الجمعة، 2 مارس 2012

دور السعودية في تسليح المعارضة السورية



وواشنطن تخشى من “أفغانستان” جديدة
 العاهل السعودي “وبخ” مديفيدف بسبب غياب التنسيق مع الرياض قبل “الفيتو” 
العالم سيدفع ثمن تسليح السعودية للوهابيين
 في سوريا السلاح يصل عبر القبائل السنية في العراق ولبنان..


 نشرت مجلة “فورين بوليسي ” تحليلاً في موقعها الإلكتروني عن دور السعودية في تسليح المعارضة السورية مسلطة الضوء على دوافع تحركاتها وتداعياته على المنطقة والعالم، محذرة من أن “يدفع العالم كله ثمن تسليح الرياض للوهابيين في سوريا”.
*  وحسب المجلة، فإن الملك عبد الله “وبخ الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف الأسبوع الماضي لعدم التنسيق مع الدول العربية قبل أن استخدام موسكو لحق النقض “فيتو” ضد أي قرار يطالب الرئيس السوري بشار الأسد بالتنحي."
 وأضافت المجلة أن “ما شجع السعودية على ذلك، هو عدم وجود تحرك دولي وقوات الأسد تذبح المدنيين في الشوارع بمعدلات كبيرة، جاء هذا في خلال تحذير وجهته السعودية إلى روسيا بأن الرياض: لن تتخلى عن التزاماتها الدينية والأخلاقية تجاه ما يحدث”. وقالت “فورين بوليسي” أن “المرة الأخيرة التي نفذت السعودية التزامها الأخلاقي لإفشال السياسات الروسية، أعطت شهادة ميلاد لجيل من المقاتلين المجاهدين في أفغانستان الذين عاثوا فسادا لثلاثة عقود ولا يزالون”.
 وأضافت” وفقا لأحدث التقارير الإخبارية أكد أحد أعضاء المعارضة السورية ، أن الرياض ترسل الأسلحة باعتبارها مخصصة للمعارضة السورية، عن طريق تحالفات القبائل السنية في العراق ولبنان، ولكن في ضوء التطورات الأخيرة ، فإن أسلحة كثيرة في طريقها إلى سوريا، بعد انسحاب الوفد السعودي يائسا من اجتماع أصدقاء سوريا في تونس”.

 وأشارت المجلة، إلى تصريحات للأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي، التي قال فيها إن “التسليح فكرة ممتازة، والمساعدات الإنسانية ليست كافة”، ونقلت عن مسئول سعودي، رفض نشر اسمه ، قوله إن الرياض “تسعى إلى دعم المعارضة السورية بوسائل تحقيق الاستقرار والسلام وإتاحة لها الحق في اختيار ممثليه” وفي ذات الوقت دعا رجال دين سعوديون صراحة إلى “الجهاد في سوريا منتقدين الذين ينتظرون التدخل الغربي ، ودعا الشيخ عائض القرني على بشار الأسد بالموت”. وتشير ” فورين بوليسي ” إلى دولة الخليج السنية الثانية التي قد تسهم بالأسلحة وهي قطر حيث صرح رئيس الوزراء القطري حمد بن جاسم آل ثاني قائلا:” يجب أن نقوم بكل ما في وسعنا لمساعدة المعارضة السورية، بما في ذلك منحهم أسلحة للدفاع عن أنفسهم” وتشير المجلة إلى أن الأطراف الإقليمية الأخرى تبدو مواقفها أقل وضوحا، وترى أن موقف هذه الدول السنية من تسليح المعارضة السورية تأتي لأنهم “يريدون لنظام الأسد أن ينهار لأنه حليف عدوهم الشيعي إيران..
 وتنتقل ” فورين بوليسي ” من العلاقات السعودية الإيرانية إلى السعودية الروسية مستعرضة تاريخ تلك العلاقات بين البلدين محاولة أن تفسر ما يحدث الآن، فبين الدولتان “تاريخ طويل من العداء، حيث استخدم السعوديون ثرواتهم النفطية الهائلة في السبعينات، لإلحاق الأذى بالسوفييت، فالسعوديون قاتلوا الحكومات الشيوعية والحركات السياسية التابعة لها بأكثر من 7.5 مليار من المساعدات الخارجية والعسكرية لدول مثل مصر واليمن الشمالية وباكستان والسودان، وكان للتمويل السعودي بشكل خاص دور فعال في دعم العمليات ضد حلفاء موسكو في أنغولا وتشاد وإريتريا والصومال”.

وأشارت الصحيفة إلى أن “السعوديون لم يكرهوا الشيوعية ولكنهم دعموا جيلاً من المقاتلين الإسلاميين المتحمسين، الذي تسببوا في خلق مشاكل كبيرة بعد ذلك في مكان آخر، وكان للسعودية دوراً بارزاً بعد الغزو السوفيتي لأفغانستان في ديسمبر 1979، حيث قدموا تفسيرات وهابية متشددة للإسلام، ومع دعم الرياض تدفق المجاهدين العرب على أفغانستان، الذين بلغوا ووفقا للخبير في شئون الإرهاب بيتر بيرجن ما بين 175 إلى 250 ألف مقاتل، وبعد عشر سنوات من حرب العصابات تكبد السوفييت خلالها خسائر فادحة، انسحب الجيش الأحمر وسقطت الحكومة في كابول بعد ذلك بوقت قصير”.
 وتقول المجلة إن “السعوديون لم يعودوا بحاجة إلى محاربة الشيوعية، والروس تدفعهم المصالح السياسية البحتة، والكريملين لديه حساسية نحو وضع القوات على الأرض في منطقة الشرق الأوسط أو جنوب آسيا ، وإستراتيجية روسيا الجديدة، هي كسب المال والنفوذ عن طريق بيع الأسلحة والمعدات العسكرية، والتكنولوجيا إلى إيران وسوريا”.
 وتستطرد المجلة:”ورغم أن تسليح الأنظمة المارقة، قد يبدو أمراً متهوراً إلا أنها الفرصة الأخيرة لروسيا في ممارسة الضغط على المنطقة، فمنذ نهاية الحرب الباردة وتقريبا كل بلد آخر تحول إلى ناحية واشنطن للحصول على السلاح”.
 واعتبر التحليل ميناء طرطوس ثاني أكبر ميناء في سوريا “حجر الزاوية في التعاون المفتوح بين روسيا وسوريا منذ سبعينات القرن الماضي، وفي العقد السابق تضاعفت الاستثمارات والتطويرات في موطئ القدم الروسي في البحر المتوسط ، وفي الأشهر الأخيرة رست السفن الحربية الروسية والإيرانية في طرطوس لإظهار الدعم لنظام الأسد، وعن طريق الميناء تلقت دمشق كميات كبيرة من الأسلحة لمواجهة المتظاهرين المناهضين للنظام”.

 وتشير الصحيفة أن السعوديون يعرفون إنه ” إذا سقطت سوريا، فستسقط طرطوس معها، وهذه أهم الأسباب في إرسال الأسلحة للمعارضة”. وعرضت المجلة “التناقض بين موقفي واشنطن والرياض، فإدارة الرئيس أوباما تعرب عن شكوك عميقة حول إرسال أسلحة ، مشيرة إلى أن المعارضة السورية صندوق أسود أكثر من اللازم ، ووزيرة الخارجية هيلاري كلينتون أعربت عن قلقها في الآونة الأخيرة من وصول الأسلحة إلى الجماعات الإرهابية مثل حماس والقاعدة، ولكن السعودية نفذ صبرها ، وفي الرياض يدعون بلا خجل لتسليح الجيش السوري الحر”. وتابعت:”الموقف السعودي ليس تهديداً فارغا، فالسعوديون يعرفون كيفية شراء ونقل الأسلحة، وليس لديهم مشكلة في السيولة، وإذا أرادت الرياض تسليح المعارضة فسيحدث”، وترجح الصحيفة أن تذهب الأسلحة “للوهابين الذين يعتبرون أكثر الحركات الإسلامية خطراً في العالم”. ولفتت “فورين بوليسي” إلى أنه “إذا نظرنا للتاريخ فليس هناك ما هو أكثر خطورة من السعودية . فبما أن الإيرانيون والروس دفعوا ثمن دعمهم للأسد، فإذا مضى السعوديون في طريقهم فالعالم كله قد يدفع الثمن أيضاً”.

ليست هناك تعليقات: