الاثنين، 14 سبتمبر 2020

سياسة “حافّة الهاوية” أردوغان لم يدرك أنّه يُواجه مُعكسرًا غربيًّا مسيحيًّا..فيديو



لماذا أصدرت قاضية أمريكيّة أمرًا بالتحقيق مع 24 مسؤولًا سعوديًّا على رأسهم الأمير بندر عشيّة ذِكرى هجَمات سبتمبر؟
 هل هو مشروع ابتزاز مالي وتطبيعي جديد للرياض؟
 وكيف أنقذ ترامب الأمير بن سلمان من الكونغرس 
.. والمُقابل 400 مليار دولار؟ ..
 ولماذا سيزداد طابور المُطبّعين بعد قرار الجامعة الأخير؟
 أردوغان يُوجّه رسالتين قويّتين
 ربّما تُخفِّضان التّصعيد العسكريّ في شرق المتوسّط
.. مـــا هُمــــا؟ ..
 وهل يستجيب السيسي مع “غزل” المُستشار التركي الأبرز؟
 وكيف وجّه بومبيو طعنةً قاتلةً في الظّهر
... لحليفه التركيّ بزيارتِه لقبرص ...


وجّهت الحُكومة التركيّة رسالتين على درجةٍ كبيرةٍ من الأهميّة ستُساهمان حتمًا في تخفيف حدّة التوتّر في شرق المتوسّط، وتجنيب تركيا مُواجهات عسكريّة مُحتملة، اعتقد الكثير من المُراقبين أنّها باتت وشيكةً في ظِل التّحشيد الأوروبي والأمريكي حِلف اليونان وقبرص. 
- الأولى: تمثّلت في سحب سفينة الأبحاث والتّنقيب التركيّة “أوروبس ريس” والسّفن الحربيّة المُرافقة لها من المناطق المُتنازع عليها مع اليونان وقبرص، وعودتها إلى ميناء أنطاليا جنوب تريكا، تجاوبًا مع مطالب أوروبيّة، كشرطٍ للعودة إلى مائدة الحِوار. 
- الثانية: مُحاولة التّقارب مع مِصر وتجنّب المُواجهة معها على الأراضي الليبيّة من خِلال تصريحاتٍ لافتةٍ للسيّد ياسين أقطاي مُستشار الرئيس رجب طيّب أردوغان بثّتها وكالة الأناضول الرسميّة اليوم الأحد أكّد فيها ضرورة أن يكون هُناك تواصل بين مِصر وتركيا بغض النّظر عن أيّ خِلافات سياسيّة قائمة على المُستويين الرسميّ والشعبيّ، ووصَف فيها الجيش المِصري بأنّه جيش عظيم يحظى بالاحتِرام من قبل السّلطات التركيّة في “غَزلٍ” غير مسبوق. يبدو أن الرئيس أردوغان قد أدرك أنّ سياسة التّصعيد في ملفيّ الخِلاف شرق البحر المتوسّط حول الغاز والنّفط، والتّلويح بالحال العسكريّ في الأزمة الليبيّة، وتبنّي نظريّة “حافّة الهاوية” بدأت تُعطي نتائج عكسيّة، ولهذا قرّر إعطاء الأولويّة للتّهدئة، والعودة للخِيارات الدبلوماسيّة بالتّالي.
 الرئيس أردوغان وجد نفسه في مُواجهة تكتّل يضم الاتّحاد الأوروبي (27 دولة) وجزء كبير من حِلف “الناتو” إلى جانب روسيا يصطفّ خلف كُل من اليونان وقبرص، وزاد الطّين بِلّةً انضِمام الولايات المتحدة إلى هذا الحِلف، وخُذلانها للحليف والشّريك التركيّ في حِلف الناتو، ولعلّ زيارة مايك بومبيو، الأنجيليكاني المُتعصّب، أمس لقبرص التي جاءت بعد قرار أمريكي برفع حظر السّلاح عن قبرص، وإعراب بومبيو عن قلق بلاده الشّديد بشأن تحرّكات تركيا في شرق المتوسّط كانت القطرة التي أدّت إلى طفح الكيل. 
الخطأ الاكبر الذي وقع فيه الرئيس أردوغان عدم إدراكه أنّه يُواجه مُعكسرًا غربيًّا مسيحيًّا، ودون أن يستعدّ لهذه المُواجهةٍ بشكلٍ علنيٍّ كبير، فقد باتت تركيا بدون أصدقاء إقليميين ودوليين تقريبًا في الوقتِ نفسه، فروسيا التي تستضيف الكنيسة والقِيادة المسيحيّة الأرثوذكسيّة على أراضيها لا يُمكن أن تقف ضدّ اليونان أبرز أعضاء الكنيسة الشرقيّة، والحال نفسه يَنطبِق على قبرص وصربيا، والعالم المسيحيّ بشَكلٍ عام. إذا كانت تركيا قد حقّقت بعض النّجاحات في سورية فإنّ ذلك يعود إلى دعم هذا المُعسكر الغربيّ، والولايات المتحدة التي تقوده، مُضافًا إلى ذلك حالة الضّعف والانهِيار الإسلاميين، وتواطؤ بعض الدول العربيّة مع هذا المُعسكر، وبقيّة القصّة معروفة. 
حجم التّبادل الاقتصادي بين تركيا والاتّحاد الأوروبي يزيد عن 100 مِليار دولار سنويًّا، نِصفها مع ألمانيا تقريبًا، والدّخول في حالِ عداءٍ مع هذا الاتّحاد، ودُون تأمين أسواقًا بديلةً أُخرى، يَعكِس حالةً من سُوء التّقدير غير مسبوقة، ربّما تترتّب عليها نتائج كارثيّة على الصّعيدين الاقتصاديّ والسياسيّ، ولعلّ التّراجع الملحوظ للّيرة التركيّة في الأيّام الأخيرة أحد المُؤشّرات. 
مُواجهة أوروبا الاستعماريّة تحتاج إلى استراتيجيّةٍ جديدة، عُنوانها الأبرز تشكيل تحالف إسلامي قويّ يَضُم سورية ومِصر باكستان وإيران وماليزيا وإندونيسيا وأوّل شُروط إنجاح هذه الخطوة سحب جميع القوّات التركيّة من سورية، وتسوية كُل الخِلافات بين البلدين بالحِوار المدعوم والنّوايا الطيّبة. لا نُجادل مُطلقًا في حقّ تركيا في الحِفاظ على مصالحها الغازيّة والنفطيّة في شرق المتوسّط، والدّفاع عن أمنها القوميّ بكُلّ الوسائل في حالِ تعرّضه لأيّ تهديد، ولكن ليس بالتّصعيد العسكريّ ودُون قاعدة اقتصاديّة قويّة مُستدامة على الأرض، وإقامة عُلاقات وتحالفات قويّة مع دول الجِوار العربيّ والإسلاميّ وإدارة الأزمات الإقليميّة بذكاءٍ وطُول نفَسه.
 عند السيّد أقطاي سياسة استراتيجيّة تضَع تركيا على الطّريق الصّحيح إقليميًّا ودوليًّا، رُغم تسليمنا بأنّ هذه الخطوة تأخّرت كثيرًا، ولكن هذا التّقارب لا يُمكن أن ينجح في ظِل وجود قوّات تركيّة غير شرعيّة على الأرض السوريّة. 
لا نُريد أن نتدخّل في الشّؤون الداخليّة التركيّة، ولكن من حقّنا أن نتقدّم بنصيحة للرئيس أردوغان، أبرز عناوينها هو إبعاد جميع المُستشارين الذين وضَعوا سياسات تركيا التصعيديّة الحاليّة، واتّباع خطّة دبلوماسيّة جديدة عُنوانها الأبرز الانفِتاح على جميع دول الجِوار إقليميًّا باستِثناء إسرائيل وفتح قنوات الحِوار مع الخُصوم، الذين انشقّوا عن حزب العدالة والتنمية، والاستِماع إلى وجهات نظرهم، فتركيا مُقدِمَة على خِيارات وظُروف صعبة في ظِل نُشوء الحِلف الإسرائيليّ الخليجيّ الجديد.
 نعم الجيش التركيّ قويّ، ويحتَل المرتبة 11 على مُستوى العالم، وثاني أقوى جيش في حِلف النّاتو، ولكن ربّما يُفيد التّذكير بأنّ الاتّحاد السوفييتي انهار بسبب ضعف بُنيته الاقتصاديّة، وحالة الهرَم والشّيخوخة الذي كانت تعيشه قِيادته، وانخِراطها في حُروبٍ خارجيّةٍ على عدّة جبهات، وانتِشار الفساد، واستِغلال العالم الغربيّ في نِهاية المطاف لكُل هذه العوامل لتَقويضه مِن الدّاخل وإضعافه من الخارج. عندما تنحاز أمريكا إلى المُعسكر اليوناني القبرصي، وتبيع فرنسا اليونان 18 طائرةً مُقاتلةً من نوع “رافال” وأربع فرقاطات، وأربع طائرات مروحيّة ويُجنّد رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس 15 ألف جُنديًّا كدُفعةٍ أولى، ويجتمع قادة ليبيا من كُل الاتّجاهات في بورنيقة المغربيّة بدعمٍ فرنسيّ ومغاربيّ، بحثًا عن حلٍّ سياسيٍّ للأزمة الليبيّة، فإنّ الكتابة واضحةٌ على الحائط، وتقول مُفرداتها إنّ الطّرف المُقابل لتركيا استَعاد الكثير مِن أوراقه.. وسياسة “حافّة الهاوية” بدأت تَفقِد الكثير من مَفعولِها في ليبيا وشرق المتوسّط.. ولا بُدّ من البحث عن بدائلٍ وقبل فوات الأوان..





ليست هناك تعليقات: