الاثنين، 19 مارس 2012

المرسوم السري - دعوة للفساد وضربة لثورتنا وإضاعة لحقوق الشعب



 مرسوم صدر منذ 73 يوما يلزم بانقضاء الدعوي الجنائية
 أعطي المبادرة لسارقي المال العام والمحاكم ملزمة بالاستجابة 
التصـالح مع الفاسدين وجـوبـي بحگم القانون
 الدولة تنصاع لرغبات المتهمين وتلبي طلباتهم


ثار جدل مجتمعي شديد السخونة نهاية الأسبوع الماضي بمناسبة ما أعلنه وزير المالية ممتاز السعيد حول عرض عدد من نزلاء سجن طرة التنازل عن بعض ممتلكاتهم وأموالهم مقابل التصالح مع الدولة، وأن الموضوع تحت الدراسة. وانقسمت الآراء بين مؤيد للتصالح ليحصل الشعب علي أمواله المنهوبة والمهربة للخارج والتي من غير المضمون الحصول عليها، بينما رفض كثيرون هذه الفكرة من الأساس حتي لاتكرس فكرة شراء المجرم حريته بجزء بسيط من الأموال التي سرقها وهروبه بالجزء الأكبر من الأموال العامه التي نهبها، خاصة أنه - كماقالوا - لايوجد تشريع يسمح بذلك. وفي السطور التالية تفجر " أخباراليوم " مفاجأة .
 هناك مرسوم صدر منذ 73 يوما يلزم بانقضاء الدعوي الجنائية والتصالح وجوبا مع المتهمين بنهب أموال مصر إذا أرادوا هم ذلك وتقدموا بطلب تنازل عن تلك الأموال تقبله الجهات المختصة بقوة القانون. 
 وأوضح مصدر قضائي رفيع المستوي أن المجلس الأعلي للقوات المسلحة - الذي يتولي إدارة البلاد بموجب الإعلان الدستوري - أصدر مرسوما بقانون رقم 4 لسنة 2012 بتاريخ 9 صفر 1433 الموافق 3 يناير 2012 بتعديل المادة 7 مكرر ( أ ) من قانون ضمانات وحوافز الاستثمار متضمنا انقضاء الدعوي الجنائية بالتصالح، بالنسبة للمستثمرين المتهمين في قضايا التعدي علي المال العام . وقد قرر هذا التعديل أنه بالنسبة للمتهمين في أي من القضايا المتعلقة بالمال العام إذا تقدم المستثمر - الذي أنشا شركته وفقا لقانون ضمانات وحوافز الاستثمار - يطلب التصالح ورد ما استولي عليه إلي الدولة والتنازل عنه فإنه يترتب علي تمام التصالح انقضاء الدعوي الجنائية قبله بعد اعتماد محضر الصلح الذي يحرر بينه وبين الجهة المجني عليها بعد عرضه علي رئيس الهيئة العامة للاستثمار واعتماده من الوزير المختص. ويشترط لتمام التصالح أن يكون الرد لكامل الأموال أو الأراضي أو المواد أو المنقولات المستولي عليها أو مايعادل قيمتها السوقية وقت وقوع الجريمة والاستيلاء عليها وذلك إذا تعذر ردها بذاتها. وفي حالة صدور حكم بالفعل قبل التنازل عما تم الاستيلاء عليه، فلكي يتم التصالح يتنازل المحكوم عليه عما تم الاستيلاء عليه من أموال نهبها ويسدد ما حكمت به المحكمة عليه من غرامات وتعويضات للدولة، فإذا تم ذلك يصدر النائب العام قرارا بوقف تنفيذ العقوبة. وقد حرص المشرع علي أن يستفيد من هذا التعديل المستثمرون فقط فنص علي أنه لا يمتد انقضاء الدعوي لباقي المتهمين في ذات الواقعة، وبذلك لايستفيد المسئولون الذين سهلوا التربح للمستثمر فيخضعون لقواعد المحاكمات الجنائية.
 ** المرسوم السري 
 ويقول عضو مجلس الشعب حمدي الفخراني أنني علمت بأمر هذا المرسوم السري يوم 19 يناير الماضي قبل افتتاح المجلس بثلاثة أيام وسارعت بالبحث عنه في المطابع الأميرية وفي كافة الجهات القانونية والقضائية فلم أستطع الوصول إليه، إلي أن فوجئت به منشورا بالجريدة الرسمية في عددها 52 مكرر بتاريخ 3 يناير 2012 ولما استشعرته من أن هذا القانون دعوة صارخة للفساد وضربة قاصمة لثورتنا وإضاعة لحقوق الشعب الثابتة والمضمونة والتي تصل في مجموعها الي مايزيد عن 800 مليار جنيه، خاصة أن الرد سيكون بسعر ماتم الاستيلاء عليه وقت السرقة والنهب،فقد ألقيت بيانا عاجلا بالمجلس حول هذا الموضوع لأنبه النواب إلي ضرورة التصدي له، وسارعت بتقديم استجواب لرئيس المجلس الأعلي للقوات المسلحة ورئيس مجلس الوزراء، وتم رفض الاستجواب الاول ومازلت في انتظار تحديد موعد استجواب رئيس الوزراء، لذلك تقدمت في 4 فبرايرالماضي بمشروع قانون يلغي المرسوم بقانون المشار إليه ، وقد وافقت عليه لجنة الاقتراحات والشكاوي وهو حاليا أمام اللجنة الدستورية والتشريعية لبحثه وارجو أن يقدم للمجلس قبل أن تتم التصالحات المجحفة بحقوق الشعب وتمثل ثورة مضادة.
 ** شراء الجريمة 
 وتؤكد الدكتورة فوزية عبد الستار - أستاذ القانون الجنائي والرئيس الأسبق للجنة الدستورية والتشريعية بمجلس الشعب - أن القواعد القانونية استقرت علي أن أثر الجريمة ينعكس علي المجتمع ككل وليس علي فرد من الأفراد، وبالتالي فلا يملك أحد التنازل عن ملاحقة من يرتكب جريمة وتوقيع العقوبة التي يستحقها عليه بحيث تكون رادعة له ولغيره فيأمن المجتمع وتستقر أحواله، والتساهل في هذا الأمر يؤدي لزيادة الظاهرة الإجرامية وليس الحد منها، والتصالح مع الجاني يعني أن الجريمة أصبحت تباع وتشتري، فيرتكب المتهم جريمته بدم بارد وهو مطمئن إلي أن المجني عليه سيقبل المبلغ الذي يتصالح به معه. وتكمل.. أما وقد صدر هذا المرسوم فقد أصبح واجب النفاذ لصدوره عن السلطة المخولة بالتشريع قبل انعقاد مجلس الشعب، وهو ليس وحيدا في مجاله فقد صدرت قبله قوانين مشابهة له في المضمون مثل قانون المتعسرين مع البنوك وقانون نواب القروض. ولكنني أرفض - كأستاذة قانون - هذه السياسة التشريعية التي تتعارض مع القواعد المسلم بها في القانون الجنائي، وهي ضرورة أن يلقي الجاني الذي اعتدي علي حق المجتمع جزاءه حتي ولو أزال آثار جريمته، وبغير ذلك يفقد التجريم والعقاب غايتهما في تحقيق الردع العام مما يؤدي لاتساع ظاهرة الجريمة وتصبح الجرائم محل مساومة وهذا خطير جدا. ومن الناحية السياسية فإني أعتبر أن هذه الجرائم بجانب شقها الجنائي تمثل إفسادا سياسيا له آثار شديدة السلبية علي المجتمع ترقي الي حد الخيانة العظمي لأنها تعتدي - ليس فقط - علي ممتلكاتنا وإنما تتعدي إلي ثروات أجيالنا القادمة، وكنت أتمني ألا يصدر هذا المرسوم.
 ** الإسلام والتصالح 
 ويري المستشار أحمد موافي أنه مع التسليم بأن الإعفاء من العقوبة لايكون إلا بنص صريح فإن القواعد القانونية تجري علي أن هذا الإعفاء استثناء من الأصل العام والاستثناء لايجوز التوسع فيه، كما أنه لايجب القياس علي قوانين صدرت في ظروف كلنا نعلمها ونعرف دوافعها فنصدر تشريعات تعفي المعتدين علي أموال الدولة من العقوبة مع أن الأموال المنهوبة ستعود حتما بعقوبات الرد والتعويض والغرامة. ثم ينتقل لنقطة هامة تتعلق بالمادة الثانية من الإعلان الدستوري التي تقرر أن " مباديء الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع " فيقول أنه تسليما بهذه المباديء فأنه كقاعدة عامة قررها الإسلام فإنه تجوز المصالحة فيما لايحل حراما ولايحرم حلالا والأمر مرده الي ولي الأمر الذي يقدر حسب مايراه يحقق الصالح العام.
 ** عقيدة المحكمة 
 ويتفق المستشار أكرم عمر رئيس المحكمة الاقتصادية السابق و نائب رئيس محكمة البحر الأحمر حاليا مع هذا الرأي، مطالبا بتطبيق التعديل القانوني الوارد بمرسوم المجلس الأعلي للقوات المسلحة بموضوعية وتجرد يستهدفان المصلحة الوطنية ، وإمكانية الإستعادة المؤكدة لكامل حقوق الشعب المنهوبة دون التأثر بالرأي العام الذي يقع فريسة للقنوات الفضائية وبرامج التوك شو. وقال أن الأحكام تصدر طبقا للعقيدة التي تتكون لدي المحكمة بناء علي ماتستشعره من سلوك المتهم ومايبديه من جدية لإرجاع مااستولي عليه كاملا والكشف عما قام بتهريبه للخارج ويساعد علي عودته، ومن ثم فيمكن لها الحكم بعقابه ثم يتم وقف تنفيذ العقوبة.

ليست هناك تعليقات: