الخميس، 9 يناير 2014

"صائد قنابل الغاز بطل الثورة الأسطورى".. 3 وصايا ورصاصة قاتلة


صمــود "أم".. ورائحــة "قبـر" 
 .. هتف "يسقط حكم العسكر".. 
فأصابته رصاصة هتكت أمعاءه والقلب والرئتين.  
 أين اختفى الرئيس مرسي ؟!



محمد فى وصيته: سيروا على طريق الحق فأخشى أن تقعوا فى الفخ. والدته: ذهبت لقبر "محمد" ووجدته يفوح بالعطر الذى كان يصنعه فاستبشرت خيرا. "صائد قنابل الغاز".. هكذا عُرف محمد عبد المنعم أبو السعود، الذى لقى مصرعه فى جمعة "الشعب يشعل ثورته"، بين أقرانه بجامعة المنيا حيث كان يمسك بقنابل الغاز التى تتساقط على مسيرات الطلاب ويضعها فى الماء، ليبطل تأثيرها ويحمى أصدقاءه من الاختناق، أو يلقيها بعيدا. لم يكن يمتلك محمد سوى حنجرته وأحباله الصوتية التى يهتف بها "يسقط يسقط حكم العسكر"، حين انطلقت رصاصة استقرت فى رقبته وتتسبب فى تهتك بالرئتين والقلب والأمعاء. 
 صمود "أم".. ورائحة "قبر" 
 مصر العربية التقت والدته التى جلست محتسبة أكبر أبنائها عند الله "شهيدا"، حيث شعرنا بأنها هى التى تواسى المعزّين، قلبها فقط ينفطر على فراقه ولكن ما يصبرها أن لديها يقينا داخليا بأن نجلها فى مكانة عالية، خاصة عندما ذهبت إلى قبره ووجدت رائحة المسك والعطر الذى كان يصنعه نجلها، والبخور الذى كان يضعه بالمنزل، تغطى قبره كما تقول. وتضيف أم محمد "أن قلبى هدأ، وسجدت شكرا لله" وأطلقت بعد ذلك الزغاريد من داخل قبر ابنها وكأنها تزفه، مشيرة إلى أنها دعت الله قبل ذهابها للمقابر أن يبعث لها برسالة تريح بالها على نجلها قائلة .. "يارب انت بتقول أن الشهيد بتكون ريحة قبره جميلة فلو ابنى شهيد ابعتلى أى رسالة يااارب".   
وأشارت الأم إلى أنه رغم بُعد المقابر عن المكان الذى نقطن به إلا أننى فوجئت بأشخاص كثر يؤيدون النظام الحالى، يقطعون المسافة إلى قبر "محمد" ويبكون ويعكسون وجهة نظرهم من مؤيدين للسيسى والسلطة إلى رافضين لهما، ورأت أن وفاة نجلها "أيقظت عقول الكثير مثلما كان يتمنى". 
 وعن يوم وفاته تقول الأم: "محمد يبلغ من العمر 18 عاما، حيث كان طالبا بالفرقة الأولى – كلية دار العلوم - بجامعة المنيا، وقضى يوم الجمعة الماضية 3 يناير عقب صلاة العصر، حيث خرج مع أصدقائه ليشارك كعادته فى المسيرة الرافضة لحكم العسكر كعادته، أصابته رصاصة الغدر فى رقبته وهتكت أمعاءه وقلبه والرئتين، وخرجت من ظهره، وهو كان سلميا لم يكن يفعل شيء سوى أنه كان يهتف "يسقط يسقط حكم العسكر"، ولم يمسك يوما طوبة فى أى مسيرة شارك بها، ويشهد له أصدقاؤه بالأخلاق الحميدة وأحسبه شهيدا ولا أزكيه على الله".   
وأردفت أن: "محمد حينما كان فى الصف الابتدائى كان يقوم بتوزيع حقائب رمضان على الفقراء، وعندما انتقلوا إلى مسكن جديد بحى الفردوس فى أكتوبر، بحث عن دار خيرية حتى عثر على (جمعية رسالة) وكان يخرج من البيت فجرا يجوب معهم كافة القرى الفقيرة، لدرجة أنه كان أحيانا لا يدرك تناول إفطار المغرب مع أسرته، ويصلى العشاء وينام قليلا ثم يستيقط ليصلى القيام وهكذا، وكان يعمل ويأتى بفلوس لتنقلاته حتى لا يكون عبئا على والده، ويعود ليحكى عن الناس الغلابة".  
 وأوضحت أنه يوم مقتله كان قلبها "مطمئنا على غير العادة، ولم تكن قلقة"، وفتحت قناة الجزيرة لتفاجأ ببث مباشر من المنيا، واتصلت بـمحمد لتطمئن عليه، وسألته أين يتواجد فرد: "ما انت عارفة يا ماما". 
وقالت: قلت له "استودعتك الله يا محمد يا حبيبى" وفى كل مرة كنت أذيل تلك الدعوة بترجع بالسلامة إلا أن تلك المرة قلت استودعتك الله فقط".   
 كذبت عينى وأذنى 
واستطردت: تابعت مشاهدة الجزيرة ورأيت الشباب يحملون محمد، ولكن أخذت أكذب عينى، وحين رأيت الدم على الأرض قلت ده دم محمد، واتصلت عليه فرد صديق له صوته قريب من محمد وكان منهارا وأجاب: أنا مش محمد أنا صاحبه ونحسبه على خير، فما كان منى إلا أن وجدت نفسى أقول له متهرجش يا محمد، وأغلق الهاتف وقتها، وحينما جاء والده قلت له "شفت محمد بيضحك على وعامل نفسه واحد صحابه وبيقولى أنه استشهد"، ثم أكد لنا الخبر فيما بعد أحد أصدقائه. 
وأشارت إلى أن محمد كان معتصما بالتحرير أيام 25 يناير، ولم يكن يقبل أن يترك الشباب بمفردهم كما فعل فى فض النهضة، رغم انهمار الرصاص عليهم كالمطر من كل جانب. وتابعت الأم بنبرة يتخللها الألم على فراقه: "ندرت محمد لله منذ أن كان فى بطنى، حيث كنت أقرأ سورة مريم، وكنت دائما ادعى يارب تقبله منى شهيدا ويكون دائما فى طاعتك"، وعندما كبر محمد أخذت أحبب بداخله الشهادة وأقول له إن شاء الله هتكون من شهداء الأقصى، وكنت أطلب منه حفظ القرآن لأن الله لا يصطفى أى حد للشهادة فكان يذهب لوالده ويقول له مش انت حافظ القرآن يا بابا يبقى انت هتشفعلى، إلا أن والده كان يجيبه أنا هشفع لـ70 وانت كمان اشفع لـ70، فيبتسم محمد ويقول هتشوف يا بابا هتشوف، وبالفعل حفظ عددا من السور". ودعت الأم على من قتله قائلة: "حسبى الله ونعم الوكيل ودم محمد سيكون لعنة عليك إلا إن رجعت للحق ولنصرته".   
 وصية "محمد" الأخيرة.. 
 وكشفت والدة محمد عن أنه دون أكثر من وصية فى كل مرة كان ينزل فيها وأطلعتنا على آخر وصية خطها محمد، والتى جاء نصها كالآتي: (وصيتى).. "بسم الله الرحمن الرحيم وبعد، اليوم أكتب وصيتى للمرة الثالثة، ولكنها مختلفة ففى هذه المرة أشعر بأنها ستكون آخر مرة ولن أكرر كتابتها، ففى كل مرة كانت تزيد عن الخمس صفحات، أوجه فيها رسالة لكل أحبائى لكن هذه المرة لن أوجه رسالة لشخص بعينه فالجميع حقا أحبائى، لذا أطلب من كل شخص بعد استشهادى بأمر الله أن يكمل طريقى من بعدى ألا وهو (طريق الحق)، كما أسأل الجميع وأطلب منهم ألا ينسونى فى دعائهم لى، وإن كان هناك من هو متخاصم معى فأرجو أن ينسى هذا الخصام وألا يتذكر إلا ما هو حسن فقط". أطلب من الجميع ألا يترك دمائى تذهب هدرا فى أى وقت حتى إن انتصرنا قريبا فلا أريد أن تكرروا الكرة من بعدى، وتنسوا الدماء التى سالت فى سبيل نصرة الحق، كما حدث ذلك بعد الانتصار المزيف فى ميدان التحرير، وسأقولها كما قالها الرئيس الشرعى (الدكتور محمد مرسى عيسى العياط)، من قبل:  أوعو الثورة تتسرق منكم.. أوعو حد يضحك عليكم...إلخ، حقا لا أريد أن تقعوا فى الفخ مرة أخرى كما وقعتم من قبل... وأنهيت الآن وصيتى التى كنت أكتبها من قبل فيما يزيد عن خمس صفحات وأرجو ألا تنسوها مهما حييتم. التوقيع.. محمد عبد المنعم أبو السعود.
 أين اختفى الرئيس مرسي ؟! 
 هناك شيء ما غامض ومقلق في موضوع اختفاء الرئيس المعزول محمد مرسي ، وهو غموض يسمح لخيال كثيرين تصور أن الرجل لم يعد موجودا بالفعل وأنه ربما أصابه مكروه ، والبعض الآخر يرى أنه غير موجود في السجن على الأقل ، وأتت وقائع المحاكمة التي تمت اليوم الأربعاء لكي تزيد هذا الغموض وتوسع من نطاق الشكوك ، فالرئيس مرسي لم يحضر المحاكمة ، الجميع حضروا إلا هو ، وتورطت الجهات الأمنية في طرح تبريرات لعدم حضوره لا يمكن تصديقها ويسهل جدا تكذيبها ، لأن الحديث عن أن الظروف الجوية وسوء المناخ عطل حركة الطائرة التي من المفترض أن تنقله ردت عليه قنوات فضائية بنقل حي من الاسكندرية يوضح المناخ وهو في أفضل حالاته والشمس ساطعة ولا يوجد شبورة ولا حتى أمطار والناس تتجول في الشوارع بسهولة واسترخاء ، وأيضا لم تتخلف طائرة واحدة عن الإقلاع أو الهبوط في مطار برج العرب ، وكان ذلك من الكسل والسطحية والارتباك الذي تتصرف بها الجهات الأمنية ، لأنهم اختاروا تبريرا يسهل دحضه وإثبات كذبه ببساطة ، كما أن المحكمة أجلت نظر القضية لمدة طويلة نسبيا بدون أي داع مفهوم ، والحقيقة أن محمد مرسي منذ ظهر في جلسة المحكمة الأولى قبل أكثر من شهرين وهو لم يظهر على الإطلاق بعدها ولم يتصل به أحد ولا يعرف أحد عنه شيئا ، ولا حتى إن كان حيا يرزق أو ميتا ، وكل طلبات المحامين لمقابلته قوبلت بالرفض أو المماطلة والتسويف ثم الرفض في النهاية ، رغم الإلحاح على النيابة ، وكذلك طلبات أهله بزيارته ، كلها رفضت لأسباب واهية ولا تعقل ، وجميع طلبات المنظمات الحقوقية المحلية والدولية لمقابلته في محبسه قوبلت بالرفض ، وحتى طلب المنظمة الحقوقية الرسمية المعتمدة والمعقمة "المجلس القومي لحقوق الإنسان" رفضوا طلبها مقابلة مرسي ، ثم بدأت سلسلة تسريبات أمنية لصحف خاصة تثير القلق أكثر مما تبعث على التفهم أو الاستيعاب ، فالرجل لم يظهر نهائيا في سجن برج العرب الذي قيل أنه محبوس فيه ، وحتى في مناسبات لا بد له من الظهور فيها بداهة ، مثل صلاة الجمعة ، لا يظهر ، ويبررون ذلك بأنه يصلي في زنزانته ، وفي بعض الأحوال قالوا أنه صلى معه في زنزانته بعض الضباط والجنود ، وهي حكاية مضحكة وأسطورية ، والشاهد أنه لا توجد أي جهة قضائية ولا محايدة ولا حقوقية يمكنها أن تقول أنها رأت محمد مرسي وتؤكد على أنه حي يرزق .  
 مما يثير القلق أكثر أن هناك تسريبات أمنية متعددة لصحف وقنوات مقربة من أجهزة سيادية وأمنية روجت أكثر من مرة أن هناك مخاوف على حياة مرسي وأن الجهات رصدت محاولات لاغتياله وتصفيته ، ممن ؟  
 لا ندري ، ومن هي الجهة التي تستطيع تصفيته داخل السجن ؟   
وتم الترويج لسيناريوهات غريبة عن محاولات لاقتحام السجن وتفجيره لتهريب مرسي وهي حكايات خطيرة جدا وتطرح تساؤلات جدية عن مسؤولية السلطة عن حياة الرجل ومصيره وأي مكروه يمكن أن يتعرض له .   
لماذا تحرص السلطات القائمة على أن تعيش في كل هذا الجو من الغموض والشكوك والاتهامات والمخاوف ، ولماذا تجعل الوطن كله يضع يده على قلبه مما يمكن أن يحدث بعد أيام قليلة وليس سنوات ، لماذا يزرعون في خيال الوطن الاستعداد دائما للمفاجآت والمخاطر والمخاوف ، لماذا يصرون على انتهاك أساليب وإجراءات وسلوكيات تضعف الثقة بمستقبل الوطن ، رغم الانعكاسات شديدة السلبية لذلك على الاقتصاد بكل فروعه من استثمار لسياحة لغيرها لنا حَكَمٌ ما فيــــــــــــه للعدل آيةٌ سوى أنه يوم الظلام يُتَـــــــــــوَّجُ أُقِيـــم لإصلاح الورى وهو فاسـدٌّ وكيف استواء الظل والعود أعوجُ؟! ما تخبئه دهاليز القضاء ودواليب أسرار النيابات والمحاكم وشواهد محاميها وحُجّابها على فساد عددٍ غير قليلٍ من العاملين بسلك القضاء، إنما يشير، بما لا يدعُ مجالًا للشكّ، إلى أنَّ «مصر الدولة» و«مصر المؤسسات» «مصر الوطن والأمة الواحدة» على شفاء الانهيار والضياع الوشيك، لا أقول في عصر الانقلاب فحسب، وإنما في كُلِّ عصر تالٍ لا يتّخذ موقفًا حازمًا وحاسمًا لما يمكن وَصْفُهُ بالفوضى الأخلاقية التي تجتاح أروقة المؤسسات القضائية!  
 *****