبيًا في خلق المزيد من المنابر للمناقشات المفتوحة في العديد من الجامعات، وبعض وسائل الإعلام.
وقد أطلقت العديد من الولايات الأميركية مبادرات رسمية للتغلب على حركة المقاطعة، ومن المرجح أن يتبعها المزيد. يخشى اللوبي المؤيد لإسرائيل من فقدان السيطرة الكاملة على الخطاب. بالنسبة لهم، لا يجوز السماح بالتحدث إلى الكونغرس ووسائل الإعلام والجمهور إلا من خلال باعة الأساطير الإسرائيلية والدعاة المُروجين للخوف.
وعلى الرغم من أن استطلاعات الرأي الأخيرة التي أظهرت أن الأمريكيين الأصغر سنًا - وخاصةً بين مؤيدي الحزب الديمقراطي وشباب اليهود الأمريكيين - يفقدون حماسهم تجاه إسرائيل وأيديولوجيتها الصهيونية، فإن المعركة التي يجب أن تخوضها الولايات المتحدة لاستعادة سياستها الخارجية وحسها الأخلاقي بشأن فلسطين والشرق الأوسط، من المرجح أن تكون طويلة وشاقة.
قام اللوبي بترسيخ جذوره منذ عقود، وهو مزيج من العديد من القوى ومدعوم من قبل "أصحاب المليارات غريبي الأطوار" والأجندات المظلمة بلا حدود، وقد لعبت نتائج هذا الضغط دورًا هامًا في سياسة خارجية مروعة قتلت وجرحت وشردت الملايين من فلسطين إلى العراق وأماكن أخرى. ويعتبر الفهم الأفضل والأكثر صدقًا لدور اللوبي، بمثابة الخطوة الأولى نحو تفكيكه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق