الخميس، 9 يونيو 2016

كنيســة المســلمين ..!!



لم يعد المسلمون في مصر أحرارا 
في إقـامـة شعائر دينهـم أو تعليمهـا وتعلمهـا، 
لا يستطيعون إلا بتصريح من بابا المسلمين


بالقانون .. كله بالقانون .. فبالقانون أصبح للمسلمين في مصر كنيسة تهيمن على دينهم، طبعا لم يطلقوا عليها هذا الإسم، لكن العبرة بالمسميات لا بالأسماء، فإذا كانت لها سلطات الكنيسة وتلعب الدور الذى تلعبه الكنيسة فهي إذن كنيسة ولو سموها وزارة، فما هي الخصائص المميزة للكنيسة؟ .. إنها مؤسسة دينية تحتكر حق تعيين رجال الدين، وهؤلاء الرجال الذين تعينهم الكنيسة هم وحدهم الذين يقودون الشعائر ويفسرون التعاليم وليس لأحد غيرهم أن يقوم بشيء من ذلك .. إنهم كهنة الدين .. أما باقى المؤمنين فيقتصر تدينهم على حضور الشعائر والتأمين على ما يقوله أو يفعله الكاهن، دون أى حق فى المناقشة أو الاعتراض .. المسلم لا يتخيل هذا بالطبع، فقد تربينا على أن الله قد خاطبنا جميعا بكلامه، ولم يترك لنا الرسول (ص) واسطة بيننا وبين ربنا، كلنا رجال لديننا.
 كنا نتيه فخرا على كل أصحاب الأديان بأن رسولنا (ص) لم يعين لنا كهنة، بل على العكس، أعلن بوضوح أنه لا كهنوت في الإسلام، الإسلام بعد وفاته (ص) سيكون في عهدة الأمة، كل المسلمين يقومون بالدعوة، وكلهم يمكنه تعلم الدين، ومن يتعلمه يقوم بتعليمه دون إذن أو تصريح من أحد، بل على العكس: كل من علم علما وجب عليه تعليمه للآخرين ويأثم بكتمانه .. لكن في غفله منا قام واحد إسمه عدلي منصور (لعلي لم أخطيء في الإسم) بإصدار القانون رقم 51 لسنة 2014، ومرره مجموعة أخرى من الناس يزعمون أنهم نواب الشعب دون أن يناقشوه، وبعضهم ربما لا يعرف أنه موجود، وهم يصرون الآن على تطبيقه، ينص هذا القانون في مادتيه الأولى والثانية على أن: "تكون ممارسة الخطابة والدروس الدينية بالمساجد وما في حكمها من الساحات والميادين العامة وفقا لأحكام هذا القانون" .. "لا يجوز لغير المعينين المتخصصين بوزارة الأوقاف والوعاظ بالأزهر الشريف المصرح لهم بممارسة الخطابة والدروس الدينية بالمساجد وما في حكمها، ويصدر التصريح بقرار من شيخ الأزهر أو وزير الأوقاف حسب الأحوال، ويجوز الترخيص لغيرهم بممارسة الخطابة والدروس الدينية بالمساجد وما في حكمها وفقا للضوابط والشروط التي يصدر بها قرار من وزير الأوقاف أو من يفوضه في ذلك" .. لم يعد المسلمون في مصر بعد الآن أحرارا في إقامة شعائر دينهم أو تعليمها وتعلمها، لا يستطيعون إلا بتصريح من بابا المسلمين (الذي يحمل إسما مستعارا هو: وزير الأوقاف) هو وحده الذي يقرر من يصلي بالناس ومن يلقي الدروس ومن الذي يشرح للمسلمين دينهم .. هذه بالضبط سلطات بابوية لإنشاء كنيسة للمسلمين رغما عن أنوفهم، ورغما عن وصايا رسولهم وكتاب ربهم. لعلهم سيواجهوننا بالحجة السخيفة: نحن نفعل ذلك لأن هناك إرهابيين .. ماذا تركوا إذن لحكومات تكره هي وشعوبها الإسلام؟ .. 
وبماذا يعترض المسلمون في فرنسا أو أمريكا إذا أصدرت الحكومات هناك قانونا يقضي بألا يخطب أو يعظ في مساجد المسلمين إلا من ترخص له الحكومة، إذا كانت حكومة دولة من أكبر وأعرق الدول الإسلامية تفعل هذا بمواطنيها .. الحكومة ليس عندها أكثر من المخبرين، إذا قال واحد في خطبته شيئا يعاقب عليه القانون فليمنع هذا الشخص وحده، لكن بأي حق يفرض وزير في الحكومة نفسه على عبادة الناس (المسلمين فقط)، إن دور وزارة الأوقاف، كما هو واضح من إسمها، هو إدارة أموال الأوقاف، وهذه ليست مهمة دينية، لذلك لم يكن من شروط من يتولى هذه الوزارة أن يكون عالما ولا داعية، فمن أشهر من تولى هذه الوزارة السيد حسين الشافعي، الذي كان مؤهله الوحيد هو كونه من الضباط الأحرار، ولم يعترض أحد على توليه هذه الوزارة، فوزير الأوقاف يشغل منصبا سياسيا ليست له أية صفة دينية، فكيف يصبح الآن هو وحده المخول باختيار وعاظ المسلمين وخطبائهم؟ .. لطالما صدعونا بحكاية فصل الدين عن السياسة، ثم ها هم الآن يجعلون العبادة والوعظ عملا سياسيا حكوميا لا شأن للمسلمين أنفسهم به.
لقد صرنا الآن نغبط إخوتنا المسيحيين على كنائسهم، فهم على الأقل يختارون البابا بأنفسهم ولا تفرضه عليهم أي سلطة، أما المسلمون، والمسلمون في مصر وحدها، دونا عن كل المسلمين، بل دونا عن كل أهل الأديان في سائر بقاع الأرض، تختار لهم الحكومة الكهنة الذين يحتكرون منذ اليوم القيام على أمر الإسلام .. ولا حول ولا قوة إلا بالله. 



ليست هناك تعليقات: