السبت، 21 يوليو 2012

«مبارك» لا يبكى على «سليمان» بقدر ما يبكى على نفسه



المصريون يموتون بكل لغات العالم 
من الذى تخلص من صندوق الأسرار؟
من قتل الرجل الغامض؟
كيف عاش غامضاً ومات غامضاً؟


لم نسمع من قبل أن «مبارك» بكى، أو سفح الدموع على أحد، كما بكى على وفاة عمر سليمان إلى حد الانهيار.. جايز بكى على حفيده محمد علاء.. جايز دخل فى اكتئاب.. هذه المرة الصدمة أكبر.. فى وفاة حفيده كان هناك ملك يسنده، وشعب يواسيه.. فى وفاة عمر سليمان لا ملك ولا سند، ولا أحد يواسيه.. الشعور بدنو الأجل جعله ينهار.. المفاجأة كانت سبب صدمته ودموعه وانهياره! تأثير عمر سليمان أكبر من تأثير الأبناء على الرئيس المخلوع.. كان يشعر بأنه آمن.. «مبارك» لا يبكى على «سليمان» بقدر ما يبكى على نفسه.. فى العزاءات نبكى بحرقة.. بعضنا يبكى على الميت.. بعضنا يبكى على نفسه أو ذويه.. كلٌ يفكر فى همه.. «مبارك» بكى على نفسه حين بكى على «سليمان».. صدقوه حين يبكى هذه المرة.. لم نسمع أنه بكى على ملك ضائع.. بالأمس بكى لأول مرة (!) لا أظن أن رحيل الصندوق الأسود أتعب «مبارك» وحده.. هناك من لم يصدق موت الفجاءة.. هناك من لم يعترف بالسكتة القلبية.. هناك من اتهم أمريكا بقتله.. من قتل عمر سليمان؟..
رجل لا يعرف الخوف، ولا يعرف الموت.. صحته كانت «بمب».. كأنه خلق ليكون رجل مخابرات.. ملامح وجهه لا تنبئك بشىء.. شكله مرعب إذا سكت وإذا تكلم.. الآن استراح منه الإسلاميون! ربما تستغرب من رد فعل الشارع على وفاة عمر سليمان..
بغض النظر عن موقف جماعات إسلامية متطرفة.. الصدمة كانت على وجوه الجميع.. لا أحد حسبه على النظام القديم، ولا على النظام البائد.. كان «مبارك» ومن معه «كوم»، وعمر سليمان وحده «كوم».. كان الموقف الرسمى سريعاً وحاسماً.. جنازة عسكرية للفقيد الكبير.. أصوات فى الداخل تطالب بالتحقيق فى واقعة الوفاة! لا مفر من التحقيق فى واقعة الوفاة..
من الذى تخلص من صندوق الأسرار؟.. من قتل الرجل الغامض؟..
كيف عاش غامضاً ومات غامضاً؟.. هل قتله الأمريكان لحساب أحد؟..
هل قتلوه بفيروس نادر؟.. لا أحد يصدق السكتة القلبية.. الموت كان يخاف من عمر سليمان.. الأمريكان يخافون، والإخوان يخافون.. كانت تحت يدى «سليمان» ملفات كثيرة.. اليوم مات «مبارك» برحيل الجنرال! هل يصدق المصريون التقرير الطبى للوفاة؟.. هل تدفن أسطورة عمر سليمان بتشييعه اليوم فى جنازة عسكرية؟..
هل يفتح ملف الرجل، الذى كانت تنتهى عنده كل الملفات؟.. هل نعلن الحرب على مستشفى كليفلاند؟.. هل نعلن الحرب على الإدارة الأوبامية الأمريكية؟..
هل نعلق هذه المهمة فى رقبة الرئيس مرسى؟..
أظن أن «جماعة مرسى» لم يكن بينها وبينه ثأر كما كان مع أمن الدولة! أكثرنا لم يكن يدرى أن عمر سليمان فى أمريكا.. كثيرون يعرفون أنه فى أبوظبى.. كثيرون يعرفون أن الفريق شفيق لحق به، ثم توجه لأداء العمرة.. لا معلوماتنا كانت صحيحة بشأن «سليمان»، ولا هى صحيحة بالنسبة لـ«شفيق»، ولا هى صحيحة بالنسبة للمخلوع.. لا ندرى إن كان مريضاً أم متمارضاً.. مكتئباً أم معافى؟.. حياة غامضة لا تخلو من أسرار ستذهب كلها مع رجل الأسرار!
لا ننسى بلكونة لندن، ولا هيلتون قبرص، ولا أظن أننا سوف ننسى مستشفى كليفلاند.. المصريون يموتون بكل لغات العالم.. البعض استراح، والبعض الآخر سوف يفتش فى حوادث الوفاة الغامضة.. تشييع عمر سليمان فى جنازة عسكرية لا يخفف من طوفان الأسئلة.. «مبارك» نفسه قد يستعد ببلاغ، لفتح تحقيق فى وفاة شريك العمر!


ليست هناك تعليقات: