الخميس، 10 يناير 2019

لماذا يتعمد السيسي إهانة الجيش؟


 يتصنع الغضب ويرسم العين الحمراء
خلال حديثه لقادة الجيش


فيديو يتداوله نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي لقائد الانقلاب العسكري عبد الفتاح السيسي، وهو يأمر اللواء أركان حرب علي عادل عشماوى قائد المنطقة الشمالية العسكرية، في افتتاح منطقة غيط العنب بالإسكندرية، لأكثر من أربع مرات بالوقوف ثم الجلوس، قائلا له: فين علي.. اقعد يا علي.. سامعني يا علي.. اقعد يا علي.. يا تجيبوا مليون جنيه يا علي يا شكرا.. مسئوليتك يا علي.. انت مسئول يا علي.. اقعد يا علي”.
هكذا يظهر السيسي في ندواته التثقيفية ومؤتمراته المختلفة مع قادةا لقوات المسلحة، والتي دائما ما يوجه فيها رسائله لقادة قوات المسلحة، وعلى رأسهم كامل الوزير رئيس الهيئة الهندسية بالقوات المسلحة، ثم اللواء علي عادل عشماوي رئيس المنطقة الشمالية، ليظهر فيها السيسي قادة القوات المسلحة خانعين تحت أقدامه، حتى أنه يتعمد أن يرسم الغضب على وجهه حينما يوجه رسائله لأحد قادةا لقوات المسلحة الجالسين، في رسالة من السيسي بأنه لا يوجد شخص في القوات المسلحة سوى عبد الفتاح السيسي بعدما تم تذويب كل قادة الجيش في شخصية الديكتاتور الجديد.
وعمل السيسي بعد الإنقلاب العسكري علي حضور الندوات التثقيفية التي تنظمها إدارة الشئون المعنوية لإفراد وضباط القوات المسلحة، ويرافقه فيها قادة القوات المسلحة وعدد من قيادات وزارة الداخلية وعدد من الوزراء والإعلامين ورجال الدين.
إهانة وإقــالة
وفي كل مرة يظهر السيسي وكأنه مهيمن على الجيش ومسيطر عليه، للحد الذي أصبح يتصنع الغضب ويرسم العين الحمراء خلال حديثه لقادة الجيش، حتى أنه بدأ يظهرهم بشكل سيئ، ولعل مشهد اللواء علي عادل عشماوي خير دليل على ذلك، والتي توحي بتحذير السيسي للشعب المصري من أن البديل لنظامه سيكون ثمنه الفوضى، خاصة بعدما قضى السيسي على كل رموز الجيش القديمة، واختصر كل قادة القوات المسلحة في شخصيته وإدارته فقط.
كما نجح السيسي في التصدي لكل الصراعات والاضطرابات داخل المؤسسة العسكرية، والتي وصفها البعض أنها وصلت إلى مطالبة البعض بعدم ترشح السيسي لفترة رئاسية ثانية حفاظاً علي مصالح المؤسسة العسكرية التي أصبحت مهددة بسبب ممارسات السيسي الحالية، وعمل السيسي علي كبح جماح تلك المجموعة التي ربما لقيت آذاناً تسمع لها داخل الجيش المصري، ومحاولة إبعادها والإطاحة بها وهو ربما ما قام به بالفعل، وأيضا عمل علي تخويف وترهيب الآخرين الذين يفكرون بنفس تفكير المطاح بهم، بأنه ماض في عملية إبعاد كل من ولائه ليس له، حتي استحوذ علي المؤسسة العسكرية، وبقي فقط من ولاءهم بالكامل للسيسي، مما يشير إلى أن هناك قيادات أخري داخل المؤسسة سيتم الإطاحة بهم وربما نري ذلك في الأيام المقبلة.
ويقوم السيسي بالإطاحة بكل من يشك في ولائه داخل المؤسسة العسكرية كنوع من فرض وحكم سيطرته على المؤسسة العسكرية، واتضح ذلك جليا في كلام السيسي في الندوة التثقفية الرابعة والعشرون والتي أقيمت 09 فبراير 2017م، والذي قاله فيها: “اللي داخل الجيش والشرطة إما يكون مع بلده بس إما بلاش. وداخل الجيش لا يمكن أن نسمح أن يبقى في حد له توجه، واللي هيبان عليه توجه هنمشيه”.
بل إن السيسي أقال 10 من كبار قادة المجلس العسكري دفعة واحدة، ولم يعمل حسابا لأحد منهم، من بينهم الفريق عبدالمنعم التراس والفريق أسامة منير ربيع في منتصف ديسمبر 2016م، تلك الفترة التي أقاّل فيها السيسي أكثر من 10 شخصيات من داخل المجلس العسكري، انتشرت تقارير تشير إلى وجود صراعات داخل المجلس العسكري بسبب سياسة السيسي في حكم مصر، وأشارت إلي وجود وجهتين نظر داخل المؤسسة العسكرية، الأولى: ترى أن ما يفعله السيسي سيعود بالخطر علي الجيش ككل وتحاول أن تقنع السيسي بأنه لا يترشح لفترة ثانية للحكم، والثانية ترى أن نظام السيسي يعاني من انقسام داخلي.
تصعيد شخصيات ضعيفة
السيسي عمل على تصعيد الشخصيات الضعيفة داخل المؤسسة العسكرية نوعا ما كي يستطيع التحكم فيها وإخضاعها وكي لا تكون عندها تطلعات سياسية، وذلك تماشيا مع مصالح السيسي الشخصية ورغبته في إحكام هيمنته على المؤسسة العسكرية.
ويسوق السيسي هذه التغييرات في المجلس العسكري على أنها نتيجة لضغوط و طلبات دولية وإقليمية وازنة في الشأن المصري كالولايات المتحدة والإمارات.
ويقوم على أن ما يجرى داخل المجلس العسكري هو أمر روتيني لا أكثر، في إطار رفع كفاءة القوات والقيادات، وضخ دماء جديدة في المؤسسة.
تخوين الجيش دستوريا
وفي حوار السيسي مع قناة “سي بي إس” الأمريكية، تعمد أن يظهر الجيش على أنه خائن مثله، حينما كشف عن تعاون القوات الإسرائيلية مع المصرية في سيناء ضد داعش.
وتنص المادة 200 على الآتي: المادة 200 القوات المسلحة ملك للشعب، مهمتها حماية البلاد، والحفاظ على أمنها وسلامة أراضيها، والدولة وحدها هى التى تنشئ هذه القوات، ويحظر على أي فرد أو هيئة أو جهة أو جماعة إنشاء تشكيلات أو فرق أو تنظيمات عسكرية أو شبه عسكرية. ويكون للقوات المسلحة مجلس أعلى، على النحو الذى ينظمه القانون.
فبنص هذه المادة وضحت مهمة الجيش المصري وهو الحفاظ على أمن وسلامة أراضي الدولة، وجعل الدستور الجيش وحده هو المخول بإنشاء قوات عسكرية دون غيره، وحظر وجود أي تشكيلات أو فرق أو تنظيمات عسكرية أو شبه عسكرية، وبالتالي وجود قوات عسكرية إسرائيلية على أراضي سيناء يوجه للجيش تهمة الخيانة العظمى.
وعندما سأل محاور “CBS” السيسي عما إذا كان «هذا التعاون مع إسرائيل هو الأوثق على الإطلاق بين عدوّين كانا في حربٍ ضد بعضهما البعض من قبل»، أجاب السيسي: «هذا صحيح.. لدينا نطاقٌ واسع من التعاون مع الإسرائيليين».
كما أن السيسي يرى أن علاقته بسيناء مثل علاقة أي رئيس أمريكي بأفغانستان، وأن سيناء بالنسبة له، مثل تورا بورا بالنسبة لجورج بوش أو بيل كلينتون.
ليجرّد السيسي سيناء من قيمتها الروحية والأخلاقية والتاريخية في وجدان المصريبن، بوصفها أرض البطولات، ويحوّلها إلى محض فراغ جغرافي وتاريخي وأخلاقي، يملؤه بالعمل مع، وفي خدمة، أعداء سيناء بأنها مجرّد صحراء لا قيمة لها، سوى أنها مسرح عمليات مشتركة مع العدو الصهيوني، ضد “عدو واحد ومشترك” بتعبير السيسي، هو الإرهاب، أو المقاومة، كما يرى جنرالات تل أبيب، ليهين السيسي العسكرية المصرية، ويرسم هذه الصورة المشينة للجيش أمام شعبه.
أما توريط الجيش في بعض الأعمال التي جعلت منه مجالا للسخرية على مواقع التواصل الاجتماعي، مثل “قائد خط الجمبري” وجلوس جنود القوات المسلحة بالطماطم وغيرها من الصور التي أساءت للجيش، فلا تقل في رمزيتها عن إساءات السيسي للجيش في حواراته ومؤتمراته.






أووووم يا علي ..

— جابر الحرمي (@jaberalharmi) ٧ يناير ٢٠١٩



ليست هناك تعليقات: