الأحد، 4 مارس 2012

واشنطن لا تحترم القانون المصري ولديها أجندة أخرى



مصر كانت ولا تزال القوة المهيمنة في الشرق الأوسط 
زعامة مصر للعالم العربي "فريدة من نوعها"


باحث أمريكى: دخول أمريكا في مواجهة مع المصريين يهدد مصالحها العسكرية ويضع نهاية لهيمنتها بالشرق الأوسط  
قال الباحث الأمريكي جرايم بانرمان، إن الولايات المتحدة ربما تخسر دورها القيادي التاريخي في الشرق الأوسط، نتيجة لسوء تقدير السياسة الخارجية الأمريكية، لإصرارها على الدخول في مواجهة مع الشعب المصري قد تنهى ثلاثة عقود من الهيمنة على المنطقة.

 واعتبر ـ الباحث في معهد الشرق الأوسط والذي يعمل بلجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ ـ أنه ليس أمام واشنطن سوى خيارين. 
إما أن تتعاون مع الإسلاميين والقوميين المصريين لإيجاد حل لتلك القضية، أو الدخول في مواجهة من المحتمل أن تضع نهاية لهيمنة الولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط...  وأوضح الباحث ـ في مقاله الذي نشرته صحيفة "بوليتيكو" الأمريكية ـ أن توتر العلاقات المصرية الأمريكية لا لزوم له؛ لأنه قد يلحق الضرر الأكبر بالمصالح الأمريكية القومية؛ في وقت استنفذت فيه المأساة السورية والحرب على "الإرهاب" وطموحات إيران النووية الموارد والانتباه الأمريكي، مذكرًا بأفول نجم الهيمنة البريطانية على منطقة الشرق الأوسط على ضفاف قناة السويس 1956. 
 وذكر أن تصاعد الأزمة في العلاقات الأمريكية ـ المصرية على خلفية قضية التمويل الأجنبي للمنظمات الأمريكية – على ضوء تهديدات أعضاء الكونجرس الأمريكي والإعلام بقطع المساعدات العسكرية عن مصر – تخلق صدامًا مباشرًا وغير ضروري مع المد المتصاعد للقومية المصرية؛ فالمشكلة لا تزال قائمة على الرغم من سماح السلطات المصرية للمتهمين الأمريكيين بمغادرة مصر.
 ورأى الباحث أن التهديدات بقطع المساعدات العسكرية عن مصر على خلفية قضية التمويل الأجنبي لمنظمات المجتمع المدني المتهم فيها أمريكيون؛ أكثر ضررًا بالمصالح العسكرية الأمريكية في جنوب غرب آسيا وشمال إفريقيا من حيث التكلفة والكفاءة، أكثر منها المصرية.
 وقال إن مصر تسمح للسفن العسكرية الأمريكية بالعبور عبر قناة السويس، وبعبور آلاف الطائرات العسكرية الأمريكية عبر مجالها الجوي مقابل الحصول على المساعدات العسكرية الأمريكية.
 واعتبر الباحث الأمريكى أن الهُوية المزدوجة في مصر (مسلم مصري) تقدم فرص وتحديات أمام صناع القرار في الولايات المتحدة.
 ووصف زعامة مصر للعالم العربي بأنها تعد "فريدة من نوعها"؛ إذ أن تنامي مد تيار الإسلام السياسي جعل مصر تحظى بهُوية مزدوجة ؛ ألا وهي (مسلم مصري) بعدما كان للقومية المصرية وحدها الهيمنة.
 وتابع قائلا: في حال سُأل أحد الأشخاص في العالم العربي عن هويتهم فإنهم يجيبون علي الفور "مسلم"؛ بينما كان الحال في مصر مخالفًا لذلك إذ كانت إجابة الأغلبية بـ "مصري".
وطالب واشنطن بأن تعي جيدًا التحولات السياسية بالشرق الأوسط الآن، حتى لا تلقى نفس مصير بريطانيا التي لم تع تنامي مد فلسفة القومية العربية التي غيرت نظرت العرب لأنفسهم بصورة جذرية ما أسفر عن أفلول الهيمنة البريطانية في خمسينات القرن الماضي وصعود الحقبة السوفيتية.
 وقال إن المنطقة تخضع لعملية تحول مماثلة؛ إذ حلت الحكومات ذات التوجه الإسلامي محل الأنظمة القومية العربية المتصلبة والتي كانت مصر في صدارة هذا التحول، لافتاً إلى أن الدول العربية تراقب للتحولات السياسية التي تشهدها مصر لإدراكها خطورة تأثيرها على المنطقة بأكملها.
 واستعرض الباحث الأمريكي تاريخ الهيمنة الأمريكية بالمنطقة، والتي برزت مع بداية التعاون الاستراتيجي بين القاهرة وواشنطن في سبعينيات القرن الماضي، لافتًا إلى سعي الرؤساء الأمريكيين المتعاقبين ريتشارد نيكسون، جيرالد فورد، وجيمي كارتر لتوطيد تلك العلاقة؛ لإدراكهم أن هيمنة الاتحاد السوفيتي في المنطقة كان بسبب العلاقات المصرية السوفيتية خلال حقبتي الخمسينات والستينيات من القرن الماضي.
 ويرى أن مصر كانت ولا تزال القوة المهيمنة في الشرق الأوسط؛ فمنذ الحرب العالمية الثانية، ميزان القوى في المنطقة تغير مرتين الأولى: في خمسينات، عندما قادت مصر المنطقة في تحالف فعلي مع الاتحاد السوفيتي، والمرة الثانية في السبعينيات الماضي، حينما قرر الرئيس الراحل أنور السادات أنه من الأفضل للمصالح المصرية التحالف مع الولايات المتحدة.

 وقال الباحث الأمريكي، إنه بمقتضى القانون المصري فإن منظمات المجتمع المدني المحلية والأجنبية، بما فيهما الممولة من الخارج، ينبغي أن تكون مرخصة، مشيرًا إلى أن المنظمات التي تخضع للتحقيقات لم تحصل على ذلك الترخيص، وبالتالي فإن عملها غير قانوني.

 وذكر أن الوضع تفاقم حينما قررت إدارة أوباما في فترة ما بعد الثورة مضاعفة تمويل تلك المنظمات على الرغم من مخالفتها للقانون المصري مما يشكل انتهاكًا له.

 وأوضح أن قرار القضاء المصري باحالة 43 من العاملين بتلك المنظمات الأمريكية للمحاكمة قد أيدته أغلبية المصريين؛ إذ أن الضغوط الأمريكية على القاهرة وبخاصة العلاقات العسكرية؛ لإلغاء الإجراءات القانونية وجعل قضية الأمريكيين استثنائية، ينظر إليها على نطاق واسع بين المصريين باعتبارها دليلاً على أن واشنطن لا تحترم سيادة القانون المصري، وأنها بالضروري لديها أجندة أخرى كما زعم القضاة المصريين.

ليست هناك تعليقات: