الاثنين، 30 مايو 2011

نحن الآن في زمن الحب …حب مصر



زمن الحب الحقيقي . في حب مصر



زمن الغناء و”الشحتفة” في حب مصر
 قــد ولّى إلى غير رجعـــة 
وجاء الآن زمن إثبات هذا الحب الجياش بالعمل والإنجاز. 
نحن الآن في زمن الحب أخيرا… ولكن زمن الحب الحقيقي كلما أخذني الحنين لأيام التحرير أستخرج الصور ومقاطع الفيديو التي صورتها أيام الثورة وأقضي معها بعض الوقت لإعادة شحن بطارياتي الوطنية. فالصورة تنقلني عبر الزمن لاستعادة المشاعر القوية والدروس النادرة التي تعلمتها في التحرير، ولذلك ستجدون مقطع فيديو ملحق بهذه المقالة.
التحرير كان بالنسبة لي منجم جواهر، ففي كل يوم قضيته هناك، وحتى في طريق الذهاب والعودة، كنت أكتشف العديد من الكنوز الدفينة من إبداعات الشعب المصري، ولإن تخصصي هو التواصل والابتكار، فقد كنت أتحدث مع العديد من البسطاء لأتعرف عليهم عن قرب، واستكشف إبداعاتهم المذهلة التي انطلقت معبرة عن نفسها بعد أن خنقها وحبسها القمع والخوف، وكنت أسجل بالكاميرا كل ما يقابلني.
واكتشفت أن الإبداع الفطري للمصريين حلق عاليا منذ إن بدت أولى بشائر الحرية وقبل حتى أن تظهر ثمار الثورة، بعد أن تضاءل شبح الخوف حتى اختفي تحت أقدام الثوار الطاهرة.
من ذلك موقف قابلني في طريقي إلى التحرير صباح يوم الخميس ٩ فبراير، قبل يوم واحد من التنحي، ولكنني أجد فيه الكثير من العبر التي تناسب الأحداث الآن، خاصة فيما يتعلق بتحقيق ما نريده لمستقبل مصر بالعمل وليس بالكلام.
رزقني الله يومها بسائق تاكسي استثنائي، اسمه أحمد عيسى، ذو ملامح مصرية أصيلة وصوت مثقف شجعني على الحوار معه لاستطلاع رأيه في الثورة، فقد قيل لنا وقتها إن العاملين باليومية يشتكون من الثورة لأنها أوقفت حالهم وقطعت رزقهم، وأنهم لذلك يطالبون الثوار بالعودة إلي بيوتهم. ولكنه فاجأني بقوله “بالعكس يا فندم، اللي حاصل ده أغلي هدية لينا كلنا” وقال أنه يجمع أولاده وأهله وجيرانه كل يوم ويشرح لهم ما يحدث ويطمئنهم إن مصر ستتعافى وستصير أحسن مما كانت حتى لو اضطروا أن يتحملوا بعض المعاناة لفترة، فإن الحرية أغلى شئ في الحياة و”يرخص لها كل غالي” كما قال لي. فزاد فضولي، وسألته عن تعليمه، فاتضح أنه حاصل على دبلوم تجارة وأنه اعتقل تحت قانون الطوارئ بسبب قصيدة كتبها إسمها “في حب مصر” وألقاها لأول مرة منذ سنتين في مركز شباب “منشية التحرير” ليحذّر من الفساد ويحرض على الثورة على كل أشكاله التي لوثت حياتنا.
وقال أنه الآن فخور لأنه ينشدها أخيرا بأعلى صوته بعد أن استرد حريته وقهر خوفه. فطلبت منه أن يُسمعنا قصيدته، واستأذنت أن أصوره بالفيديو لأكتب عنه، وأن يسمح لي أن أذكر إسمه، فلم يتردد وذكر اسمه لسابع جد، بل وذكر عنوانه وتليفونه بالتفصيل أيضا، وقال ضاحكا عندما رأى دهشتى: “خلاص يا فندم، مش ممكن نخاف تاني” ثم انطلق ينشد قصيدته من الذاكرة بمشاعر قوية حتى أنه كان يغالب دموعه في بعض المقاطع. وعرفت ساعتها لماذا يعتبر “الحرية” أغلى شئ في حياته، لأنه يحب مصر حقيقة وليس بمجرد الكلام، ولأنه يريد أن يكون حرا للتعبير عن هذا الحب بالعمل لا بمجرد الكلمات. عندما وصلنا إلي التحرير، رفض سائقي المثقف الوطني أن يقبل أجرته عن الرحلة إلا بعد إصرار وإلحاح، وكان يقاوم بقوله: “هذه مساهمتي المتواضعة معكم من قوتي وقوت عيالي، يا ريتني كنت أقدر أشارك لكن لازم أشتغل، والله كنت اتمني أبيت في التحرير مع الأحرار”. احترمته جدا لتقديره قيمة العمل مع عدم إهماله قيمة المشاركة الوطنية. ما أحوجنا الآن أن نتعلم من أحمد وأمثاله أن زمن الغناء و”الشحتفة” في حب مصر قد ولّى إلى غير رجعة، وجاء الآن زمن إثبات هذا الحب الجياش بالعمل والإنجاز. نحن الآن في زمن الحب أخيرا… ولكن زمن الحب الحقيقي!






ليست هناك تعليقات: