الاثنين، 12 أكتوبر 2015

المشروع الإسلامي الكبير غير قابل للاستئصال .. فيديو



المشروع الحضاري الإسلامي



ترددت كثيرًا أن أفتح هذا الملف المهم الذى يتعلق بالمشروع الإسلامي خاصة أنّ هناك تقييمات كثيرة وخطيرة تتضمن تعميمات لا تستند إلى حجة أو برهان سوى ما تشهده الساحة بعد انحسار حكم الإسلاميين بعد ثورات الربيع العربى وبعد أن برزت الثورة المضادة تحاصر هذه الثورات وتلتف عليها.
حينما نقول إن هذا المشروع الإسلامي غير قابل للاستئصال، فإنّ هذه المقولة لا تعد تمنيًا ولا تفكيرًا بالتمني، إنما حقيقة تؤكدها النظرة العلمية الموضوعية لحقائق الواقع العربي والإسلامي.
وبداية هناك شيء اسمه "المشروع الإسلامي"، يمكن أن يُنظر إليه من أكثر من زاوية، وأن يُعبر عنه بأكثر من تعبير، ويمكن أن يُقصد به أشياء مختلفة، لكنني أقصد به تلك الحالة العامة التي تعبر عن أفكار وخطابات وكيانات وممارسات وتفاعلات تجتمع على أن الإسلام مرجعية حضارية وشاملة لتجديد مجالات الحياة في هذه الأمة وفي علاقاتها مع العالم.
هذه الحالة التي تتسع وتتمدد في العالم العربي والإسلامي وفي نطاقات خارج هذه الجغرافيا هي المشروع الحضاري الكبير الذي لا يفصل الدين عن الحياة ولا يفصل القيم عن السياسة ولا يفصل العلوم الشرعية عن علوم الأمة والعمران أو العلوم الاجتماعية والإنسانية، إنما يجتهد ليقدم للعالم تصورًا يجمع بين المشترك الإنساني والتميز الإسلامي.
المشروع الإسلامي بحكم اسمه وطبيعته مشروع حضاري، له فقهه الحضاري، محركه: عقيدة دافعة بأوسع معاني الدافعية، ووقوده: شرعة رافعة بأقوى دلالات الرفعة والرافعية، قوامه: قيم قائمة على كل معنى بالتقويم والإقامة والاستقامة (دينا قيمًا.. دين القيمة)، وجهته: مقاصد كلية عامة حافظة، وعاؤه: أمة وسط، وإطاره: العالم والإنسانية برمتها، ومجاله: الأرض الواسعة الطهور، وضابطه: سنن شرطية قاضية، ذاكرته وشجرته لها امتداد تاريخي كبير، وأفقه: مستقبل الإنسانية الذي يجب أن يشارك كل إنسان في صياغته وضمان تجدده لا تبدده، وواقعه: إحياء وبعث، وصحوة ويقظة، وتجدد وتجديد، وإصلاح وثورة، ودعوة وتعليم وتربية، وخدمة وتكافل وإغاثة وتضامن، وسياسة ورعاية ومسئولية وأمرهم شورى بينهم وحكم بالعدل وأداء للأمانات، وحفظ مال ومقدرات جعلها الله للناس قوامًا، وبناء مجتمع البنيان المرصوص والجسد الواحد، وتشييد سفينة الأرض القائمة على أمر البشرية بما يصلحه.
هذا المشروع يتجذر مع وجود الإنسان وحضوره في هذا العالم، حضوره بفرادته وتميزه، بتكريمه وتسخير الأكوان له بأمر خالقه، بحمله الأمانة الكبرى والرسالة العظمى (إني جاعل في الأرض خليفة) (إنا عرضنا الأمانة - إلى قوله - وحملها الإنسان)، (وعلم آدم الأسماء كلها) (اسجدوا لآدم فسجدوا) (ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر).. إنّه مشروع متكامل تتداعى لإقامته أمة بأسرها، وتستفيد من أصوله وفروعه البشرية جمعاء؛ لأنه مشروع للإنسان وبالإنسان بأقوم معاني الإنسان والإنسانية التي تتصل بهدي الخالق الذي يعلم من خلق، ويريد به اليسر ولا يريد به العسر، ولا يفعل شيئا بعذاب الناس إن عدلوا ولم يظلموا وأحقوا الحق وأبطلوا الباطل.
المشروع الحضاري الإسلامي غير قابل للاستئصال لأنه ليس مشروعًا سياسيًا وحسب فيتعثر بتعثر المسار السياسي لبعض مساحاته، ولا مشروعًا فكريًا أو نظريًا وحسب فيتشوش بحملات التشويش والتشويه هنا أو هناك، ولا هو مشروع خدمي أو إغاثي أو تضامني فقط بحيث أن محاولات ضربه بما يسمى تجفيف المنابع أو ترهيبه باسم الإرهاب يمكن أن تقطع شرايينه أو أوردته.. المشروع الحضاري الإسلامي في قلبه المسجد لكنّه لا ينحبس في المساجد، إنما يجعل "الأرض" كل الأرض مسجدًا وطهورًا، فالعبادة فيه حياة كما أن الحياة كلها يجب أن تكون عبادة، والتوحيد فيه حرية لا تتقيد باستبداد أو استعباد من مخلوق كائنا من كان؛ ومن ثم فلا يمكن اعتقال مشروع كهذا بما يجري من تأميم للدين واحتكار للحديث باسمه أو هيمنة على المساجد والخطب والدروس والأئمة.
المشروع الحضاري ثورة وإصلاح؛ ثورة على الخرافة وتغييب العقول بالمخدرات مختلفة الألوان والأنواع، لاسيما مخدرات الأفكار والتصورات الفاسدة، ثورة على خرافة العبيد والأسياد التي يتحدث عنها الانقلابيون، ثورة على خرافة الشعب القطيع الذي لا يعقل ولا يفهم ولا يسمع ولا يرى ومن ثم يجب ألا يتكلم أو يتصرف أو يتحرك إلا كما يقرر له المستبد وأعوانه، ثورة على خرافة أن الإرهاب هو الحل وأن الإنسان كائن جبان لا يحرِّكه إلا الخوف وخرافة التعذيب والتنكيل لتغيير الأفكار والآراء والقناعات، وثورة على خرافة أن السياسة قذارة وفساد وخراب وإصرار على أن هذه ليست السياسة التي هي تدبير وإصلاح ورعاية ومسئولية (كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته)، وقيام الأمة على أمرها بما يصلحه.
المشروع الحضاري الإسلامي مشروع أمة أوسع من مفاهيم الدولة والقطرية والقوميات الحابسة، إلا أن تتحاضن فيحتضنها ويرقى بها للمصاف الحضاري والتنافس العالمي والموضع الذي يليق بها؛ وبالأولى: فهو ليس مشروع حركة أو تيار أو جماعة أو مؤسسة أو مفكر أو فقيه، وإن كان ذلك كله من لبناته وأدوات بنائه؛ حيث تتضافر الدولة والمجتمع، والفرد والجمع، والمرأة والرجل، والريف والمدينة، والمؤسسات العلمية الدينية والدنيوية ووحدات الإنتاج الزراعي والصناعي والشركات التجارية والهيئات الخدمية الرسمية وغير الرسمية، والجاليات المسلمة عبر العالم، والكفاءات والقوى العاملة في كل مكان.. تتضافر قدر الوسع وقدر ما يسعنا التنظيم والتخطيط والتنسيق والتواصل والتبادل والتكامل.. لكي تتجلى الأمة من جديد في بللوريتها الجامعة.
المشروع الحضاري مشروع شباب الأمة الذي لم تتلبسهم العُقد الذهنية والنفسية لأجيال سابقة، بهرها بريق الغرب ولو كان يقتلها ويقمعها، أو أذعنت لوضعية الضحية والفريسة أمام جلاديها المستبدين ورضيت بخدمتهم ولو أذاقوا الأمة مرّ الهوان، إنما فتحو عيونهم على فورة الوعي وثورة التحرير والنموذج الحضاري للانتفاضة الشعبية في عالم العرب والمسلمين، ولم يتكلسوا وراء أوهام العلمنة والتغريب والاستلاب، أو دعوات الجمود والتكلس والانغلاق.
إن العقلية الشابة التي تصرّ اليوم على استكمال مشوار التغيير والتجديد السياسي والاجتماعي والتقني والاتصالي وإعادة بناء مجال عام حر منفتح مشارك هي أولى المكونات الراهنة لحمل شعلة المشروع الحضاري وتنشيط محركاته.
.

خطاب الرئيس مرسي
 في مؤتمر الأمة المصرية لدعم الثورة السورية
 ستغير الثورة السورية الأمة الإسلامية والعالم أجمع
 كلام من دهب



|••| رحماك ربي ما أرحمك |••| 

ليست هناك تعليقات: