الجمعة، 13 يونيو 2014

جرائم النظام ضد الاطفال فى مصر .فيديو



صناعة قضية بديلة للتسويق الإعلامي والسياسي
  بتغطية تليفزيونية مرتبة للتحرش الجنسي



نظام يريد أن يغسل سمعته محليا ودوليا 
 انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان واعتداءات مروعة على النساء والفتيات في السجون والمعتقلات 
وسحق كرامة الفتيات والطالبات في الشوارع والمظاهرات والجامعات 
على خلفيــة صــراع سياسي 

اعتداءات وصلت إلى حد القتل أو سحق العظام أو السحل في الشوارع
اطفال كوم الدكة: 
الأمن عذبنا وجردنا من ملابسنا واغتصبنـا الجنـــائيون.


ما وقع في ميدان التحرير أثناء احتفالية تنصيب السيسي من أحداث تحرش ببعض الفتيات والسيدات هي جريمة لا مراء فيها ، غير أنها في الحقيقة هذه المرة لم تكن فقط جريمة تحرش وإنما اعتداء وحشي بالسلاح بقصد التدمير المعنوي والجسدي معا ، وهذا سلوك يصعب تفسيره ، وربما يحتاج بعض علماء النفس الحقيقيين وليس هؤلاء الدجالين الذين يظهرون على شاشات الفضائيات هذه الأيام يسوقون أنفسهم في سوق النخاسة السياسية الجديدة تحت دعوى خبراء نفسانيين ، غير أن النفخ الزائد في تلك الواقعة إعلاميا وسياسيا واجتماعات لمجلس الوزراء خصيصا من أجلها وذهاب الرئيس السيسي إلى المستشفى لزيارة المجني عليها بتغطية تليفزيونية مرتبة جيدا ، هذا النفخ لا يريح ، ويضفي على الواقعة أبعادا أخرى لا صلة لها بالبعد الإنساني أو القانوني أو الاجتماعي ، خاصة عندما نسلم جميعا بأن ما حدث ليس جديدا ، وفي ميدان التحرير تحديدا وقعت عشرات حوادث التحرش بالسيدات من قبل ، في أوقات متعددة ، وبعضها تم نشرها بالصوت والصورة ، وتناولتها برامج فضائية في حينه ، وسمعنا وعيدا وتهديدا بالتصدي لهذه الجرائم وتفعيل القانون وتغليظ العقوبة ، حتى أن كل ما تسمعه حاليا من كلمات وعبارات في الإعلام أصبحت من فرط التكرار أشبه بأكليشيهات ثابتة ، ناهيك عن وجود دراسات منشورة ومستفيضة باستطلاعات رأي علمية تتحدث عن تعرض أكثر من نصف نساء مصر لواقعة تحرش واحدة على الأقل ، أي أننا أمام حوالي عشرين مليون واقعة تحرش تقريبا ، وبالتالي فمحاولة التضخيم الأسطورية في الواقعة الجديدة ، وكأنها حدث مفاجئ وطارئ على مصر وميادينها وشوارعها أو أننا لم نكن نتوقعه ، هي مبالغات فجة وتعطي الانطباع بالرغبة في الاستثمار السياسي أكثر منه غضب مشروع على جريمة حقيقية وقعت وتقع يوميا في مختلف المحافظات والشوارع ، وذاكرتنا السياسية لم تنس بعد الفتاة التي تم سحلها وتعريتها في ميدان التحرير قبل حوالي عامين ولم نسمع هذا الغضب من القيادات العسكرية والسياسية عن امتهان كرامة المرأة وعرضها .
 هناك نظام سياسي جديد يحاول أن يدشن شرعية عملية جديدة له ، ويبحث عن صناعة أجندة مستحدثة لتقديم نفسه بشكل مختلف عمن سبقوه ، نظام يبحث عن قضية وطنية يسوق بها نفسه ، بعد أن خفتت نسبيا قصة الإرهاب ولم تعد تبيع في سوق السياسة المحلية والدولية ، نظام يريد أن يغسل سمعته محليا ودوليا بعد الادانات المتوالية من منظمات دولية ومحلية عن انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان واعتداءات مروعة على النساء والفتيات في السجون والمعتقلات وسحق كرامة الفتيات والطالبات في الشوارع والمظاهرات والجامعات على خلفية صراع سياسي ، وهي اعتداءات وصلت إلى حد القتل أو سحق العظام أو السحل في الشوارع .. غير أن مثل هذه التوجهات لصناعة قضية بديلة للتسويق الإعلامي والسياسي تعطي الانطباع الخطير عن غياب المشروع الحقيقي للإصلاح أو إنقاذ الوطن ، ومحاولات للهروب من القضية الحقيقية الملحة والجامعة لحل كل تلك المشكلات ، فالتحرش الجنسي مجرد عرض لمرض أو مجموعة أمراض تتصل بغياب دولة القانون وضعف احترامها وتسييس المؤسسة الأمنية وتغيير أولوياتها من الأمن المجتمعي إلى الأمن السياسي ، فتركت حماية الشعب من أجل حماية الحاكم ، وغياب العدالة الاجتماعية التي توفر لملايين الشباب فرص العمل والسكن اللائق والزواج والأمل في حياة كريمة ، وزواج "المتعة" بين السلطة السياسية والبيئة الفنية والثقافية والإعلامية الموجودة ، والذي أتاح نشر وترويج وتجميل مواد محرضة على العنف والجنس خارج إطار المشروعية وتعاطي المخدرات والإباحية الأخلاقية بقصد جلب المال الحرام والثراء مقابل غزل تلك الدوائر بالسلطة وتسويقها سياسيا ودعم قيادتها بشكل مطلق وحاسم ، وانتشار المخدرات في المجتمع لأسباب تعود إلى الإحباط الاجتماعي وانتشار الجريمة وبسط الحماية الرسمية على مجموعات البلطجة لاستخدامهم في أعمال قذرة أو التصدي لمظاهرات المعارضين ، وباختصار ، ظاهرة التحرش جزء من مناخ فاسد وموبوء هو صناعة أنظمة سياسية متعاقبة ، وبالتالي فالحل لا يكون باستثماره سياسيا والمتاجرة به إعلاميا ، وإنما بشجاعة اقتحام جوهر الأزمة والخلل في الدولة والمجتمع فتختفي كل تلك الأمراض تدريجيا وبصورة حاسمة .
 من الاستخفاف بالعقل أن يقارن الواقع الحالي في مصر بعصر سابق ، والقول بأن الفتيات كانت قديما تلبس الميني جيب ولا يحدث تحرش ، لإثبات وهمي بأن زي المرأة ليس مبررا للتحرش ، وبشكل عام لا شيء يبرر جريمة التحرش حتى لو كانت المرأة عارية ، ولكن لا يوجد عاقل ينفي أن نوعية الزي الذي ترتديه الفتاة أو المرأة يمثل عنصر جذب وإثارة وتحريض وإن لم يكن عاملا أساسيا فهو عامل مساعد قطعا ، والدعوة للاحتشام بالتالي تملك مبررا منطقيا وأخلاقيا واجتماعيا قبل أن يكون دينيا أيضا ، والتحرش كان موجودا في الأجيال السابقة وجميعنا نعرف ، ولكنه لم يكن عنيفا ولا وحشيا ، كما أن العوامل الأخرى لم تكن متوفرة ، فلم يكن الشباب محاصرا بالفنون الإباحية التي تقتحم عليه حياته كل يوم بل كل لحظة عبر الموبايل وشبكات الانترنت والفضاء المفتوح على كل المخاطر ، ولم تكن الشرطة مستغرقة في عملية التسييس فكان الردع الأمني حاضرا ، وأيضا كان هناك مشروع وطني يستوعب طاقات الشباب ويفتح لهم باب الأمل في غد أفضل ولم تكن البطالة بتلك المستويات المروعة ، أيضا لم تكن المؤسسات الدينية قد أصابها التآكل والضمور بهذا الشكل الذي حدث مؤخرا بفعل التورط السياسي ، أيضا لم تكن المخدرات بأشكالها المختلفة والمستحدثة قد استباحت ملايين الشباب على النحو المروع الذي حدث الآن ببرود أمني يثير دهشتك بعد أن صرفت الداخلية ثلاثة أرباع طاقة الأمن في الأمن السياسي والتصدي للمعارضين حتى أصبحت المخدرات تباع علنا في مناطق واسعة بل على نواصي الشوارع ، والمخدرات تدمر المناعة الجسدية والأخلاقية معا وتجعل الشاب مؤهلا لارتكاب أي جريمة تتخيلها ، وفي المحصلة ، فوقائع التحرش هي نتيجة لمجمل عوامل اجتماعية وصحية وسياسية وأمنية ودينية وثقافية وفنية ، وليست نتيجة عامل واحد بعينه ، ومن ثم فعلاجها يكون بمعالجة هذه المنظومة المهترئة فتجف منابع جريمة التحرش ، أما هذا "البكش" الإعلامي والسياسي ، فهو نفخ بالونات هواء لخداع الرأي العام عن عجز السلطة عن مواجهة المشكلات الحقيقية وتقديم مشروع جاد لإنقاذ الوطن .




قد يُمهل اللهُ العبادَ لحكمةٍ تخفى ويغفل عن حقيقتها الورى
قل للذي خدعته قدرةُ ظالمٍ لاتنسَ أن اللهَ يبقى الأقدرا



ليست هناك تعليقات: