الجمعة، 6 يوليو 2012

وتواصل شهرزاد حكاياتها ولا نعرف متى تنتهي المرحلة الانتقالية


الفترة الانتقالية بين سندريلا وشهرزاد 
.. أحكى يا شهرزاد .. 
ولا نعرف بعد متى ستأتي الليلة الثانية بعد الألف


في 14 فبراير 2011، وعدت سندريلا جنية الثورة التي أتاحت لها دخول حفل السلطة بأنها ستغادر الحفل بعد ستة شهور، إلا أنها قررت التحول إلى شهرزاد التي ظلت تقص الحكايات لتنقذ رأسها من سيف الجلاد. تمتد المرحلة الانتقالية بلا أفق واضح لنهايتها، وبعد الوعد باقتصارها على ستة أشهر، تم الإعلان في وقت سابق عن جدول زمني ينتهي عمليا في منتصف عام 2013، إلا أن احتجاجات واسعة تحولت إلى صدامات دامية، أجبرت المجلس العسكري على إعلان نقطة نهاية أخرى في 30 يونيو 2012. لكن حكايا شهرزاد لا تنقطع، حكاية تفضي لحكاية، وحكاية تولد داخل حكاية، وحلم داخل حلم، وكابوس داخل كابوس، حكايات تموج بالغموض، والمعارك والنصر والهزيمة، والمكائد، وغرائب الجن المسمى "الطرف الثالث"، ومملكة سحرية اسمها "الدولة العميقة".

يمتلك المجلس العسكري صكا، لم تمنحه له الأمة، اسمه الإعلان الدستوري، الذي ينجب إعلانات دستورية مكملة، تجعل الشرعية الدستورية ساحة من الرمال المتحركة، وبدلا من أرض صلبة تبنى عليها مؤسسات الدولة الديمقراطية، تتغير القواعد وتتبدل يوما بعد يوم. وفيما يشابه اللعنة المأساوية الممتدة، تنهار المؤسسات الديمقراطية فور بنائها وكأنها صروح من الرمال، ينتخب مجلس للشعب ويصبح أثرا بعد عين بموجب حكم قضائي، قبل أيام من اقتراب بناء مؤسسة أخرى هي مؤسسة الرئاسة. تنتخب لجنة لصياغة الدستور ويبطل تشكيلها وعملها القضاء أيضا، وتنتخب جمعية أخرى تنتظر بعد أيام حكما قضائيا آخر ربما يفضي إلى حلها، وهنا نتذكر "سيزيف" وصخرته التي يصعد بها مرة بعد مرة للقمة فتأبى إلا أن تهبط سريعا للوادي، ونظاما سياسيا لا يبدو أنه سيكتمل قريبا، تنمو له يدان فيلتهمهما الغول، أو قدمان فيلتهمهما عفريت.
منذ أيام بزغت للوجود مؤسسة جديدة هي مؤسسة الرئاسة، ورئيس مازالت صلاحياته غامضة ورغم ورودها بالإعلان الدستوري الأصلي، إلا أن الإعلان المكمل انتقص منها كثيرا، وحسابات الواقع والممارسة هي التي ستبين مداها الحقيقي. كان من المفترض أن يسلم المجلس العسكري السلطة كاملة للرئيس المنتخب في ظل وجود سلطة برلمانية تشريعية ورقابية، وبعد حل البرلمان، استرد المجلس العسكري السلطة التشريعية التي لا يجوز أن يضيفها رئيس لسلطاته. والسؤال هو من سيراقب ويحاسب الرئيس في غياب مجلس الشعب؟ هل يملك المجلس العسكري محاسبة الرئيس والحكومة التي سيعينها، هل سيقتسمان السلطة ولو إلى حين؟.
ليس من المعروف حتى الآن متي تنعقد انتخابات جديدة لمجلس الشعب، الذي ينتظر حكما من القضاء الإداري يؤكد حله، أو يمنحه قبلة الحياة. هل سيشارك الناخبون في انتخابات جديدة بنفس الحماس، ومن سيكسبها؟، بعد أن بينت انتخابات الرئاسة تراجعا ملحوظا للتيارات الإسلامية التي أحرزت قبلها في الانتخابات البرلمانية فوزا ساحقا وأغلبية مريحة، ولمن تذهب الأصوات التي فقدتها لو شاركت مرة أخرى في الانتخابات المقبلة؟. تعلم شهرزاد أن للحكايات نهاية، لكنها لا تملك مخرجا غير الحكي، وغير استفتاءات وانتخابات متتالية قد تدفع لانصراف تدريجي للجماهير المرهقة المحبطة عن العملية الديمقراطية، ونعود بذلك للنظام القديم، قلة توجهها الولاءات والمصالح والمال تشارك في الانتخابات وتبذل كل الجهد لتزويرها، في ظل عزوف الغالبية الساحقة من الناخبين عن المشاركة.
تواصل شهرزاد حكاياتها، ولا نعرف بعد متى ستأتي الليلة الثانية بعد الألف، ومتى تنتهي المرحلة الانتقالية ويكتمل التحول الديمقراطي في مصر، بوجود دستور يعرف بالحدود بين السلطات المختلفة، ويجعل الجيش، وهو جزء من السلطة التنفيذية، خاضعا للرقابة المدنية، منهيا سيطرة حكم عسكري اتخذ أشكالا عديدة خلال الستين عاما الماضية من تاريخ مصر.





ليست هناك تعليقات: