... عائلة مبارك ...
أخفت ثرواتها في شركات إبراهيم كامل!
علامات استفهام عديدة مازالت تحيط بمصير الثروات المنهوبة، وقدرة الجهات المسئولة في الدولة، علي رصدها وملاحقتها، وإمكانية إعادتها مرة أخري
. فالحديث عنها لم يتوقف لأنه شائك ومعقد ويحتاج إلي خبراء مدربين علي فك شفرات الطلاسم والألغاز.
خاصة الجانب المتعلق بثروات مبارك ونجليه ومماليك عصره، الذي يحتل صدارة المشهد من اهتمامات الرأي العام.. باعتبار أن حجم الثروات التي دخلت جيوب وخزائن جمال مبارك والمقربين منه مخيف ومرعب، ومحرض علي الصراخ في وجه كافة المسئولين في الجهات الرقابية.
الذين رأوا وسمعوا، وتورطوا بالصمت أو الخوف.
يأتي هذا الاهتمام مصاحباً للمعلومات المتسربة، التي تدعو إلي القلق فتلك المعلومات، لم تتجاوز حدود الحديث عن فيلات في شرم الشيخ والعلاقة مع حسين سالم، ومساهمات ضئيلة في شركات الاستثمارات المالية.
دون التطرق إلي ما هو أخطر من ذلك بكثير، وهو البحث في ملفات وشركات كبار رجال البيزنس، المرتبطين بعلاقات صداقة وشراكة مع آل مبارك.
كي تكون محل تحقيق، وموضع اهتمام لإيجاد إجابات شافية تبعث علي الارتياح والاطمئنان... لدي جميع فئات الرأي العام علي مختلف اتجاهاته من النخبة أو العامة المهمومة بالشأن الوطني.
أكثر الملفات إلحاحاً علي الطرح، هي المتعلقة بشراكة بين آل مبارك، ورجال الأعمال إبراهيم كامل.. الذي يمثل مفتاح اللغز في ثروة جمال وشقيقه علاء، إلي جانب الأصهار وبقية الحاشية.. الذين حولوا الوطن وثرواته إلي إقطاعية للمجاملات فقد أتاح لهم قربهم وصلتهم بدائرة صناعة القرار، التأثير علي مجريات الأمور السياسية وتحقيق المكاسب الاقتصادية، والحصول علي أكبر قدر من الثروات والأموال، بطرق مريبة، تظل تفاصيلها غير معلومة، لغياب الشفافية والنية الصادقة في الكشف عن حقيقة ما كان يجري في مصر.
فنفوذ أسرة مبارك بلغ مداه ولم يكن بعيداً عن الأنظار أبطال هذا النفوذ، أسواق المال والبيزنس، وهو الأمر الذي يثير فتح الشهية، للبحث عن خبايا وأسرار العلاقات المتشابكة في البيزنس داخلياً وخارجياً. باعتبار أن جمال مبارك كان يحدد ملامح الخريطة الاقتصادية من خلال نفوذه، وقدرته علي اختيار الوزراء وتكليفهم بمهام. فتحت الباب واسعاً، لتحقيق ثروات غير مشروعة علي حساب الشعب المطحون حتي النخاع. عبر انتشار ثقافة الرشاوي والعمولات التي صارت شعاراً معلوماً للكافة.
..علاقات أسرة مبارك في مجال البيزنس الغامض..
لم تكن بعيدة عن إبراهيم كامل، أبرز الأسماء التي ارتبطت بعلاقات وطيدة وشراكة لها جذور وخلفية تاريخية، مع جمال مبارك وشقيقه. فهو واحد من الذين تقاسموا ثروات هذا البلد، علي طاولة المجاملات وأتاحت له صداقته مع آل البيت الرئاسي لأن يتوحش سياسياً واقتصادياً، ويرسم ملامح مستقبل هذا البلد برمته، لحماية مصالحه العابرة للقارات.. فهو مهندس سيناريو توريث حكم مصر، والعراب الذي أخذ علي عاتقه مهمة الترويج، وتمويل حملة شعبية بعدة ملايين من الجنيهات.. استقطب لها يساريين من معارضي نظام مبارك، لإقناع الرأي العام، والنجاح في مهمة تسويق جمال شعبياً، بعد إقناع مبارك الأب.
ظل إبراهيم كامل يلعب في الخفاء، ومن خلف الستار كل هذه الأدوار حتي اللحظة الأخيرة لوفاة نظام مبارك ودفنه إلي الأبد، وهو أحد المتهمين الرئيسيين في «موقعة الجمل».
لم يكف الدفاع المستميت من إبراهيم كامل للإبقاء علي نظام مبارك موقفاً سياسياً، لكنه مدفوع بالحفاظ علي مصالحه وثرواته المتشعبة وشراكته مع جمال الذي كان يستعد للقفز علي حكم مصر ورئيساً لوالده، والوقوف علي حقيقة العلاقة بين كامل وجمال، يكشف جانباً غامضاً من الثروات غير المعلومة لدي أجهزة التحري والتحقيق.
القراءة الدقيقة لتلك العلاقة الوطيدة، تشير إلي أنها لم تكن مجرد علاقة عابرة، فجذورها تمتد إلي نهاية الثمانينيات، وبالتحديد عام 9891، وقت أن كان جمال يعمل في بنك أوف أمريكا بالقاهرة.
وظهرت في الغرف المغلقة معالم نوع جديد من البيزنس، وهو الاتجار في الديون، وهو اللغز في ثروة أبناء «مبارك» وإبراهيم كامل.. وبداية لنشاط عنكبوتي يشبه أساليب المافيا الدولية في تهريب الأموال واستثمارها.
تسربت تفاصيل البيزنس الجديد من ملفات قضايا شركات توظيف الأموال وكانت هذه الشركات تستحوذ علي 05٪ من النشاط الاقتصادي في مصر. وانفردت بنحو 55٪ من حجم الودائع، بالإضافة إلي استحواذها علي 06٪ من قيمة تحويلات المصريين في الخارج، وعندما بلغت سطوة هذه الشركات حداً هدد معه مستقبل البنوك وقدرتها علي جذب الودائع. تلقت ضربات موجعة من أجهزة الدولة.. ومن بين هذه الشركات «الهلال»، التي ألقي القبض علي صاحبها محمد كمال عبدالهادي الذي كان متخصصاً ضمن أنشطة أخري، في شراء مديونيات الدول الإفريقية الفقيرة من الدول الأوروبية الدائنة بسعر لا يتجاوز الـ 02٪ من قيمتها الأخيرة.
وكانت تلك المديونيات معدومة في نظر الدولة الدائنة، التي وجدت فرصة ذهبية في عملية البيع.
وكان محمد كمال عبدالهادي، بعد شرائه هذه الديون، يقوم ببيعها مرة أخري للحكومات الإفريقية بـ 57٪ بعد دفع عمولات للمسئولين فيها، أثناء مداهمة أجهزة الأمن لمقار الشركات، تم العثور علي هذه الوثائق التي انتقل صداها الي جمال مبارك وإبراهيم كامل.. ومن هنا كانت البداية عام 9891. فعلي أثر ذلك كان هناك ضرورة يفرضها البيزنس الجديد، بأن ينتقل عمل جمال من القاهرة إلي لندن، للتعرف من البنك علي كيفية الاتجار في الديون. ويتيح له وجوده هناك معرفة الاتصال بالدول الدائنة لمصر.
ولما كانت البيانات سرية وغير متداولة، كانت هناك صعوبة في الحصول عليها، أو الوصول إليها، كانت قدرة نجل الرئيس السابق، أقوي وأكبر من أسرار الدولة.. فقدمت له كافة المعلومات والبيانات علي طبق من ذهب.
أول صفقة في هذه اللعبة الجهنمية، هي شراء ديون مصر من أسبانيا والبرتغال بسعر 05٪ من قيمتها، ثم باعوها للدولة مرة أخري بسعرها الكامل، ولم يقوما بتخفيض أي مليم. وفي عام 1991 أي بعد عامين من انهاء الصفقة الأولي اتجهت نية إبراهيم كامل للاستثمار في روسيا بعد تفكك الاتحاد السوفيتي مستغلاً حالة الفساد التي انتشرت في تلك الدولة، واشتري مع جمال مبارك جزءاً من مصنع لإنتاج الطائرات المتوسطة، التي تستخدم في نقل البضائع والركاب.
وفي ذلك الوقت قاما بعمل صفقة جديدة مع إيران بشراء ديونها لدي مصر مقابل عدد من الطائرات وبلغت حصة الشريكين في هذه العملية 054 مليون دولار أمريكي.
لكن حجم التدليس والحيل الشيطانية بلغ ذروته عقب حرب الخليج، ورأت الدول الغربية، أن الدور المصري في هذه الحرب لابد وأن يكون له مقابل. وهو إسقاط ديون قيمتها 901 مليارات جنيه من المديونيات المستحقة علي مصر، تقديراً للدور الذي لعبته في تحرير الكويت، وهنا ظهر الجانب الشيطاني تدخل كل من جمال وإبراهيم كامل لعدم إسقاط هذه الديون والاكتفاء بإلغاء 7 مليارات فقط علي أن يشتري الباقي بنسبة 51٪ من قيمته.. وهو ما جري بالفعل وفرضا سطوتهما علي حكومة عاطف عبيد بالاعتراف بالمديونية كاملة دون تخفيض.
هذه الكوارث وغيرها، هي مفتاح الشفرة في ثروات آل مبارك وإبراهيم كامل، باعتبار أن هذا البيزنس كان حكراً عليهم فقد حاول رجل أعمال «أحمد صلاح سعيد» دخول هذا الملعب الشائك وقام بشراء ديون من إيطاليا بـ 21٪ فقط من سعرها الأصلي وأراد أن تعترف الحكومة بهذا الدين أسوة بما كان يحدث مع محتكري هذه التجارة، لكن الأمر اختلف تماما، ووجد الرجل نفسه مطارداً من كل أجهزة الدولة ولم يكن أمامه سوي بيعها بمكسب 5٪ فقط.
وانتهي به الأمر إلي دخول المستشفي بعد تكرر إصابته بعدة جلطات.
لم يكن الاتجار في الديون هو كل القصة التي جمعت جمال مبارك وشقيقه وربما والده مع إبراهيم كامل.. فهناك بيزنس متعدد والنية فيه مبيتة منذ البداية، علي تهريب هذه الأموال إلي الخارج عبر شركات كثيرة متداخلة فيما بينها، سواء في قبرص أو اليونان.
وهناك مؤشرات كثيرة تذهب إلي صحة تدبير كل ما جري.. فالأموال التي جري تحصيلها من الحكومة وخزائن الدولة، مقابل إعادة بيع الدين لم يتم استثمارها في الداخل، ولكنها خرجت ووجدت الطريق ممهداً لذلك.
فمن الاتجار في الديون الي العديد من الأنشطة الأخري. لم يكن أي من جمال وإبراهيم كامل بعيداً عن الآخر فقد توثقت الصلات، وفي عام 8991 عاد جمال من لندن وانضم مع شريكه في المجلس الرئاسي المصري الأمريكي. ودخلا سوياً الحزب الوطني وكونا جمعية المستقبل، لاستقطاب كل الطامحين في نهب ثروات الدولة وعلي أثر ذلك جرت عمليات النهب المنظمة بطرق ملتوية، علي أيدي مجموعة محترفة، تسللت إلي صدارة المشهد الاقتصادي بادعاءات المشاركة في الاستثمار والتنمية بالتزامن مع الصعود التدريجي لجمال مبارك إلي قمة المشهد السياسي.
فهو لم يكن يدخر جهداً أو وقتاً في تهيئة المناخ الملائم للحصول علي الأراضي والقروض، وما خفي كان أعظم.. لكن ما بين هذا وذاك، يظل أكثر الأحاديث صخباً، هي تلك المرتبطة بوجود شراكة واضحة المعالم بين إبراهيم كامل وأسرة مبارك، وخاصة جمال وهو الأمر الذي لم يتم الافصاح عنه ولم تقترب منه جهات التحري.
وبعدها كونا مجموعة من صناديق الاستثمار لاقتناص أكبر قدر من «تورتة» البورصة. فكونا في «دوفيه لوكسمبرج» صندوقاً حسب القوانين السائدة هناك التي تعطي إعفاءات كاملة علي هذا النشاط.. مجلس إدارة الصندوق تكون في 32/7/6991، ووفق التقرير الصادر عن مكتب المحاسبة الأمريكي «إيرنست أنديانج» ضم كلاً من جمال مبارك، وإبراهيم كامل وأحمد البردعي - شاكر ألبرت خياط - مايكل بيكيف - مايكل نيت.. توسع نشاط إبراهيم كامل في مصر بصورة لافتة للنظر. ولا يستطيع أحد أن يحصر ممتلكاته كاملة فهي موزعة في الداخل والخارج.
بطريقة عنكبوتية.. لديه مصنع طائرات «توبولوف» ويتمتع بعلاقات وثيقة مع قادة روسيا له صداقة وثيقة مع آل جور نائب الرئيس الأمريكي السابق.. ويمتلك في مصر مجموعة شركات كاتو وعمارة ترست التي بيعت فيها الشقة بـ 5 ملايين جنيه منذ نحو عشر سنوات، والمركز الدولي للتصدير في المطار وشركة إير كايرو للطيران ولديها خطوط منتظمة.
حصل بطريقة مريبة علي 46 مليون متر مربع من الأراضي في الساحل الشمالي، أقام علي هذه المساحة مطار العلمين وفندقاً في قرية غزالة وهو رئيس مجلس أمناء مرسي مطروح.. لديه 7 آلاف فدان في سهل حشيش بالبحر الأحمر أقام عليها قري سياحية بسعر جنيه واحد للمتر.
ارتبط كامل بعلاقة وثيقة برئيس أوغندا «موسيفيني» وهي إحدي الدول المؤثرة في القارة الافريقية وأنشأ في عاصمتها بنك القاهرة أوغندا.
لم يتوقف نشاطه علي المستوي الدولي عند حدود أوغندا أو آل جور.. ولكنه امتد إلي تكوين جمعيات لرجال الأعمال المصرية البريطانية، المصرية السودانية - الرئاسي المصري الأمريكي.
ونأتي للنقطة اللغز وهي أن إبراهيم كامل مثل مصر في المفاوضات الرسمية مع البنك الدولي.. بالضبط مثلما كان يقوم جمال مبارك بتمثيل مصر في العديد من المفاوضات. وهو أمر يشي بأن أشياء غريبة، كانت تحدث داخل مؤسسات الدولة. ما سهلت لكل منها جمال - كامل «الحصول علي مزايا علي حساب هذا البلد.. وهي التي جعلت خزائنهما وثرواتهما تتجاوز إمكانيات وميزانيات دول صغيرة حولنا».
امتد نشاط البيزنس الخارجي عن طريق تداخل الاستثمارات من عرب وأجانب فقد تم تأسيس شركة بوليون للاستثمارات المالية وأدارها وليد كساب وكان صديقا لجمال مبارك وزميلاً له في بنك أوف أمريكا وهو أردني الجنسية. وتولدت من الشركة التي أنشئت في قبرص عدة شركات بغرض التضليل، وإبعادها عن التتبع والمراقبة, فدخلت مساهمات إبراهيم كامل وجمال مبارك من خلال بوليون في أنشطة فنية وموسيقية.
وأنشئت مجموعة من الشركات لهذا الغرض ودخلوا في شراكة مع مستثمرين من جنسيات مختلفة بولندا - البرتغال «أوليفرا» وسيدة يونانية «لوفاج جورجيت» وأسسا سوياً شركة ايجبت تراست وتعني مصر الثقة التي تأسست بتاريخ 32/01/1002 برقم 43576/625/23 ويرأس مجلس إدارتها إبراهيم كامل وظهر في أوراقها أحمد البردعي رئيس بنك القاهرة ومصر الدولي وشاكر ألبرت.
هذا النشاط العنكبوتي ضم بكري السعدي كويتي الجنسية، وهو الاسم الذي تردد في شراء ديون الكويت.. العلاقات لم تتوقف عند حدود البيزنس بل دخلت مجال السياسة من أوسع الابواب وارتبطت مع رموزها بعلاقات صداقة مثل ياسر عرفات، ولديه استثمارات مع رجال أعمال إسرائيليين وذات يوم طلب منه عرفات زيارته اثناء حصاره في الضفة الغربية - وعندما استقل طائرة ياسر عرفات من غزة، أجبرته إسرائيل علي الهبوط مرة أخري لكن عرفات أصر أن يذهب إليه بطائرته مهما كان الثمن وتكررت المحاولة وتدخلت القاهرة وعبرت الطائرة الأجواء ووصل كامل إلي عرفات للدردشة في أمور العلاقات مع إسرائيل، التي تربطه صلات وثيقة بشخصيات مهمة فيها.. فأثناء مفاوضات السلام بين مصر وإسرائيل في مينا هاوس.
طلب إبراهيم كامل من عرفات تمثيل فلسطين فيها.. وهذا يؤكد عمق علاقاته مع الشخصيات والزعماء أما علاقته بآل مبارك، فهو الوحيد الذي جالس مبارك علي مائدة واحدة أثناء حفل زفاف جمال في شرم الشيخ.
هذه العلاقات المتداخلة تشير بوضوح إلي وجود شراكة مالية واستثمارية..
فهل سيفتح هذا الملف في التحقيقات، حتي يتم الكشف عن الثروات الخاصة بأسرة مبارك، ومعرفة حجم مساهمات جمال وعلاء في شركات إبراهيم كامل الداخلية، أو مصنع الطائرات في روسيا.. أسئلة كثيرة مطروحة في حاجة لإجابات حاسمة.
التلفزيون العربي - البث المباشر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق