الخميس، 15 يناير 2015

أسرار أنفاق غزة وفضيحة تسليم أمريكا السجل المدني للمصريين.



عبـــادة أمريكــا.. هـــي الشـــرك المعــــاصر


.. أســرار أنفـــاق غـــزة .. 
وفضيحــة تســليم أمريكــا الســجل المــدني الكــامل للمصريين!! 

 نواصل نشر حلقة جديدة من دراسة مجدي أحمد حسين غير المنشور (عبادة أمريكا الشرك الأكبر المعاصر) وهي دراسة كانت تعد للنشر ولم تكتمل تمامًا، ولكن مع استطالة استمرار الكاتب في السجن، فقد وافق على نشرها كما هي، وقال هذه أهم قضية الآن في مصر والوطن العربي، ولأن حالتي الصحية تتدهور والسجن مفتوح المدة، أرى أن تنشر هذه الدراسة، رغم أنني كنت أرغب في مراجعة أخيرة لها، ولكنني لم أكن لأغير شيئًا في جوهرها، ولكن ضبط للمراجع والصياغة وإضافة مزيد من المعلومات . والحمد لله صحة مجدي حسين تتحسن الآن ولكن الحبس الاحتياطي بدون محاكمة يدخل شهره السابع . 
في هذه الحلقة نواصل الفصل بعنوان "عقيدة عدم القدرة على تحدي أمريكا " وكان الحديث عن موقف المؤسسة العسكرية ووصل إلى عمر سليمان كشخص محوري في هذه المؤسسة حتى سقوط مبارك"(الشعب).   
... دور المخابرات في تعذيب الإسلاميين لصالح أمريكا !!... 
ما ذكر عن دور عمر سليمان والمؤسسة الأمنية المصرية في تعذيب عشرات المصريين وغير المصريين بتوجيه من المخابرات الأمريكية والاحتفاظ بهم في سجون مصر سرًا وبدون محاكمة، جريمة بشعة وتحتاج إلى تحقيق، ولكن الأهم أنها جاءت في إطار تعاون استراتيجي مصري – أمريكي، ويدافع مبارك وعمر سليمان وباقي العسكر عن هذا التعاون لأنه في مواجهة الإرهاب، وأن مصلحة مصر كانت تلتقي مع مصلحة أمريكا لأن الإرهاب الإسلامي يهدد الاثنين، وهذه قضية مزيفة فالإرهاب في مواجهة أمريكا نشأ بسبب عدوانها على العراق وأفغانستان ودعمها لإسرائيل، أما من يقوم بالعنف ضد نظامه الداخلي فعلى النظام أن يحتويه، وأن يتعامل معه وربما يضطر للاصطدام العنيف به، ولكن هذا موضوع داخلي لا علاقة لأمريكا به، كذلك فإذا كان في الحكم أثارة من عقل فكان يجب أن يفكروا في أسباب توجه الإسلاميين لاستخدام العنف ضدهم كالتبعية لأمريكا والاستبداد ومحاربة التيار الإسلامي، لا أن يتوجهوا للتعاون مع أمريكا ضد أبناء شعبهم .
 ليس من الإسلام مثلاً أن تحذر المخابرات المصرية نظيرتها الأمريكية من أعمال قد تقع ضد الولايات المتحدة، ولكن مبارك وسليمان يفتخران بأنهما كانا يفعلان ذلك. ففي صيف 2001 قدمت المخابرات المصرية معلومات للمخابرات الأمريكية عن وجود أيمن الظواهري في مستشفى بصنعاء باليمن، ولكن الظواهري أفلت من الرقابة الأمريكية، وهذا مجرد مثال واحد، فالتنسيق المصري الأمريكي ضد الإسلاميين كان أخويًّا للغاية ومتينًا ومتشابكًا، وقد كان شاملًا على مستوى الكرة الأرضية وحيثما توجد عناصر للقاعدة، كان التنسيق على أشده تجاه أفغانستان وباكستان والسودان، والقاهرة هي التي اقترحت تصفية بن لادن بديلًا عن اعتقاله ومحاكمته، ويؤكد إدوارد واكر سفير أمريكا السابق بالقاهرة أن المخابرات المركزية قامت بتدريب فرقة قوات مصرية متخصصة في مكافحة الإرهاب(تاريخ المخابرات المصرية – المؤرخ الأمريكي أوين إل سيرس) وأن هذه القوات كانت أقرب إلى فرق الموت مهمتها القتل والتصفية، ويؤكد الكاتب الأمريكي الذي لابد أنه استسقى معلوماته من المخابرات الأمريكية، أن المخابرات المصرية لعبت دورًا شديد الأهمية في اختراق الجماعات الإرهابية؛ حيث أن المخابرات الأمريكية تفتقر إلى ضباط يتمتعون بخبرة التعامل مع ثقافات ولغات المنطقة العربية والإسلامية، وكانت غالبًا ما تلجأ إلى ضباط المخابرات المصرية لسد تلك الثغرة . 
ووصفت "جاين ماير" في صحيفة نيويوركر الأمريكية سليمان بأنه رجل المخابرات الأمريكية في مصر !! لتنفيذ برنامج الترحيل القسري وهو برنامج المخابرات الأمريكية لاختطاف الإسلاميين حول العالم وإرسالهم إلى مصر للخضوع لاستجواب وحشي في أغلب الأحيان، فقد رأت المخابرات الأمريكية أنه ليس من المناسب أن تلوث يديها في انتهاكات حقوق الإنسان على أرضها طالما أن هناك دولًا مستعدة للقيام بذلك . 
 وفي 10 نوفمبر 2006 نشرت " الواشنطن بوست " قصة أبو عمر المصري، وتقول الصحيفة إن أبو عمر اختطف من شوارع مدينة ميلانو الإيطالية على يد المخابرات الأمريكية والبوليس السري الإيطالي، وتم نقله إلى ألمانيا بطائرة نقل عسكرية ومنها إلى مصر في 17 فبراير 2003 (لاحظ أن ذلك يتواكب مع الغزو الأمريكي للعراق) واستمر في السجن 14 شهرًا وتعرض لتعذيب بالكهرباء لمدة 7 شهور، ويؤكد أبو عمر أن المخابرات المصرية كانت تستقبل إسلاميين غير مصريين أيضًا؛ لتعذيبهم واستنطاقهم بالقوة، وكان يقبعون في سجون خاصة تابعة للمخابرات، وهناك مصري آخر مصيره غير معروف حتى الآن وهو طلعت قاسم (من الجماعة الإسلامية ) وسجل طلعت قاسم لا يوجد فيه شيء ضد مصر، فقد شارك في الحرب ضد الاحتلال السوفيتي لأفغانستان، ثم حارب في البوسنة والهرسك ضد مجرمي الصرب، اختطف قاسم في كرواتيا على يد الاستخبارات الكرواتية وتم نقله إلى مصر عن طريق البحر، وقتل طلعت قاسم وهو بين يدي عمر سليمان والمخابرات المصرية، والحديث يجري عن تسليم عشرات الحالات المماثلة .   نحن هنا أمام حالة صريحة للولاء لأمريكا لا لله، في أمور تمس حياة البشر وهذا أثمن ما يملكونه وهي جريمة من الدرجة الأولى في الإسلام حتى وإن كان قتل إنسان غير مسلم، جريمة تستتبع الخلود في النار ولكن عمر سليمان (والأصح أن نقول جهاز الاستخبارات أو نظام مبارك فهذا موقف غير شخصي) لم يخف من الله ولكنه التزم باتفاقه الآثم مع أمريكا ومع مبارك ....  ....
يقول الله عز وجل في سورة الفرقان عن صفات المؤمنين ...  (وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا (69) إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا (70)) 68-70، ....
 إذا أخذنا المثلين السابقين، فإن أبو عمر المصري لم يرتكب جريمة تستوجب التعذيب بالكهرباء، بدليل أنه أطلق سراحه بسبب الضجة الإعلامية في الغرب ولم يحاكم وهو في مصر قبل ثورة 25 يناير 2011 أو بعدها، كذلك فإن قتال طلعت قاسم ضد السوفيت أو الصرب يستأهل نيشانًا لا قتلًا، وإن كان قد ارتكب جريمة فلماذا لا يحاكم والمحاكم العسكرية متوفرة في مصر؟!! كذلك لم نسمع أن سليمان قد أعلن توبته من هذه الجرائم حتى موته ونحسب أنه أخذ جزاء سنمار فنحن نرجح أن أمريكا هي التي قتلته؛ لأنه استنفد دوره ويعلم كثيرًا من الأسرار، هذا نموذج حي على العبودية لأمريكا دون الله، الخضوع لطلبات أمريكا حتى وإن كانت ضد نواهي الله عز وجل، أما الادعاء بأن هؤلاء الإرهابيين خطر على نظام مبارك، فمن ناحية هذا يستوجب المحاكمة العادلة لا التصفية، ومن ناحية أخرى يستوجب البرهنة على أن نظام مبارك كان نظامًا شرعيًّا !!

  ... كـــارثة السجـــل المـــدني ...  
من كوارث عهد مبارك / سليمان هذه الواقعة التي لم نسمع بمثيلها في التاريخ وهي واقعة تسليم مبارك السجل المدني الكامل للشعب المصري للولايات المتحدة، وقد نشرت صحيفة الفجر المخابراتية القصة بالتفصيل، بعد الثورة بعدة شهور وفي ذلك الزمن كان من مصلحة النظام نشر كل شيء ضد مبارك وأسرته، وقد نشرت الفجر القصة ظنًا منها أنها تجلي وتلمع صورة عمر سليمان الوطني، والقصة كالتالي : أن أمريكا طلبت من مبارك تسليم الهارد ديسك الذي يشمل السجل المدني، أي المعلومات الكاملة عن كل المصريين، بما في ذلك التصنيفات والتقارير السياسية عن النشطاء، في إطار التعاون الأمني بين البلدين، وقد وافق مبارك كعادته بمنتهى السهولة وطلب من عمر سليمان تنفيذ الأمر، ولكن عمر سليمان لم يستسغ الأمر وأبدى تردده إزاء هذا الطلب غير المسبوق، وفي إطار العلاقات الخاصة بين مبارك وسليمان، قام مبارك بالالتفاف على سليمان والاتصال مباشرة بحبيب العادلي وزير الداخلية، المهم باختصار قام حبيب العادلي مستخدمًا سلطاته بتنفيذ أوامر مبارك، وتم تسليم السجل الكامل للمصريين لأمريكا. وأعتقد أن هذه قضية تجسس متكاملة تستأهل إعدام مبارك والعادلي (غير باقي الجرائم !!) ولكن الطريف أن يتصور أحد أن هذه القصة تكشف وطنية سليمان، بالعكس هذه القصة تؤكد أنه شريك في الجريمة (علم ولم يبلغ) وأنه تستر عليها، وأنه تعامل معها كنقطة خلافية واستمر في أداء مهامه، وكأنه لا يزال يرأس حصن الأمن القومي.. 
... العــلاقة الخـــاصة مع مبــــارك ...  
 وهذا ينقلنا إلى معلومات حصرية عرفتها من مصدر موثوق ولكن في وقت متأخر جدًا من عهد مبارك وهي حول العلاقات الشخصية الحميمة للغاية بين سليمان ومبارك على عكس ما كان يصور لنا أنصار المخابرات في الإعلام والعمل السياسي، سليمان لم يكن منزعجًا البتة من مواقف مبارك تجاه أمريكا بل كانا منسجمين تماماً ، ولم يكن موقف سليمان في حادث أديس أبابا بإصراره على السفر بسيارة مصفحة وهو ما أنقذ حياة مبارك وسليمان معًا !!   
لم يكن هذا الموقف وحده بالتحديد الذي عمق العلاقة العاطفية بينهما، بل كان سليمان كما أشرنا إلى آرائه حريصًا جدًا على الصداقة مع أمريكا وإسرائيل، ومبارك لا يريد منه أكثر من ذلك، وكان مبارك يفتح صدره لسليمان، وكان سليمان يراعي مكانة الرئيس، ورغم أن سوزان وجمال كانا خميرة عكننة لسليمان، ورغم أنه وكل العسكريين رافضون لحكاية التوريث، إلا أن هذا الموضوع وعلى خطورته لم يهز العلاقات العميقة بين مبارك وسليمان؛ لأن مبارك كان يضع سليمان في عين الاعتبار دائمًا، وفي السنوات الأخيرة لحكم مبارك، بدأ سليمان يبتعد عن المخابرات رغم رئاسته لها، وكان يذهب كل يوم تقريبًا لقصر الرئاسة وكان له مكتب مجاور لمبارك، وهما يتشاوران كل يوم خاصة في أمور السياسة العربية والخارجية، حتى أصبح عمر سليمان وزير الخارجية الحقيقي، وكان يذهب للمخابرات بالقبة مرة واحدة في الأسبوع، وعندما أصيب مبارك بجلطة خطيرة في المخ تشاور من حول مبارك من عناصر المخابرات وعمر سليمان حول سبل العلاج، ولم يكن هناك سوى بلدين قادرين على تفتيت هذه الجلطة إما أمريكا أو ألمانيا وفقًا لتطور الطرق العلاجية في هذين البلدين، ورفض مبارك الذهاب لأمريكا فهو يعرف كيف يتعاملون مع العملاء بعد انتهاء عمرهم الافتراضي (وهذا ما حدث مع سليمان بعد ذلك ) فكان التوجه لألمانيا مع الادعاء بأنها عملية انزلاق غضروفي، وكان رجال المخابرات مع أطباء مصريين يحاصرون الأطباء الألمان في كل تصرفاتهم خوفًا من القيام بأي شيء يؤثر على حياة مبارك، وعندما عاد مبارك من هذه الرحلة كانت معنوياته منخفضة، وعندما استقبله سليمان في المطار، قال له مبارك: استعد يا سليمان علشان تمسك البلد أنا لم أعد أقدر، وأقام سليمان مع مبارك في غرفة مجاورة في فترة النقاهة في مصر، وقد بدأ يفكر بجد فيما قاله مبارك ويطلب من مساعدي مبارك أن يظلوا يعملوا معه إذا تولى الحكم، ولكن عندما تعافى مبارك رجع في كلامه !! 
 ولكن ظلت علاقته قوية مع سليمان، وظل ممزقًا بينه وبين جمال وكان الحل أن يستمر هو في الحكم حتى يمنع الصدام بين الأسرة والمؤسسة العسكرية، مرة أخرى فيما يتعلق بأمريكا وإسرائيل لم يكن هناك أي خلاف مهم يذكر بين مبارك وسليمان، وكانت أمريكا تنظر بعين العطف للجميع : مبارك – سليمان – جمال !!  
 وكتبت كثير من التحليلات الاستخبارية الأمريكية وحصرت خلافة مبارك في سليمان أو جمال، وكانت الحيرة الأمريكية بينهما واضحة فالاثنان مخلصان لأمريكا، عيب عمر سليمان أنه عسكري وهم يفضلون أن يكون الرئيس مدنيًّا، وعيب جمال المدني أنه ابن الرئيس مما يعطي انطباعًا بالوراثة الملكية غير الجمهورية، وإن كانت أمريكا قبلت بهذا الوضع في أذربيجان؛ حيث تولى ابن الديكتاتور علييف الحكم بعد وفاته حتى الآن .  
 أمريكــا ليست حريصـــة على الديمقراطيـــة 
ولكـن على استقرار النظـام التـابع      
وقد ظهر هذا الإخلاص الشخصي والمبدئي ( بمعنى الاتفاق في المواقف ) خلال ثورة يناير 2011 وهو الأمر الذي أدى إلى مصرع سليمان السياسي . ومن الأشياء الطريفة التي اكتشفت مؤخراً في مواجهة صورة سليمان الفارس المغوار زعيم الوطنية الخفي ، أننا نكتشف أن أعز أصدقائه ليس مبارك والإسرائيليين فحسب بل أسوأ وزير خارجية في تاريخ مصر ( أبو الغيط ) ،والوكيل السابق لشركة شل ( وهي شركة يهودية أسسها روتشيلد ذات نفسه ) طارق حجي، وأنه كان على تواصل شديد مع حجي، ويطلب منه الكتب التي يقرأها، مع أنه سطحي الثقافة كما يتضح من مقالاته وكتبه، وأكثر من ذلك فإن وكيل شركة شل كان مرجعه في الموضوعات البترولية لذلك من الطبيعي أن يتحمس لتصدير الغاز لإسرائيل !! (حجي ليبرالي غربي الهوى)!!.....  
 وبعد الثورة وفي مرحلة التفكير للترشح للرئاسة كان لعمر سليمان حديث مهم في دلالته حين قال(لابد من تجميد أي صراعات إقليمية ودولية في الوقت الراهن، وحماية الحدود الإقليمية، وعدم استعداء المجتمع الدولي (يقصد أمريكا والغرب) ضد مصر والتوقف عن إثارة المشكلات حماية للأمن القومي في هذه الفترة التاريخية الحساسة)، وهذا كلام مهم جدًا لأنه كان ولا يزال رأي النخبة المصرية كلها إلا من رحم ربي، فالعسكر والمدنيون، الإسلاميون والعلمانيون، اليمين واليسار الكل مجمع على عدم استفزاز أمريكا، وكأن أمريكا خارج الصورة، وكأن أمريكا ليست هي المسؤول الأول مع إسرائيل عن حالة التمزق التي تعتمل الأمة وكأن الخلاص من أزمة مصر الراهنة والمستمرة والمتوطنة منذ عدة سنوات يمكن أن يتم بدون الخلاص من الهيمنة الأمريكية، وكأن مصر يمكن أن تحقق تقدمًا وأمريكا تمزق الوطن العربي من حولنا، ومع ذلك فإن المؤسسة العسكرية مسؤولة عن انتشار هذه الفكرة المضللة بحكم سيطرتها على الإعلام .   
... دلالــة الموقف من أنفـــاق غــــزة ... 
تعرضت لمسألة موقف عمر سليمان والمؤسسة العسكرية من القضية الفلسطينية ولكن أعود لمسألة الأنفاق من زاوية أخرى، فقد انشغلنا في حزب العمل (الاستقلال) خلال فترة ما من عهد مبارك دون باقي القوى السياسية بمسألة الجناح الوطني، ورغم أننا كنا أكثر القوى السياسية ضراوة ضد نظام مبارك إلا أننا كنا نلاحظ وجود اتجاهات في الحكم ضد الخصخصة، ضد حالة الهوان التي وصلنا لها مع إسرائيل وأمريكا، وكان مركز هذه الاتجاهات القوات المسلحة وبشكل خاص المخابرات العامة، ولكن حتى وإن صح ذلك فقد برهنت الأيام أن هذا الجناح المفترض كان ينضبط في النهاية بأوامر الرئيس، وبرهنت الأيام أن الرئيس والأجهزة العسكرية تحازي (بلغة الجيش) كل يوم أكثر وأكثر مع إسرائيل وأمريكا وقد كنا نتخذ من الموضوع الفلسطيني مؤشرًا لأن المقاومة المسلحة في غزة هي الأمر الأول الذي يزعج إسرائيل، والعجيب أن الوضع تجاه القضية الفلسطينية أصبح أسوأ في عهد السيسي منه في عهد مبارك، وهذا ينطبق أيضًا على مسألة الحريات السياسية، وهذا ليس دفاعًا عن مبارك، ولكن للتأكيد على أن الموقف من الحلف الصهيوني – الأمريكي يسير في منحدر وكل يوم أسوأ من اليوم السابق وأن المؤسسة العسكرية تسير في سكة (اللي يروح ميرجعش) وأنها كل يوم تقدم تنازلاً جديدًا يؤكد أن العلاقات مع أمريكا وإسرائيل من الثوابت العقائدية التي لا تمس حتى وإن ( بعنا هدومنا ) !! وأنا أصدق ما قاله عمر سليمان لجهاد الخازن بخصوص أنفاق غزة لأنني شاهد عيان على ذلك؛ يقول جهاد الخازن (إن سليمان حاول مساعدة الفلسطينيين من دون استشارة أمريكا وإسرائيل، وقد أراني مرة خريطة الأنفاق مع غزة وأسماء مالكي كل نفق وأسعار التهريب، وأنه مع الإسرائيليين والأمريكيين يزعم " احنا منعرفش " لوجود المعاهدة والمساعدة الاقتصادية والعسكرية، كما أن السواتر المعدنية كانت دعاية وخدعة، ولم توقف أي نفق معروف وسببها التجاوب المزعوم مع الضغوط الأمريكية والإسرائيلية من دون تنفيذ شيء فعلي على الأرض) (انتهى كلام جهاد الخازن) .
 لماذا أقول إنني لا أكذب عمر سليمان بل أصدق كلامه، لأنني استخدمت هذه الأنفاق مرة، وشاهدت منطقتها في رفح عن قرب ورأيت آليات عملها، وأستطيع أن أتكلم الآن بحرية بعد ( خراب مالطا ) !! 
فكلامي لن يضر، منطقة الأنفاق صغيرة جدًا ومن المستحيل أن تدفق كل هذا الكم من السلع والبضائع بدون أن تكون ملحوظة بالعين المجردة، كميات هائلة من البنزين تضخ في أنابيب صغيرة داخل الأنفاق وغيرها من البضائع تدخل في شاحنات إلى رفح وهي أشبه بالقرية، وبالتالي أي ملاحظة أمنية بسيطة يمكن أن تكشفها، بل وصل الأمر إلى حد أنه كان معروفًا أن هذه الحارة مخصصة للوقود، وتلك للمكرونة والبقالة .. إلخ وعندما دخلت المنزل المجاور للنفق سألت الشاب المسؤول هل تجدون معوقات من الشرطة، قال لي : لا بالعكس هم متعاونون معنا !!  وفي النفق الضيق كدت أموت اختناقًا لأن عمليات النقل كانت على أشدها .. أكياس أسمنت – وأدوات منزلية ( دماسات فول ) مثلاً، وكان الشباب الفلسطيني يقوم بالنقل بصورة يدوية من الوضع زاحفًا، وكذلك كنت أزحف بدوري، أقصد لقد رأيت بضاعة بريئة حرام أن تنقل بهذا الأسلوب الخطر والمضني .  
 تفسيري للسماح بهذه الأنفاق طوال تلك السنين في عهد مبارك ؟ 
(1) أن غزة كانت تتعرض بين حين وآخر للتضييق من إسرائيل في إدخال السلع والبضائع وكان أهل غزة ينفجرون ويتجهون إلى مصر للحصول على احتياجاتهم وقد حصل هذا مرتين وكان قابلًا للتكرار، وبالتالي كان من مصلحة مصر عدم الوصول إلى نقطة الغليان والانفجار، وطالما أن مصر غير قادرة على تصدير البضائع علنًا وفوق الأرض (وهذا لا أوافق عليه ولكن هذه هي عقيدة عدم تحدي أمريكا وإسرائيل) فلتفعل هذا من تحت الأرض وتزعم أنها لا تعرف . 
 (2) هذا التهريب الذي يهاجمه السخفاء في الإعلام هو في واقع الأمر تصدير لبضائع مصرية لا يوجد لها سوق عربي بديل والمصدر يحقق أرباحًا هائلة، والمنتج المصري هو المستفيد، وغزة تحتاج بضائع بقرابة 2 مليار دولار سنويًّا.. 
(3) كان الأمن يركز على الأنفاق التي تهرب السلاح حتى يكون التهريب في حدود المعقول، وعدم السماح بإدخال أسلحة متطورة، وكانت هذه آخر بقايا الرؤية الصحيحة للأمن القومي، وهي أن غزة شوكة في جنب إسرائيل ولكن هذه الفكرة أخذت في التلاشي والاضمحلال، في عهد السيسي حدثت حملة ضارية وحقيقية ويمكن الحديث عن إعاقة ثم ضرب الأنفاق بنسبة 90% بحجة أننا سنفتح المعبر ثم تعرض المعبر لإغلاقات طويلة، ويقوم الإعلام بدور مروع وخائن لله ورسوله، بالتركيز على أن هذه الأنفاق هي التي تهدد أمن مصر حتى الصعيد وليس في سيناء وحدها، ولكسب تعاطف الشعب المصري لهدم الأنفاق تم ترويج أن غزة منبع السلاح ومنبع الإرهابيين في سيناء، مع أن غزة محاصرة وهي التي تحتاج للسلاح، كما أن العقيدة القتالية لحماس والجهاد ضد القيام بأي عمل مسلح خارج فلسطين، كما أن حماس تعرف جيدًا أن مصر هي المخرج الوحيد لها للعالم فكيف تستعدي السلطات .. وبأعمال عنف ؟ !  
 لا أستطيع أن أقول إن مبارك كان أكثر وطنية من السيسي، فلم يكن يتبنى خطة لتحويل غزة إلى قلعة مسلحة ضد إسرائيل، ولكنها هي فعلت ذلك بالأمر الواقع وبالنبش بالأظافر في الحجر، وبتصنيع الأسلحة بدءًا من القنبلة اليدوية إلى الآر بي جيه إلى الصاروخ. 
 وكان نظام مبارك كما يقول سليمان يضغط دائمًا لوقف الصواريخ مهما فعلت إسرائيل !! لم يكن مبارك أكثر وطنية من السيسي ولكن السير في طريق الشيطان لابد أن ينقلك باستمرار إلى موقف أسوأ، فالسيسي نفسه كان مدير المخابرات الحربية في وقت التعامل " الليبرالي " مع الأنفاق.   من الأمور المزعجة حقًا أن علاقات مصر مع إسرائيل كانت دائمًا – في عهد كامب ديفيد – أكثر سلاسة من علاقتنا بأمريكا، وكانت إسرائيل هي التي تضغط على الأمريكان لتفهم المواقف المصرية. 
نحن لم نسمع شكوى واحدة في عهد مبارك من إسرائيل خاصة في النصف الأخير من عهده، وفي عهد السيسي لم نسمع من نظامه أو إعلامه شكوى واحدة ضد إسرائيل بل كل العتاب يكون لأمريكا، وهذه ملاحظة مخيفة تؤكد الاستبعاد النهائي لأي ابتعاد عن إسرائيل حتى وإن أحرقت المسجد الأقصى، ويعلم مبارك والسيسي أن الطريق إلى قلب أمريكا عن طريق إسرائيل، وهذه معادلة صحيحة لمن يريد الركوع دومًا في المحراب الأمريكي، أقول إن السير مع الشيطان يؤدي دائمًا للمواقف الأسوأ، فأنت قد تبدأ بالزنا ثم السرقة ثم القتل ثم تكرار القتل (على صعيد الانحراف الشخصي) وفي السير مع الشيطان الأمريكي – الصهيوني، تنتهي لبيع الغاز شبه مجاني لإسرائيل وعقد اتفاقية الكويز، فهذه أمور فعلها مبارك في النصف الثاني من عهده، والتنسيق الأمني مع إسرائيل ازداد مع استمرار الوقت في عهد مبارك (1520 زيارة لسليمان لتل أبيب) إلى الذروة في عهد السيسي وفقًا لما يذكره المسؤولون والإعلاميون الصهاينة، ولتبرير ذلك يتم إيهام المصريين أن المعركة مع أشرار غزة ( المقاومون لإسرائيل ) دون تقديم دليل مادي واحد حتى الآن، ولكنها تكئة لحصار غزة وضرب المقاومة بحجة ضرب الإرهاب في سيناء بينما الهدف من الحملة على سيناء تأمين الأمن القومي الإسرائيلي أساسًا، وقد كان لإسرائيل كما ذكرنا وعملاء دحلان دور أساسي في افتعال الفتنة بين المجاهدين المصريين وشرطة وجيش مصر، فهذا جيشنا الذي لم يطلق رصاصة واحدة على إسرائيل منذ 40 عامًا، يقاتل المصريين في سيناء في معركة كان يمكن تجنبها إذا تم التعامل مع الوضع بوطنية وحنكة، وقد بدأ الأمر بمذبحة رفح الأولى، وقالوا إن مرسي يتستر على القتلة، ولكن بعد عام على إزاحة مرسي لم يكشف أحد الستار عن القتلة، بالمناسبة هذا الحادث هو الفتيل الذي أشعل الوضع في سيناء بأفعال وردود أفعال، بمذابح ومذابح مضادة، والمرجح أن إسرائيل وراء هذه المذبحة، وادعى العسكريون أن مرسي منعهم من إذاعة أسماء المتورطين في المذبحة، وكان مصدرًا عسكريًّا مسؤولًا صرح (بأن نتائج التحقيق حول هوية المتورطين في الحادث تضم الكثير من المفاجآت)، والآن بعد عام من الإطاحة بمرسي لماذا لا تعلنون ؟!  
وكتب مصطفى بكري المتحدث الأساسي باسم المؤسسة العسكرية في حينها أن طنطاوي طلب مرارًا من مرسي إذاعة نتائج التحقيقات، وأن مرسي رفض، لماذا لا تعلن الآن بعد سنة من رحيل مرسي ؟! 

 الوضع انتهى إلى أن جيش مصر المسلم يتعاون مع الجيش الإسرائيلي للحفاظ على أمن سيناء
، وأن العــدو أصبـح هـــم المسلمــون في غـــــزة ؟!  
 وهذه هي الحقيقة الكبرى التي يجري التشويش عليها بالأكاذيب، حتى وإن ثبت – وهو لم يثبت بعد – أن عناصر متطرفة في غزة تتعاون مع عناصر متطرفة في مصر فإن حماس لا علاقة لها بذلك بل إن كتائب القسام هي كنز استراتيجي في مواجهة الكيان الصهيوني.  وطبعًا الراعي الأكبر أمريكا يبارك هذا التعاون المصري – الإسرائيلي، ويهود إسرائيل توصيفهم الشرعي : أهل كتاب كفار ومحاربين .
 لا أجد ما أختم به هذا الجزء إلا آيات الله (يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا الذين كفروا يردوكم على أعقابكم فتنقلبوا خاسرين 149 بل الله مولاكم وهو خير الناصرين) آل عمران 149-150 .


؛؛؛؛ مصـــر الـيـــوم ؛؛؛؛



ليست هناك تعليقات: