أوهـام السلام لفرض سياسة الأمر الواقـع
الوفد العربى قدم تنازلات مجانية
فى مقابل رفع إسرائيل المطرد لسقف شروطها وتمسكها بالاستيطان
التطوير الذى أدخله الوفد الوزارى العربى الزائر للعاصمة الأمريكية واشنطن الأسبوع الماضى على مبادرة السلام العربية بطرح إمكانية تبادل الأراضى بين فلسطين وإسرائيل ضمن تسوية نهائية للصراع العربى الإسرائيلى، فتح باب النقاش مجددا إزاء هذه المبادرة، ومدى إمكانية قبول الفصائل الفلسطينية لهذا الطرح، خاصة بعدما تصاعدت لهجة هذه الفصائل مؤخرا واعتبرت أن الوفد العربى قدم تنازلات مجانية فى مقابل رفع إسرائيل المطرد لسقف شروطها وتمسكها بالاستيطان.
وكانت اللجنة الوزارية العربية المعنية بتنفيذ مبادرة السلام العربية قد أعلن عقب لقائه وزير الخارجية الأمريكى جون كيرى عن اقتراحه بتعديل المبادرة العربية بتبادل "بسيط" للأراضى ضمن تسوية نهائية محتملة باعتباره "خطوة كبيرة للأمام" على حد تعبير كيرى، وهو ما لاقى ترحيبا أمريكيا.
المواقف من التعديل العربى على المبادرة تأرجحت فواشنطن أبدت ترحيبها المطلق للمبادرة، أما فى فلسطين أبدت كافة الفصائل رفضها المطلق للمبادرة، بينما قال الرئيس الفلسطينى محمود عباس، إن أى تعديلات طفيفة مقترحة لحل الدولتين على حدود عام 1967 ستدرس خلال المفاوضات حول تنفيذ رؤية حل الدولتين.
وليست هذه هى المرة الأولى التى يثار فيها تبادل الأراضى بين الفلسطينيين والإسرائيليين، حيث كان من ضمن بنود ما عرف بـ"تفاهم أبو مازن بيلين" أو وثيقة "عبد ربه بيلين" عام 1995، وهو الخيار الذى ظل مطروحا خلال محاولات التسوية اللاحقة حتى توقفت المفاوضات فى 2010.
أما فى إسرائيل فالمواقف من التعديلات العربية على المبادرة ما زالت غير واضحة، ففى حين رحبت وزيرة العدل تسيبى ليفنى بالموقف العربى الجديد، إلا أن رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو، قال إن أصل النزاع مع الفلسطينيين ليس على الأراضى، وإنما على وجود إسرائيل كدولة يهودية، على حد تعبيره.
الغريب فى أمر هذه التعديلات أنه فى أعقاب الهجوم الفلسطينى عليها، تراجع بعض الوزراء العرب ممن شاركوا فى اجتماعات واشنطن عن تبنى هذه التعديلات، وهو ما ظهر من البيان الذى أصدرته وزارة الخارجية مساء أمس الخميس، بشأن التقرير الذى قدمه محمد كامل عمرو، وزير الخارجية، للدكتور محمد مرسى، رئيس الجمهورية بشأن ما حدث فى واشنطن، فالبيان قال "إن الوزير أكد أن مبادرة السلام العربية مازالت هى الأساس الذى يرتكز عليه الموقف العربى إزاء تسوية النزاع فى الشرق الأوسط بدون أى تعديل أو تغيير فى صيغتها الأصلية".
;وأوضح أن هذه المبادرة صدرت عن القمة العربية فى بيروت عام 2002، وبالتالى لا يمكن لأى جهة أخرى إجراء أى تعديل عليها.
وأضاف وزير الخارجية أن ما تردد حول مسألة تبادل طفيف فى الأراضى بين الجانبين الفلسطينى والإسرائيلى بشكل متفق عليه ومتساو فى الحجم والقيمة لا علاقة له من قريب أو بعيد بمبادرة السلام العربية، وإنما هو موقف تفاوضى فيما بين الجانبين سبق أن تباحثا حوله فى إطار الجولات السابقة للمفاوضات فيما بينهما.
وربما يفهم من هذه التوضيحات أن هناك تخوفات عربية من خالة الغضب التى ارتسمت على وجوه كل من تابع جون كيرى وهو يعلن عن العرض العربى الجديد.
وبعيدا عن اختلاف المواقف بشأن العرض العربى الجديد لواشنطن وتل أبيب فإنه من المهم النظر إلى ما تفكر فيه إسرائيل بشأن العملية التفاوضية المستقبلية، فهذه النظرة قد تكون أكثر عمقا إذ أنهم وفقا لحديث الخبراء فإن تبادل سكان فلسطينيين مقابل سكان إسرائيليين يمكنهم عبر هذا المشروع التخلص من فلسطينيى الأرض المحتلة « عرب 48 » ليصبحوا مواطنين لدى السلطة الفلسطينية، مقابل المستوطنين بالضفة، كما أن إحياء المشروع يثير سؤالا أكثر أهمية هل يحتمل الموقع الجغرافى للضفة تطبيق هذا المشروع بعدما تقلصت مساحتها إلى 16,5 % منذ عام 2011 مع بداية مشروع تقسم الأرض بمعنى الحديث عن 11 سنة من الاستيطان المتواصل بوتيرة عالية، وسحب أراض بحجة أسباب أمنية ومن ثم بناء مستوطنات جديدة.
أيضا الأمر الذى أجاب عنه الناشط الفلسطينى أحمد العرى من الضفة الغربية قائلا " للأسف لا يمكن أن تتجاور مدينة مع أخرى، حيث لا يوجد تواصل جغرافى بين أى مدينتين فلسطينيتين إلا وجد فاصل إما من خلال مستوطنة أو منطقة عسكرية، فلا أعلم عن أى تبادل أو دولة يتحدث كل من عباس وغيره، مضيفا بقولة «عباس من كبار المتآمرين على الشعب الفلسطينى ويفضح عرضه، عندما يتحدث عن تبادل أراض عليه أن يفهم أن كلمة تبادل فى أى مفاوضات تعانى أن الجانبين المتفاوضين يملكان شىء لتبادله _ نحن ماذا نملك _ على حد تعبيره _، إذا لم يكون هناك شىء نتبادله على الأقل هل لدينا ورقة ضغط نستخدمها، فالبداية كانت عبر مؤامرة أوسلوا الحديث عن سلطة وليس دولة على حدود 67 الضفة والقدس الشرقية، ولكن بسبب عبقرية المفاوضين الفلسطينيين، وتأمرهم فكان الحديث عن نسبة 85% مما احتل فى 67 وأصبح الرقم يتناقص 83 % بعدين 65% بعدين، صار الحديث عن 18%، واليوم الحمد الله ظل من الضفة والقدس وصلوا إلى 16,5».
ومن جهته قال إبراهيم الدراوى مدير مركز الدراسات الفلسطينية إن السلطة الفلسطينية ليست لديها الرؤية الواضحة، مضيفا «لابد أن نعترف أن السلطة الفلسطينية ليس لديها رؤية واضحة فى المجال السياسى أو فى المقاومة كما كان يحدث فى عهد أبو عمار، الذى كان يستفيد من السياسة فى إجراء مفاوضات مع الجانب الإسرائيلى، وفى نفس الوقت يقوم بتدعيم المقاومة، حيث كان فى هذه المرحلة استطاع أبو مازن الضغط على إسرائيل عبر تدعيم المقاومة الشعبية والضغط الدولى بعقد اتفاقية أوسلو».
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق