السبت، 8 يونيو 2013

أديس أبابا‏:‏ سد النهضة أمر واقع‏ ,هزيمة لمصرالعدو اللدود.



أديس أبابا‏:‏ سد النهضة أمر واقع‏..‏ 
وحلم لن نتنازل عنه 
بصرف النظر عن الاعتراضات المصرية
و في أثناء زيارة الرئيس المصري شخصيا 
من سيقترب من حُلــم اثيوبيــا المستقبل 
من داخـــل أثيوبيـــا أو من خارجهـــا 
لن يكـــون له وجـــود علي وجـــه هـــذه الأرض؟!


رغم حالة التخبط التي يعانيها المصريون بشأن سد النهضة‏,‏ إلا أن الصحافة الاثيوبية لا تحمل إلا وجها واحدا للقصة يتلخص في أن سد النهضة أمر واقع وحلم منتظر لن يفرطوا فيه للدخول في عصر جديد يضمنون فيه لبلادهم موطئ قدم بين صفوف العالم المتقدم. وتحمل السطور الآتية مقتطفات من أهم ما جاء في الصحافة الاثيوبية خلال الأيام القليلة الماضية حول ما نطلق عليه نحن أزمة مياه النيل و يطلقون هم عليه انفراجة سد النهضة. وبداية لا يخفي علي أي مطالع للصحافة الاثيوبية حالة الانتشاء الوطني و الاحتفال الصاخب بالمضي قدما في بناء سد النهضة الذي تم انجاز حوالي12% منه حتي الآن, كما لا تخفي أيضا حالة الرضا الواضحة عن خطوات الحكومة الاثوبية في هذا الصدد و جرأتها علي المضي قدما في المشروع بصرف النظر عن الاعتراضات المصرية عليه, بل و في أثناء زيارة الرئيس المصري شخصيا إلي أديس أبابا ففي صحيفة اثيوبيا اوبزرفر, يفتتح ميركب نيجاش مقالا مطولا له عن الأمجاد المنتظرة من وراء سد النهضة قائلا: الحكمة الصينية تقول إن إهانة شيء ما كفيلة بتحفيزه, و إهانة دولة أيضا كفيلة بإعادة الروح اليها, و عليه, فإن كل ما لاقته اثيوبيا من اهانات بسبب عدم تقدمها حتي الآن كان كفيلا بأن يدفع أبناءها نحو البحث عن مخرج من هذه الكبوة. و يشير إلي أن رئيس الوزراء الراحل ميليس زيناوي لاقي هو الآخر قدرا لا يستهان به من الاهانات عندما طرح فكرة سد النهضة لانقاذ أبناء بلاده من كابوس البطالة و فتح طاقة نور جديدة لتدور عجلة التنمية في البلاد, فاتهموه بالتخريف و السذاجة و مجافاة الواقع باللجوء إلي مشروع يستغرق سنوات طوالا بدلا من تنفيذ مشروعات صغيرة علي الأرض تؤتي ثمارها في وقت أقل و تنقذ الكثيرين من المجاعة.
بل و اتهموه أيضا بمحاولة إلهاء الاثيوبيين بهذا المشروع عن التضخم الهائل في العملة و أحداث الربيع العربي التي كانت من الممكن أن تطاله هو الآخر.
لكن اليوم, حين رأي الجميع بعيونهم السد و هو في طريقه لأن يصبح واقعا أدركوا كيف كان هذا الرجل صاحب رؤية بعيدة, بل و ستدين له البلاد بالجميل لعشرات السنوات و ستذكره بأنه كان بطلا قوميا. ويقول نيجاش إن نهر النيل العظيم الذي ينبع من الأراضي الاثيوبية في حقيقة الأمر لم يكن يحمل للاثيوبيين سوي الاحباط بكل ما تحمله الكلمة من معان.
فكيف يكون لديهم مثل هذه الموارد الهائلة و كثيرون منهم إما في مجاعة أو علي حافتها.
فحقيقة علاقتهم بالنيل لم تكن تتعدي أنهم يتغنون باسمه في أناشيدهم الوطنية. 

وإذا كان كل ما قاله نيجاش مفهوما في سياقه و له مبرراته من الجانب الاثيوبي, إلا أن المزعج في الأمر أنه عندما كان يأتي علي ذكر مصر كان يصفها بالعدو اللدود كما أنه وضع بناء السد, ليس فقط في سياق منافعه الاقتصادية- و لكن أيضا في سياق المكتسبات السياسية التي ستجنيها اثيوبيا من ورائه و علي رأسها كما ذكر هزيمة مصر.
 واختتم الكاتب الاثيوبي الذي يعمل أيضا كمحاضر في العلوم السياسية و العلاقات الدولية بجامعة جيما بما يصل إلي درجة التهديد الصريح بأن من سيقترب من حلم اثيوبيا المستقبل من داخل أثيوبيا أو من خارجها لن يكون له وجود علي وجه هذه الأرض.
و اللافت للنظر أن تعليقات القراء حول مقال نيجاش جاءت كلها تحمل مصر جانبا لا يستهان به من المسئولية و كلها عبرت عن دهشتها من غضب المصريين في هذا الوقت و تساءلت أين كانوا طوال السنوات الماضية.. و قال أحدهم: لقد احترف المصريون فن إضاعة الفرص. و ليست هذه هي المرة الأولي التي يأتي فيها ذكر مصر في الصحافة الاثيوبية بهذه الطريقة العدائية الصريحة, و لعل آخر حادث زاد من تعقيد الأزمة وفقا لصحيفة أفريكا ريفيو هو التقرير الذي سربته ويكيليكس في نهايات العام الماضي حول اعتزام مصر و السودان تفجير موقع سد النهضة الاثيوبي تقرير ويكيليكس و غيره من الأحداث زاد من تعميق الفجوة بين المصريين و الاثيوبيين إلا أن الأخطر علي الاطلاق في التأثير علي علاقات البلدين هو أن المسئولين في مصر فقدوا فيما يبدوا أي فرصة للعثور علي مدخل مناسب مع المسئولين في اثيوبيا.. كما أن الوقت تأخر كثيرا مما يعني أن خطاب الطرف المصري لن يجدي إلا اذا كان لديهم البديل عما سيقدمه السد للاثيوبيين.
 وثمة أمر آخر شديد الخطورة تقرأه بين تعليقات الاثيوبيين علي الأنباء التي وردتهم من مصر بأن هناك غضبا شعبيا مصريا من المضي في بناء سد النهضة يحمل معني أن المصريين سيفرحون بالتأكيد إذا ما شاهدوا ملايين الاثيوبيين يموتون من المجاعة وهم ينعمون بالمياه التي تنبع من أراضينا لأنهم مصريون مسلمون ونحن اثيوبيون مسيحيون.!!!!!!!!!!!!!!! لكن في صحيفة اثيوبيا اوبزرفر نفسها تقرأ مقالا يمحو قدرا كبيرا من تلك الهالة الوطنية التي أحاطت بها الحكومة الاثيوبية نفسها بها لحشد التأييد الشعبي لبناء السد.
والمقال للكاتب شيميليز أماري الذي نلكأ بكلماته جروحا اثيوبية قديمة لم تندمل بعد تدور كلها حول نظرة النظام الحاكم للمواطن الاثيوبي الذي يعمل بيد علي مكافحة الفقر في البلاد و باليد الأخري يفشل في بناء مؤسسات حيوية و فاعلة في البلاد. و يري أماري أن السبب في هذا هو أن النظام لا يمنح ثقته لأحد إلا إذا كان يتبع حزبا بعينه.
 و بالتالي فإن الشعب الاثيوبي مبتلي بمجموعة من مصاصي الدماء في الكثير من المواقع الحيوية بدلا من الأكفاء و من يستحقون عن جدارة. و في الوقت نفسه يعيب الكاتب علي هذه النخبة من الأكفاء الذين يكتفون بالوقوف في أماكنهم دون القيام بمشاركة فعالة. مما يجعل الحكومة مضطرة للتعامل مع مصاصي الدماء. و بالاضافة إلي مقال اماري, فإن الصحافة الاثيوبية أيضا سلطت الضوء علي جانب من المشكلات التي واجهت عددا لا يستهان به من الاثيوبيين مع اتخاذ الحكومة القرار بالمضي قدما في بناء سد النهضة و هو تهجيرهم من منازلهم و تشريدهم دون إيجاد مأوي بديل لهم. بل و ذكرت صحيفة ذا أفريكان ريفيو أن الشرطة الاثيوبية ألقت القبض علي. والصحفي مولوكين تيسفاهوم الذي حاول تغطية مأساة هؤلاء المواطنين, والأخطر من ذلك أنه وفقا لأصدقاء تيسفاهوم, هو أنه لم يقدم للمحاكمة, وهو ما يتنافي مع حقوق الانسان في أي مكان في العالم.


ليست هناك تعليقات: