إبراهيم كامل استقال احتجاجا وأكد أن الاتفاقيات ستؤدّي إلى عُزلة مصر وستسمح للدولة الصهيونية بحرية مطلقة في ممارسة سياسة القتل والإرهاب في المنطقة..
نجيب محفوظ: إذا لم تكن لدينا القدرة على الحرب فلنتفاوض ونصطلح .. هل من عودة لـ “لاءات الخرطوم الشهيرة”؟
أثارت موجة الهرولة الخليجية الى التطبيع مع الكيان الصهيوني جدلا هائلا، وكان اللافت في ردود الأفعال عليها مباركتها في الإعلام الرسمي والخاص بمنابره المختلفة: صحافة، وإذاعة وتليفزيونا، وغاب صوت الرافضين أو غُيّب، وباتت مواقع التواصل ساحة مفتوحة للرافضين لاتفاقيات الاستسلام مع إسرائيل.
أنصار التطبيع مع إسرائيل صالوا وجالوا واستغلوا الفرصة ليعبروا عن مباركتهم للسلام مع إسرائيل.
موقف المثقفين والسياسيين المصريين اليوم من اتفاقيات العار بين الإمارات والبحرين( والبقية تأتي ) ..
تدعو الى مقارنة سريعة بين مواقف المثقفين والسياسيين المصريين من اتفاقية السلام التي وقعها السادات مع إسرائيل في سبعينيات القرن الماضي.
مواقف السياسيين والمثقفين المصريين من الصلح مع إسرائيل تفاوتت، حيث أيد البعض السلام، في الوقت الذي وصفه آخرون بـ “الاستسلام”.
البداية من محمد إبراهيم كامل وزير الخارجية المصري الذي استقال عشية المفاوضات في كامب ديفيد.
كامل قالها صراحة ودون مواربة: “إن تلك الاتفاقيات ستؤدّي إلى عُزلة مصر وستسمح للدولة الصهيونية بحرية مُطلقة في ممارسة سياسة القتل والإرهاب في المنطقة مُستخدمة السلاح الأميركي كمخلب لها..
فالأفكار الأميركية التي طُرحت في كامب ديفيد كانت تهدف لإضفاء غطاء شرعي للاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية”.
قال الشيخ الإمام عبد العزيز بن باز رحمه الله :
كل دولة تنظر في مصلحتها، فإذا رأت أن من المصلحة للمسلمين في بلادها الصلح مع اليهود في تبادل السفراء والبيع والشراء، وغير ذلك من المعاملات التي يجيزها شرع الله المطهر، فلا بأس في ذلك.
وهكذا بقية الدول الكافرة حكمها حكم اليهود في ذلك.
والواجب على كل من تولى أمر المسلمين، سواء كان ملكا أو أميرا أو رئيس جمهورية أن ينظر في مصالح شعبه فيسمح بما ينفعهم ويكون في مصلحتهم.
وقال- رحمه الله :
وتأسيا بالنبي ﷺ في مصالحته لأهل مكة ولليهود في المدينة وفي خيبر.
هكذا كتب إبراهيم كامل في مذكّراته “السلام الضائِع في اتفاقات كامب ديفيد” المنشور في القاهرة بداية الثمانينات.
وأكمل بأن “ما قبل به السادات بعيد جداً عن السلام العادل.
الســخط والغضـــب
يقول المفكر الراحل د. جلال أمين في مقال له بعنوان: “ماذا فعل السادات بالمثقفين المصريين؟”:
“كان من الطبيعى أن تثير هذه التحولات الحادة درجة عالية من السخط والغضب لدى معظم المثقفين المصريين، سواء كانوا يؤمنون بالاشتراكية أو القومية العربية أو رافضين للصلح مع إسرائيل أو للتبعية للولايات المتحدة، وقد اتسم تعامل السادات مع كل من هذه الطوائف من المثقفين بمزيج من العنف والخبث والدهاء، كما استخدم فى تصريحاته الرسمية عن المثقفين كثيراً من التعبيرات غير اللائقة التى لم يستخدم مثلها قط لا عبدالناصر ولا مبارك، فوصف مثلاً واحداً من أكبر أدبائنا بالشيخ المخرف، وقال إنه رمى واحداً منهم فى السجن «مثل الكلب»، ووصف المثقفين المعارضين عموماً بـ«الأراذل» وهددهم جميعاً بأن ديمقراطيته «ذات أنياب» وأنه سوف «يفرمهم»… إلخ.”.
وتابع أمين: “بدا المثقفون المصريون وكأنهم قد أصابتهم صاعقة، فلم يدروا ماذا يصنعون أو أين يذهبون، أخذ بعضهم متاعه وهاجر إلى بلد عربى أو أوروبى، فذهب البعض إلى العراق حيث رحّب بهم صدام حسين، وبعضهم إلى الكويت حيث قاموا بالتدريس فى الجامعة أو اشتغلوا فى بعض المؤسسات الحكومية أو الصحفية هناك، أو إلى باريس حيث رحب بهم الاشتراكيون الفرنسيون، أو إلى لندن حيث استكتبتهم بعض الصحف الخليجية، أو وجد بعضهم لنفسه وظيفة فى هيئة دولية، ولكن السفر لم يكن متاحاً للجميع، بسبب السن، كما لم يكن هو السلوك الأمثل فى نظر البعض الذين أصروا على الاستمرار فى النضال فى داخل الوطن مهما كانت النتائج، من هؤلاء من استمر يكتب قصصاً رمزية أشبه بالألغاز كـ «نجيب محفوظ»، أو ترك الأدب نهائياً وكتب مقالات سياسية قائلاً إنه لا يمكنه أن يكتب قصصاً وروايات وبيته يحترق، كـ «يوسف إدريس»، ومنهم من أغلق عليه باب بيته ورفض الخروج منه أو استقبال أحد فيه مثل «جمال حمدان».
ولكن استمر رجال من نوع فتحى رضوان وحلمى مراد يكتبون المقالات النارية فى نقد سياسة الحكومة فى كل هذه الاتجاهات، وتبنى بعض المعارضين الخطاب الإسلامى، بعد تفسيره تفسيراً يسارياً ووطنياً، فى الكتابة فى نقد النظام مثل «عادل حسين وحسن حنفى»”.
نجــيب محفـــوظ
ينقل المفكر المصري الراحل د. غالي شكري في كتابه “نجيب محفوظ.. من الجمالية الى نوبل” عن الأديب نجيب محفوظ قوله: “الواقعة الأولى، فإنك تذكر أننا دعينا الى اجتماع مع العقيد القذافي عام 1972 في حضور هيكل ومجموعة من كتّاب الأهرام: وفي هذا الاجتماع الذي تحول الى ندوة ناقشنا أو نوقشنا في أمرين:
الأول هو السلام والثورة الليبية، والآخر هو القضية الفلسطينية، وفي هذا الموضوع قلت إنه إذا لم تكن لدينا القدرة على الحرب، فلنتفاوض ونصطلح وننهي هذه المسألة التي لا تحتمل بلادنا معها حالة اللاحرب واللا سلم لفترة أطول، وقد أيدني حسين فوزي وتوفيق الحكيم، وكان كلامي مفاجئا، فلم يكن يخطر ببال أحد التفكير، مجرد التفكير في هذا الحل، ذلك أننا كنا نعيش في أجواء لاءات الخرطوم الشهيرة (لا صلح ولا اعتراف ولا تفاوض مع العدو الصهيوني قبل أن يعود الحق لأصحابه.
حضرت كل الدول العربية المؤتمر عام 1967 باستثناء سوريا.)
ولكننا عشنا بعدها اضطرابا هائلا في صفوف الطلاب والعمال والمثقفين، وفي هذا الخضم حضر العقيد ليتكلم عن الحرب الشعبية، ونحن نعاني أزمات معقدة ومركبة بعضها موروث وبعضها طارئ، ولكن البلد توشك على الدخول في مأزق تاريخي يقود الى اليأس. حينذ فكرت بصوت عال وبين سياسيين وثوريين، فكانت المفاجأة حتى لي شخصيا.
السياسة الرسمية بعيدة تماما عن مثل التفكير الذي نطقت به أمام ضيف هو رئيس دولة عربية، ولكني وجدت نفسي أنطق بما أفكر فيه، حتى ولو لم يشاركني أحد”.
وتابع محفوظ مخاطبا غالي شكري: كان ذلك قبل زيارة السادات للقدس بخمس سنوات، هذه واقعة أنت تعرفها، فقد كنت شاهدا عليها، أما الواقعة الثانية التي لا أتذكر تاريخها تماما، ولكنه يقع – على وجه التقريب – بين أواخر 1975 وأوائل 1976 حين أجرت معي جريدة ” القبس ” الكويتية مقابلة كررت فيها رأيي السابق، وقد أفردت الجريدة صفحاتها بعد ذلك ستة أشهر لمهاجمتي، ولكن هذا حدث أيضا قبل زيارة السادات للقدس بحوالي عام، أي أنني لم أتملق السادات بتأييد كامب ديفيد”.
هل من عودة للاءات الخرطوم الشهيرة؟
السؤال الآن: هل يستمر الرؤساء العرب في الهرولة تجاه إسرائيل؟
وما هو رأي الشعوب؟
هل تقول كلمتها أم يستمر صمتها وهي لا تملك لنفسها ضرا ولا نفعا؟
وهل من أمل في العودة للاءات الخرطوم الشهيرة: (لا صلح ولا اعتراف ولا تفاوض مع العدو الصهيوني قبل أن يعود الحق لأصحابه).
أردوغان يُوجّه رسالتين قويّتين ربّما تُخفِّضان التّصعيد العسكريّ في شرق المتوسّط.. ما هُما؟
وهل يستجيب السيسي مع “غزل” المُستشار التركي الأبرز؟
وكيف وجّه بومبيو طعنةً قاتلةً في الظّهر لحليفه التركيّ بزيارتِه لقبرص؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق