الأربعاء، 26 فبراير 2014

ويا لها من فضيحة على رؤوس الأشهاد لستَ إلا خائنا الله والشعب



وإن تكن الطباع طباع سوء * فلا أدب يفيد ولا أديب


لستَ إلا خائنا الله والشعب
 قال صلى الله عليه وسلم:
 "يُنصــب لكل غــادر لــواء عند إسته يوم القيامــة، 
فيقال: هذه غدرة فلان بن فلان بن فلان". 
 ويا لها من فضيحة على رؤوس الأشهاد. 
 سئل هتلر: من أحقر الناس؟ 
قال: أولئك الذين ساعدوني على احتلال بلدانهم.
ثلاثة نماذج لخونة يحتلون مكانا بارزا والسيسى رابعهم 
ولكن في مزابل التاريخ يحترم الإنسان خصمه إن كان شريفا، وعدوه إن كان نبيلا
... لكنه أبدا لن يحترم حليفه إن كان خائنا ... 

 أبو رغال، كان العرب إذا مروا بقبره رجموه جزاء خيانته، فقد رضي أن يكون دليلا لأبرهة الذي توجه لهدم الكعبة. وابن العلقمي، مالأ هولاكو على احتلال بغداد، وقتل الخليفة، وأبقاه التتار وزيرا لكن مهانا، فكان يركب حمارا ويمشي منبوذا، بعد أن كان موكبه يضاهي موكب الخليفة، ومات هما وغما، في قلة وذلة، بعد خيانته بثلاثة أشهر. والمعلم يعقوب، قاتل إلى جوار الفرنسيين ضد بني جلدته، وأبناء وطنه، فلما حمل الاحتلال عصاه ورحل، رحل يعقوب في ذيله، وهلك بعد يومين من ركوب السفينة، فألقوا جثته في البحر، غير مأسوف عليه. 
ثلاثة نماذج لخونة يحتلون مكانا بارزا ولكن في مزابل التاريخ.
 أولهم في الجاهلية، وثانيهم في الإسلام، وثالثهم في العصر الحديث. ورابعهم السيسى. ولست إلا خائنا، وإن تصدرت أخبارك الصحف، وعلت صورك أغلفة المجلات، وطبقت شهرتك الآفاق، فما اشتهرت إلا بالخيانة، والشهرة في ذاتها ليست دليلا على شيء، فقد ذُكر الشيطان في القرآن أكثر مما ذُكر آدم، أفيقول عاقل: إنه أفضل؟ وهو إنما ذُكر متبوعا باللعنات. 
لستَ إلا خائنا
وإن حزت من الرتب ما حزت، لواء، ففريق أول، فمشير، وربما رئيس، فرتبة الخيانة تجبُّ ما عداها من الرتب، وقد ضربت في الخيانة بسهم. 
لست إلا خاننا
جبانا، عجز عن المواجهة، لأنه أقل وأذل من تحمل تبعاتها، واختار الدسائس والمؤامرات والخدع الدنيئة، والطعن في الظهر، والغدر على حين غفلة، وإتيان هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه، حتى تمَّ له ما أراد. البعض يصور القضية أنها خيانة السيسي لمرسي، ولو كان كذلك لهان، ويختصم الرجلان يوم القيامة أمام الواحد الديان، لكن الأمر أعظم، إنها خيانة الله الذي أقسم باسمه، وخيانة الشعب الذي اغتال آماله وأحلامه، وخيانة الدستور الذي عطله، وخيانة القانون الذي انتهكه. الخائن إنسان لا يحترم نفسه، فهو أدرى بها وبحقارتها، وليس بحاجة إلى تذكير بجريمته، فهي ماثلة أمامه ما بقيت روحه الخبيثة في جسده، قد يتغافل عنها لكنه لا ينساها، ومنتهى أمله أن يصفح عنه المخون. وبهذا تفهم أحد أسباب إصرارهم على اعتراف الرئيس المنتخب بخارطة الطريق. وإذا كان الخائن لا يحترم نفسه، فطبيعي ألا يحترمه الناس، حتى هؤلاء الذين صبت خيانته في مصلحتهم. يحترم الإنسان خصمه إن كان شريفا، وعدوه إن كان نبيلا، لكنه أبدا لن يحترم حليفه إن كان خائنا. سئل هتلر: من أحقر الناس؟ قال: أولئك الذين ساعدوني على احتلال بلدانهم. فإذا كان بالأمس قد خان أصدقاءه، فغدا يخوننا. لذا يفضلون أن ينتهي دوره بمجرد خيانته. ومن ثم لا يريدونه رئيسا لمصر. قالوا: البريء جريء، والخائن خائف. يخاف أن يجازى في الدنيا خيانة بمثلها، ومن ثم لا يثق فيمن حوله، ولا يأمن أحدا، يثير الشكوك في المجتمع، ويحاسب بالظنة، ويأخذ بالريبة، ويهدد السلم الأهلي، وينظر لكل مواطن أنه مشروع خيانة. لا تتعلق الخيانة في الكثير الغالب بتصرف المخون، بقدر ما تتعلق بسلوك الخائن، فالخيانة طبعه، تجري منه مجرى الدم. حكي أن أعرابيًّا وجد جرو ذئب وحيدا فأشفق عليه، فأخذه فرباه بلبن شاة عنده، فقال: إذا ربيتُه مع الشاء أَنِس بها فيذب عنها، ويكون أشد من الكلب، ولا يعرف طبع أجناسه. فلما قوي وثب على شاته فافترسها. فأنشأ الأعرابي يقول: 
عقرت شويهتي وفجعت قلبي * وأنت لشــاتنا ولد ربيب
 غُــذيت بدرهــا ورويت منهــا *  فمن أنباك أن أباك ذيب
 وإن تكن الطبــاع طبـاع سوء * فـــلا أدب يفيد ولا أديب
حين تجد إنسانا شجاعا، فتوقع أنه جواد شهم، وخدوم معطاء، لأن هذه الصفات هي أخوات الشجاعة، فمن يجود بالنفس، لا يتأخر عن بذل المال، وحين تجد إنسانا رحيما، فاعلم أنه هين لين، ودود سمح، أما حين تجد الخائن، فهو بلا شك خائف جبان، ماكر غادر، خسيس وضيع، نذل ذليل، حاقد حسود حقير، تجتمع فيه هذه الخصال لا تفقد منها واحدة. وإذا كان الخائن قد خطط لخيانته في الخفاء، ودبرها بليل، فإن عقوبته يوم القيامة أن تعلم الخلائق كلها بخيانته، كما قال صلى الله عليه وسلم: "ينصب لكل غادر لواء عند استه يوم القيامة، فيقال: هذه غدرة فلان بن فلان بن فلان". ويا لها من فضيحة على رؤوس الأشهاد. اللهم استرنا بسترك الجميل في الدنيا والآخرة. آمين.