السبت، 19 أكتوبر 2013

محاكمة مرسي القضية الكبرى للضغط على الإخوان وكبح جماح الحلفاء



كريستيان ساينس مونيتور:
الملاحقـــات القضــــائية.. 
سيناريو الانقــلاب لشـــل الإخــوان



تواجه جماعة الإخوان المسلمين موجة محاكمات لم تشهدها طوال تاريخها، ما يهدد بوضع عددٍ كبيرٍ من كبار قاداتها خلف القضبان لسنوات، وربما طيلة حياتهم، حيث قرر قادة الانقلاب شل الجماعة، من خلال الملاحقات القانونية بتهم مطاطة، بينها التحريض على العنف والإرهاب.
 يأتي ذلك فيما أعرب حقوقيون ونشطاء عن قلقهم من إخضاع قيادات وأنصار الإخوان ورافضي الانقلاب لمحاكمات غير عادلة، بدوافع سياسية. 
 الملاحقات القضائية هي المرحلة التالية في حملة قمع واسعة النطاق تستهدف الإخوان منذ الانقلاب العسكري في يوليو الماضي على محمد مرسي، أول رئيس منتخب، والذي من المقرر أن يمثل أمام القضاء الشهر المقبل، حسبما ذكرت صحيفة (كريستيان ساينس مونيتور) الأمريكية في عددها الصادر اليوم.
 محاكمة مرسي، وهي القضية الكبرى، ستكون مثالاً ونموذجًا لآخرين، حيث تهدف إلى إظهار قيادة جماعة الإخوان المسلمين بأنها تقود حملة العنف.
 ويواجه مرسي اتهامات بالتحريض على القتل، على خلفية أحداث الاتحادية، حيث ترددت أنباء عن أن مؤيديه هاجموا المعارضين الذين كانوا يحتجون أمام القصر. 
 كما يواجه قادة الإخوان اتهامات بالتحريض على العنف خلال الاحتجاجات التي ينظمها مؤيدو مرسي في مرحلة ما بعد الانقلاب العسكري، ويطالبون خلالها بعودة الشرعية.

وتقمع قوات الأمن بعنف شديد الاحتجاجات، بزعم أن بعض المشاركين فيها مسلحون، وقتلت الآلاف من أنصار مرسي. ويقول محامو الإخوان إنه مع كل موجة احتجاجات وعنف، يبحث ممثلو الادعاء توجيه اتهامات جديدة للمحتجين بينها التحريض وتسليح مؤيدي مرسي.
 وحتى الآن، تم ضم أكثر من اثنتي عشرة قضية، لتصبح قضية واحدة ومتهمين متعددين، وفقا لمصدر قضائي ومحاميي الإخوان.
 وأحيلت- حتى الآن - أربع قضايا، لاسيما قضية مرسي، إلى المحاكمة، تضم أربعة وثلاثين متهما على الأقل، فيما يحاكم عدد قليل منهم غيابيًا. 
 وتنبأ أحمد سيف، وهو محام حقوقي يتابع التحقيقات، بأن تتم محاكمة نحو مائتين من قادة الإخوان والمسؤولين الكبار في عهد مرسي. 
 وندد محمد غريب- أحد محاميي الإخوان- بهذه القضايا، واصفًا إياها بأنها "ورقة التوت التي تحاول السلطات التغطية بها على فضائحها"، لتبرير الانقلاب وحملة القمع الدموية، مشيرا إلى أنه لم يتم استجواب الشرطة في قتل المحتجين. 
وفي وقت سابق هذا الأسبوع، قال غريب للأسوشيتد برس "إنهم يلاحقون خصمهم السياسي الرئيسي".
وذكر الفريق القانوني للإخوان أن غريب- الذي حوكم في السابق تحت حكومات مصرية مختلفة- غادر البلاد لأسباب أمنية، وحل محله محام آخر يشار إلى أن السلطات اعتقلت العشرات من محاميي الإخوان. 
ويمثل غريب المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين محمد بديع وقيادات أخرى بالجماعة. وتعتقل السلطات نحو ألفين من القيادات العليا والوسطى في الإخوان، ويشير غريب إلى أن هناك ستة آلاف معتقل من الأعضاء العاديين ومؤيدي مرسي، يستجوبون للحصول منهم على أية اعترافات أو أدلة تدين قيادة الجماعة. 
ومن أبرز الشخصيات الموضوعة رهن الاعتقال مرسي وبديع ونائبه خيرت الشاطر، ونصف أعضاء مكتب إرشاد الجماعة تقريبًا والكثير من أعضاء البرلمان السابق. 
 ويقول محامون حقوقيون إنهم يناضلون من أجل الحفاظ على المسار الصحيح للمحاكمات، وسط الاعتقالات الضخمة، مشيرين إلى أن هيئة الادعاء تتكتم على المعلومات المتعلقة بهذه القضايا.
 حتى المحامين الحقوقيين الذين يرون أساسًا قانونيًا قويًا لمحاكمة رموز جماعة الإخوان على العنف وإساءة استخدام السلطة، أعربوا عن قلقهم حيال نطاق المحاكمات المتوقعة. 
 وطالب المدافعون عن حقوق الإنسان ببرنامج شامل للعدالة الانتقالية، يشمل فترة حكم الدكتاتور حسني مبارك والاضطرابات التي شهدتها مصر خلال عامين ونيف بعد خلعه، وهو ما يعني محاكمة مسؤولي الشرطة والجيش بتهم قتل المتظاهرين وغيرها من الانتهاكات الحقوقية. ويخشى هؤلاء من إخضاع المتهمين لمحاكمات غير عادلة والاستناد إلى أدلة زائفة بدوافع سياسية، من أجل تقويض جماعة الإخوان المسلمين. 
 وفي هذا السياق، يقول عمرو إمام، وهو محام حقوقي في مركز هشام مبارك للمساعدة القانونية "إنهم يريدون الانتقام من الإخوان.. حقوق الإنسان لا تتعلق فقط بأعضاء وأنصار الجماعة، وإنما بكثير من المصريين الذين يفقدون بسبب الإجراءات التعسفية".
كريستيان ساينس مونيتور: الملاحقات القضائية.. سيناريو الانقلاب لشل الإخوان
وانقلب الجيش على مرسي في الثالث من يوليو الماضي، وهو ما اعتبرته الجماعة سحقا للديمقراطية الوليدة في البلاد وعودة إلى دولة مبارك الاستبدادية.

 وخلال تاريخها (85 عامًا)، شهدت جماعة الإخوان موجات متكررة من الاعتقالات، لكنها مختلفة هذه المرة. تحت حكم مبارك، اعتقل قادة من الإخوان عدة مرات بموجب قانون الطوارئ على خلفية اتهامات بالانضمام إلى جماعة محظورة، ومثلوا في بعض الأحيان أمام القضاء. وكانت الاعتقالات والإفراجات تأتي في إطار لعبة سياسية، يستخدمها النظام لانتزاع تنازلات من الجماعة، لاسيما قبل الانتخابات. وتعليقا على ذلك، يقول غريب "اعتدنا على لعبة أشبه بالشطرنج مع النظام السابق.. أما الآن، تنتهج السلطات سياسة السحق". 
 ويلفت غريب إلى وجه اختلاف آخر، حيث لم تكن هناك أية محاولة خلال ثلاثين عاما من حكم مبارك للربط بين الجماعة والعنف. 
 ومع ذلك، كان هناك خروجا على هذا الإطار في إحدى القضايا عام 2008، عندما صدرت أحكام بالسجن لفترات تصل إلى عشر سنوات ضد خمسة وعشرين من قيادات الجماعة، بتهمة غسيل الأموال والإرهاب. وبدأت هذه القضية، بعدما نظم طلاب إخوان ملثمون تظاهرة على هيئة استعراض عسكري في جامعة الأزهر، وهو ما يعرف إعلاميا (بميليشيات جامعة الأزهر)، ما أثار تحقيقا فيما إذا كانت الجماعة قد أحيت التنظيم الخاص.
وعلى صعيد متصل، صرح مصدر قضائي بأنه تم إعداد تسع أو عشر قضايا تتعلق بالتحريض على العنف، تستند إلى تسجيلات لمحادثات بين القادة للتخطيط للعنف، وشهادات من ضحايا العنف، وأسلحة تم ضبطها في اعتصامي رابعة العدوية والنهضة، على حد قول هذا المصدر. وتحدث المصدر للأسوشيتد برس شريطة التكتم على هويته لأنه غير مخول بالتحدث إلى وسائل الإعلام. 
 وتبدأ محاكمة مرسي في الرابع من نوفمبر المقبل، بجانب أربع عشرة قيادة إخوانية، على خلفية ما يعرف إعلاميا بأحداث الاتحادية، والتي أثارت اشتباكات بين مؤيدي ومعارضي مرسي في ديسمبر الماضي خلفت عشرة قتلى. ويواجه مرسي في هذه القضية اتهامات بتحريض أنصاره على مهاجمة المحتجين، وهي جريمة تصل عقوبتها إلى الإعدام.
يشار إلى أن مرسي محتجز في مكان غير معلوم، ولا يسمح له بلقاء محاميه، ويرفض التعاون مع المحققين. وفي تقارير مسربة عن التحقيقات، أكد مرسي أنه الرئيس الشرعي للبلاد.. وتصف أسرته هذه المحاكمة والاتهامات بأنها "مثيرة للسخرية". 
 وبدأت محاكمة مرشد الإخوان محمد بديع في أغسطس. ويواجه الرجل، وسلفه مهدي عاكف وقيادات بارزة في الجماعة اتهامات بالتحريض على العنف قبل أيام من الانقلاب على مرسي، حيث اتهمت السلطات أعضاء الإخوان بإطلاق النار على محتجين مناهضين لمرسي أمام مقر مكتب الإرشاد في حي المقطم، ما أسفر عن مقتل ثمانية أشخاص، على حد زعمها وفي محاضر تحقيقات مسربة للصحافة، سئل عاكف (85 عاما) بشأن شهادة صحفي قال إنه سمع أثناء الاشتباكات عضوًا إخوانيًا يتحدث إلى عاكف عبر الهاتف، ويطلب منه مزيدا من الأسلحة، على حد زعمها. 
ورد عاكف قائلا "هذه أكاذيب"، وطالب بمحاكمة المحققين أنفسهم لأنهم "أعدوا اتهامات لا أساس لها"، وفقا لصحيفة الفجر. 
 ويجري التحقيق مع بديع في قضية منفصلة. 
فبعد أيام قليلة من الانقلاب على مرسي، احتشد مؤيدوه خارج دار الحرس الجمهوري، الذي كانوا يعتقدون أنه معتقل بداخله. 
 وتزعم السلطات بأنهم حاولوا اقتحام مقر الحرس الجمهوري، بعدما حث بديع والشيخ صفوت حجازي، الرافض للانقلاب، المحتجين في خطابات عامة على تحرير الرئيس المعزول.
وخلال العنف الذي أعقب ذلك، قتلت قوات الأمن واحدا وخمسين محتجا، فيما قالت السلطات إن ضابطا بالجيش وعنصري شرطة قتلوا بأيدي محتجين مسلحين، على حد تعبيرها. ويخضع حجازي أيضا لتحقيقات في نفس القضية، ويواجه أيضًا اتهامات في قضية منفصلة. وفي هذا السياق، يقول محام آخر عن جماعة الإخوان، يدعى أسامة الحلو، إن كل موجة عنف جديدة بالاحتجاجات المستمرة، تضاف إلى التحقيقات مع قادة الإخوان، على خلفية التهمة الرئيسية وهي التحريض على العنف.
وأضاف أن بديع- الذي يجري استجوابه فيما يزيد على اثنتي عشرة قضية- قد يواجه مزيدا من المحاكمات. 
ويؤكد محامون حقوقيون أن عملية محاكمة المتهمين تخضع لاعتبارات سياسية. ويقول سيف- الذي دافع عن أعضاء الإخوان في قضايا سابقة- إنه يعتقد أن الهدف هو إصدار أحكام جنائية تمنع الشخصيات البارزة في جامعة الإخوان من الترشح للانتخابات البرلمانية والرئاسية المقبلة.
ويرى إمام أن هذه التحقيقات هي تكتيك ضغط على الإخوان لكبح جماح المزيد من الحلفاء المتشددين، والمتهمين بشن هجمات على الكنائس ومنشآت الدولة والجنود في سيناء.

؛؛؛؛ مصـــر الـيـــوم ؛؛؛؛





ليست هناك تعليقات: