الأربعاء، 25 يناير 2012

هل تعين الخارجية سفراء يرضي عنهم الإخوان في العواصم الغربية؟


سياسة مصر الخارجية خلال السنوات الأربع المقبلة


كشفت مصادر دبلوماسية مصرية لـ«روزاليوسف» أنه يجرى الآن الإعداد لإطلاق حركة دبلوماسية واسعة لسفراء ورؤساء بعثات مصر الدبلوماسية بالخارج ممن انتهت مدة تمثيلهم القانونى والمحددة بأربع سنوات، وأوضحت المصادر أن الحركة من المقرر أن تطول حوالى 45 بعثة ما بين سفارات وقنصليات عامة لمصر.
وقال إن هذه الحركة تكتسب أهمية كونها تشمل عدداً من أهم بعثات مصر الدبلوماسية فى مقدمتها واشنطن وباريس والرياض ولندن وموسكو وتونس والبحرين وبرن وتل أبيب واستراليا والأردن وليبيا وجنوب أفريقيا والفاتيكان وأندونيسيا وسنغافورة وأورجواى والبرازيل وبيرو ورومانيا وكازاخستان وأذربيجان وأوكرانيا وألبانيا وكوريا الشمالية وبروكسل والأرجنتين وبلغاريا وبلجراد وأبيدجان ومالى وبرازفيل وبوجمبورا وندجامينا.
وكذلك تتضمن عدداً من القنصليات المصرية العامة فى دول تتسم بكثافة عدد الجاليات المصرية لديها وفى مقدمتها القنصلية المصرية فى جدة والقنصلية المصرية فى دبى والقنصلية المصرية فى لونس أنجلوس والقنصلية المصرية فى هامبورج والقنصلية المصرية فى مالبورن فضلاً عن القنصلية المصرية فى لندن، وأيضاً من المقرر أن تشمل الحركة مندوب مصر لدى الأمم المتحدة فى نيويورك وكذلك مندوب مصر لدى الأمم المتحدة فى جينيف.
وأزاحت المصادر الستار عن لقاءات شخصية بدأت تقوم بها الإدارات المعنية داخل الخارجية ممثلة فى إدارة السلك الدبلوماسى والقنصلى مع السفراء المرشحة أسماؤهم فى قرار النقل لشغل هذه المواقع.. ولفتت إلى أنه من المقرر أن تقوم الخارجية بإعداد مسودة الحركة بترشيحات الأسماء والبعثات التى سيتولون العمل بها ثم رفعها إلى المجلس الأعلى للقوات المسلحة المنوط به صلاحيات رئيس الجمهورية ليصدر قرار النقل وذلك لأن نقل السفراء ورؤساء البعثات الدبلوماسية للخارج يجب أن يصدر بقرار جمهورى.
وعن موعد إعلان صدور الحركة قالت المصادر إنه من المنتظر أن يكون خلال الفترة القليلة القادمة وذلك حفاظاً على ديناميكية العمل فى وزارة الخارجية حيث تصدر هذه الحركة ويعقبها بعد ذلك حركة تسكين للسفراء العائدين من الخارج فى قطاعات وإدارات الديوان العام للوزارة مشيراً إلى أنه جرت العادة أن يكون وعد تنفيذ القرار - وليس الإعلان عنه - فى شهرى أغسطس وسبتمبر.

وفيما يتكتم المعنيون داخل وزارة الخارجية حول الترشيحات لعدم إثارة البلبلة داخل أروقة السلك الدبلوماسى إلا أن المأزق الحقيقى يتمثل فى بركان من الشائعات والحروب النفسية باتت تخيم على الأجواء بشكل ملحوظ داخل المؤسسة الدبلوماسية بعضها مبرر بحكم ثراء الحركة بعد اختفاء ما كان يعرف بكوتة «الباشا» نسبة للبعثات التى عادة ما كان يتم اختيار سفرائها من قبل الرئيس السابق حسنى مبارك وغياب ملاحظات قرينته على من يمثل مصر فى بعثات تعتاد زيارة دولها.. ووفقا لمعلومات «روزاليوسف» فإن صاحب القرار الدبلوماسى ممثلاً فى وزير الخارجية الحالى محمد كامل عمرو قد أعطى حرية كاملة فى الاختيار بشكل لم يتح لأى ممن سبقوه فى هذا المنصب منذ ثورة يوليو 1952 دون مبالغة.. لذا فالحركة وإن كانت دورية من حيث التوقيت إلا أنها تعد استثنائية من حيث الدول التى ستشملها دفعة واحدة وبحرية كاملة من المؤسسة الدبلوماسية.
*أما الخطير.. وغير المبرر.. هو ظهور توجهات سياسية داخل البيت الدبلوماسى المصرى وانتقال تفاعلات الانتخابات البرلمانية ونتائجها إلى جهاز يجب أن يظل تكنوقراطيا بعيداً عن التحزب.. فأصبح معلوماً علم اليقين داخل الخارجية أن هناك من يؤيد تيارات بعينها أو يعادى تيارات بعينها والنتيجة فى الحالتين قد تؤتى بكوارث على التمثيل الدبلوماسى المصرى فى الخارج والذى يجب أن يظل قوميا يمثل الدولة. فضلاً عن فتح الباب على مصراعيه لمعارك حزبية داخل السفارات المصرية.. بمعنى أننا قد نفاجأ أن هذا التيار يقوم بتسريب وثائق تخص عضواً دبلوماسياً مصرياً معروفاً عنه انتماءه لتيار حزبى آخر وفى نهاية الأمر تكون الحصيلة انهيار مؤسسى شامل لمؤسسة تعد أحد أعمدة المنظومة المعنية بالأمن القومى المصرى.
هذه الحالة الاستثنائية وفتح القنوات مع التيارات السياسية المختلفة فى مصر وفقاً لما رصدته روزاليوسف مرجعها مخاوف حقيقية موجودة لدى «الجماعة» الدبلوماسية من أن يكونوا دمية فى ملعب السياسة الراهن.. والذى تجرعوا منه تغييرات وزارية متعاقبة أطاحت بما كان يعرف بسيادية المنصب الوزارى الرفيع.. إضافة إلى وجود هاجس من حسم صفقات سياسية على حساب مقدراتهم ومسارهم الوظيفى بأن يتم تعويض فصيل لم يحصل على ما يرضيه وزاريا بتعيين كوادره ورموزه كسفراء لمصر فى هذه العاصمة أو تلك.
فى حين مثل «الاحباط» من عدم حدوث تغييرات حقيقية ملموسة فى الأداء الدبلوماسى المصرى بعد ثورة يناير على النحو الذى كان يأمله «ثوار الخارجية» سواء على مستوى الإدارة الوظيفية أو فيما يخص أطر حركة السياسة الخارجية المصرية التى تعانى بوصلتها من ضبابية واضحة بعدا موجوداً فى الاتجاه نحو التحزب.
وبعيداً عن كل هذا تأتى أزمة تسكين العائدين من الخارج فى الديوان العام من أصحاب الأسماء الدبلوماسية الكبرى أمثال السفراء ماجد عبدالفتاح وسامح شكرى وهشام بدر وحاتم سيف النصر وعلاء الحديدى وناصر كامل وياسر رضا ومحمود عوف وآخرين كثر.
كل هذه «الكرات» تذهب تلقائيا إلى ملعب وزير الخارجية محمد كامل عمرو.. فإما أن يقود هذه المؤسسة الوطنية إلى الطريق الصحيح فى هذه المرحلة الفارقة.. بقدر من الحسم والوضوح.. أو يتحمل مسئولية ما قد يصيب الدبلوماسية المصرية من كوارث سيحفظها له التاريخ المعلق على باب مكتبه بصور كل من سبقوه فى هذا المنصب.
وبيت القصيد سيبدأ من اختياراته لمن سيمثلون مصر فى أهم المواقع على خريطة السياسة الدولية فاختياراته ستكون قواعد ارتكاز تطبيق سياسة مصر الخارجية خلال السنوات الأربع المقبلة.. وكما سيكون له حرية الاختيار وهو أمر صحى للغاية.. سيكون من حقنا أن نتساءل عند صدور الحركة على أى أسس تم هذا الاختيار ومدى صحة هذه الاختيارات.. وهل اتبعت سياسة الرجل المناسب فى المكان المناسب.. أم لا؟.

ليست هناك تعليقات: