الاثنين، 19 مارس 2012

النقرة الأولـي علي الطبـول - المواقف العنترية ومرارة التراجع



النقــرة الأولـي علي الطبــول!
 لا يصح أن ننجر إلي بالونات الاختبار الإسرائيلية
 وإذا ما صعدنا من لهجة التصريحات المتشددة والمواقف الأقرب إلي العنترية ثم تراجعنا ولو قليلافهذه كارثة
 نجاح لاختبار اسرائيل لمصر بعد الثورة
درس فاشل للرئيس الجديد.
 إسرائيل ليست العدو الأول.. بل هي العدو الوحيد لمصر. 
الموقف السياسي


 في عام 89٩١ استأجرت أمريكا 14 فدانا من إسرائيل من أراضي الوقف الإسلامي بالقدس لإقامة السفارة الأمريكية عليها.. بعقد ايجار 99 عاما مقابل دولار واحد في السنة.. وفي 23 مايو 1990 أصــدر الكونجـرس قراره 106 بنقل الســــفارة من تل أبيب إلي القدس وفي 30 سبتمبر 1995 وقع بوش الأب قانونا يلزم الإدارة الأمريكية بنقل السفارة واعتمد المبالغ اللازمة للمبني الجديد..  هذا يعني اعترافا بالقدس عاصمة أبدية موحدة لإسرائيل، في مخالفة لكل المواثيق والقرارات الدولية وتفاهمات مفاوضات السلام.. ورغم أن إسرائيل هي الطفل المدلل لأمريكا.. تضمن القانون نصا يعطي الحق للرئيس الأمريكي إرجاء تنفيذ قرار نقل الســفارة وفق مقتضيات المصلحة الأمريكية لمدة 6 شهور.. ولأن أي رئيس يدرك أنه سيتحمل حساب التاريخ إذا ما أضر بمصالح بلاده..
لم يتم تنفيذ القرار حتي اليوم ويتم تأجيل التنفيذ كل 6 شهور.  وهو القرار الذي اتخذه أوباما أيضا منذ شهور بهدف حماية مصالح الأمن القومي للولايات المتحدة.. وخشية ردود الفعل العربية والإسلامية القاسية.
وإذا كانت أمريكا عند مستويات معينة تعمل لحساب مصلحتها ألف حساب.. حتي لو كان ذلك علي غير هوي إسرائيل.. والضغوط الدائمة من اللوبي اليهودي.. والحرب الشرسة من أعضاء الكونجرس فلنا فيها عظة، حتي لو اختلفت المقارنة.. فإسرائيل ليست العدو الأول.. بل هي العدو الوحيد لمصر.. ولكن هذا العدو عضو بالأمم المتحدة ولنا معه اتفاق سلام بضمان أمريكا والعالم.. ولا أحد يقبل مزايدات أو مواقف عنترية.
والشجاعة الحقيقية أن نحسب الخطوة التي نخطوها والقرار الذي نتخذه، حتي لا نذوق مرارة التراجع عن المواقف كما حدث في قضية التمويل الخارجي أو ننجر إلي حرب دون استعداد في ظل الظروف الراهنة أو تتحملها مصر بمفردها. ولا نجني منها ثمارا حتي لو أبدنا اسرائيل إلا مزيدا من التقهقر لمصر المعاناة للكثير من أبناء شعبها علي موائد اللئام بحثا عن عمل في كل بلدان الدنيا ويلاقي أسوأ معاملة وإهانة في بلاد الأشقاء .


برلمان الثورة.. ونواب الشعب.. والسلطة الحاكمة حالية أو قادمة.. من المفروض أنه ليس لهما هم إلا مصلحة مصر العليا بكل معانيها وأبعادها الداخلية وأمنها القومي، وبعدها العربي عامة.. ومصلحة الشعب الفلسطيني خاصة، والذي عاني كثيرا من الكلام دون فعل ينقذه من وطأة الاحتلال.  وأفضل ما جاء في بيان لجنة الشئون العربية والذي وافق عليه مجلس الشعب، العودة إلي تفعيل سياسة المقاطعة العربية الشاملة للكيان الصهيوني، وتصدي لجنة القدس بالجامعة العربية لمخططات تهويد القدس ودعوة كل الفصائل والمنظمات الفلسطينية للتوحد ونبذ الخلافات من أجل تحرير الوطن السليب.  المطلوب أن تكون لدينا القدرة علي تنفيذ كل ذلك في إطار عربي شامل بجهد قوي ومتعاون حتي لو كان إعلان الحرب علي إسرائيل.. وليس أن تلتزم مصر فقط بتنفيذ ما جاء علي رأس البيان ومناقشات البرلمانيين الجدد، بسحب سفير مصر وطرد السفير الإسرائيلي.
ووقف كل الاتفاقيات وإلغاء التعهدات فهو عودة إلي المواقف العنترية التي قادتنا إلي حروب عبدالناصر. والتصريحات الرنانة في عهد مبارك دون فعل جاد.. ولكن مصر الجديدة لابد أن تختلف، وأن يكون الصدق في القول والالتزام بالموقف والجدية في العمل صفات أساسية علي مستوي القضايا الداخلية.. والعلاقات الخارجية مع دول العالم.. بما فيها إسرائيل.. وبما فيها أي قرار نتخذه في علاقتنا بها، حتي لو كان إعلان الحرب لا نريد أن نكون صورة مكررة من القرارات الارتجالية التي تهدد حياة الشعب ومصالح البلاد.. أو لا يتم تنفيذها فنرسخ دون أن ندري الصورة النمطية عن العرب.. أنهم أهل أقوال.. لا أفعال.
وهو المفهوم الذي محته انتصارات أكتوبر، ويعود الاعلام الصهيوني بإسرائيل والعالم لترسيخه من جديد. بعد جلسة مجلس الشعب قالوا كلاما لا قيمة له ولن يتم تنفيذه وأشهروا أسلحتهم الإعلامية من جديد.. انقذوا إسرائيل المهددة بالفناء بعد ان جاء الإسلاميون للسلطة في مصر والعالم العربي. تيارات الاسلام السياسي ليست متهورة أو مجازفة. أو تقبل فرض قناعات أو أيدلوجيات البعض علي البرلمان أو الشعب.. حتي لو كان ذلك في إطار لعبة توازنات سياسية وإقليمية أو محاولات حماس الاستفادة من صعود التيار الديني للحكم..  لنا واجبات تجاه الشعب الفلسطيني الذي ضحي المصريون بدماء شهدائهم وجاعوا من أجله علي مدي 60 عاما.. ولنا ولاءات عربية وإسلامية نضعها علي قائمة سياسة مصر الثورة. ولكن ليس من المقبول أن تستمر سياسة أن تتحمل مصر بمفردها الثمن.
طرد السفير الإسرائيلي من القاهرة أول نقرة علي طبول الحرب.. ألم نتعلم الدرس بعد من التصعيد في قضية التمويل الخارجي، والتصريحات القوية الرنانة، التي كانت أقرب إلي الشعارات.. ثم ما حدث بعد ذلك من تراجع أو متاهة لم نعرف اسبابها حتي اليوم، رغم المرارة التي تركتها في حلوق المصريين.. في قضية الحرب الأمر يختلف تماما.. ولا يصح أن ننجر إلي بالونات الاختبار الإسرائيلية، وإذا ما صعدنا من لهجة التصريحات المتشددة والمواقف الأقرب إلي العنترية، ثم تراجعنا ولو قليلا.. فهذه كارثة.. ونجاح لاختبار اسرائيل لمصر بعد الثورة.. ودرس فاشل للرئيس الجديد.. وإذا استمرأنا اللعبة المدعومة من البرلمان وتلقي هوي شعبيا وانجرت مصر الي حرب بمفردها مع إسرائيل فهذه هي الكارثة الأكبر.
يجب ان ننتبه إلي تدبير اسرائيل لمؤامرة كبري لتنفيذ مخططها بافتعال مبرر صواريخ المقاومة.. انتهازا للظروف الداخلية العربية وخاصة مصر وهو اختبار خاص بالرباط المقدس بين الاخوان المسلمين وحماس.. فإما أن تدرك اسرائيل أنه لا جديد غير الكلام، وتحصل علي صك الاستفراد بالفلسطينيين كالعادة.. وأنه لا جديد تحت شمس الثورات العربية.. أو تنجر مصر بمفردها لحرب في غير أوانها ويروج لها الإعلام الاسرائيلي والغربي منذ الثورة.. وليس ببعيد ان تكون هذه الحرب احدي مراحل مخططات الشرق الأوسط الجديد.. والقضاء نهائيا علي القضية الفلسطينية، باقامة دولتهم في قطاع غزة وجزء من سيناء.. وهو تفكير لا يمثل أوهاما ولكنها أفكار طرحها وزراء متطرفون في حكومة نتنياهو علي مصر سابقا ولاقت استهزاء يستحقونه. ومصر الجديدة هي الاقوي اليوم من أي سنوات سبقت حتي لا تتوهم اسرائيل ان الانشغال بالوضع الداخلي وهشاشة المواقف العربية ثغرة لتنفيذ مخططها. < < < تصعيد العدوان الإسرائيلي علي غزة توقف بوساطة مصرية.. ولكن لابد من التعامل مع الموقف علي اعتبار ان اسرائيل لا عهد ولا أمان لها ولن تكف عن اغتنام الفرصة. وتعي جيدا أن الشعب المصري لن يصمت أمام حصار غزة أو قتل أهلها.. وبمشاعر الضيافة والإنسانية، سوف يفتح حدوده وأحضانه لأبناء القطاع في سيناء.. وتطول الضيافة .. وتتحول إلي استيطان لتحقق العربدة الإسرائيلية هدفها.. لن نطرد ضيوفنا.. ولن تستقبلهم إسرائيل ثانية في غزة.. ولكم تصور مخاطر الوضع الكارثي داخليا وعلي مستقبل القضية الفلسطينية. ليس هذا بحديث التخاذل، ولا نكران حق الشعب الفلسطيني في دولته الحرة المستقلة علي أرضه المحتلة.. ولا حديث إسباغ قوة وهمية علي اسرائيل ولكنه حديث الواقع، والذي اشرت إلي جانب منه في مقال الاسبوع الماضي.. عندما فوجئ الوفد الفلسطيني في آخر قمة عربية طارئة لانقاذ القدس.. بجميع القادة يقولون لهم.. »اذهبوا انتم فقاتلوا، ونحن هنا قاعدون« دون حتي نخوة توفير الدعم المادي لاطعام الشعب الفلسطيني المحاصر في الضفة الغربية وقطاع غزة وتركوهم بين مطرقة آلة الحرب الإسرائيلية التي تعربد في أراضيهم وقتما تشاء قتلا وتدميرا وخرابا.. وسندان ضغوط أمريكا التي تدعم الفلسطينيين سنويا بمبلغ 700 مليون دولار، معونات لا تكفي بالكاد مع المعونات الاوروبية طعام وشراب الشعب الفلسطيني.



ليست هناك تعليقات: