الخميس، 9 يناير 2014

مسجد"عمرو بن العاص" بدمياط.. مئذنة وصليب - فيديو



مسجد عمرو بن العاص بمدينة دمياط




يعد ثاني مسجد فى مصر بعد الفتح الإسلامي عام 21 هـ وكان يطلق عليه اسم مسجد الفتح نسبة إلى الفتح الإسلامي وتم تجديده فى العصر الفاطمي، إلا أن المسجد تعرض بعد ذلك لكثير من الأحداث على مر العصور مما أثر على مبانيه إلى أن ساءت حالته تماماً وحاول أبناء دمياط طويلاً إنقاذ المسجد من الانهيار حتى أمكن بالتعاون مع هيئة الآثار الانتهاء من ترميم المسجد على مساحة 3000م2 ويتسع لثلاثة آلاف مصلى بتكلفة 35 مليون جنيه وتم التعامل مع المنطقة المحيطة وتطويرها لكي تتلاءم مع القيمة التاريخية والدينية لهذا المسجد الكبير..


تشتهر محافظة دمياط بعدد من المعالم والآثار الإسلامية التى مازالت باقية وشاهدة على تاريخ الحضاره الإسلامية على مر العصور ومن بين تلك الآثار مسجد عمرو بن العاص أو مسجد الفتح أو كما يسميه البعض أبو المعاطى.
 وعلى الرغم من مرور السنوات يظل مسجد عمرو بن العاص بأطلال مئذنته الشامخه شاهدا على تاريخ دخول الإسلام إلى مصر فهذا المسجد ظل يؤدى دوره حتى بعد أن تحول لكنيسة مرتين، لكنه عاد للمسلمين مرة أخرى على الرغم من تعرضه للتدمير مرات عديدة. 
 ولم يتخيل المسلمون وخاصة المقداد بن الأسود، قائد جيش عمرو بن العاص، والذى فتح دمياط عام 21 هجرية وقام ببناء هذا المسجد أن يتحول من مسجد يذكر فى اسم الله وتؤدى فيه فرائضه، إلى كنيسة يؤدى فيها الأقباط صلواتهم وطقوسهم.
يقول الدكتور عبدالحميد سليمان، أستاذ التاريخ بكلية الأداب، يعد جامع عمرو بن العاص فى دمياط هو ثانى مسجد بُنى فى مصر، أنشأه المسلمون بعد فتح المدينة عام 21هـ على طراز جامع عمرو بن العاص بالفسطاط بمصر القديمة؛ ولذلك عُرف أيضا بمسجد الفتح نسبة إلى الفتح العربي، وقد قام بإنشائه الصحابى الجليل المقداد بن الأسود فى عهد عمرو بن العاص، ويعدُّ من أشهر مساجد الوجه البحرى ودمياط وأقدمها، وبالمسجد كتابات كوفية وأعمدة يعود تاريخها إلى العصر الروماني.
ويضيف: "المسجد قيد فى عداد الآثار الإسلامية بدمياط تحت اسم "جامع أبو المعاطي"، ومؤرخ كما ورد فى دليل الآثار الإسلامية المُسجلة بجمهورية مصر العربية والصادر عن قطاع الآثار الإسلامية عام 1127م، وورد بالدليل أن منشئ الجامع هو الخليفة الفاطمى الآمر بأحكام الله على اعتبار أن الجامع الحالى بُنى فى عهده، أما قرار تسجيل الجامع فهو قرار وزارى رقم 10357 لسنة 1951م".
ويقع جامع عمرو بن العاص بالجبانة الكبرى بمدينة دمياط، وكان الجامع يقع فى أقصى شرق المدينة قبل التخريب بالقرب من الجبانة القديمة التى كانت تقع إلى الشرق، إلا أنه بعد تخريب المدينة تحولت الكتلة العمرانية التى كانت تحيط بالجامع من الشمال والغرب إلى تلال خربة استخدمت للدفن فى العصر المملوكى والعثماني، إضافة إلى وجود المقابر فعلا إلى الشرق منه. 
 والمسجد هو أكبر مساجد دمياط من حيث المساحة، حيث تبلغ مساحته ما يقرب من فدان؛ وتبلغ أطواله 54م × 60م، وتقدر مساحته الإجمالية بحوالى 3240م2، هذا بخلاف مساحة الزاويتين وبعض الإضافات. ويحتوى الجامع على أربع واجهات حرة حاليا بعد أعمال الترميم الحديثة، وكلها مبنية بالطوب الآجر، فالواجهة الغربية منها والتى تحتوى على المدخل الرئيسى يتقدمها سقيفة، وتطل اليوم على شارع يمتد بداخل الجبانة متفرع من حارة العبد تم شقه من قبل لجنة حفظ الآثار العربية بعد إزالة القبور التى كانت تمتد بطوله، أما الواجهة الجنوبية فتطل على شارعٍ رئيسي، ويقع بمنتصفها المدخل الجنوبى الموصل للمجاز القاطع، والواجهة الشرقية تطل على شارع ضريح أبو المعاطي، وهذه الواجهة لا تمتد على استقامة واحدة، أما الواجهة الجنوبية تطل على الجبانة. وقد صار تخطيط الجامع وفق النموذج التقليدى للمساجد؛ حيث يتكون من صحن أوسط مستطيل مكشوف تحيط به الأروقة من أربع جهات، أهمها الرواق الجنوبي، وهو رواق القبلة الذى يضم أربع بلاطات، أما الرواقان الشرقى والغربى فيحتوى كل منهما على بلاطتين، وكذلك الرواق الشمالى فيحتوى حاليا على بلاطتين، وبالقرب من المدخل الغربى الرئيسي، والتى تتقدمه سقيفة توجد مئذنة المسجد، وقد شيدت جدران المسجد بحيث تواجه الجهات الأصلية الأربعة مواجهة تامة؛ ولذلك جاءت قبلته فى وضع غريب فى الزاوية الجنوبية الشرقية من تقابل الضلع الجنوبى والضلع الشرقى لهذا المسجد، وهو أمر نادر الحدوث.  
■ تاريخ عمارة جامع عمرو بن العاص
تم تجديد بناء الجامع على مر العصور بالهدم والتوسيع والزيادة، كما حدث لـجامع عمرو بن العاص بالفسطاط، وعملت فيه يد الإصلاح والترميم نحو عشرين مرة، حتى لم يبق من شكله الأصلى شيء يُذكر، فعندما هاجم البيزنطيون المدينة فى 853م أشعلوا النيران فيها وأحرقوا المسجد الجامع. 
ويعدُّ العصر الفاطمى هو العصر الذهبى لمدينة دمياط؛ حيث نمت المدينة وازدهرت، وظهر ذلك على عمارتها، وتم تجديد الجامع على يد الخليفة الفاطمى الآمر بأحكام الله، والتى تمت فى 1127م، وقد تبقى من تلك العمارة النص التذكارى الذى كان مثبتا أعلى المدخل بالواجهة الغربية، وعدة فتحات النوافذ ذات العقود المنفرجة الفاطمية، كما تبقى عدد من عقود البوائك فاطمية الطراز، كما أضيف للجامع رواق رابع مقابل لرواق القبلة من الناحية الشمالية يتكون من بائكتين، كما تم إضافة مجاز قاطع يقطع بوائك وبلاطات رواق القبلة، وهذا المجاز أكثر اتساعا كما تم بناء الصهاريج الموجودة فى تخوم أرضية صحن الجامع لشرب المصلين وظل المسجد قائما بعد تجديده فى العصر الفاطمى فى خلافة الآمر عام 1106م حين أصدر أمراء المماليك أمرهم بتخريب دمياط، ولكنهم أبقوا على الجامع، وظل مهملا بضع سنوات حتى تم تجديد المدينة.  
■العصـــر الأيـــوبى
وتحول المسجد لكنيسة من عجائب هذا المسجد أنه تحول من مسجدٍ إلى كنيسة ومن كنيسه إلى مسجد بضع مرات، فحينما استولى جان دى برين أثناء حملته على مدينة دمياط عام 1219م أقام الفرنجة بالجامع ليلة سيطرتهم على المدينة يغتصبون النساء، وجعلوا الجامع كنيسة، واستولوا على منبره، وكان من الأبنوس فقطعوه إلى قطع صغيرة، واحتفظ بعضهم بأجزاء منه وأرسلوا بقية أجزائه الأخرى مع المصاحف التى كانت بالجامع إلى البابا وملوك أوربا كدليلٍ على سقوط المدينة فى قبضتهم ولما خرج الصليبيون من دمياط عام 1221م عاد إلى مسجد مرة أخرى.
 وفى أثناء حملة لويس التاسع عام 1249م على دمياط، قام بتحويل الجامع إلى كاتدرائية "كنيسة كبيرة" وكرسها لمريم العذراء، وأقام بها حفلات دينية ضخمه كان يحضرها نائب البابا، ومنها حل تعميد الطفل الذى ولدته بدمياط ملكة فرنسا زوجة لويس التاسع، واسمه يوحنا ولقبته (أثريستان) أى الحزين لما أصاب ولادته من أهوال الحرب، وبعد هزيمة لويس التاسع وخروج الصليبيين من دمياط عاد المسجد إلى سابق عهده، وتم بناء السقيفة التى تتقدم المدخل الرئيسى بالواجهة الغربية وبناء المئذنة على يسار هذا المدخل. وفى العصر المملوكى عُرِف هذا الجامع بجامع فتح أو فاتح، لنزول شخص به يقال له فاتح بن عثمان الأسمر التكروري، والذى جاء من مراكش إلى دمياط أبان حكم الملك الظاهر بيبرس حيث قام بتنظيف المسجد وتطهيره وأعاد إقامة الصلاة فيه، وأقام فى وكر بأسفله. 
 كما أضيفت عدة تجديدات وترميمات للجامع خلال العصر المملوكى منها تدعيم بوائك رواق القبلة بعدما ساءت حالتها وحدث ميل فيها، كما يبدو أنها قد أثرت على كلٍّ من جدارى الجامع الشرقى والغربي؛ لذا تم إضافة ست بوائك تتعامد عقودها على بوائك رواق القبلة القديم، وتتوازى مع بائكة المجاز القاطع، كما تم إضافة رواق وبائكة لكلٍّ من الرواق الغربى والشرقى تطل كل منهما على الصحن، كما تم إعادة بناء الجزء العلوى من المئذنة الموجودة على يسار المدخل الغربى للجامع على الطراز المملوكي. وفى العصر العثمانى جرت عدة تعديلات وترميمات على الجامع غيرت كثيرا من معالمه الأصلية وتخطيطه، فقد تم تغيير اتجاه القبلة؛ حيث ألغى المحراب بالجدار الجنوبى وفُتح بدلا منه الباب الحالي، وتم بناء جدار جديد للجامع وهو الجدار الجنوبى الشرقى لكى يتسع لإضافة محراب حنفى بجانب المحراب الشافعى كما تم بناء زاويتين على جانبى المدخل الرئيسى بالواجهة الغربية للجامع. واتخذت الزاوية التى على يمين المدخل كمقر لبعض الشيوخ المتصوفة فى هذا العصر مثل الشيخ القطب أبى الغيث القشاش التونسي، وكان ممن أقام بها أيضا من المتصوفة السيد الشريف محمد بن محمد الحسيني، وذلك سنة 1162م، وكذلك الشيخ عبد الله الشريف والذى دُفِن بالزاوية بعد وفاته؛ ولذا عُرفت بضريح أو مقام الشيخ عبد الله الشريف. أما الزاوية الأخرى التى تقع على يسار المدخل الرئيسى للجامع بجوار المئذنة، فقد اتخذت كرباطٍ ومصلى للنساء العاجزات والمنقطعات، وعُرفت بجامع النساء.
 ■أعمال الإصلاح والتجديد
حظى المسجد بعناية ورعاية لجنة حفظ الآثار العربية منذ بدايتها الأولى فى أواخر القرن التاسع عشر الميلادي، ويرجع ذلك لأهمية هذا المسجد من الناحية التاريخية؛ حيث يعد أقدم مساجد دمياط وكانت اللجنة قد أخرجت الجامع من عداد الآثار سنة 1886م، وحدث أن توجه بعض أعضاء اللجنة لمعاينة الجامع عام 1915م، وكذلك معاينة المبانى القديمة بدمياط، ورأت اللجنة أنه ليس من الضرورى الآن إعادة إدراج هذا الأثر مرة أخرى فى عداد الآثار، وتقرر أن يعمل رسم للجامع يبين أوضاعه وتؤخذ له صور فوتوغرافية، وتم نقل بعض التحف المنقولة من الجامع لدار الآثار العربية. وفى عام 2004 قررت وزارة الآثار ترميم هذا المسجد مع مسجدين آخرين وهما المعينى والحديدى، وقد تمت إعادة افتتاح المسجد أمام المصلين فى يوم الجمعة 8 مايو 2009م، والذى يوافق عيد دمياط القومى الذى يوافق انتصار شعب دمياط على الحملة الصليبية بقيادة لويس التاسع ملك فرنسا، وبذلك عاد المسجد إلى بهائه القديم بعد أن تكلفت عملية ترميمه 27 مليون جنيه.
 ■ المئذنة الأثرية
أغرب ما فى هذا المسجد مئذنته والتى لم يشملها الترميم حيث تمت إحاطتها بسور حديدى يهبط منها سلم خشبى لنحو مترين تم تفريغها ويكشف قاعدتها المطمورة بها غرفة "سيدى أبو المعاطى" وله مقام ومسجد على بعد مترين فى شرق المسجد ولذا سمى مسجد عمرو باسم مسجد أبو المعاطى وما تزال تلك المئذنة الأثرية ترتفع بشموخ والتى كانت تستخدم قديما كدليل للصيادين فى البحر قبل بناء الفنار وهى مبنية على الطراز الفاطمى وقد سقطت قمتها المملوكية بالزمن وهى من عدة أدوار بالطوب الأحمر.









؛؛؛؛ مصـــر الـيـــوم ؛؛؛؛