الجمعة، 15 أبريل 2016

بطولات "الواد سيسي بتاع الوزير".



من أجلك أنت!




يبدوا أن الزعيم السيسي ينتهز كل مناسبة يظهر فيها على وسائل الإعلام ليحكي لنا عن بطولاته في مواجهة الرئيس محمد مرسي، مستغلا غياب الأخير في ظلمات السجن؛ و متقمصا دور الزعيم عادل إمام في فيلم "الواد محروس بتاع الوزير" عندما كان يحكي عن بطولاته مع الوزير، لمجموعة من الفلاحين في القرية، وهم لا يملكون سوى ترديد الكلام خلفه مثل الببغاوات.
 .. نحاول تخيل .. كواليس الليلة العصيبة التي قال فيها السيسي لمرسي: "أنا مش إخواني، وعمري ما هكون إخواني. ولا سلفي وعمري ما هكون سلفي". 
وعلى طريقة "إضرب ياوله .. إضرب يا إيييييه؟ اضرب ياوله" نفسح المجال لـ"الزعيم" حتى يروي لنا بطولاته، في ليلة تكليفه بمنصب وزير دفاع الإخوان. 
 *** في ليلة من ليالي أغسطس الباردة، كنت مشغولا في التدريبات العسكرية على حدودنا الشرقية مع إسرائيل، وإذا بي أرى – فجأه- طائرة هيلوكوبتر ضخمة، تهبط على مقربة من المعسكر الحدودي، ولسوء الحظ كانت فقرة التدريب في هذه اللحظة، عبارة عن تمارين سويدي خفيفة، تخلوا من حمل السلاح الثقيل.
 اقترب نحو المعسكر شخص يحمل رشاش آر بي جيه على كتفه، ويتبعة عشرة أشخاص مسلحين.. توقفت عن التدريب، ونظرت إلى الشخص الملثم، والذي يبدوا أنه يقصدني شخصيا. وبمجرد إلقاء التحية، أدركت أن هذا الشخص "الملثم" هو باسم عودة، كما كان يبدوا من لدغته المعروفة في حرف الراء، وإن كان يساورني بعض الشك، أنه قد يكون باسم يوسف، فهو لديه نفس اللدغة، ويحمل نفس الإسم، ويتكلم بلهجة إخوانية واضحة.. وفي هذ اللحظة العصيبة، طاف بخيالي شريط مذكراتي عن حروب الجيل الرابع، وكذلك فقرات من حلقات توفيق عكاشة، مع أحمد سبايدر، عن الماسونية العالمية.
 *** لم أهتز لو للحظة؛ والتفت نحو الشخص الملثم، قائلا: لماذا تقتحم منطقة عسكرية، بطائرتك البلاك هوك، أمريكية الصنع؟ رد الشخص الملثم بكلمة: فضيلة المرشد ينتظرك بداخل الهيلوكوبتر.
 *** تفكرت في الأمر قليلا، وخشيت أن يظن الجنود أنني أخاف على حياتي من مواجهة المرشد لوحدي، فاتجهت مباشرة حيث أناخت طائرة المرشد الضخمة؛ ولكن أحد الجنود - واسمه أشرف عسيله - ألقى بنفسه في طريقي متوسلا: أرجوك، أرجوك.. لا تفعل... إنها مؤامرة إخوانية، إنهم يرديون رأسك. نظرت إلى المجند بإشفاق، وقلت له: أنا ما بخافش غير من ربنا يابني.. العمر واحد والرب واحد.
 *** اقتربت من الطائرة؛ فلمحت المرشد علي مقعد القيادة، وحوله عشرة من حرس المرشد الخاص مدججين بأعتى الأسلحة. فأشار إلي أحدهم بالصعود إلى قمرة القيادة. 
وبمجرد صعودي إلى متن الطائرة، أدار المرشد المحرك على الفور؛ فصرخت فيه بلهجة عسكرية قوية: هذه منطقة عسكرية.. أتفهم؟ ممنوع ركن الطائرات الخاصة هنا منعا باتا؛ وإلا فسأضطر لأسجل ضدك مخالفة مرورية، واسحب منك رخصة القيادة. تبسم المرشد، ابتسامه ماكرة، والتفت إلى قائلا: انت عارف إنت بتكلم مين؟ فرددت عليه بخشونه عسكرية: انت فاكر أنا خايف من الأسلحة الأمريكية، والدبابات، والطيارات، والغواصات اللي عندكم؟ لا والله.... لا والله والله.. أنا أطبق القانون، ولا أخشى إلا الله. 
 فقال لي المرشد: لهذا وقع عليك الإختيار ياسيادة اللواء - أي اختيار؟ - اركب و أنت هتعرف هناك - هناك أين؟ - في قصر الإتحادية عند الرئيس مرسي انتابني الغضب والإنزعاج، وقلت للمرشد بلهجة تحذيرية: أنا مستحيل أركب طيارة أمريكية الصنع، لأن أوباما وأخوه بيتآمروا على مصر.. توكل على الله انت، وأنا هلحقك بالعربية الـ128 بتاع الجيش المصري.
 *** في القصر الرئاسي، جلس محمد مرسي وحولة الخدم والحشم، وكان أمامه صينية عرضها 3 أمتار؛ مليئة بالبط، والوز، والحمام المحشي، والفطير المشلتت.. وبمجرد دخولي إلى القصر، ناداني مرسي: اتفضل الأكل ياسيادة اللوا... فأخبرته: أنني صائم الإتنين والخميس ..... مرسي: ولكننا بالليل.. نعم بالليل ولكني أقسمت أن لا أفطر إلا عيش وملح، كعادتي . أتفهمون؟
هل هنا سجادة لأصلي صلاة التراويح؟ تقدم أحد أفراد الحرس الجمهوري وأعطاني سجادة على الفور؛ فأخذتها واعتزلت في ركن من أركان القصر أصلي ما شاء الله له أن أصلي، حتى فرغ مرسي من أكل البط والوز عند مطلع الفجر. قمت برفع أذان الفجر، في قلب القصر الجمهوري لأول مرة .. ولما حضرت الصلاة لم أتمالك نفسي من البكاء من خشية الله، وخوفا على مصر.
 *** بعد الإنتهاء من الصلاة، التفت مرسي إلي ودار بيننا هذا الحوار: - حرما ياسيادة اللوا - جمعا إن شاء الله يافندم - احنا بصراحة كده هنحكم البلد دي 500 سنة؛ وعاوزينك معانا في خلال الفترة دي - أنا مش إخواني؛ وعمري ما هكون إخواني. ولا سلفي؛ وعمري ما هكون سلفي - أيوه يعني موافق تخدم معانا مدة الـ500 سنة دول، ولا نشوف حد غيرك؟ أخذت أفكر في الأمر مليا؛ وما إن رفعت رأسي، حتى وجدت كتيبه كاملة من الحرس الجمهوري، وحرس المرشد الخاص، تحيط بي من كل مكان، وتصوب أسلحتها الأمريكية في وجهي.
 *** فهمت من هذه التهديدات والترتيبات، أنه لا بد أن أوافق مضطرا على هذا المنصب، ثم أتخلص من مرسي وأجلس مكانه في أقرب لحظه. ثم نظرت إلى مرسي وقلت له: - أنا هوافق أشتغل معاكم "كوزير دفاع الإخوان"، بس بشرط واحد، فرد علي المرشد:  - اللي أوله شرط آخره نور، ما هو الشرط؟ - فقلت: أنا مش إخواني وعمري ما هكون إخواني. ولا سلفي وعمري ما هكون سلفي تدخل خيرت الشاطر في الحوار وقال: مش هينفع يكون وزير دفاع، وهو برتبة لواء رد باسم: هذا صحيح؛ فطنطاوي وزير الدفاع الحالي برتبة مشير، وسامي عنان برتبة فريق.
 قال الشاطر: يبقى نرقيه لرتبة فريق .. رد مرسي قائلا: عليّا بـ "فريق أول". ها..؟ ماذا قولت ياسيسي؟ فقلت لهم: أنا مع رأي الأخ باسم إن وزير الدفاع لازم يكون مشير، وأنا بصراحة أستاهل الرتبة دي من زمان.. بس زي ما أنتم عارفين؛ طنطاوي ظل محتكرا لهذه الرتبة لمدة 20 سنة.
وعموما أنا من إيدكم دي لأيدكم دي، بس بشرط: أنا مش إخواني، وعمري ما هكون إخواني. ولا سلفي، وعمري ما هكون سلفي. أنا فدى الوطن. تحيا مصر!
 مرسي: اصبر علينا؛ واحدة واحدة، دول 500 سنة، ولسه هنخترع ليك رتب كتير؛ وأكيد خلال الفترة دي هنديك رتبة مشير، ومشير أول، ومشير رابع... إلخ. فقلت: خلاص قشطة، تعظيم سلام يافندم، و"أقسم بالله أن أحترم الدستور والقانون".. ثم استغفرت ربنا في سري، وصلت ركعتين كفارة يمين.
 *** هكذا كان السيسي يناضل ويكافح لوحده أيام مرسي؛ في وقت لم يكن ليجرؤ أحد على الكلام؛ لا أنا ولا أنت، ولا صحافة ولا تلفيزيون؛ ولا نخبة، ولا إعلام؟.
وفي وقت كان فيه 50 ألف معتقل في السجون، و 100 ألف مطارد، وممنوع الإعتراض والتظاهر، وكان الجميع يغني للرئيس المعزول مرسي: تسلم الأيادي.. إلا السيسي، ظل لمدة سنة كاملة يحمل روحه على كفه.. من أجلك أنت!
 أسامة الرفاعي




ليست هناك تعليقات: