الجمعة، 29 يونيو 2012

يوما تاريخيا بحق..المشاغبون فى صالون المخلوع



محمد مرسى وأسماء محفوظ والأسوانى ووائل غنيم 
 فى صالون المخلوع
 مشاغبون فى القصــر الجمهــورى



كان من الممكن جدا أن يكون مكان هذا اللقاء معتقل طرة أو س 28، غير أن القدر شاء أن يتجمع كل هؤلاء المشاغبين المنبوذين فى قصر الرئاسة، وبدلا من أن يقعدوا على «البرش» فى الزنازين، جلسوا على مقاعد صالونات المخلوع فى قصر العروبة. 
يستوى فى ذلك الدكتور محمد مرسى أو الشاب أحمد نديم عضو حركة شباب 6 أبريل، والدكتور علاء الأسوانى والدكتورة هبة رؤوف عزت وكاتب هذه السطور وأسماء محفوظ ووائل غنيم. لقد كان يوما تاريخيا بحق.. أن يلتقى محمد مرسى الذى قبض عليه يوم جمعة الغضب، مع أكثر من عشرين شخصية مشاغبة من مختلف الأعمار داخل القصر الجمهورى، على رأسهم الدكتور عبدالجليل مصطفى والكاتبة الكبيرة سكينة فؤاد ومحمد البلتاجى وحسن نافعة ومحمد السعيد إدريس وأيمن الصياد، ومن الشباب الصاخب فى معارضته وتمرده وائل غنيم وتميم البرغوثى ومحمد القصاص ووائل خليل وشادى الغزالى وأحمد إمام وإسلام لطفى والنائب حاتم عزام ومحمد الشهاوى. كل هؤلاء يدخلون إلى ساحة القصر الرئاسى بسياراتهم ويمشون فوق البساط، ويجلسون فى قاعات مبارك.. ان يحدث ذلك فتلك واحدة من مآثر الشعب المصرى، ووثيقة اعتراف بالفضل والجميل والعرفان لأرواح شهداء وتضحيات مصابين كانت صانعة لهذه اللحظة الفريدة. 
 ولذلك لم يكن ينبغى لمثل هذا اللقاء النادر أن يمر دون أن تكون قضية الشهداء والمصابين والمنسيين فى ظلمات المحاكمات العسكرية حاضرة فى النقاش.. ودون أن تكون قضايا الحريات مسيطرة على الجلسة التى امتدت لأكثر من ساعتين بينما كان مقررا لها مسبقا ألا تتجاوز خمسا وأربعين دقيقة. 
 ولذا افتتح الدكتور سيف الدين عبدالفتاح الحوار بالتذكير بأن هذه الجبهة الوطنية للدفاع عن الثورة ليس كيانا داعما لشخص الرئيس محمد مرسى، بل هى داعمة للرئيس الذى جاءت به الثورة منعا لعودة النظام السابق لاعتلاء الحكم، لذا فهى جبهة تدعم وتتابع وتراقب وتحاسب الرئيس أيضا وقت اللزوم.. وأن ما بينها وبين الرئيس تمت بلورته وصياغته فى مؤتمر صحفى شهده العالم كله الجمعة 22 يونيو وقبل إعلان فوز محمد مرسى بثمان وأربعين ساعة، وهو ذلك البيان الذى تلاه الإعلامى الكبير حمدى قنديل الذى غاب عن اللقاء لسفره خارج مصر متضمنا ستة بنود تمثل جوهر اتفاق شراكة وطنية بين الرئيس والقوى الوطنية لحماية الثورة واستكمالها. 
 ومن جانبه طرح الدكتور علاء الأسوانى بكل وضوح المخاوف المثارة فى الشارع المصرى حاليا من تضييق هامش الحريات العامة والخاصة، مركزا بشكل خاص على حرية الإبداع الفنى والأدبى، حيث تناول هواجس المبدعين من نوع من التربص التشريعى بهذه القضية من خلال قوانين دار حولها جدل برلمانى تكشف عن استهداف لصناعة السينما والدراما فى مصر. 
كما تناول الأسوانى مخاوف إخوتنا الأقباط من إشارات فزع متناثرة هنا وهناك، ربما كان وراءها جهات تعمل لحساب الدولة العميقة، وربما كانت آتية من ممارسات تعبر عن ضيق أفق بعض المتطرفين.
 وعند هذه النقطة علق الرئيس الدكتور محمد مرسى بقوله إنه يشعر بالإهانة والجرح حين يتصل به مسئول غربى مهنئا بفوزه ثم يقول له إنهم مطمئنون إلى أن حقوق الأقباط لن تمس أثناء حكمه، معتبرا أن العبارة الأخيرة ربما تحمل نوعا من القلق والتشكك من جانب المهنئين فى وضع الأقباط فى ظل حكم رئيس قادم من جماعة الأخوان المسلمين.. وحسما للجدل شدد مرسى على أنه حريص على التطبيق الكامل لكل ما أعلنه فى حملته وبرنامجه الانتخابى من ان الأقباط إخوة متساوون مع أشقائهم المسلمين، لهم الحقوق ذاتها وعليهم الواجبات نفسها، على أساس من المواطنة المتساوية الكاملة. 
 وفى الطريق إلى القصر كنت أقرأ سطور بيان صادر من مجموعة من الحركات الثورية للتضامن والتذكير بقضية المعتقلين على خلفية أحداث العباسية ومجلس الوزراء ومحمد محمود وماسبيرو. كان البيان يتحدث عن أنه لا ينبغى أن يغمض للرئيس الجديد جفن وآلاف الشباب خلف القضبان جراء محاكمات عسكرية فقدت كل أشكال التقاضى العادل وسلبت منهم حريتهم زورا وتلفيقا.
 ولم أجد افضل من هذا البيان مدخلا للحديث حين جاء دورى حيث قلت للرئيس إن هؤلاء وقبلهم الشهداء والمصابين هم أصحاب الفضل فى الجلسة التى تدور الآن، ولا يجب أن نتركهم منسيين دون البدء فورا فى إجراءات وقرارات تعيد لهم حريتهم، مذكرا بأن الأحداث التى جرى اعتقالهم خلالها مثلت مادة خصبة استغلها أتباع المعسكر الآخر فى السباق الرئاسى للنيل من مرشح الحرية العدالة باتهامه وحزبه بالصمت على البطش بالثوار والمتظاهرين. 
وفى هذا الموضوع تحدثت أيضا الناشطة أسماء محفوظ وقالت إنها وهى تهم بالدخول وجدت عددا من أهالى الشهداء والمصابين على باب القصر يريدون مقابلة الرئيس ويشكون من أن اللقاء الذى عقده فى اليوم السابق مع أسر الشهداء والمصابين ضم شخصيات بعينها يجرى اختيارها فى كل مرة لمقابلة المسئولين دون أن يكونوا ممثلين حقيقيين لهذه القضية. 
ومن ضمن ما قلته للرئيس إنه رئيس جديد لمصر جديدة، ومن ثم يجدر بمصر أن يحكمها نظام جديد لا يصح أن يكون ضمن مكوناته رموز تنتمى لنظام مبارك حتى لو كانوا ملائكة أو عباقرة.. وأعدت التذكير بأن ما جرى الإعلان عنه فى مؤتمر الجبهة الوطنية يوم 22 يونيو لم يكن وعودا من جانب الدكتور مرسى وإنما إشهارا لوثيقة شراكة وطنية تضم ستة بنود هى الحاكمة للعلاقة بين أعضاء هذه الجبهة ورئيس الجمهورية، وفى مقدمتها الالتزام بأن يكون رئيس الحكومة شخصية وطنية مستقلة من خارج الإخوان وأغلبيتها ليست من الحرية والعدالة، وكذلك نواب الرئيس وأن يكون بالفريق الرئاسى تمثيل للأقباط والمرأة والشباب. 
 وأكد معظم المتحدثين فى كلماتهم أنه يجب أن يكون نقل السلطة كاملة للرئيس المنتخب من الشعب على نحو كريم ومحترم يصون كبرياء منصب الرئيس، مشيرين إلى حتمية الحرص على أن يكون مسنودا ومدعوما بظهير شعبى يمثل الضمانة الوحيدة للتصدى لمحاولات بقايا الدولة العميقة وضع العراقيل وصناعة الأزمات لكى تعود عقارب الساعة إلى الوراء، وهذا لن يتأتى إلا من خلال اعتماد قيم الشفافية والوضوح فى التعامل مع الشعب كما ذهبت أستاذتنا سكينة فؤاد والشاعر تميم البرغوثى والمدون وائل خليل. 
وفى ذلك أفاض الدكتور عبدالجليل مصطفى منطلقا من مسألة الجمعية التأسيسية للدستور وضرورة أن تأتى معبرة عن مصر بتنوعها وتعدديتها، بحيث يأتى تشكيل الجمعية ضامنا للتوازن النسبى بين مكونات المجتمع. 
وفى نهاية اللقاء اتفق «المشاغبون» على أنها لن تكون الجلسة الأخيرة، بل سوف تتكرر لمتابعة تنفيذ ما تم الاتفاق عليه فى مؤتمر 22 يونيو.



ليست هناك تعليقات: