الجمعة، 16 مايو 2014

عمر حاذق من زنزانته: انكسر قلبى من أجل " إسلام " البطـل ذو الـ 19 عاما.



ادعوا لإسلام ولأسرته 
وســاعدوهم قــدر مــا تستطيعون




هؤلاء أبطــــالنا الحقيقيــــون 
 كلما مدحنى كاتب أو دافع عنى إعلامى، 
شعرت بخجل شديد مؤلم، أنا لا شىء أمام هؤلاء الشباب
 الذين دفعوا ثمن كرامتنا 
من دمائهم وعيونهم ويتمهم وعذاباتهم. 
من الآن، لا تمدحونى يا إخوتى 
امدحوا بطلا حقيقيا لا يعرفه الشعراء ولا المثقفون 
الذين يتصارعون للدفاع عن حق “الشلة”
 فى كــرسى وزير الثقــافة، 
امدحوا الطفل ذا التسعة عشر عاما إسلام محمد حسنين 
زميلى فى القضية، الفتى الريفى

أنا آسف يا إخوتى فى محبة هذا الوطن.
... هــل أنا حــزين فقـــط؟ ...

كتب الشاعر عمر حاذق من مكان احتجازه ببرج العرب رسالة جديدة تحدث فيها عن رفيق الزنزانة والمعتقلي على خلفية نفس القضية “إسلام حسانين” ذو الـ 19 عاما والذي تواجد بالصدفة في مكان وقفة الشهيد خالد سعيد أثناء خروجه من المعهد الذي يدرس به فتم القبض عليه مع المتظاهرين المقبوض عليهم يومها،وتحدث في رسالته عن والد إسلام الفلاح البسيط الذي بذل عمره في العمل والكفاح لتعليم ابنه ليحصل على شهادة ويكون له مستقبل أفضل منه وسوء حالته الصحية بعد اعتقال ابنه. 
 كما تحدث حاذق عن خوفه من أن يكون والد إسلام قد توفي خاصة بعد انقطاعه عن زيارة ابنه والذي بالفعل كان قد مات يوم 2 أبريل وعلموا بوفاته اليوم الذي يلي كتابة حاذق هذه الرسالة التي قال فيها : “الذين أحبوا رسائلى الماضية، أحبوها بسبب ما فيها من تفاؤل ومحبة للحياة، هكذا فهمت من تعليقاتهم، أقول لكم: أنا آسف يا إخوتى فى محبة هذا الوطن.
هل أنا حزين فقط؟ لا، مجروح القلب؟.. بل أكثر، أفلتت منى بعض الدموع؟ صحيح، يائس؟ لا وألف لا.
منذ رأيت الضابط الذى يصدر الأوامر فى موقع المظاهرة، واقفا بين المخبرين، يصدر الأوامر بتعقب المتظاهرين الذين فرقهم الضرب والسحل وقنابل الغاز.. منذ رأيته وذهبت إليه أعترض على سحل لؤى وضربه (ولم أكن أعرفه وقتها)، وأطالب بإطلاق سراحه، فحلف الضابط أن يقبض على إذا لم أنصرف فورا، فرفضت وقبض على ولفقوا لى ما لفقوا من اتهامات.. منذ تلك اللحظة لم أندم أبدا ولا يئست ولا تشاءمت. 
شعراء وكتاب كثيرون ضحوا بحياتهم ليدفعوا ثمنا حقيقيا لحريتهم. شباب أجمل منى وأروع استشهدوا منذ 25 يناير حتى اليوم لأرفع رأسى وأنا مسجون، لتذهبوا إلى النوم بمساحة أوسع للأحلام الجميلة، بأمل كبير لن يقهره أحد. 
هؤلاء أبطالنا الحقيقيون، كلما مدحنى كاتب أو دافع عنى إعلامى، شعرت بخجل شديد مؤلم، أنا لا شىء أمام هؤلاء الشباب الذين دفعوا ثمن كرامتنا من دمائهم وعيونهم ويتمهم وعذاباتهم. من الآن، لا تمدحونى يا إخوتى امدحوا بطلا حقيقيا لا يعرفه الشعراء ولا المثقفون الذين يتصارعون للدفاع عن حق “الشلة” فى كرسى وزير الثقافة، امدحوا الطفل ذا التسعة عشر عاما إسلام محمد حسنين زميلى فى القضية، الفتى الريفى الذى سافر ليدرس فى معهد شاء قدره أن يكون بمحيط مظاهرتنا، وحين خرج إسلام من المعهد عائدا للبيت وقع فى طريق الداخلية، فنال نصيبه من تلفيق التهم، حتى انهار أبوه تماما ليلة جلسة استئنافنا الذى تم رفضه. 
لم يفهم الفلاح البسيط الحاج حسنين كيف يضيع مستقبل ابنه بحكم بالسجن لمدة سنتين وغرامة 50 ألف جنيه لمجرد أن ابنه يدرس فى معهد قريب من موقع المظاهرة، أخبرنى إسلام أن أسرته صرفت عليه مالا كثيرا لينجح فى الثانوية العامة ويدخل معهده بالمصاريف ليصبح من حملة الشهادات.
 لم يحتمل الرجل أن يرى ابنه البكرى ومساعده الأول فى زراعة الأرض وإدارة ورشتهم أثناء دراسته، ابنه الطفل الذى يحب شراء الشيبسى والكولا فى الإسكندرية، وأصبح الآن مجرما مخربا. لقد كتبت عن إسلام أكثر من مرة، لا أدرى إن كانت قد نشرت حتى الآن أم لا، ابحثوا عنها لتعرفوا حكاية إسلام لأننى أتألم كلما أعدت حكايتها. 
 شاء قدرى أن يزاملنى إسلام فى جميع الزنازين التى عشنا فيها، بمديرية الأمن ثم سجن الحضرة ثم برج العرب.
- فى البداية نفرت منه نفورا شديدا.
مع الوقت والعيش والملح أحببته لما فيه من بساطة وأمل وحب للحياة.
 كان الجميع يعامل “إسلام” باعتباره فلاحا فقيرا، وهذا ظاهر فى تصرفاته كلها، أما الذين فهموه فقد أدركوا مدى غلبه ومدى شجاعته فى مواجهة هذا الغلب. 
 نشأت بينى وبين إسلام صداقة وثيقة، فبدأ يحكى لى عن أحلامه، أكثر ما يحبه هو تربية الكتاكيت فوق بيتهم ثم بيع بعضها بعد تسمينها وترك بعضها لاستهلاك الأسرة، يتندر ويحكى لى ببهجة عن كتكوت بدأ يكبر بين زملائه، وعند مرحلة تغيير الريش إذا بريشه الجديد رمادى وليس أبيض مثل سائر الكتاكيت، يفسر لى إسلام ذلك بأن هذه الدجاجة من سلالة مختلفة. 
هذا الاكتشاف أبهج قلبه الطفل فحجز هذه الدجاجة ورفض بيعها. 
 فكروا فى هذا الإنسان يا إخوتى.. انكسر قلبى من أجل إسلام، الذى أخفى عنه أهله حتى الآن ولمدة أكثر من شهرين خبر انهيار صحة والده، عرفت من أمى فى آخر زيارة لى أن أسرته نقلته من المستشفى الخاص إلى المستشفى الميرى بعد نفاذ مواردها المالية. 
الآن طار النوم من عينى. أنا سهران هذه الليلة، ليلة الثلاثاء، منتظرا زيارة أسرتى يوم الأربعاء مرعوبا من أن تقول لى أمى إن والد إسلام فارق إسلاما إلى يوم الدين، لأنها أخبرتنى من قبل أن حالة الرجل تتدهور تدهورا ميئوسا منه تقريبا.
 ماذا أفعل لو عرفت فى زيارتى أن الرجل الآن فى رحمة الله؟
كيف أنظر فى عينى إسلام حين أرجع للزنزانة مخفيا عنه أهم سر فى حياته نزولا على رغبة أهله الخائفين عليه من الانهيار؟
 فكروا فى إسلام الذى يقول لى فى السر، إنه قلق جدا لانقطاع أبيه عن زيارته، وأنه يشك فى حجج أمه الكثيرة، إسلام الذى دخل علينا الزنزانة بعد القبض عليه صباح يوم 2/12 مضروبا، باكيا، مرعوبا، لا يعرف فى قريته البعيدة التابعة لرشيد، شيئاعن 6 إبريل ولا حتى اسم عدلى منصور، كان يعرف السيسى لأنه رأى صورته فى مقهى قريب من مركز قريته، إسلام الذى لا يعرف شيئا عن المظاهرات ولا الإخوان، لا ذنب له إلا أنه خرج من معهده أثناء مطاردة الشرطة لمتظاهرين سلميين.. إذا تحدثت مع إسلام لمدة عشر دقائق ستعرف أنه لا علاقة له بالسياسة أصلا، لكن الداخلية كان لها رأى آخر. 
كيف يستطيع طفل كإسلام أن يحتمل فقد أبيه هكذا دون حتى كلمة وداع، وهو فى الزنزانه يواجه يتمه ورسوبه وموت عائله وفقره.. أنا حزين يا أصدقاء رغم ماعودتكم عليه من الأمل والتفاؤل، فسامحونى. ادعوا لإسلام لأسرته وساعدوهم قدر ما تستطيعون (يمكنكم الاستعانة بأسرتى عن طريق الفيس بوك).
فكروا فى هذا الفتى - الطفل الذى علمته فى سجن الحضره كيف يضرب النسكافيه والسكر ليصنع منهما الرغوة التى انبهر بها، ومازلت حتى هذه اللحظة أذكر الدهشة البريئة فى عينيه من هذه الرغوة التى لم يعرفها فى قريته البسيطة البعيدة، فإذا به يكتشف أنه عضو فى منظمه إجرامية خطيرة اسمها 6 أبريل تسعى إلى تدمير البلد…هكذا تقول الحكومة يا ناس.
 الحياة جميلة يا أصدقائى القليلين ويا إخوتى الكثيرين فى محبة هذا الوطن، فلا تسمحوا لهم أن يلوثوها بالكراهية، ولكم محبتى.



؛؛؛؛ مصـــر الـيـــوم ؛؛؛؛




ليست هناك تعليقات: