الأربعاء، 9 يوليو 2014

أكاذيب في التاريخ الإسلامي: وأد «الفاروق» لابنته و«الرشيد» سكيرًا وحكم «قراقوش»



«لمــاذا يُشَـوَهُ التــاريخ الإســلامي؟»



تعرض التاريخ الإسلامي، للتشويه بشكل متعمد، «بمكيدة محكمة، وتدبير خبيث، ويأتي ضمن خطة كاملة للحرب الصليبية ضد العالم الإسلامي»، بحسب ما ذكره الدكتور عبد العظيم الديب، المؤرخ والمحقق في التراث الإسلامي. 
وقال «الديب»، في منشور على موقع «لماذا يُشَوَهُ التاريخ الإسلامي؟»، إن «الأمم لا يمكن أن تنهض بغير تاريخ، أو أن تقوم بغير ذاكرة، والتاريخ الإسلامي أشد خطورة في حياة المسلمين من التاريخ في حياة أية أمة، وتشويهه، وطمسه، وتمزيقه بالنسبة للمسلمين أسوأ وأفظع منه بالنسبة لأية أمة أخرى» وعرض «الديب» أبرز النماذج من التاريخ الإسلامي التي تعرضت للتشويه، كاتهام عمر بن خطاب بؤاد ابنته واتهامات لعثمان بن عفان (رضي الله عنه) بأنه كان يولي أقاربه إمارة الأقاليم، وطمع معاوية بن أبي سفيان في الخلافة، والإدعاء أن يزيد ابنه كان فاسقًا ويتعاطى الخمر، وضرب الحجاج بن يوسف الثقفي للكعبة وموت عمر بن عبد العزيز مسمومًا عندما حاول تصحيح الأوضاع. كما ذكر أن الدولة العباسية تعرضت للتشويه بظلمهم للأئمة الأربعة أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد بن حنبل، وخمريات الرشيد، وعبثه، والإساءة أيضًا لصلاح الدين وقظز، والدولة العثمانية وغيرهم. وردّ المؤرخون الإسلاميون في كتبهم على الأكاذيب التي طالت بعض رموز التاريخ الإسلامي من الصحابة والتابعين والدول الإسلامية.
۞ وأد عمــر لابنتــه
أشار عباس محمود العقاد، في كتابه «عبقرية عمر»، إلى القصة، وخلاصتها: «أنه رضي الله عنه كان جالساً مع بعض أصحابه، إذ ضحك قليلاً، ثم بكى، فسأله مَن حضر، فقال : كنا في الجاهلية نصنع صنماً من العجوة، فنعبده، ثم نأكله، وهذا سبب ضحكي، أما بكائي، فلأنه كانت لي ابنة، فأردت وأدها، فأخذتها معي، وحفرت لها حفرة، فصارت تنفض التراب عن لحيتي، فدفنتها حية».
وشكك «العقاد» في صحتها، «لأن الوأد لم يكن عادة شائعة بين العرب، وكذلك لم يشتهر في بني عُدي، ولا أسرة الخطاب التي عاشت منها فاطمة أخت عمر، وحفصة أكبر بناته، وهي التي كني أبو حفص باسمها ، وقد ولدت حفصة قبل البعثة بخمس سنوات فلم يئدها، فلماذا وأد الصغرى المزعومة، ولماذا انقطعت أخبارها فلم يذكرها أحد من إخوانها وأخواتها ، ولا أحد من عمومتها وخالاتها».
وقال الحافظ ابن كثير، في كتابة «البداية والنهاية»: «لكن الرواية عن وأد عمر رضي الله عنه - لبعض بناته باطلة لا تصح لأن من المعلوم أن أول امرأة تزوجها هي زينب بنت مظعون أخت عثمان وقدامة فولدت له حفصة وعبد الله وعبد الرحمن الأكبر، قال الواقدي وابن الكلبي وغيرهما تزوج عمر في الجاهلية زينب بنت مظعون أخت عثمان بن مظعون فولدت له عبد الله وعبد الرحمن الأكبر وحفصة رضي الله عنهم، وكان ميلاد حفصة قبل البعثة بخمس سنين».
وقال الشيخ عثمان الخميسي، في موقعه، إن «القصة كاذبة، ولا أصل لها، ونقلها رافضي من كارهي الصحابة».


۞ ردة معاوية وعودته للإسلام بالمال
جاء في كتاب: «معاوية بن أبي سفيان أمير المؤمنين وكاتب وحي النبي الأمين كشف شبهات ورد مفتريات»: «قد ثبت إسلام معاوية ـ رضي الله عنه ـ والإسلام يَجُبُّ ما قبله، فمن ادعى أنه ارتد بعد ذلك كان مدعيًا دعوى بلا دليل لو لم يعلم كذب دعواه، فكيف إذا علم كذب دعواه، وأنه ما زال على الإسلام إلى أن مات، كما علم بقاء غيره على الإسلام؟ فالطريق الذي يُعلم به بقاء إسلام أكثر الناس من الصحابة وغيرهم، يُعلم به بقاء إسلام معاوية ـ رضي الله عنه ـ والمدَّعي لارتداد معاوية وعثمان وأبي بكر وعمر ـ رضي الله عنهم ـ ليس هو أظهر حجة من المدعي لارتداد عليّ رضي الله عنه، فإن كان المدَّعي لارتداد عليّ رضي الله عنه كاذبًا، فالمدعي لارتداد هؤلاء أظهر كذبًا».
۞ اتهام هارون الرشيد بشرب الخمر
يقول ابن خلدون: «ما يحكى من معاقرة الرشيد الخمر،اقتران سكره بالندمان، فحاشا لله، ما علمنا عليه من سوء، وأن هذا حال الرشيد، وقيامه بما يجب لمنصب الخلافة من الدين والعدالة، وما كان عليه من صحبة العلماء والأولياء، ومحاورته الفضيل بن عياض وابن السماك ومكاتبته سفيان الثوري، وبكائه من مواعظهم ودعائه بمكة في طوافه.. وعبادته وتنفله».
وقال: «وإنما كان الرشيد يشرب نبيذ التمر على مذهب أهل العراق، وفتاواهم فيها معروفة أما الخمر الصرف فلا سبيل إلى اتهامه بها».
وأما موضوع الجواري وكثرتها لدى «الرشيد»، فهذا أمر صحيح يقول مؤيد فاضل، صاحب كتاب «شبهات في العصر العباسي الأول»: «وفي الحديث عن الجواري مثال آخر للاختلاف في التصور بيننا وبينهم، فقد وصم الخلفاء بأنهم كانوا يتخذون العشيقات والخليلات من الجواري، وراحوا يتغزلون بهن شعرًا ونثرًا، فمفهومنا وتصورنا لهذا الغزل ولأولئك الجواري أوقعنا في هذا الوهم، حيث اعتبرنا ذلك نقيصة في الخلفاء، ولو أننا رجعنا إلى الشرع في موضوع الجواري لعلمنا أن الجارية ملك يمين يملك سيدها حق التمتع بها وحق الاستخدام.. وليس على السيد أن يعدل بين إمائه كما يعدل بين نسائه».
وفي «المغني» لـ«ابن قدامه»: «يمكن للرجل أن يكون له عدد كبير من الإماء أو الجواري، يدخل عليهن كيف يشاء».
و كذب العلماء ما قيل عن «الرشيد» فالاستدلال على حسن عبادته لله وإقامته للسنة، قال أبو حامد الغزالي في «فضائح الباطنية»: «وقد حُكي عن إبراهيم بن عبد الله الخراساني أنه قال: حججت مع أبي سنة حج الرشيد فإذا نحن بالرشيد وهو واقف حاسرٌ حافٍ على الحصباء، وقد رفع يديه وهو يرتعد ويبكي ويقول يا رب أنت أنت وأنا أنا، أنا العوّاد إلى الذنب وأنت العوّاد إلى المغفرة، اغفر لي».
وذكر الخطيب البغدادي في «تاريخ بغداد»: «وحكى بعض أصحابه أنه كان يصلي في كل يوم مئة ركعة إلى أن فارق الدنيا، إلا أن يعرض له علة، وكان يتصدق في كل يوم من صلب ماله بألف درهم، وكان إذا حج أحج معه مئة من الفقهاء وأبنائهم، وإذا لم يحج أحج في كل سنة ثلاثمئة رجل بالنفقة السابغة والكسوة الظاهرة».

۞ حكــم قـراقـوش
قال الشيخ على الطنطاوي، في كتاب «رجال من التاريخ»، إن «قراقوش المسكين الذي صار على ألسنة الناس في كل زمان وكل بلد المثل المضروب لكل حاكم فاسد الحكم، فكلما أراد الناس أن يصفوا حكمًا بالجور والفساد قالوا: هذا حكم قراقوش، إن قراقوش له صورتان: صورة تاريخيَّة صادقة، وصورة روائيَّة صوَّرها عدوٌّ له من منافسيه.
وتابع: «والعجيب أن الصورة التاريخية الحقيقية طُمست ونُسيت، والصورة الخيالية بقيت وخُلِّدت، فلا يذكر قراقوش إلا ذكر الناس هذه الحكايات العجيبة، وهذه الأحكام الغريبة التي نسبت إليه، وافتريت عليه».
وذكر «الطنطاوي» أن «قراقوش كان أحد قواد بطل الإسلام صلاح الدين الأيوبي، كان من أخلص أعوانه وأقربهم إليه، وكان قائدًا مظفرًا، وكان جنديًّا أمينًا، وكان مهندسًا حربيًّا منقطع النظير، وكان مثالاً كاملاً للرجل العسكري، إذا تلقى أمرًا أطاع بلا معارضة ولا نظر ولا تأخير، وإن أمر أمرًا لم يرض من جنوده بغير الطاعة الكاملة، بلا اعتراض ولا نظر ولا تأخير».
ولفت إلى أنه «وهو الذي أقام أعظم المنشآت الحربية التي تمت في عهد صلاح الدين والجامع وحفر البئر بها، كما شيد قلعة صلاح الدين في القاهرة، ولما وقع الخلاف بين ورثة صلاح الدين وكادت تقع بينهم الحرب، ما كفَّهم ولا أصلح بينهم إلا قراقوش».

۞ عيسى العوام غواص عربي مسلم
قال الشيخ محمد صالح المنجد، الداعية السعودية، إن «القاضي بهاء الدين بن شداد روى في كتابه (النوادر السلطانية والمحاسن اليوسفية) قصته أيام محنة عكا، وأورد قصته أيضًا صاحب كتاب (تذكير النفس بحديث القدس) فيقول: (ومن نوادر هذه الوقعة ومحاسنها أن عوامًا (مسلمًا) كان يقال له: عيسى، وكان يدخل إلى البلد، يعني عكا أثناء حصار الفرنج لها، بالكتب والنفقات على وسطه (أي يربطه على وسطه) ليلاً على غِرّة من العدو، وكان يعوم ويخرج من الجانب الآخر من مراكب العدو، وكان ذات ليلة شدّ على وسطه ثلاثة أكياس، فيها ألف دينار وكتب للعسكر، وعَامَ في البحر فجرى عليه من أهلكه، وأبطأ خبره عنا، وكانت عادته أنه إذا دخل البلد طار طير عرّفنا بوصوله، فأبطأ الطير، فاستشعر الناس هلاكه، ولما كان بعد أيام بينما الناس على طرف البحر في البلد، وإذا البحر قد قذف إليهم ميتًا غريقًا، فافتقدوه، أي تفقدوه، فوجدوه عيسى العوام، ووجدوا على وسطه الذهب وشمع الكتب، وكان الذهب نفقة للمجاهدين، فما رُئي مَن أدّى الأمانة في حال حياته، وقد أدّاها بعد وفاته إلا هذا الرجل. وكان ذلك في العشر الأواخر من رجب أيضًا».



قد يُمهل اللهُ العبادَ لحكمةٍ تخفى ويغفل عن حقيقتها الورى
قل للذي خدعته قدرةُ ظالمٍ لاتنسَ أن اللهَ يبقى الأقدرا


ليست هناك تعليقات: