الخميس، 9 فبراير 2012

دور النخبة العسكرية في المستقبل السياسي لمصر الثورة


الاصلاح السياسى المصرى يبدأ
 بـ دمقرطة المؤسسة العسكريةالمصرية 


دمقرطة هي .. الانتقال إلى نظام سياسي أكثر ديمقراطية. 
 قد يكون الانتقال من نظام استبدادي إلى ديمقراطية كاملة، أو الانتقال من نظام استبدادي إلى شبه ديمقراطية، أو الانتقال من نظام سياسي شبه سلطوي إلى نظام سياسي ديمقراطي
 المؤسسة العسكرية المصرية من الثورة إلى الانقلاب



لقد لعب الجيش المصرى بداية من النصف الأخير من القرن الماضي دورا مميزا في توجيه دفه السياسة في مصر ..... الجدير بالذكر ان جميع القوى السياسية اختلفت في تقييم هذا الدور وأثره على وضع مصر الاستراتيجي في تلك الحقبة ..... فالبعض يقول إن قيام مصر بفكرها القومي وما صاحبه من اندلاع موجات التحرر من الاستعمار والتحديث الحضاري في الدول العربية تم على أيدي ضبط الجيش الذين ركبوا دباباتهم ليسقطوا الأنظمة العميلة على حد تعبيرهم..... والبعض الآخر يتهم هؤلاء العسكر بالمسئولية عن تردي أوضاع حقوق الإنسان والحريات وانتهى الأمر بوضع اقتصادي وخدمي متردي جعل المواطن البسيط لا يشعر بأي أثر تنموي ولا حتى استقلال حقيقي... ومع بزوغ شمس ثورة 25 يناير واندلاع الثورة برز الحديث عن حل لهذه المعضلة ..... وهي طبيعة دور النخبة العسكرية في المستقبل السياسي لمصر الثورة .... لذلك سعيت الى تفكيك تحليلي لهذا الدور لنصل في النهاية إلى وضع سيناريوهات للوضع السياسي المستقبلي للجيش المصرى .... فالجيش كمؤسسة اجتماعية يعتبر صورة مصغرة للمجتمع، حيث لا يمكن أن نتصور انتقالا ديمقراطيا دون التساؤل عن موقع الجيش ضمن هذا الانتقال..... وعن طبيعة العلاقة بين المدنيين والعسكريين، خاصة وأن الجيش يشكل قطاعا عريضا داخل الدولة بحكم بنيته العددية وبحكم النشاط السياسي والاقتصادي للجنرالات الكبار.... فمثلا في مصر يتكون الجيش النظامي من 468.500 ألف فرد، والجيش الاحتياطي من479.000 فرد.... كل هذه الأرقام تبين أن الجيش يشكل قطاعا مجتمعيا مهما يمكن أن يشكل خطرا على الدولة إذا ما تأخر الإصلاح.....
مما لاشك فيه ان وضعية المؤسسة العسكرية في النظم السياسية المعاصرة فى مصر ينبع من كونها جزء من السلطة التنفيذية في النظام السياسي تضطلع بدور ليس سياسي في الأصل وإنما هو دور احترافي متمثل في المسئولية عن كل ما يتصل بالشؤون الدفاعية للدولة ومع قيامها بهذه المهمة تخضع في نفس الوقت للسلطة التنفيذية فالمؤسسة العسكرية تنفذ قرار الحرب ولكنها لا تتخذ هذا القرار..... وتلك هى الحالة الطبيعية لدور المؤسسة العسكرية في النظام السياسي المصرى ..... التسلسل التاريخي لدور المؤسسة العسكرية في العملية السياسية .... حيث نجد دور المؤسسة العسكرية منذ1952إلي 62 19 كان متماهي مع السلطة السياسية الحاكمة...... لكن في الفترة من 1962 إلي 1967 غُيبت السلطة السياسية والمتمثلة في الرئيس جمال عبد الناصر عن رقابة المؤسسة العسكرية.... و بدءا من 1967 وحتى 1973 تمت إعادة هيكلة المؤسسة العسكرية ووضع الرئيس السادات بعد توليه السلطة إطار جديد للعلاقة بينها وبين السلطة السياسية ..... حيث أبعدها تماما عن الأخيرة في مقابل السماح لها ببناء اقتصادي خاص بها والسماح لأفرادها ببعض المناصب السيادية كمنصب المحافظ على سبيل المثال وكذلك أسس للاستعانة بها في ضبط الاضطرابات الداخلية كما حدث في عامي 1977 و 1986 ... اما في حقبة مبارك وإلى قيام الثورة كانت بعيده تماما عن السياسة ولكن كانت موالية تماما للنظام الحاكم ... لذلك يتضح لنا لماذا الجيش لم يدعم الثورة ؟! ولكنه وقف على الحياد... وذلك راجع الى الطبيعة المحافظة للجيوش عموما والجيش المصري على سبيل الخصوص ترفض الثورة ولكن لحظة الثورة المصرية كانت واقعا لزم أن يتعامل معه في لحظه حاسمة ... مع الوضع فى لحسبان أن الجيش كان يدرك دعم الفاعل الدولي لاقتلاع مبارك..... من ناحية اخرى المؤسسة العسكرية قد تضطلع ببعض المهام الأخرى اسميها " بالمهام الانتقالية " كتدخلها في حالة الكوارث والأزمات.....

لكنها تديرها وفق إطار دستوري يضبط هذه المهام.... لذلك برزت الحاجة الماسة إلى إصلاح المؤسسة العسكرية، ودمقرطة السياسة الدفاعية فى الجيش المصرى ..... ومن أجل مقاربة هذه القضايا واستشراف تطوراتها المستقبلية، يجب التأكيد على قاعدتين أساسيتين في مجال الدراسات الأمنية والدفاعية المعاصرة: القاعدة الأولى: أن أية سياسة أمنية ترتبط أساسا بنوعية التهديد الذي يمكن أن يعصف بسيادة الدولة ووحدتها الترابية وأمن سكانها..... وعليه، فإن أمن مصر يواجه تهديدات عسكرية وأخرى غير عسكرية تأتي من زوايا متعددة يصعب أحيانا إدراكها... فالتفوق العسكري وحده لا يحقق الأمن بمعناه الشامل.... هذه القاعدة تسمح بفهم أن البعد العسكري لازال يحظى بالأولوية في بلورة السياسات الأمنية والدفاعية بمصر...... وهو أمر له ما يبرره، ويمكن قياسه من خلال ميزانيات الدفاع.... خاصة ميزانيات التسلح.... ومن خلال التحالفات الأمنية التي تظل في معظمها من خارج المنطقة العربية..... القاعدة الثانية: وهي أن أية سياسة دفاعية تعكس بالضرورة طبيعة النظام السياسي القائم وطبيعة العلاقة بين المدنيين والعسكريين...... فإذا كان النظام ديمقراطيا، فإن مؤسسة الجيش تكون خاضعة للسلطة المدنية، ويكون عملها كذلك خاضعا لقنوات المراقبة الديمقراطية...... أما إذا كان النظام غير ديمقراطي، فإن سياسة الدفاع تعكس في هذه الحالة بالتأكيد توجهات النخب المحتكرة للقرار السياسي، وتكون الحياة السياسية عرضة لتدخلات المؤسسة العسكرية بشكل دائم..... هذه القاعدة تجد مدلولاتها من خلال بروز الحاجة إلى ما يمكن أن نسميه بالإصلاح العسكري ودمقرطة قطاع الدفاع او المؤسسة العسكرية .... من نافلة القول ان اذكر ان المؤسسة العسكرية في بعض النظم كأمريكا اللاتينية تدخلت في العملية السياسية عن طريق الاستيلاء على السلطة و وضعيتها في النظم الملكية ...حيث نجد مدى قوة العلاقة بين رأس السلطة الملكية والمؤسسة العسكري لحد يصل إلى كون المؤسسة العسكرية تصير حامية للنظام الملكي لا الدولة.... بيان المجلس الأعلى للقوات المسلحة رقم "1" خاصة ما ورد فيه من تأييد مطالب الشعب المشروعة "للحفاظ على الوطن ومكتسباته وطموحات شعب مصر العظيم"، نقطة مفصلية في إدارة قضايا هذه المرحلة، حيث أكد الجيش أنه بمثابة العمود الفقري للدولة، كذلك فإن تصريحات المجلس في تلك المرحلة تؤكد قدرته على ملئ الفراغ السياسي الذي نشأ برحيل مبارك وأنه قادر على أن يقود مصر نحو الانتقال إلى الديمقراطية..... لذلك هناك 3 احتمالات لدور المؤسسة العسكرية في مرحلة التحول الديمقراطي حيث الانتقال من حكم الفرد إلى الحكم الجماعي هى :
 أ- أن يقوم الجيش طواعية بالعمل على تسليم السلطة لحكومة مدنية كما في حالة الأرجنتين ....
ب- أن يجبر الجيش على التنازل لسلطة مدنية كما في حالة البرتغال ورومانيا.....
ج- أن ينقسم الجيش من داخله وينتصر الفريق المنادي بتسليم الحكم لسلطة مدنية..... وأكد د.ماضي على أن هناك عدة عوامل إذا توافرت تساعد على التعجيل بتسليم الحكم لسلطة مدنيه أهمها:
 أ- وجود بديل وطني قوي للجيش يتسلم منه السلطة.
ب- تأييد ودعم الفاعل الخارجي لعملية التحول الديمقراطي. يجب ان يعلم الجميع ان هناك تداخل بين مفهومي الأمن والدفاع !!... فمفهوم الأمن أعم من مفهوم الدفاع حيث يختص الدفاع بالحماية من الخطر الخارجي المتمثل في ضربات العدو أما الأمن فيتضمن كل ما يؤثر على كيان وقيم الدولة سواء من الداخل أو الخارج سواء كان العدوان عسكري أوغير عسكري.... لذلك اقول ان المؤسسة العسكرية معنية بالدفاع أما الأمن القومي فهو أمر أعم من حيث المسئولية حيث يكون جهاز الأمن القومي بما يتضمنه من سلطات سياسية بجانب المؤسسة العسكرية.... ويجب ان يضع قادة المؤسسة العسكرية المصرية فى اذهانهم ان المؤسسة العسكرية خاضعة للقرار السياسي حيث الساسة من يبدءون الحرب وهم من ينهيها.... لذلك اقول مستشرفا المستقبل عن وضع الجيش في الحياة السياسية بعد انتهاء الفترة الانتقالية.....ضرورة عدم إعطاء المؤسسة العسكرية أي ضمانات دستورية تؤسس لوضعية خاصة لها في الحياة السياسية .... مع التأكيد على ضرورة مناقشة كل ما يخص الجيش من مشاريع اقتصادية وميزانية عسكرية في البرلمان الجديد ...لأن القوى الثورية لن تسمح بأي وضعية خاصة للجيش في الحياة السياسية المصرية ... واقول لقادة المؤسسة العسكرية الذين يشحذون كل طاقاتهم لتقديم رئيس جمهورية من ابناء المؤسسة العسكرية بزى مدنى ...
لماذا العناد ورئيس الجمهورية القادم لن يكون عسكريا حيث أن المزاج العام يتجه نحو رئيس مدني تماما ... وأي مرشح رئاسة سيطرح نفسه بكونه مرشح المجلس العسكري سيرفضه الشعب... من ناحية اخرى برز الحديث بشكل مكثف عن دور الجيش المصري، في أعقاب تنحي الرئيس السابق عن الحكم، باعتبار أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة هو الذي يقود تلك الفترة الانتقالية من حكم مصر، كما عرفت الساحة المصرية، بحكم التطورات السياسية، العديد من الأزمات الداخلية والخارجية، وما قضية قضية السفينتين الإيرانيتين عنا ببعيد : حيث يعد الحديث عن سماح مصر بعبور السفينتين الإيرانيتين لقناة السويس من أبرز قضايا السياسة الخارجية المصرية، التي واجهت المجلس الأعلى للقوات المسلحة في تلك الفترة نظرا لارتباطها بالعديد من القوى الإقليمية والدولية..... فبداية تعد أول اختبار لموقف مصر بعد الثورة من التزاماتها القانونية بشأن المرور في القناة، من جانب ثان تكثفت الضغوط الإسرائيلية والأمريكية لمنع عبور السفينتين الإيرانيتين، باعتبار أنهما تحملان مواد عسكرية، ومن جانب ثالث، ينصرف الأمر إلى مستقبل العلاقات مع إيران، بالنظر إلى أن هذه هي المرة الأولي التي يحدث فيها ذلك الأمر منذ قيام الثورة الإيرانية.... وقد اعتبرت صحيفتا "هاآرتس" الإسرائيلية، و"التليجراف" البريطانية، القرار المصري بالسماح للبحرية الإيرانية بعبور قناة السويس بأنه "تغير في ميزان القوى في المنطقة"، و"إن مصر تشير إلى أنها لم تعد ملتزمة بالتحالف الاستراتيجي مع إسرائيل تجاه إيران، وإنها الآن راغبة في التعامل مع إيران".... على صعيد آخر، رأت صحيفة "فايننشال تايمز دويتشلاند" الألمانية أن الموافقة المصرية أججت من مخاوف إسرائيل بأن السياسة الأمنية في المنطقة ستشهد تغييرات بعد تنحي مبارك، كما تذكر "زود دويتشه تسايتونج" أن القيادة الجديدة في مصر تعرضت لضغوط من قبل واشنطن لرفض عبور السفينتين، كما عدت صحيفة "دي فيلت" الألمانية القضية أول معضلة دبلوماسية تواجهها العسكرية المصرية بعد مبارك..... من جانبه، قال "الإعلام الأمريكي" إن هذه هي المرة الأولي التي يحدث فيها ذلك الأمر منذ قيام الثورة الإيرانية، والتلميح إلى أن تلك الخطوة وغيرها من خطوات مثل وقف ضخ الغاز لإسرائيل سوف تثير المزيد من القلق علي مستقبل عملية السلام والعلاقات بين مصر وإسرائيل، وأنه قد يصبح السلام بين البلدين أكثر برودة مع مرور الأيام.... أما عن الفترة الانتقالية واسباب اهتزاز دفة القيادة فى يد المؤسسة العسكرية ... فقد اهتزت دفة القيادة فى يد المجلس العسكري في إدارة الحياة السياسية لكون المجلس العسكري ليس ثوريا ولكنه في دور الوصي على الثورة ،كما أن محاولة بعض وسائل الإعلام والساسة جعله حاميا للثورة دفعه إلى تصرفات ملكية وكأنه المسئول بمفرده عن صناعة السياسات.....مع عدم اغفال عدم الوعي الكافي بالحياة السياسية كان مفسرا لمواقف الجيش المضطربة الى جانب العلاقة القوية بالنظام السابق والتي قد تصل إلى أبعاد إنسانية تفسر الكثير من مواقفه

 بقلم : حمدي السعيد سالم


ليست هناك تعليقات: