عبــودية العصــر الحديث
ترتفــع بنسبة 30% في العــالم
![](https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhAwqjakALpuJQOUHqX433VaIRH5rLrby0Np4rSfoSKtuMQPyaGn8m-PfhVYHuP-DAkT8A47IPlRrWrTtv5qBLUJYLQK5OqZkptkQKtui-qpQVfUOCSUz-3TGH9W0G3mnCQwPvbAvd_xZrE/s320/%25D9%2585%25D8%25AA%25D9%2589-%25D8%25A8%25D8%25AF%25D8%25A3-%25D8%25A7%25D9%2584%25D8%25B9%25D8%25B5%25D8%25B1-%25D8%25A7%25D9%2584%25D8%25AD%25D8%25AF%25D9%258A%25D8%25AB-%25D9%2588%25D9%2585%25D8%25AA%25D9%2589-%25D8%25B3%25D9%258A%25D9%2586%25D8%25AA%25D9%2587%25D9%258A%25D8%259F.jpg)
صحيح أن العبودية بشكلها التقليدي انتهت منذ نهاية القرن التاسع عشر، عدا جيوب هنا وهناك في إفريقيا والهند، إلا أن أشكالاً أخرى من العبودية مازالت تسود العالم، رغم الإعلان العالمي لحقوق الإنسان واتفاقات جنيف والإعلان العالمي لحقوق الطفل .
والفرق الوحيد بين العبودية بشكلها التقليدي والحديث أن الأولى وطأتها مباشرة على أفراد، والثانية على شعوب .
الديون هي عبودية العصر الحديث، فإذا كان الدين في الهند يستمر في السلالة ويبيح للمرابي الدائن عرفاً استعباد أقارب دم المدين، فإن الدائنين المعاصرين يفعلون مثل ذلك . والمثال القريب لذلك البرتغال التي بدأت تتحرر من ربقة الترويكا السياسية والمالية والنقدية للاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي والبنك المركزي الأوروبي .
وينتظر البرتغاليون على أحر من الجمر "الرجال الذين يرتدون اللباس الأسود" في إشارة إلى مفتشي الترويكا الذين ينصحون ويراقبون ويفتشون باعتبارهم الأوصياء على البلد الذي تدخلوا في 2011 لانتشاله من حافة الإفلاس، وأقرضوه 78 مليار يورو مقابل تطبيق برنامج تقشف صارم رافقته تخفيضات أجور الموظفين والرواتب التقاعدية وزيادة الضرائب بنسبة الثلث رغم أن الاقتصاد البرتغالي بدأ التعافي، إلا أن أغلبية الناس لم تحس بنتائجه، فقد كان الثمن باهظاً، فقد بات 20% من البرتغاليين تحت خط الفقر، وتطال البطالة 15،1% من قوة العمل و37،5% بين الشباب، وغادر 300 ألف برتغالي البلاد خلال الأعوام من 2011 و،2013 والرقم يمثل 6% من مجموع السكان القادرين على العمل .
وشهدت شوارع البرتغال في أواخر عام 2012 تظاهرات واعتصامات تنديداً بسياسة التقشف غير المسبوقة و"الظلم الاجتماعي" . ونجحت سياسة القمع الأمني في إزالة آخر مظاهر احتلال ميادين المدن واعتصام الساخطين فيها، ليحل الإذعان وصمت العبيد .
مازالت مشكلة الديون تفتقر إلى حل إنساني، وأساليب معالجتها أثبتت فشلها، وفاقمت من أزمات الدول الرازحة تحت نيرها .
الوصفة التقليدية لصندوق النقد الدولي تقوم على ضمان استرداد الديون عبر برامج تقشفية، والنتيجة دائماً كارثية، تتمثل في تدهور معدلات الاستثمار والاستهلاك على السواء، وتعثر مشروعات التنمية، وتفاقم الأوضاع المعيشية للفقراء، وتقليص الإنفاق على البرامج الاجتماعية والصحية والتعليمية، وارتفاع معدلات التضخم والبطالة، وتزايد السخط الشعبي على الحكومات المذعنة لسطوة الدائنين .
حل آخر غير إنساني لاسترداد الدين يتمثل في تخصيص حصص جزئية أو كاملة في شركات القطاع العام الوطنية في مجالات الصناعة والزراعة والتجارة، أو الهياكل الأساسية لمكونات الاقتصاد القومي مثل النفط والمعادن وأضرابها . وهذا الحل ليس إلا تقنيناً للاستيلاء على الأصول الإنتاجية للشعوب بأبخس الأثمان .
وكل الحلول الأخرى لا تخرج عن أن تكون تلطيفاً شكلياً للأسلوب القاسي لاسترداد الديون من دون أن يمس الجوهر، ودائماً ما تقابل مقترحات تخفيف أعباء الديون وخفض أسعار الفائدة وشطب نسبة من حجم الدين الأصلي بالرفض من الدول الدائنة .
اليابان التي اقترحت قبل عقدين استخدام الفوائض الضخمة لمساعدة الدول المثقلة بالديون، بقروض غير مشروطة إضافية لمساعدتها على بناء اقتصاداتها وإعفاء الدول الفقيرة، لم تجد صدى في العالم الرأسمالي .
الصين الصاعدة تطبق هذا الاقتراح عملياً من دون ضجيج في إفريقيا، لكن الضجيج يأتي من الطرف الآخر الذي يسوؤه أن يتحرر الفقراء من ربقة عبودية الديون، ويتحدث عن غزو صيني للقارة السمراء .
الصين تغزو عقل وقلب إفريقيا، في شراكة رضائية تعود منفعتها على الطرفين، بينما الآخر الذي استنزف القارة بالنهب الاستعماري أولاً، وبالشركات العابرة للقارات ثانياً، يتناسى أنه يسرق علانية ويفيض ببعض الرشى على النخب الحاكمة الفاسدة، بينما أغلبية الشعوب تتضور في مسغبة الجوع ومهلكة الحروب الأهلية .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق