.. عشمــاوي وحنفي جمــال وآخــرون ..
لمـاذا ينضم الضبـاط المنشـقون لتنظيمـات مســلحة؟
لمـاذا ينضم الضبـاط المنشـقون لتنظيمـات مســلحة؟
.. هشام عشماوي ليس آخـــرهم ..
لماذا يخــاف السيسي من الضبــاط المنشــقين؟
... ضابط منشق على السيسي ...
أسلحـة الجيش المصـري على الحــدود معطــوبة
وترقيـــات الضبــاط تعتمـــد على ملابس الزوجـــات
تاريخيا وصلت سطوة الضباط الذين انشقوا عن الجيش إلى اغتيال رئيس الدولة نفسه أنور السادات عام 1981
انشقاق ضباط عن الجيش والشرطة في مصر، ظاهرة قديمة لكنها تتجدد كل فترة، وتكمن خطورتها بالنسبة للنظام، في أن المنشقين غالبا ما يكونون من أهل الخبرة والتدريب العالي، ويخدمون في أسلحة مهمة وحساسة، وعلى دراية بعمليات الاستطلاع والمراقبة، ما يعد عامل قلق وخطورة فيما بعد على النظام.
ظاهرة الانشقاق عادة ما تبدأ بفرد يتبعه مجموعة، حتى تتحول إلى ظاهرة مهددة، ومقلقة للسلطة.
وتاريخيا وصلت سطوة الضباط الذين انشقوا عن الجيش، إلى اغتيال رئيس الدولة نفسه، عندما قنصوا الرئيس الراحل أنور السادات في 6 أكتوبر/ تشرين الأول 1981.
مؤخرا حاولت وسائل إعلام نظام عبد الفتاح السيسي، تسليط الضوء على الظاهرة دراميا في رمضان 2020، عبر مسلسل "الاختيار"، الذي تناول قصة ضابط "الصاعقة" المنشق هشام عشماوي، وكذلك ضباط الشرطة الذين شاركوا في تصفية الكتيبة 103 بكمين البرث في سيناء.
فهل يشعر نظام السيسي بالقلق وخطورة الأمر، رغم أن الهيكلية العسكرية لوحدات الجيش والشرطة، تدار بشكل صارم وفق أجهزة تحريات ومخابرات تعمل على مدار الساعة في كتابة تقارير عن كل جندي وضابط يعمل ضمن المنظومة العسكرية...
... رحـلــة التحـــولات ...
عشماوي الموصوم بالإرهاب، لم يكن إلا ضابطا ضمن صفوف الجيش، بدأت رحلته مع انضمامه للكلية الحربية عام 1996 عندما كان عمره 18 عاما، حيث أثبت تفوقا ونباهة مقارنة ببقية الطلاب، بحسب شهادة قادته، وهو ما أهله إلى الانضمام إلى سلاح المشاة ثم الصاعقة "من أخطر وأشرس فرق الجيش"، ليقر بتميزه عسكريا.
وقد مكث في معسكرات قوات "الصاعقة" 13 عاما، أمضى معظمها في شبه جزيرة سيناء التي ستكون شاهدة على معاركه مع المنظومة التي خرج منها، ابتداء من عام 2011 عقب فصله من الجيش.
وفي سنوات هشام الأخيرة في الجيش، تمت إحالته بناء على تحريات المخابرات الحربية إلى الأعمال اﻹدارية في القوات المسلحة، وذلك على خلفية مشادة بينه وبين خطيب مسجد في معسكر تدريبي لأن الأخير أخطأ في ترتيل القرآن.
وحسب المعلومات الأمنية الراصدة لتحركات هشام عشماوي، بعد خروجه من الجيش، فإنه تعرف على مجموعة "جهادية تكفيرية" في أحد مساجد منطقة المطرية بالقاهرة، فتأثر بها، وشكل أول خلية عسكرية تحت مسمى "تنظيم أنصار بيت المقدس" في ضاحية مدينة نصر بالقاهرة، قبل أن ينتقل للمشاركة في الحرب بسوريا.
عمليات نوعية
وبعد الانقلاب العسكري في يوليو/ تموز 2013، عاد هشام عشماوي، ليؤسس تنظيم "أنصار بيت المقدس" في سيناء الذي شن عشرات الهجمات ضد قوات الجيش والشرطة، من أبرزها تدمير الكتيبة 103 في شمال سيناء وقتل جميع أفرادها.
وسرعان ما أظهر عشماوي أنه كان ناشطا ميدانيا في مجال العمليات النوعية، كما كان متميزا عسكريا، وقد اتهمته السلطات بالضلوع في أغلب الهجمات التي حدثت خلال السنوات الأخيرة.
على رأس هذه العمليات، عملية "طريق الواحات"، في أكتوبر/ تشرين الأول 2017، التي أدت إلى مقتل 55 من عناصر الشرطة، منهم 11 ضابطا معظمهم من قطاع "الأمن الوطني" بوزارة الداخلية في محافظتي القاهرة والجيزة، بحسب بيان لوزارة الداخلية وقتها.
وكذلك محاولة اغتيال وزير الداخلية السابق محمد إبراهيم والتخطيط لتفجير القصر الرئاسي.
انتقل عشماوي عام 2014 إلى ليبيا، حيث شارك في عمليات هناك، وأشرف على بعض المعسكرات التدريبية. وفي 8 أكتوبر/ تشرين الأول 2018، تم القبض على عشماوي، في مدينة درنة الليبية، باعتباره المطلوب الأول للسلطات المصرية خلال السنوات الماضية.
وفي 4 مارس/ آذار 2020، أعلن المتحدث العسكري أنه تم تنفيذ حكم الإعدام في ضابط الجيش السابق هشام عشماوي، بعد تأكيد محكمة الجنايات حكما نهائيا بإعدام عشماوي لإدانته في قضيتي "الفرافرة" و"أنصار بيت المقدس الثالثة". ضباط "القاعدة" لم يكن عشماوي آخر المنشقين، فقد تبعه مجموعات من الضباط، الذين خرجوا من الأجهزة الأمنية، وقاموا بعمليات ضد النظام. في 15 نوفمبر/ تشرين الثاني 2018، بث تنظيم "ولاية سيناء" مقطعا مصورا على مواقع التواصل تحت عنوان "سبيل الرشاد من الظلمات إلى النور"، أظهر عددا من ضباط الشرطة السابقين، وضباط احتياط في القوات المسلحة، والذين انضموا إلى صفوف التنظيم، وقُتلوا جميعا في العمليات الأمنية الجارية في سيناء ضد التنظيم. ظهر في الفيديو شخص ملقب بـ"أبي أبي"، واسمه الحقيقي أحمد محمود علي إبراهيم، والذي قال: إنه "خريج الكلية الفنية العسكرية، وكان يخدم في القوات الجوية"، ووجه رسالة إلى القوات المسلحة يحرض فيها على الخروج من الخدمة العسكرية والانضمام إلى التنظيم".
ثم ظهر كذلك شاب كُنيته "أبو آدم"، واسمه كريم عادل حافظ، والذي زعم أنه كان ضابط احتياط في قوات الدفاع الجوي في الجيش الثاني الميداني في الفترة ما بين 2010 إلى 2012.
كما قدم الفيديو اثنين من ضباط الشرطة، وهما خيرت سامي السبكي وحنفي جمال، وقال: إنهما تخرجا من كلية الشرطة عام 2012، ثم عُرضت صور لهما وقت الخدمة.
عرض المقطع عملية تحقيق شارك فيها حنفي جمال مع ضابط آخر، هو خيرت سامي السبكي، ويحققان مع شخص يُدعى عيد عبد الله سليمان، قال في الفيديو: إنه "عمل مع الموساد الإسرائيلي، وكان مُكلفا بالانضمام إلى ولاية سيناء، وزرع شرائح اتصالات داخل سيارات عناصره لتعقبهم، ومن ثم استهدافهم"
تلا ذلك قيام جمال والسبكي بقتل المدني ومواطن آخر يدعى سليمان عويضة سليم، رميا بالرصاص.
حنفي جمال
وبالبحث في شخصيات الضباط الذين انضموا إلى تنظيم ولاية سيناء، كان أولهم حنفي جمال، الذي خطط وقاد الهجوم على كمين البرث جنوب رفح، وقتل أفراد الكتيبة 101 الرابضة هناك، وحنفي جمال، كانت كنيته داخل التنظيم "أبا عمر الصعيدي"، وهو ضابط سابق بالعمليات الخاصة بوزارة الداخلية.
وحسب المعلومات الأمنية، فقد التحق بكلية الشرطة ليتخرج منها عام 2012، وينضم للعمليات الخاصة بقطاع الأمن المركزي، وتحديدا في قطاع "سلامة عبد الرؤوف"، ولكفاءته اختير حارسا خاصا للواء مدحت المنشاوي "قائد قوات الأمن المركزي سابقا"، كما كان مدربا بمعهد العمليات الخاصة.
الأعجب أن حنفي جمال قبل انشقاقه عن وزارة الداخلية، وانضمامه إلى التنظيم المسلح، شارك في عملية الفض الدموية لاعتصام رابعة العدوية في 14 أغسطس/ آب 2013.
واتهم مع 3 ضباط من زملائه بالتخطيط لاغتيال السيسي، ووزير الداخلية الأسبق محمد إبراهيم.
قاد ضابط العمليات الخاصة السابق، بنفسه الهجوم الشهير الذي قُتل فيه العقيد منسي، حيث خطط لتدريع العربيتين المفخختين بشكل كامل، واستخدم الأسلحة الثقيلة، ومدافع هاون، ومقذوفات الكورنيت، ورشاشات الـ14.5 المضادة للطائرات، وفخخ الطرق المحيطة بعبوات ناسفة لمنع وصول الدعم.
رفقاء الدفعة
كان رفيق درب حنفي جمال، هو الضابط خيرت السبكي، أحد رجال وزارة الداخلية، وخريج الدفعة 2012، ومن الذين شاركوا أيضا في فض اعتصام رابعة العدوية.
وجاءت خطورة انشقاق السبكي، كونه مُدرب وجاهز لقيادة أرض المعركة، وكان من أكثر الضباط خبرة في التكتيك العسكري، والتعامل مع الأسلحة والمتفجرات، ولديه معرفة جيدة بالجغرافيا العسكرية، وأنواع الأسلحة الحديثة والبدائية، بل الأكثر دراية بخبايا المؤسسات السيادية في الدولة، بحسب المعلومات الأمنية.
كما أصبح السبكي بمثابة المرجع المهم في كتابة مختلف الوثائق المعنية بالتدريبات، والتأهيل العسكري، التي تلقاها داخل كلية الشرطة، وتم نقلها لقيادات وعناصر التنظيمات المسلحة، وكان يتولى خيرت السبكي، مسؤولية المجلس الأمني بالتنظيم.
ومن ضمن دفعة ضباط الشرطة 2012، الذين انشقوا، وخاضوا العمليات العسكرية، جاء الضابط كريم حمدي، وحسب المعلومات الأمنية، كان حمدي، يتولى مسؤولية الهيئة الشرعية داخل التنظيم، وضمن الخلية التي خططت لاستهداف السيسي بشكل شخصي.
القضية العسكرية 148
كل هؤلاء الضباط، كانوا مدرجين
على ذمة القضية العسكرية رقم 148، والتي واجهوا فيها اتهامات بالانضمام إلى تنظيم "ولاية سيناء"،
والتخطيط لاغتيال السيسي، وتضم هذه القضية 310 متهمين.
وحسب أوراق القضية، فإن الخلية يترأسها رائد شرطة وتضم 7 ضباط آخرين هم: محمد جمال الدين عبد العزيز، برتبة "ملازم أول"، خريج دفعة 2012، والملازم أول خيرت سامى عبدالحميد محمود السبكى، خريج دفعة 2012، والملازم أول إسلام وئام أحمد حسانين، خريج دفعة 2012، والضابط كريم محمد حمدي حمزة، خريج دفعة 2007، بالإضافة إلى ضابط يُدعى عصام محمد السيد على العنانى، وحنفى جمال محمود سليمان، والضابط علي إبراهيم حسن.
وحسب التحقيقات، فإن الرابط الأول بين الضباط، هو الرائد محمد السيد الباكوتشي الذي كان مسؤولا عن تجنيدهم وضمهم لـ خلية تنظيمية، وذلك بهدف تنفيذ أعمال عدائية ضد رئيس الجمهورية (السيسي) وبعض القيادات الأمنية.
وكان "الباكوتشي" ضمن حركة ضباط الشرطة الداعين لـ"إطلاق اللحية"، التي عرفت إعلاميا بالضباط الملتحين، وبعد مشاركته في عدة وقفات ودعوته لزملائه في الخدمة في اتباع الدعوة، أحالته وزارة الداخلية إلى الاحتياط، وفصلته من عمله في مديرية أمن الشرقية عام 2012.
ولقي مصرعه في حادث تصادم قرب مدينة بلبيس بمحافظة الشرقية، في أبريل/ نيسان 2014.
دواعي الخروج
الباحث المصري، المتخصص في الشؤون الأمنية أحمد مولانا، قال: "السياق العام لانشقاق ضباط الجيش والشرطة، عن النظام، وحمل السلاح ضده، تكمن في أسباب متنوعة، من أبرزها التعاملات غير السوية داخل تلك المنظومة بشكل عام، ورؤيتهم لإشكاليات، وأخطاء سلوكية فادحة، ما يثير لديهم تساؤلات وجدليات، ومن هنا يبدأ التحول، ويأخذ مسارات متعددة، منها قرار حمل السلاح".
مولانا أضاف لـ"الاستقلال": "هنا تختلف طبيعة الأفراد، ومدى استجابتهم، من شخص إلى آخر، وبخصوص مجموعة ضباط الشرطة، الذين انشقوا عن الجهاز، وشاركوا في العمليات المسلحة في سيناء، فقد حدثت لهم قفزة فكرية، نتيجة مجموعة من العوامل، فكلهم كانوا على صلة بالضابط محمد الباكوتشي، وهو من الضباط الملتحين، توفي عام 2014، لكنه أثر فكريا في هؤلاء الضباط، ثم عرفهم على طبيب أسنان، كان ينتمي إلى التيار القطبي، أحدث نقلة ذهنية وحركية فيهم، لينضموا بعد ذلك إلى تنظيم ولاية سيناء".
وأكد مولانا: أن "أكثر ما يقلق النظام هو خروج عناصر أمنية من صفوفه، ومجابهته بالسلاح، نظرا لأن تلك النوعية، تكون على دراية عالية بالتكتيكات العسكرية، والتدريبات، والتجهيزات القتالية، ومجهزة لإحداث خسائر كبيرة في صفوفه، لذلك كانت عملياتهم النوعية، دقيقة ومؤثرة".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق