أحداث مرعبة 2019_2020
توبــوا إلى الله قبــل نزول العـــذاب
توبــوا إلى الله قبــل نزول العـــذاب
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ – رضي الله عنه - قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ:
يَا أَيُّهَا النَّاسُ تُوبُوا إِلَى اللَّهِ قَبْلَ أَنْ تَمُوتُوا، وَبَادِرُوا بِالْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ قَبْلَ أَنْ تُشْغَلُوا، وَصِلُوا الَّذِي بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ رَبِّكُمْ بِكَثْرَةِ ذِكْرِكُمْ لَهُ وَكَثْرَةِ الصَّدَقَةِ فِي السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ تُرْزَقُوا وَتُنْصَرُوا".
* * * هذه وصية جامعة لخصال الخير كلها ألقاها النبي صلى الله عليه وسلم على مسامع الناس لتكون نبراساً لهم في حياتهم ومصباحاً ينير لهم طريقهم إلى الله – عز وجل - .
وقد بدأ بالتوبة؛ لأنها أول الطريق إلى الله ووسطه وآخره يصحبها المؤمن في حله وترحاله، ويعيش في ظلها ليله ونهاره، ويستحضرها في قلبه كلما شعر بذنبه ويتخذها سكناً له تُهدى من روعه إذا شعر بالخوف من عذاب ربه، وتبعث فيه الرجاء في رحمته، وتطرد عنه شبح اليأس كلما لاح له واقترب منه.
ومعنى قوله صلى الله عليه وسلم: "تُوبُوا إِلَى اللَّهِ قَبْلَ أَنْ تَمُوتُوا": بادروا بالتوبة قبل أن يبادركم الموت، ولا تغفلوا عنها وأنتم تعلمون أن الفلاح فيها.
وهذا الأمر عام يشمل من تاب ومن لم يتب، فمن تاب ينبغي أن يجدد التوبة، ولا يركن إلى توبته السابقة، بل يتوب من التوبة نفسها، إذا ربما تكون توبة قاصرة، أو حدث فيها ما يخل بالأدب.
وهذا ما فهمه بعض العلماء من قوله تعالى من سورة النور: { وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } (آية: 31).
فلفظ { جَمِيعًا } في الآية يشمل: من تاب ومن لم يتب.
ولو كان المراد به من لم يتب فحسب لقال: وتوبوا إلى الله أيها المؤمنون، فعندئذ يجوز انصراف الخطاب إلى من لم يتب دون من تاب.
وبناء على هذا الفهم جعل ابن القيم – رحمه الله – من أركان التوبة: التوبة من التوبة، فما أعظم هذا الفهم لكتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
وتجديد التوبة الفينة بعد الفينة يساعد العبد على الإسراع في مرضاة الله عز وجل، والمضي قدماً في الطريق الموصل إليه، ويحول بينه وبين الذنوب التي تهفو النفس إليها، ويوسوس الشيطان له بها.
يَا أَيُّهَا النَّاسُ تُوبُوا إِلَى اللَّهِ قَبْلَ أَنْ تَمُوتُوا، وَبَادِرُوا بِالْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ قَبْلَ أَنْ تُشْغَلُوا، وَصِلُوا الَّذِي بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ رَبِّكُمْ بِكَثْرَةِ ذِكْرِكُمْ لَهُ وَكَثْرَةِ الصَّدَقَةِ فِي السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ تُرْزَقُوا وَتُنْصَرُوا".
* * * هذه وصية جامعة لخصال الخير كلها ألقاها النبي صلى الله عليه وسلم على مسامع الناس لتكون نبراساً لهم في حياتهم ومصباحاً ينير لهم طريقهم إلى الله – عز وجل - .
وقد بدأ بالتوبة؛ لأنها أول الطريق إلى الله ووسطه وآخره يصحبها المؤمن في حله وترحاله، ويعيش في ظلها ليله ونهاره، ويستحضرها في قلبه كلما شعر بذنبه ويتخذها سكناً له تُهدى من روعه إذا شعر بالخوف من عذاب ربه، وتبعث فيه الرجاء في رحمته، وتطرد عنه شبح اليأس كلما لاح له واقترب منه.
ومعنى قوله صلى الله عليه وسلم: "تُوبُوا إِلَى اللَّهِ قَبْلَ أَنْ تَمُوتُوا": بادروا بالتوبة قبل أن يبادركم الموت، ولا تغفلوا عنها وأنتم تعلمون أن الفلاح فيها.
وهذا الأمر عام يشمل من تاب ومن لم يتب، فمن تاب ينبغي أن يجدد التوبة، ولا يركن إلى توبته السابقة، بل يتوب من التوبة نفسها، إذا ربما تكون توبة قاصرة، أو حدث فيها ما يخل بالأدب.
وهذا ما فهمه بعض العلماء من قوله تعالى من سورة النور: { وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } (آية: 31).
فلفظ { جَمِيعًا } في الآية يشمل: من تاب ومن لم يتب.
ولو كان المراد به من لم يتب فحسب لقال: وتوبوا إلى الله أيها المؤمنون، فعندئذ يجوز انصراف الخطاب إلى من لم يتب دون من تاب.
وبناء على هذا الفهم جعل ابن القيم – رحمه الله – من أركان التوبة: التوبة من التوبة، فما أعظم هذا الفهم لكتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
وتجديد التوبة الفينة بعد الفينة يساعد العبد على الإسراع في مرضاة الله عز وجل، والمضي قدماً في الطريق الموصل إليه، ويحول بينه وبين الذنوب التي تهفو النفس إليها، ويوسوس الشيطان له بها.
وتجديدها يكون بمحاسبة النفس أولاً بأول على ما قدمت وأخرت من خير وشر، بحيث إذا رأس أنها قد فعلت خيراً لأمها على عدم المزيد منه، وإذا رأى أنها قد اقترفت إثماً عاقبها على سوء صنيعها بما تستحقه من العقاب، وذلك بأن يكلفها من الأعمال الصالحة ما يكون سبباً في محور ذنوبها بعد أن يظهر الندم على ما فعل، ويبكي على خطاياه، فإن لم يسعفه البكاء تباكى.
فإن فعل ذلك بدل الله سيئاته حسنات كما وعد في قوله جل شأنه: { إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا } (سورة الفرقان: 70).
ويشترط في صحة التوبة:
أن تكون خالصة لوجه الله تعالى، فهي التي يتقبلها الله من عباده، ويكفر بها السيئات، ويرفع بها الدرجات في جنة عرضها السماوات والأرض.
يقول الله عز وجل: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } (سورة التحريم: 8).
والنصوح في اللغة: الخالص الذي لا غش فيه، يقال: عسل نصوح، ولبن نصوح أي: خالٍ من الخلط والغش.
وثوب نصوح: أي محكم النسج ليس فيه تفاوت ولا خلل.
والتوبة النصوح لها أركان وشروط. وأركانها خمسة:
الركن الأول: العلم بخطورة الذنب، فمن لم يعلم بخطورة الذنب لا يستعظمه، ومن لم يستعظم الذنب فكيف يتوب منه، ولو تاب منه لا تقبل توبته؛ لتهاونه فيه واستخفافه به. يقال: إن رابعة العدوية سمعت رجلاً يستغفر الله وقد أحست أنه ليس جاداً في استغفاره، فقالت: أن استغفارنا يحتاج إلى استغفار. وقد قسم العلماء الذنوب إلى كبائر وصغائر، وهذا التقسيم صحيح، ولكن الراسخين في العلم يقولون: "لا تنظر إلى صغر الذنب، ولكن انظر من عصيت".
فعندئذ يعظم الذنب في نفسك، فتتوب منه بقدر ما تشعر بخطره، وبقدر ما تتوقع العقوبة منه.
ولكي تُرسخ هذا المفهوم في ذهنك ينبغي عليك أن تتفكر في عظمة الخالق عن طريق النظر في آياته الكونية وفي نفسك بالذات، ثم تقف عند آيات الرحمة وآيات العذاب؛ لكي تتقلب بين الخوف والرجاء، فتخاف تارة، وترجو تارة أخرى، فتجد نفسك عند الوقوع في الذنب خائفاً من عذابه الأليم، وتجد نفسك عند التوبة منه طامعاً في رحمته، طامعاً في عفوه، فتتوب من ذنبك عن رغبة ورهبة.
واذكر دائماً قوله تعالى في آخر سورة الأنعام: { إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ } (آية: 165).
واذكر أيضاً قوله تعالى في سورة الحجر: { نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ } (آية: 49-50). وقوله تعالى في سورة الزمر: { قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ } (آية: 53-58).
وثوب نصوح: أي محكم النسج ليس فيه تفاوت ولا خلل.
والتوبة النصوح لها أركان وشروط. وأركانها خمسة:
الركن الأول: العلم بخطورة الذنب، فمن لم يعلم بخطورة الذنب لا يستعظمه، ومن لم يستعظم الذنب فكيف يتوب منه، ولو تاب منه لا تقبل توبته؛ لتهاونه فيه واستخفافه به. يقال: إن رابعة العدوية سمعت رجلاً يستغفر الله وقد أحست أنه ليس جاداً في استغفاره، فقالت: أن استغفارنا يحتاج إلى استغفار. وقد قسم العلماء الذنوب إلى كبائر وصغائر، وهذا التقسيم صحيح، ولكن الراسخين في العلم يقولون: "لا تنظر إلى صغر الذنب، ولكن انظر من عصيت".
فعندئذ يعظم الذنب في نفسك، فتتوب منه بقدر ما تشعر بخطره، وبقدر ما تتوقع العقوبة منه.
ولكي تُرسخ هذا المفهوم في ذهنك ينبغي عليك أن تتفكر في عظمة الخالق عن طريق النظر في آياته الكونية وفي نفسك بالذات، ثم تقف عند آيات الرحمة وآيات العذاب؛ لكي تتقلب بين الخوف والرجاء، فتخاف تارة، وترجو تارة أخرى، فتجد نفسك عند الوقوع في الذنب خائفاً من عذابه الأليم، وتجد نفسك عند التوبة منه طامعاً في رحمته، طامعاً في عفوه، فتتوب من ذنبك عن رغبة ورهبة.
واذكر دائماً قوله تعالى في آخر سورة الأنعام: { إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ } (آية: 165).
واذكر أيضاً قوله تعالى في سورة الحجر: { نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ } (آية: 49-50). وقوله تعالى في سورة الزمر: { قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ } (آية: 53-58).
الركن الثاني: المبادرة بها، وعدم الإصرار على الذنب، فمتى وقع منه وعلم به فقد وجب عليه التوبة منه؛ فالإصرار على الذنب الصغير يصيره كبيراً.
قال العارفون بالله: لا صغيرة مع الإصرار ولا كبيرة مع الاستغفار.
وقد شرط الله لقبول التوبة: المبادرة بها في قوله – جل وعلا - :
قال العارفون بالله: لا صغيرة مع الإصرار ولا كبيرة مع الاستغفار.
وقد شرط الله لقبول التوبة: المبادرة بها في قوله – جل وعلا - :
{ وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ } (سورة آل عمران: 135-136).
الركن الثالث: العزم على عدم العود إلى الذنب، فإنه من تاب وهو عازم على الوقوع فيما تاب منه كان المستهزئ بربه – والعياذ بالله.
فإن تاب العبد من الذنب ثم وقع فيه تاب منه مرة أخرى حتى يقوي على مفارقته، ولا ييأس من رحمة الله ما دام يخلص التوبة في كل مرة.
فقد روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة – رضي الله عنه – أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إِنَّ عَبْدًا أَصَابَ ذَنْبًا، فَقَالَ: يَا رَبِّ إَني أَذْنَبْتُ ذنباً فاغفره فَقَالَ رَبُّهُ:عَلِمَ عَبْدِي أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِهِ، فَغَفَرْ لَه، ُثُمَّ مَكَثَ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ أَصَابَ ذَنْبًا آخر- وربما قال: ثم أَذْنَبَ ذَنْبًا آخر – فَقَالَ: يَا رَبِّ إني أَذْنَبْتُ ذنباً آخر فَاغْفِرْهُ لِي، فَقَالَ رَبه: عَلِمَ عَبْدِي أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِهِ، فَغَفَرْ لَه ثُمَّ مَكَثَ مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُم أَصَابَ ذَنْبًا آخر – ربما قَالَ: ثم أَذْنَبْ ذنباً آخَرَ- فقال: يَا رَبِّ إني أَذْنَبْتُ ذنباً فَاغْفِرْهُ لِي، فَقَالَ ربه: عَلِمَ عَبْدِي أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِهِ، فَقَالَ رَبه: غَفَرْتُ لِعَبْدِي ثَلَاثًا فَلْيَعْمَلْ مَا شَاءَ".
ومعنى قوله: "فَلْيَعْمَلْ مَا شَاءَ"، أي: ما دام يتوب توبة نصوحاً ثم يقع في الذنب مرغماً، أو من غير سبق إصرار، بأن غلبه الهوى وغره الشيطان، ولم يقو على دفعه فإنه كلما تاب يتوب الله عليه، ولو وقع في الذنب مائة مرة ما لم ييأس من رحمته.
ولا يخفى ما في هذا القول من طرد لشبح اليأس عن التائبين، فإن الشيطان يقول لمن تكرر منه الوقوع في المعصية: لا توبة لك، وقد عصيت الله أكثر من مرة، فمتع نفسك بهذه الشهوات المتاحة ما دام باب التوبة قد أغلق دونك، ونحو ذلك من المثبطات والمغريات. والمؤمن لا يعرف الطريق إلى اليأس ولا يعرف اليأس الطريق إليه:{ يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ} (سورة يوسف: 87).
وقد اجتهد النبي صلى الله عليه وسلم في طرد شبح اليأس من نفوس المؤمنين بكل سبيل، ووردت عنه أحاديث كثيرة في ذلك منها: (أ) ما رواه مسلم في صحيحه عَنْ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ – رضي الله عنه – قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ، حِينَ يَتُوبُ إِلَيْهِ، مِنْ أَحَدِكُمْ كَانَ عَلَى رَاحِلَتِهِ بِأَرْضِ فَلَاةٍ، فَانْفَلَتَتْ مِنْهُ، وَعَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ، فَأَيِسَ مِنْهَا فَأَتَى شَجَرَةً، فَاضْطَجَعَ فِي ظِلِّهَا قَدْ أَيِسَ مِنْ رَاحِلَتِهِ، فَبَيْنَما هُوَ كَذَلِكَ إِذَا هُوَ بِهَا قَائِمَةً عِنْدَهُ، فَأَخَذَ بِخِطَامِهَا، ثُمَّ قَالَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ: اللَّهُمَّ أَنْتَ عَبْدِي وَأَنَا رَبُّكَ - أَخْطَأَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ".
ومعنى قوله: "فَلْيَعْمَلْ مَا شَاءَ"، أي: ما دام يتوب توبة نصوحاً ثم يقع في الذنب مرغماً، أو من غير سبق إصرار، بأن غلبه الهوى وغره الشيطان، ولم يقو على دفعه فإنه كلما تاب يتوب الله عليه، ولو وقع في الذنب مائة مرة ما لم ييأس من رحمته.
ولا يخفى ما في هذا القول من طرد لشبح اليأس عن التائبين، فإن الشيطان يقول لمن تكرر منه الوقوع في المعصية: لا توبة لك، وقد عصيت الله أكثر من مرة، فمتع نفسك بهذه الشهوات المتاحة ما دام باب التوبة قد أغلق دونك، ونحو ذلك من المثبطات والمغريات. والمؤمن لا يعرف الطريق إلى اليأس ولا يعرف اليأس الطريق إليه:{ يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ} (سورة يوسف: 87).
وقد اجتهد النبي صلى الله عليه وسلم في طرد شبح اليأس من نفوس المؤمنين بكل سبيل، ووردت عنه أحاديث كثيرة في ذلك منها: (أ) ما رواه مسلم في صحيحه عَنْ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ – رضي الله عنه – قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ، حِينَ يَتُوبُ إِلَيْهِ، مِنْ أَحَدِكُمْ كَانَ عَلَى رَاحِلَتِهِ بِأَرْضِ فَلَاةٍ، فَانْفَلَتَتْ مِنْهُ، وَعَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ، فَأَيِسَ مِنْهَا فَأَتَى شَجَرَةً، فَاضْطَجَعَ فِي ظِلِّهَا قَدْ أَيِسَ مِنْ رَاحِلَتِهِ، فَبَيْنَما هُوَ كَذَلِكَ إِذَا هُوَ بِهَا قَائِمَةً عِنْدَهُ، فَأَخَذَ بِخِطَامِهَا، ثُمَّ قَالَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ: اللَّهُمَّ أَنْتَ عَبْدِي وَأَنَا رَبُّكَ - أَخْطَأَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ".
الخطبه التي أبكت قرية مير في مركز القوصيه
في اسيوط صعيد مصر
(ب) ورى البخاري ومسلم عن أبي سعيد الخدري – رضي الله عنه – أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "كَانَ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ رَجُلٌ قَتَلَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ نَفْسًا" فَسَأَلَ عَنْ أَعْلَمِ أَهْلِ الْأَرْضِ؟
فَدُلَّ عَلَى رَاهِب،ٍ فَأَتَاهُ، فَقَالَ إِنَّهُ قَتَلَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ نَفْسًا فَهَلْ لَهُ مِنْ تَوْبَةٍ؟ فَقَالَ: لَا فَقَتَلَهُ، فَكَمَّلَ بِهِ مِائَةً، ثُمَّ سَأَلَ عَنْ أَعْلَمِ أَهْلِ الْأَرْضِ؟ فَدُلَّ عَلَى رَجُلٍ عَالِمٍ فَقَالَ: إِنَّهُ قَتَلَ مِائَةَ نَفْسٍ فَهَلْ لَهُ مِنْ تَوْبَةٍ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، وَمَنْ يَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّوْبَةِ؟
انْطَلِقْ إِلَى أَرْضِ كَذَا وَكَذَا، فَإِنَّ بِهَا أُنَاسًا يَعْبُدُونَ اللَّهَ فَاعْبُدْ اللَّهَ مَعَهُمْ، وَلَا تَرْجِعْ إِلَى أَرْضِكَ فَإِنَّهَا أَرْضُ سَوْءٍ فَانْطَلَقَ حَتَّى إِذَا نَصَفَ الطَّرِيقَ، أَتَاهُ الْمَوْتُ فَاخْتَصَمَتْ فِيهِ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ وَمَلَائِكَةُ الْعَذَابِ فَقَالَتْ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ: جَاءَ تَائِبًا مُقْبِلًا بِقَلْبِهِ إِلَى اللَّهِ وَقَالَتْ مَلَائِكَةُ الْعَذَابِ إِنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ خَيْرًا قَطُّ فَأَتَاهُمْ مَلَكٌ فِي صُورَةِ آدَمِيٍّ، فَجَعَلُوهُ بَيْنَهُمْ فَقَالَ: قِيسُوا مَا بَيْنَ الْأَرْضَيْنِ، فَإِلَى أَيَّتِهِمَا كَانَ أَدْنَى فَهُوَ لَهُ فَقَاسُوا فَوَجَدُوهُ أَدْنَى إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي أَرَادَ فَقَبَضَتْهُ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ".
فَدُلَّ عَلَى رَاهِب،ٍ فَأَتَاهُ، فَقَالَ إِنَّهُ قَتَلَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ نَفْسًا فَهَلْ لَهُ مِنْ تَوْبَةٍ؟ فَقَالَ: لَا فَقَتَلَهُ، فَكَمَّلَ بِهِ مِائَةً، ثُمَّ سَأَلَ عَنْ أَعْلَمِ أَهْلِ الْأَرْضِ؟ فَدُلَّ عَلَى رَجُلٍ عَالِمٍ فَقَالَ: إِنَّهُ قَتَلَ مِائَةَ نَفْسٍ فَهَلْ لَهُ مِنْ تَوْبَةٍ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، وَمَنْ يَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّوْبَةِ؟
انْطَلِقْ إِلَى أَرْضِ كَذَا وَكَذَا، فَإِنَّ بِهَا أُنَاسًا يَعْبُدُونَ اللَّهَ فَاعْبُدْ اللَّهَ مَعَهُمْ، وَلَا تَرْجِعْ إِلَى أَرْضِكَ فَإِنَّهَا أَرْضُ سَوْءٍ فَانْطَلَقَ حَتَّى إِذَا نَصَفَ الطَّرِيقَ، أَتَاهُ الْمَوْتُ فَاخْتَصَمَتْ فِيهِ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ وَمَلَائِكَةُ الْعَذَابِ فَقَالَتْ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ: جَاءَ تَائِبًا مُقْبِلًا بِقَلْبِهِ إِلَى اللَّهِ وَقَالَتْ مَلَائِكَةُ الْعَذَابِ إِنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ خَيْرًا قَطُّ فَأَتَاهُمْ مَلَكٌ فِي صُورَةِ آدَمِيٍّ، فَجَعَلُوهُ بَيْنَهُمْ فَقَالَ: قِيسُوا مَا بَيْنَ الْأَرْضَيْنِ، فَإِلَى أَيَّتِهِمَا كَانَ أَدْنَى فَهُوَ لَهُ فَقَاسُوا فَوَجَدُوهُ أَدْنَى إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي أَرَادَ فَقَبَضَتْهُ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ".
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ ۖ نُورُهُمْ يَسْعَىٰ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا ۖ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (8)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق