الجمعة، 15 يوليو 2011

الإسلام لا يعرف الدولة الدينية


الدعوة السلفية وإمامها محمد بن عبد الوهاب 
إقامة شرع الله لا يستقيم الا مع الإسلام 
لا مانع من مشاركة المرأة في الإفتاء 


تحريم الصـــلاة في مسجد بــه ضـــريح مســـألة خلافيـــة 

بلسان حال المفكر الاسلامي المصري المهموم بقضايا الوطن والامة تحدث الاستاذ الدكتورمحمد الشحات الجندي الامين العام للمجلس الاعلي للشئون الاسلامية في حوار صريح وساخن لـ.." الميدان" طالب الدكتور الشحات الثوار بالصبر والعمل الجاد للحفاظ علي مكتسبات الثورة ..واعلن رفضه لما يزعمه البعض بشأن الدولة الدينية وقال الادعاء بالدولة الدينية ادعاء باطلاً وهي فكرة صدرها الغرب الينا وان الحاكم ليس محصنا ولا يجوز لاحد ان يحكم باسم الله.. ورفض الشحات الجندي تشدد السلفيين وطالب بالتصدي لافكارهم لانها مدمرة وتثير البلبلة ونبه الي انتشار الوهابية في مصر..
وقال انه لايمانع في تولي المرأة شئون الحكم في الدولة ومشاركة الرجل الافتاء ورفض فضائيات وصحف التحريض علي الاثارة واشاعة الفوضي.. وقال ان للشهداء درجات عند الله ومنهم شهداء الدنيا الذين لهم المثوبة وطالب ذويهم بالصبر وطالب الدولة بعدم التخلي عن حقوقهم.. والي نص الحوار: نبدأ من جمعة الصمود وتجديد الثورة ..كيف يري د. الشحات الجندي ..
المشهد الآن من تجدد الثورة وعدم استقرار الاوضاع؟ 

المشهد فعلا لا يؤدي الي ان تحقق الثورة اهدافها التي طلبتها من البداية ..متطلبات الثورة من الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية والديمقراطية لكل افراد المجتمع المصري في اختيار الحكومة والرئيس الذي ينهض بالبلاد بما تستحقه من ريادة في محيطها الافريقي وعالمها العربي والاسلامي .. فلكي تتحقق هذه المتطلبات فلابد ان يكون هناك عمل جاد وتنمية حقيقية بسواعد ابناء الوطن وليس من خلال القروض او المعونات من هنا او هناك..والنص الكريم يقول:  "وقل اعملوا فسيري الله عملكم ورسوله والمؤمنون"  ولنا في رسول الله أسوة حسنة الذي بدأ بالدولة الاسلامية الناشئة في المدينة من مرحلة الصفر واستطاع ان يجمع كل اطياف المجتمع فيها مسلمين وغير مسلمين حتي اليهود وبعض الوثنيين ليبنوا معا هذه الدولة لكي تكون دولة قوية ومؤثرة في عالمها حتي وصلت الي ما وصلت اليه وما ذلك الا من خلال الحفاظ علي هوية الدولة والمجتمع والعمل المنتج والتنمية والتي امتدت آثارها الي مختلف مناشط الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والعسكرية وهو الامر الذي يكشف عن طبيعة الدولة الاسلامية في كونها دولة للدين والدنيا علي السواء ، وليست دولة تتعلل بالقدر حتي في التخلف الذي تبتلي به من جراء افكار خاطئة وتقاعس عن اداء الواجبات ونكوص عن تحمل المسئولية ،وهي المعاني والمقومات التي لا يمكن ان ينهض المجتمع او تتقدم دولة بدونها ، وهي المعاني المغيبة عن واقعنا الراهن الذي اصبحت فيه المطالب الفئوية والشخصية ظاهرة مؤرقة لتقدم الوطن وانطلاقه علي درب التنمية . 

- وكيف يمكن مواجهة ذلك والتغلب عليه؟ 

ما ينبغي ان نعيه جيدا ونوعي به كل مواطنينا نحو ان يبدأ كل فرد بنفسه ويؤدي عمله بجدية واتقان وان ننأي بأنفسنا عن الشعارات التي لا تقدم ولا تؤثر ، بل ربما تعوق تحقيق ما تصبو اليه الثورة وفكر الغيورين علي هذا الوطن والمخلصين له الذين يريدونه ان يكون معلما في عالمنا المعاصرالذي لا يأبه الا بالمجتمعات القوية التي تفرض وجودها باقتصاديات قوية وعمل متقن ومنظم تحتفظ بآصالة الهوية وتواكب متطلبات العصر.  ولكن البعض يطالب بالدولة الدينية وهناك من يتخوفون من ذلك سواء في الداخل او الخارج؟  ينبغي ان يكون معلوما ان الدولة في الاسلام هي دولة تتأسس علي مرجعية تستمد اصولها ومقوماتها من الادلة الشرعية والقطعية التي لا يجوز تفسيرها الا بمعني واحد محدد، مثل تحريم جرائم القتل ،وهي مقاصد الدين والاعتداء علي النفس والدين والمال والعقل والعرض او الشرف والكرامة ..وهذه المقاصد تمثل المرجعية للدولة في الاسلام ، بحيث تثبت لكل مواطن يعيش في هذه الدولة وتكون حقا له بغض النظر عن الاختلاف في الدين او الجنس او اللون او القومية او المركز الاجتماعي.. اما الشئون الحياتية التي تشمل المسائل السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعلمية او التكنولوجية ،  فانها تعتمد علي الاجتهاد وينبغي علي العقل المسلم ان يفكر بكل ما وسعه العقل الانساني من ابداع وابتكار حتي يرتقي بأمور المجتمع والامة والدولة . ويجعل الامة تتبوء مكانتها الرفيعة في عالمها في العالم المحيط بها.. ولا مانع من ان تعتمد هذه الدولة علي خبرات الاخرين .. الامر الذي يجعل من الادعاء بأن الاسلام يعرف الدولة الدينية او قام علي اساس الدولة الدينية ادعاء باطل لا اساس له من الصحة ، ويكفي ان نعلم ان القرآن الكريم خاطب الرسول - صلي الله عليه وسلم  - بقوله :" ليس لك من الامر شيء " وقال :" وشاورهم في الامر" وهو ما حرص عليه الرسول - صلي الله عليه وسلم - علي ان يبعد فكرة التعلق بحكم الله فيما ينبغي ان تسلكه في امور الحياة المختلفة ، فقد قال لبعض الصحابة الذين ارادوا ان يخضعوا الناس علي حكم اجتهدوه بانه من عند الله بقوله - صلي الله عليه وسلم - : "واذا حاصرت اهل حصن فأرادوك ان تنزلهم علي حكم الله فلا تنزلهم علي حكم الله ولكن انزلهم علي حكمك فانك لا تدري أتصيب فيهم حكم الله ام لا" .. وهو ما يعني ان الحاكم او المسئول في الدولة الاسلامية لا يجوز ان يلزم الناس بحكم يراه وينسبه الي الله ،ولكن عليه ان يجتهد ويقول هذا اجتهادي قد اصيب او أخطئ، وهو ما ينفي نفيا صريحا وقاطعا فكرة الدولة الدينية التي تقوم علي حاكمية الله ، وان ما يحرمه او يحله الحاكم فهو حكم الله الذي لا رد لقضائه او معقب لحكمه فهي فكرة صدرها الغرب إلينا من واقع ما عاشته اوروبا في القرون الوسطي ، وانطلت علي فكر البعض من المسلمين زورا وبهتانا علي صحيح الاسلام لان اي بشر مهما علت منزلته - ما عدا الرسول - صلي الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوي - انما يؤخذ من قوله او يرد عليه.ومعلوم ان الحديث الشريف يقول :" إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران وان اجتهد فاخطأ فله اجر واحد" .؟.  مما يعني ان الحاكم عرضة في الاسلام للصواب والخطأ، وانه ليس محصنا ولا يجوز ان يدعي انه يحكم باسم الله وعلي هذا الاساس جاءت وثيقة الازهر الشريف؟  نعم .. فان ما صدر عن الازهر من وثيقة في غضون الايام القليلة الماضية اكد ان الاسلام يقبل الدولة الديمقراطية الحديثة هو تعبير عن الفكر الاسلامي وطبيعة الدولة التي حكمت المسلمين وكانت الدولة الاولي في العصر الذهبي للاسلام ، مما يؤكد علي مدنية الدولة في الاسلام. ولكن السلفيين ظهروا علي السطح بأفكار ومطالب يفرضونها علي الناس المسلم منهم وغير المسلم؟ إدعاء السلفية المتشددين ممن كثرت بهم الساحة الآن في ظل اجواء الحرية التي اتاحتها ثورة المصريين 25 يناير من تعقب المسلم وغير المسلم في افكارهم وسلوكياتهم ، بدعوي إقامة حدود الله والتمسك بالشرعية التي كان عليها السلف الاول عن طريق مراقبة ومحاصرة الناس في خصوصيات علاقتهم بالله سبحانه وتعالي حتي اصبحوا اوصياء علي الفكر والسلوك بدعوي إقامة دين الله وشرعه هو قول ومسلك لا يستقيم مع اصول الاسلام الصحيح وليس أدل علي رفض هذا التوجه من جانب من يسلك هذا المسلك ان القرآن الكريم قال للرسول -صلي الله عليه وسلم - فذكر إنما أنت مذكر لست عليهم بمسيطر"، "21-22 الغاشية"، وهو توجيه وتعليم وتربية علي ان الداعية الحق علي بصيرة هو من يرشد الناس الي السلوك الصحيح المبني علي دليل قوي وقاطع،ويترك الناس ليعملوا بحسب ما يسره الله لهم وليس عليه الا ان يخلص النصيحة ويلفت نظر الناس الي ما يتبقي نحو سعادتهم في دينهم ودنياهم دون ان يكون جلادا او متلصصا علي خصوصياتهم ،وكأنه مفوض تفويضا إلهيا ينبغي علي الجميع ان ينصاعوا له ويطيعوه ، وليس للناس الحق في النقاش او المراجعة او البحث عن أي دليل آخر ، وهذا الفكر ينبغي ان نتصدي له ونتخلص منه تجنبا لآثاره المدمرة التي تحدث الفتنة والبلبلة وتؤدي الي الصراع العقائدي والفكري الذي لا يكون عاقبته الا الويل والخسران مصداقا لما جاء في القرآن الكريم :" واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا انفسهم منكم خاصة واعلموا ان الله شديد العقاب" 25 الانفال. 
وما موقفك من الاحزاب التي تنذر بالقيام علي اساس الدين؟ ارفضها طبعا .. لكن يجوز ان تكون هذه الاحزاب ذات مرجعية اسلامية بمعني ان تحتكم الي النصوص القطعية في القرآن والسنة،وتجعل من الاجتهاد والابداع والابتكار في شئون المجتمع والدولة وهو الذي يتم من خلال الاجتهاد كمصدر من مصادر التشريع الذي يمكن ان يتم في الشئون السياسية والمجتمعية من خلال المجالس التشريعية الشعب والشوري والرجوع الي اهل الخبرة والاختصاص واشراك المجتمع بأكمله في القيام علي شئونه والمشاركة في صنع القوانين والقرارات المظمة للمجتمع ،ذلك ان إجماع الامة حول مسألة جديدة لم تكن موجودة في العصر الاسلامي الاول ولا تخالف نصا قطعيا في القرآن او نصا صحيحا في السنة فيكون مقبولا وجائزا وملزما للناس لان ارادة الامة واختيارها له شأن ، وقيمته في نظر الشرع الاسلامي ، والحديث الشريف يقول :"عليكم بالجماعة فإن من فارق الجماعة مات ميتة جاهلية: ..وهو ما يجدر القول معه بانه لايجوز لاحد كائنا كان ان يحتكر فهم النص القرآني او النبوي بحجة انه يعلم ذلك دون سائر الناس وانما هذا الاختصاص يكون للعلماء جميعا ولمفكري الامة بما يسهم في بعث الامة ورقيها. 
هل الوهابية تنتشر الآن في مصر؟ 
.. مع الاســف نعــم .. 
ومن المهم ان يتنبه كل فرد الي ابتداع الفكر الاسلامي الوسطية الذي لا تشدد فيه ولا تطرف ..بمعني ان ما يدعو إليه البعض من فكر دخيل ومستورد من آخرين يتمسكون بأمور خلافية واحكام اجتهادية بغرض فرضها علي الناس باعتبارها حكما قطعيا واصيلا مثل عدم صحة الصلاة في مسجد فيه ضريح واعتبار ذلك من الشرك بالله او ضرورة هدم هذه الاضرحة مع كونها مسألة خلافية وردت فيها نصوص يمكن تفسيرها باكثر من حكم ، مما لايجوز معه تكفير المسلم او الحكم عليه بالخروج من الملة ووصفه بالضلال الي غير ذلك من المقولات التي باتت تؤرق المجتمع المسلم في عصرنا الحاضر.... وننبه في هذا السياق ان فكر الاسلام الوسطي الذي ظل يمثل فكر اهل السنة والجماعة هو الفكر السلفي الصحيح وهو فكر معقول يعتمد علي النقل والعقل وعلي صحيح الشرع والدين واجتهاد العقل المسلم بما يحقق مصلحة الامة ويمكنها من مواكبة ركب التطور والتقدم الحضاري وهو ما حققه المسلمون في عصورهم الاولي .  د. آمنة نصير انتقدت في حوارنا معها الاسبوع الماضي عدم مشاركة المرأة الرجل في عضوية مجمع البحوث الاسلامية وعدم وجود مفتية .. فما ردكم علي ذلك؟ لا مانع من مشاركة المرأة في الافتاء او تناول القضايا الدينية متي كانت مؤهلة لذلك وعالمة بفكر الاسلام وشئون الحياة ..وما ورد بالقرآن الكريم :" فاسألوا اهل الذكر ان كنتم لا تعلمون "7 الانبياء" لم يقصرها علي الرجال بل يعمم الرجال والنساء من المؤهلين بالعلم دون اختصاص او قصر علي الرجال وحدهم وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء وقد ثبت ان السيدة عائشة - رضي الله عنها - كانت من اهل الفقه والاجتهاد وكان يلجأ اليها كبار الصحابة للاستفسار. 
ولكن أين المرأة من تنفيذ ذلك؟ موجودة.. وعلي سبيل المثال المثال هناك لجنة قضايا المرأة واعضائها كلهن نساء يقدمن فكر وفقه الاسلام في امور متعددة اخرها قضية الاسرة والحضانة وكذلك لجنة الاسرة والطفولة بالمجلس الاعلي للشئون الاسلامية بها بعض السيدات اللاتي يشاركن بالرأي .. ولا مانع ان تكون هناك مفتية في شئون المرأة وقضاياها التي تخصها .. وهذا يرجع لمصدر القرار في الدولة ..فمثلا عندما صدر القرار بالمرأة مأذونة لم نعترض وكذلك تكون رئيسا للجامعة.  يمكن ان تكون المرأة رئيس حكومة او دولة .. فالممنوع في الاسلام ان تتولي الحكم العام للامة الاسلامية وهل تقبلونها رئيسا للدولة ؟  -- ولكن البعض يرفض ذلك مستندا لحديث بأن لعنة الله علي قوم ولوا امرهم امرأة..هو حديث غير متواتر ، كما انه يرد عليه قوله تعالي عن وصف بلقيس ملكة سبأ : " واوتيت من كل شيء ولها عرش عظيم"23 النمل"  وهو ما يفيد ان المرأة كان لديها من الامكانات والامكانيات التي جعلت من حكومتها ناجحة تسوي امور الدولة. 
وما رأيك في المرشحين لرئاسة مصر ومن بينهم نساء؟ منصب الرئيس منصب جليل ينبغي ان يتمتع من يترشح له بالقدرات الشخصية الامكانات التي تؤهله للقيام بالتصرف الحكيم وادارة امور الدولة ادارة حكيمة تستوعب مصالح الناس وفي ذات الوقت ايضا يكون لديه من القوة والتأثير في الناس بحيث تكون طاعتهم له عن اقتناع وقبول وليس بالجبروت واستخدام القوة في كل الا حوال. هل مطلوب ان يكون رئيس الدولة مهابا يخافه الشعب؟ لازم يخافوا.. بمعني ان يحبه الشعب ويخاف منه وله هيبته. 
ومن في رأيك من المرشحين حاليا تنطبق عليه السمات التي ذكرتها؟ في الساحة الان بعض الشخصيات التي يمكن ان يكون لديها من الامكانات التي يمكن مع التجربة والممارسة ان يعلو بهذه الامكانات مع الاستفادة من اهل العلم والخبرة في المجتمع وهم كثيرون. من بالتحديد يا دكتور؟ في حدود المتاح حاليا ربما يكون الدكتور محمد البرادعي او الدكتور محمد سليم العوا او السيد عمرو موسي. ولكن د. آمنة نصير لها رأي مخالف فهي تري ان سليم العوا يخافه الاقباط والبرادعي ينفذ اجندة وموسي بلغ من العمر ارذله؟ فهل نجيب ملائكة؟!! هي تجربة .. وهو ترشيح والامة تختار .. وهي مرحلة انتقالية..ومصر ولادة وغنية بأبنائها .. ولكن علينا ان نعطي لهم الفرصة لمن يتولي المسئولية لعبور المرحلة الحرجة.. وهل تري ان الشعب قادر علي استيعاب ذلك؟  الناس اصبحوا اكثر وعيا ودليل علي ذلك ما افرزته الثورة من طاقات مكنونة في صدور المصريين اسفرت عن ثورة حضارية نرجو الا يتمكن منها اعداء الوطن في الداخل والمتربصين بها في الخارج .. لكن تبصرة الناس وتوعيتهم بالتحلي بضبط النفس وتأجيل المطالب الشخصية والفئوية التي لا تقوي علي تحقيقها ظروف مصر في المرحلة الراهنة ، مما يستدعي من كل فرد محب لهذا الوطن ان يضحي ببعض مطالبه ليعطي الفرصة لكي تقف مصر علي قدميها، وتستأنف مسيرتها نحو التنمية والتقدم والنظام الرشيد الذي ينهض بالبلاد والعباد. 
وكيف تأتي النهضة والاستقرار وهناك فضائيات وصحف دأبوا علي استخدام لغة التحريض علي كل شيء؟ ما نشاهده من الاعلام سواء المقروء او المرئي او من بعض الدعاة من خطاب يتسم بالتحريض هو امر يثير الفتنة ويبعث علي ان يهب كل فرد نحو المطالبة بما يستلزمها من استمرار اسلوب الاعتصامات والتظاهرات والاحتجاجات التي اصبحت يومية تقريبا، هو ما يسئ للمجتمع بما يظهره امام العالم بان مصر دولة غير مستقرة ويتصارع ابناء شعبها مع بعضهم البعض وهو ما ينبغي مقاومته والوقوف صفا واحدا ضد الداعين له والمحرضين عليه من اي شخص كائنا كان من المتشددين من المسلمين او المسيحيين لان اولوية المرحلة الراهنة تقتضي ان يجتمع المصريون جميعا حول مصلحة الوطن ونهضة المجتمع والقيام بالعمل الجاد المتقن ولن يتسني ذلك الا بالتوحد واتحاد الكلمة والتبصر بما يحاك ضد هذا الوطن من مؤامرات تريد ان تجهض الثورة وتفرق جماعته وتفكك مجتمعه، وان يعلم الجميعان مآل ذلك هو الهزيمة والفشل مصداقا لقوله تعالي :"ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا ان الله مع الصابرين" 46 الانفال.." وعلينا ان نتوحد نحو تحقيق اهدافنا وفقا للاولويات القومية التي تتطلبها المرحلة. مظاهرات بعض اسر الشهداء جاءت نتيجة لتحريض الخطاب الاعلامي من البعض .. فمن هو الشهيد وماذا تقول لاسرهم؟ لا شك ان التضحيات الجسام التي بذلها بعض ابناء الوطن في ثورة 25 يناير هي تضحيات لها ثوابها عند الله سبحانه وتعالي وينبغي تقديرها في دنيا الناس. وهم في منظور الاسلام شهداء الدنيا الذين لهم عند الله المثوبة والاجر الجزيل جزاء تضحياتهم لاعلاء شأن الامة والوطن.. وهؤلاء الشهداء يختلفون في درجتهم عن شهداء الدين الذين وصفهم الرسول - صلي الله عليه وسلم - بقوله من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله لكن لكل من شهيد الدين والدنيا ثوابه عند الله بحسب النية والاعتقاد. وفي هذا فاننا نناشد اهالي الشهداء ان يحتسبوا تضحيات ابنائهم عند الله تعالي دون ان يتخذوا ذلك سبيلا الي حرمان فلذات اكبادهم من المثوبة المستحقة لهم عند الله.. وفي نفس الوقت لا يجوز للدولة ان تتخلي عن حقوق ابنائها الابرار المخلصين الذين قصدوا من تضحياتهم إعلاء شأن الوطن والمجتمع. .


ليست هناك تعليقات: