من ذاكرة الصحافة
" سلاح الاعلانات والمصروفات السرية "
كتاب وسياسيين مصر قبل الثورة رفضوا رشاوى الشركات اليهودية باغراق صحفهم بالاموال و الاعلانات
لوقف حملتهم المناضة للصهيوينة
" سلاح الاعلانات والمصروفات السرية "
كتاب وسياسيين مصر قبل الثورة رفضوا رشاوى الشركات اليهودية باغراق صحفهم بالاموال و الاعلانات
لوقف حملتهم المناضة للصهيوينة
يعرف الصهاينة علم اليقين تأثير اعلام على توجهات أصحاب القرار ، وعلى ارأى العام ، ولذا أتخذوا كافة السبل للتأثير على الصحف ، خاصة باستخدم سلاح الاعلانات والذى يعد المورد الاساسى لانتظام الصحيفة ، ولذا يلاحظ وجود كثير من الشبهات بالتمويل الصهيونى "اسرائيلى مباشر أو أمريكيا من وراء ستار " حول الصحف الخاصة التى تصدر بقوة وانتظام
ذكرت الدكتورة سهام نصار فى كتابها " اليهود المصريين بين المصرية والصهيونية " تحت عنوان " سلاح الاعلانات والمصروفات السرية " ان اليهود انشأوا مكتبا فى الثلاثينيات مهمته ان يراجع جميع الصحف والمجلات المصرية ، حتى اذا وجد كلمة واحدة تمس اليهود أو صالح اليهود يلفت انتباه الجريدة ، وزاد عن ذلك بان أخذ يطل من الجرائد ان تكتب بما يتفق مع سياستهم ، وفى مقابل ذلك يزيدون فى كمية الاعلانات للجريدة ، ويقدمون لها اعانات مالية كلما زادت فى مناصرتهم.
ويذكر أحمد حسين زعيم حزب مصر الفتاة انه فى عام 1938 والثورة الفلسطينية فى أوجها ، وصحيفة " مصر الفتاة " تطفح بالمقالات النارية ضد الصهيونية ، وضد ما يرتكبه الانجليز فى فلسطين لحسابهم ، طلب صحفى يهودى مقابلته ، وعندما التقيا سأله الصحفى اليهودى المصرى عن السبب فى تلك الحملة الشعواء التى تشنها صحيفته وحزبه على يهود فلسطين ، ثم تطرق الحديث بعد ذلك عما اذا كانت " مصر الفتاة " مستعدة لنشر اعلانات اليهود ، فاوضح أحمد حسين بانه لا مانه بشرط ان ذلك لا يدخل فى اطار سياسة الصحيفة بالا تنشر الا لتاجر مصرى أو عن بضاعة مصرية ، وعلى الفور طلب الرجل عقدا بألف جنيه ، ودفع مقدما ، ويعترف أحمد حسين بأنه ذهل لضخامة المبلغ ، لان الجريدة كانت تطبع فى كل أسبوع بنحو عشرين جنيها فقط ، وقد جعله الخوف أن يطلب من صديقه المحامى الذى توسط للقاء ان يحتفظ بالمبلغ حتى يتم التنفيذ ويتبين الآمر.
وفى اليوم التالى فوجىء أحمد حسين بتليفون يدق بصورة متوالية وكلها من كبريات المتاجر اليهودية فى مصر : شيكوريل ، شملا ، بنزايون ، داود عدس ، وكلها تطلب ارسال مندوب ليأخذ اعلانا ، وكأن كلمة السر قد أعطيت لهم فراحوا يتنافسون فى نشر الاعلانات ، ولما سألنا اذا كان نشر هذه الاعلانات جزءا من العقد الذى أبرمناه قالوا لا علم لهم بهذا العقد ، ولكنهم يريدون نشر اعلاناتهم ودفع الآجرة التى نقدرها.
وعلى الفور أدرك أحمد حسين أن مبلغ الآلف جنيه الذى دفع ، انما كان مجرد رشوة الصحيفة حتى تكف عن مهاجمة اليهود ، وان تلك المحاولة من جانب المحلات اليهودية محاولة التفاف على الصحيفة بقصد استهلاك أكبر مساحة ممكنة منها فى الاعلانات خصوصا وان بعضها كان يطلب اعلانا على صفحة كاملة ، ويقصد استغلال تلك الاعلانات كسلاح لاسكات الصحيفة عن الخوض فى مهاجمة الصهيونيين.
وقد كرر أحمد الحسين نفس الموقف مع رجل يهودى يدعى الياس شقال يريد الاشتراك بعشر نسخ وان يبعث ببيانات ينشرها مقابل عشر جنيهات شهريا ، وواصل أحمد حسين حملته ضد الصهاينة فجاءه الرجل ومعه عدد وقد خط بالآحمر تحت سطور تهاجم الصهاينة ، وعلى الفور أنهى أحمد حسين التعاقد معه.
ولم يكن أحمد حسين وحده الذى رفض هذا الاتجاه ، فقد رفضه أيضا الدكتور محمد حسين هيكل عندما حاول اليهود اتباع نفس الموقف فى جريدة " السياسة " وحاول اليهودى ان يقنعه بان العرب واليهود من الجنس السامى الذى يقاومه الآوربيون بكل قوتهم ، ولكنه أعتذر له قائلا : السياسة جريدة حزبية طابعها اسلامى وتأييدها للحركة الصهيونية لا يتفق مع مبادئنا.
ويؤكد حافظ محمود ان جريدته " السياسة " الآسبوعية نشرت له ذات يوم مقالا صريحا فى مناهضة التحركات الصهيونية التى كانت تتحفز اذ ذاك لاقامة اسرائيل على أرض فلسطين ، وفى أعقاب نشر هذا المقال أكتشفت الصحيفة انها تلاقى أشد الصعوبات فى الحصول على ورق وحبر الطباعة ، وما ان عالجت هذه الآزمة حتى أكتشفت خللا فى اله الطباعة التى تتبعها ، وان هناك ما يشبه الاضراب من اصلاح هذا الخلل من جانب المشتغلين الاجانب بهذه الصناعة ، ثم أكتشفت الجريدة ان اصابع الصهيونية كانت وراء هذا الموقف.
ويرى بعض الصحفيين المصريين أمثال حافظ محمود ومحمد فهمى عبد اللطيف بجريدة " الآخبار " ان " شركة الاعلانات الشرقية " التى كانت مصرية فى الظاهر ويهودية فى الباطن ، قامت بدور كبير فى التأثير على الصحف المصرية ، فعلى الرغم من انها كانت مملوكة لرجل تركى يدعى فينى الا انه استعان فى تسيير أعماله بكثر من اليهود الذين كان منهم مندوبون للاعلانات وكتاب فى الصحف الآجنبية التى أصدرها ، وقد ظل اليهود يرتقون المناصب الهامة فى الشركة الى أن أصبح مديرها يهوديا يدعى هنرى حاييم.
وتعرض شركة الاعلانات الشرقية لاتهاماتا من بعض الصحف المصرية التى ذكرت انها تمارس تأثيرا على الصحف المصرية بما يخدم الصهيونية وأهدافها ، وقد أثبتت هذه الصحف أن هنرى حاييم مدير الشركة كانت له علاقة وثيقة بالصهيونية فى فلسطين ، فقد أشارت صحيفة " التسعيرة " أن حاييم قام بتصدير كمية كبيرة من السكر والآرز الى عصابة شتيرن فى فلسطين عام 1945 فى حين أن ازمة السكر والآرز كانت ضاربة باطنابها فى البلاد ، وتحدت الصحيفة حاييم بنشر اذن التصدير ان هو حاول أن ينفى ذلك.
وأتهمت " التسعيرة " هنرى حاييم بانه عين البير ستار سزكى مندوب اتحاد الصهيونية العالمى وأحد أعضاء عصابة شتيرن محررا فى جريدة " البورص اجيبسين " ورئيسا لتحرير جريدة " الاسكندرية " اللتين تشرف عليهما الشركة بناء على توصية من الجهات الصهيونية بفلسطين حتى يتمكن ستار سزكى من الاقامة بمصر والقيام بأعماله فيها دون أن يخشى أى اجراء ضده من السلطات الرسمية المصرية .
هكذا كان موقف الكتاب والمثقفين فى مصر قبل الثورة ، وأستمر هذا طوال عهد عبد الناصر ، ثم أخذ فى التراجع رغم وضوح جرائم الصهاينة للعيان.
.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق