الأحد، 18 أغسطس 2019

العلم يؤكد الرؤية القرآنية لخلق السماوات والأرض..لا إله إلا الله..فيديو



أربع أيام لخلق الأرض ويومان للسماوات السبع !
نشــأة السماوات والأرض
و كيفية انتهـاء عمرهما وهو ماعرف بالانفجــار الكبيـر
... أَفِي اللَّهِ شَـكٌّ فَـاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ؟!..



العــلم يؤكـــد الرؤية القرآنية لخــلق السـماوات والأرض
الأخدود الأفريقي فصل بين مسار مصر وجزيرة العرب
البحــر غمــر مصر حتى الفيـــوم ووصــل الى كـوم امبــو
ملحمة نهر النيل وكيف تمكن من الوصول إلى مصر
- لا إله إلا الله -لا إله إلا الله -لا إله إلا الله -لا إله إلا الله -



سنعود - في أطول فلاش باك ممكن - لنعرف كيف نشأت جزيرة العرب ، سنعود الى خلق السماوات والأرض وليس أقل!!
 وبما لا يدرك كثيرون أن القرآن الكريم فجر حقيقة أو معلومة كبري  ذات مغزى رهيب في سورة "فُصِّلَتْ"، عندما قال إن الله خلق الأرض وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام وأنه تم خلق السماوات السبع في يومين فقط .
وذلك يعني أن الأرض التي أعدت لسكن الانسان اقتضت ترتيبات أطول لتوفير كل احتياجاته بينما هذه السماء "اللانهائية" بالنسبة لنا وذات الاطوال والابعاد المذهلة اقتضت من الله سبحانه وتعالى يومين فحسب.
دائرة المادة الكونية التي توصل لها الانسان كانت - أي توصل إلى رصدها - كانت مليار سنة ضوئية ، الآن أصبحت عشرة أمثال. 
المجرة التي توجد بها مجموعتنا الشمسية وهي مجرة درب التبانة بها مليار نجم ، وفي الكون عموما أكثر من 2 مليار مجرة . السنة الضوئية 6 مليون ميل ، وأقرب المجرات إلينا على بعد 750 ألف سنة ضوئية (*) . 
هذا و اكتشفناه من السماوات السبع التي خلقها الله سبحانه وتعالى في يومين ، بينما اقتضت هذه الأرض الصغيرة (بيت الإنسان) أربعة أيام . 
فالمسألة ليست مسألة مساحة، ولكن توفير متطلبات الحياة المعقولة والمريحة لمليارات البشر عبر آلاف مؤلفة من السنين . 
وربما تثير هذه الحقيقة الالهية ان مسألة وجود مخلوقات شبيهة بالإنسان قد تبدو بعيدة لأن الأرض وحدها استغرقت كل هذا المدى . 
وعندما تقرأ في علم جيولوجيا الأرض ستفهم على الأقل بعد ما ورد في هذه الآيات لأن التفاعلات الجيولوجية والمناخية استمرت وقتا طويلا حتى خلقت الحالة الملائمة للإنسان التي استقرت عليها الأرض بأمر الله.
 نص الآيات { ۞ قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَادًا ۚ ذَٰلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ (9) وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِن فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِّلسَّائِلِينَ (10) ثُمَّ اسْتَوَىٰ إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ (11) فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَىٰ فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا ۚ وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ۚ ذَٰلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (12) }فصلت 9 - 12



يقول المفسرون إن القول بخلق الأرض في يومين أتبعه يومان آخران  لتقدير الأقوات وأن المجموع بذلك أصبح أربعة أيام للأرض وحدها.
 ويقول اليهود في كتابهم المحرف (التوراة) ان الله سبحانه وتعالى خلق السماوات والأرض في ستة أيام ، فأصابه التعب والإرهاق ، فاستراح في اليوم الرابع وهو يوم السبت وهذا هو الأساس الشرعي عندهم لعطلة يوم السبت المقدسة التي يحرم فيها القيام باي عمل.
 وهذا التهريج والتقول على الله ليس غريبا في التوراة المكتوبة بأيدي الأحبار لا المنزلة من السماء وحيث ورد فيها أن الله يستريح باللعب مع الحوت !!
وقد رد القرآن الكريم على هذا العبث حين قال سبحانه و تعالى  وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ (38)  ق - 38 . أي ما أصابنا أي إعياء.
 ومن ضمن التحريف الذي أدخلوه على التوراة أنهم جعلوا أيام الله كأيام الانسان على الأرض ( 24 ساعة).
وقد ذكر الله سبحانه وتعالى {وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَن يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ ۚ وَإِنَّ يَوْمًا عِندَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ (47) } - الحج 47 وقال تعالى  {يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ (5) } السجدة - 5 ، ويقول تعالى ) تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ (4) المعارج - 4
 ويعلق العلماء والخبراء في تفسير المنتخب (مرجع سابق) فيقولون:  وحدات الزمن التي يستخدمها الناس مرتبطة بالأرض ودورانها حول محورها وحول الشمس . 
فإذا ما غادر أحد الأرض إلى جرم سماوي اختلفت هذه الوحدات طولا او قصرا .  
والآيات الكريمة تشير إلى هذه الحقيقة العلمية وإلى أن الزمن نسبي . 
فالسنة الشمسية على الأرض تحسب بمقدار الزمن الذي تقطع فيه الأرض دورة كاملة حول الشمس في نحو 365 يوما شمسية على حين أن السيارات القريبة من الشمس مثل عطارد يقطع دورته حول الشمس في 88 يوما ، وعلى حين أن بلوتو هو أبعد الكواكب السيارة عن الشمس وأبطؤها يتم دورته حولها في 250 سنة من سنواتنا.
 أهمية التفسير العلمي سيساعدنا في كيفية فهم نشأة الكرة الأرضية خاصة في منطقتنا : المستطيل القرآني / الشرق الأوسط ، خاصة مصر والجزيرة العربية الذين ارتبطوا معا برباط حميم واحد في النشأة والتكوين رغم الخلاف الجوهري الذي حدث في النهاية بين صحراء جدباء في الجزيرة، ونهر عامر بالحياة والحضارة في مصر وإن شق طريقه أيضا وسط صحراء جدباء.
 وقبل أن يقول قائل كيف تخوض في بحث مرحلة خلق السماوات والأرض وهي من أمور الغيب إلا في حدود ما ورد في القرآن الكريم فحسب .  
نقول نعم نحن ---- نتقيد بما ورد في القرآن الكريم كخطوط عامة مرشدة  ونهتدي بها ولا نخرج عنها ، ----- بل لقد أمر الله سبحانه وتعالى بذلك {  قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ۚ ثُمَّ اللَّهُ يُنشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (20) } العنكبوت - 20 . 
تحث هذه الآية الكريمة الباحثين على السير في الأرض ليكشفوا عن كيفية بدء خلق الأشياء من حيوان ونبات وجماد ، فان آثار الخليقة الأولى منطبقة بين طبقات الارض وعلى ظهرها وهي لذلك سجل حافل بتاريخ الخليقة منذ بدئها حتى الآن ( المنتخب من تفسير القرآن الكريم - مرجع سابق )


وهكذا فان علم الجيولوجيا أعطانا معطيات وأدوات البحث والدراسة ، لا لنعرف كل شيء من هذه المرحلة الموغلة في القدم . 
ولكن لنقترب منها شيئا ما خاصة فيما يتعلق بالأرض خاصة وقد امتلك الانسان وسائل علمية لمعرفة عمر بعض الصخور والحفريات من خلال الكربون المشع ، على سبيل المثال.
بل والعجيب فان أحدث النظريات العلمية في الفلك تؤكد ما ذكر في القرآن الكريم عن كيفية
نشأة السماوات والأرض ، وايضا عن كيفية انتهاء عمر السماوات والأرض . فيما عرف   بالانفجار الكبير
كأنها تشرح الآية الكريمة { أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا ۖ وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ۖ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ (30) } الانبياء - 30.
 ونعود مرة أخرى للمنتخب حيث استعان علماء التفسير بعلماء الفلك ( تقرر هذه الآية معاني علمية أيدتها النظريات الحديثة في تكوين الكواكب والأرض ، اذ أن السماوات والأرض كانت في الأصل متصلة ببعضها ببعض على شكل كتلة متصلة متماسكة . والحقيقة العلمية التي اتفق عليها هي أن السماوات والارض كانتا متصلتين ،  واستدل على ذلك بأدلة علمية عديدة . أما الفتق فمعناه الانفصال ، وهو ما قررته الآية الشريفة وأيده العلم بعد ذلك . وهناك نظريات عديدة تفسر بعض الظواهر في هذا الشأن وتعجز عن تفسير الأخرى ، لذلك فليس بين هذه النظرية ما هو مقطوع به لدى العلماء بالإجماع . 
ونظرية نشأة الكون تقول أن الكون قبل أن ياخذ صورته الحالية كان حشدا هائلا متجمعا في أبسط صورة لقوى الذرات المتصلة الواقعة تحت ضغط هائل لا يكاد  يتصوره العقل وأن جميع أجرام السماء اليوم ومحتوياتها كانت مكدسة تكديسا شديدا في كرة نصف قطرها عدة ملايين من الاميال ( كما يتصورون ) وهذا معنى (كانتا رتقا ) . 
أما (ففتقناهما)  فهي إشارة لما حدث لذلك التكوين النووي الأول من إنفجار عظيم انتشرت بسببه مادة الكون فيما حولها من أجواء انتهت بتكوين مختلف أجرام السماء بما فيها المجموعة الشمسية.
كذلك آخر نظريات انتهاء العالم كأنها تشرح الآية الكريمه {  يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ ۚ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ ۚ وَعْدًا عَلَيْنَا ۚ إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ(104)} - الأنبياء 104 لاحظ ان هذه الآية في نفس السورة التى وردت فيها الآية السابقة عن خلق السموات والأرض - الأنبياء 30.
وأيضا كما ورد في سورة أخرى{ وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ ۚ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ (67)} الزمر 67.
والعجيب ان النظريات الغربية الفلكية الاخيرة تقول شيئا قريبا جدا من ذلك، انها تتحدث عن طوى أو انطواء الكون وانتهائه، وإن كانوا يرجعون ذلك لأسباب مادية وقد تكون صحيحة ولكنها بعلم الله وتقديره، كالقول بنفاذ الطاقة التي تحرك الأجرام السماوية . وهذا ليس كلاما عجيبا فنحن لدينا معلومات مؤكدة نراها بأعيننا عبر التلسكوبات ، ان النجوم والكواكب كوحدات لها أعمار وأنها تنتهي و تنفجر وتختفي من الوجود.


xxxx
 كان غرضي أن أحث الباحثين والعلماء المسلمين على الاهتمام بهذه الجوانب وعدم تركها للغربيين ، ولعلنا نضيف إلى علمهم علما . ولكن أيضا استهدفت أن يتساءل  القارئ بجديه مع ما سأورده من معلومات جيولوجية تخص نشأة الجزيرة العربية ومصر وهما جزءان لا ينفصلان عن ما يسمى الصحراء الكبرى الآن في شمال أفريقيا والتي تمتد بعد ذلك في حزام  صحراوي يخترق سوريا والعراق وإيران ووسط آسيا حتي الصين ، كما أنه يلف العالم ويظهر في الأمريكيتين في دليل آخر على أن الأرض نفسها كانت كتلة واحدة وانفجرت بدورها عدة انفجارات عبر البراكين والزلازل لتصنع القارات الست الراهنة والبحار والمحيطات . بالإضافة لعنصر التماثل في المناخ الذي يخلق الصحاري ، والمناخ مرتبط بدرجات العرض. فعندما تزور واشنطن صيفا فإنك ستعاني من الحرارة كأنك في مصر ومن الرطوبة (كأنك في بيروت)!

قــــارة جنـــدوانا:
مصر والجزيرة العربية جزءان مما يسمى الصحراء الكبرى بشمال افريقيا وهذه الصحراء جزء من قارة جندوانا القديمة . 
وكان الصراع الجيولوجي على الأرض قبل خلق الإنسان بين هذه القارة الجنوبية وبين القطب الشمالي البحري بحر التثيز ، حيث جرت صراعات ضارية بين هذين القطبين بين مد وجزر على مدار ملايين السنين.
 فمصر والجزيرة العربية من بقايا قارة جندوانا ، والبحر المتوسط الحالي هو من بقايا بحر التثيز. وكان بحر التثيز هو الذي يطغى على يابس القارة جندوانا مرة بعد اخرى . ولكن في المقابل كان اليابس يكسب على حساب البحر باستمرار وئيدا ولكن أكيدا كلما تراجع البحر مستفيدا - أي اليابس من رواسب البحر.
كانت كتلة جوندوانا صلبة مقاومة للزلازل والبراكين والتي لم تظهر آثارها إلا على بعض الأطراف ، وهي التي تؤدي عادة إلى حركات الانكسار والالتواء وتصنع الجبال والأخاديد الكبرى . كان أهم نشاط باطني هو ذلك الذي ارتبط بنشأة وتكوين أخدود البحر الأحمر الأفريقي العظيم الذي مزق القارة القديمة وشطرها إقليميا ففصل كتلة جزيرة العرب عن كتلة الصحراء الكبرى وترتب عليه شبكة معقدة من الانكسارات والالتواءات والطفوح البركانية على جانبيه.
وقد ركز علماء الجيولوجيا على مصر التي تحظى بالاهتمام الأكبر في كل ما يتعلق بالتاريخ القديم ، وقصة تشكل مصر واضحة بالنسبة لهم ، فالصراع استمر بين البر والبحر بين مد وجزر عبر العصور الجيولوجية ، وظهر متغير أساسي لم يكن له مثيل في جزيرة العرب والتي انفصلت نهائيا بظهور الاخدود الأفريقي (البحر الأحمر).  
ودخل نهر النيل القادم من البعيد من جوف افريقيا في صراع تاريخي مرير ، وكأنه كائن حي واعي يعرف ماذا يفعل؟  ويستميت كمتسابق في ماراثون ليخترق آلاف الكيلومترات ليصل إلى مصر و يصب في بحر التثيز والذي تقلص إلى البحر المتوسط وكأن نهر النيل يقول :  لقد كلفني الله سبحانه وتعالى بهذه المهمة ولابد أن أقوم بعملها مهما كلفني من عناء وبخر ومستنقعات وفاقد مياه والتواءات . 
وقصة كيف وصلنا النيل من أعماق أفريقيا عبر التاريخ وحتى في الظروف الراهنة أمر يثير العجب فكمية العوائق والحواجز التي تواجه النهر كي ينحرف ويذهب شرقا أو غربا كثيرة للغاية وفي أكثر من مكان ولكنه يلتف دائما (ويقسم بالله ! ) أن يتجه شمالا إلى مصر حتى قبل أن تتكون كمجتمع معروف بهذا الاسم ، وهي حقيقة لم تتكون إلا عندما وصل إليها وشق وادي النيل ثم صنع الدلتا . 
 إذا قرأت هذه القصة فستري آيه من آيات الله ، أرجو أن تتاح لى الفرصة لعرضها ولكننا لا نريد أن نبتعد الآن عن جزيرة العرب .
 فالنيل صنع سياقا مختلفا في مصر عن جزيرة العرب ودخل بنفسه في معركة البر والبحر ، بل حولها الى معركة الطين والبحر ، أي توسع الدلتا بالطمى على حساب البحر ، دون أن يستسلم البحر بطبيعة الحال ، فكانت المعركة مستعرة ولاتزال حتى الآن ، ولكننا بدأنا نخسرها بعد أن فقدنا الطمي وراء السد العالي.



المهم أن النيل صنع الحضارة الأولى في العالم والدولة الأولى في العالم والأمة الأولى في العالم ، قامت الزراعة المنتظمة بزراعة المحاصيل الحقلية ، ثم استئناس الحيوانات ، وانتهت او تراجعت بالتدريج عمليات العيش على التقاط الثمار والقنص . 
نشأت المدن والحضارة ونشأت نظم الري والادارة ، وانطلق البحث العلمي والتطور التكنولوجي بينما البدو خلف البحر الأحمر من الناحية الاخرى شرقا في عالم آخر وواد آخر لذلك اختلف العلماء حول مكان بداية الزراعة والحضارة بين احتمالين أساسيين :
 مصر أو بلاد الرافدين ثم ظهرت نظرية جديدة تتحدث عن منطقة في الشام تمتد الى أجزاء من تركيا وايران وقد أشرنا لهذه النظرية في بداية الدراسة . 
ولكن لم يتحدث أحد في العالمين عن أي احتمال لوجود أي بداية لحضارة في الجزيرة في العربية ولا في أي مرحلة ، حتى قيام الإسلام . 
والحقيقة فان هناك غبنا واضحا في إستبعاد اليمن السعيد كأحد المراكز المبكرة للحضارة الانسانية وهذا ما سنتناوله قريبا ان شاء الله. اليمن السعيد باعتباره على أطراف جزيرة العرب وخارج السياق الصحراوى القاحل كما سنوضح.
في مصر وصل البحر بأدلة دامغة وحفريات في أيدينا إلى الفيوم ، حيث وجدت ولا تزال تكتشف حتى الآن بقايا حيوانات فقرية أرضية ضخمة وأخرى شاطئية كالحيتان والتماسيح والسلاحف إلى جانب القواقع البحرية . 
وكانت منطقة التقاء بين نهر قديم والبحر . وكان ساحل البحر يمتد من منطقة الجبل الأحمر شمال شرق القاهرة حتي الفيوم وعلى طول هذا الخط تم العثور على بقايا حيوانات برية ضخمة من أنواع منقرضة كالفيل القديم جنس الفيومى أو الحيوانات البرمائية العملاقة كالتمساح والسلاحف.
ومن أقدار الله أن عصر تشكل  النهر الأول في مصر (الأوليجوسين) كان هو نفسه عصر الاضطرابات الباطنية العنيفة التى خلقت أخدود البحر الأحمر ، أو الأخدود الافريقى العظيم الذى يمتد من شرق أثيوبيا حتي حدود تركيا عبر سيناء.
وهو ما أدى إلى الانفصال البشري والتاريخي والحضاري بين مصر والجزيرة العربية في المرحلة الأولى من التاريخ . 
وفى المرحلة الجيولوجية التالية ( الميوسين ) وصل البحر الشمالى حتي خط عرض سيوه وغطى منخفض القطارة كما تؤكد وفرة بقايا الفقريات وحفريات و قواقع وأصداف بحرية وامتد البحر إلى السويس والتحم بالبحر الأحمر ، بينما امتد النهر من الفيوم ليصب في البحر عند منخفض القطارة ، بينما ظل البحر يتعمق في صورة خليج طويل حتي وصل إلى الفشن ( بنى سويف ) وفى بعض الدراسات إلى إسنا وفى بعض الدراسات إلى كوم أمبو ولكنه لم يصل بشكل مؤكد إلى جنوب أسوان وكل هذا في إطار المد والجزر بين اليابس والبحر ، وبين النهر والبحر.
في المرحلة الجيولوجية الأخيرة
 ترافق ذلك مع التذبذب بين فترات الجفاف وفترات المطر
. ( مرحلة البلايستوسين ) . 
ويرى البعض أن سيناء امتداد للجزيرة العربية. إلا أن الرأى الأرجح أن سيناء هى أمتداد لتكوينات الصحراء الشرقية المصرية ، ولكن لا شك أن سيناء ستلعب دور المعبر بين مصر والشام وبين مصر والجزيرة العربية.
 ومع التذبذب  المناخي بين المطر والجفاف وكلما زاد الجفاف في مصر والصحراء الكبرى مع انحصار المطر تدريجيا بدأ السكان يزحفون من عدة اتجاهات إلى وادي النيل الذي ظل هو واحة الماء المأمونة ، زحفت شعوب جنوبية من القرن الافريقي - من الشرق - عبر البحر الأحمر -  من وادي الحمامات (واعتقد المصريون القدماء أن آبائهم جاءوا من الشرق ومن الجنوب عبر هذا الطريق وسموه "طريق الآلهة" على اعتبار انهم يقدسون الآباء ! وهذا ما يؤكد العلاقة القديمة بين شعب مصر والعرب وتفاعلهم معا ، وكذلك جاءت جموع من الناس من مختلف أنحاء الصحراء الكبرى هربا من الجفاف الى النيل وهذه أحد الروافد البربرية المغربية في تكوين الشعب المصري ، بينما اتجه آخرون الى الشمال الافريقي حيث الجبال والأمطار وامكانيات الزراعة في سواحل المغرب والجزائر وتونس (جبال أطلس).
وهنا لا بد من توضيح نقطة مهمة فوادى النيل قبل الانحصار النهائي للمطر كان أرض مستنقعات وغابات للصيد والقنص وجمع الثمار ولم تكن أفضل الأماكن للسكنى والاستقرار بينما نهر النيل لم يتشكل بعد في صورته النهائية التى نعرفها ، الجفاف دفع  الناس لمصدر الحياة الأساسي (نهر النيل) فقاموا بتهذيب الوادي وتجفيف المستنقعات وتنظيم الزراعة وتربية الحيوان ، بينما ساعد انحصار المطر على تجفيف المستنقعات وتراجع نمو الأحراش والنباتات غير المنتظمة.

 في العصر المطير كانت المناطق خارج وادي النيل
 أشــبه بالاستبس فهي مناسبة لحيــاة الـراعي والرعــاة.
 تطور الحضارة إذن ارتبط بالتغيير الجوهري في المناخ في نهايات العصر الحجري القديم وما يسمى الصحراء الكبرى الآن ومنها جزيرة العرب كانت تعيش في ظل العصر المطير و سنوضح تاليا تأثير ذلك على الحضارات القديمة في جزيرة العرب والتي تحدث عنها القرآن الكريم . وهذا يقابل عصر الجليد في العروض الشمالية في أوروبا ، ويمكن القول ان نطاق مناخ البحر المتوسط الحالي ينطبق على نطاق الصحراء الكبرى - صحراء العرب في العصر المطير . 
ومن ثم كان وجه الإقليم - بما في ذلك جزيرة العرب - كالسافانا او الاستبس أو البامبا المكشوفة ، تغطيه الحشائش والأعشاب الغنية والحيوان الغزير وعليها عاش الانسان صيادا عرف القنص دون الاستئناس وجامعا الحصاد بدون بذر!  بينما كانت أودية الأنهار كثيفة بالمستنقعات والآجام او الأدغال ، أشبه ما تكون باقليم السد الحالي في أعالي النيل . ولذا كانت على العكس خالية من الحيوان والإنسان ، ولربما كان الحيوان يقترب من جوف الأودية للشرب ، كما كان الانسان يرتادها للصيد ولكنها جميعا لم تكن لتخترقها أو تدخلها أي أن صورة الحياة كانت عكس الصورة الحالية ، او قل كانت نسختها السالبة ( نيجاتيف !).


والمقدر أن هذا العصر المطير - الذي ظهر فيه الانسان - قد غلف الصحراء الكبرى لنحو 120 ألف سنة ، من حوالي 130 ألف سنة الي 10 آلاف سنة مضت حين حل الجفاف المستمر حتى الان.
وقد بدأ الجليد في أوروبا ينحسر ويتراجع تجاه القطب الشمالي وأخذ العصر الجليدي في الشمال و العصر المطير في الجنوب في الانتهاء بالتدريج الشديد عبرعمليات صعود وهبوط ولكن الهبوط في إتجاه الوضع الراهن كان هو المسار العام . 
وبدأ عصر الجفاف منذ  حوالي 9 آلاف سنة حتى الآن وتطورت الصحراء كما نعرفها الآن ، وان حدثت أو عادت مرحلة مطرية قصيرة بين 5000 و 2100 ق . م  حيث اكتست الصحراء بغطاء نباتي سفاني خفيف تكثر فيها أشجار السافنا ، المهم توجه سكان الصحراء الكبرى الى وادي النيل حيث كان مركز تطوير الزراعة واستئناس الحيوان ، وكما ذكرنا فان كل النظريات البحثية العالمية تتراوح في مسألة بداية الحضارة الزراعية بين مصر وبلاد الرافدين ثم ظهرت نظرية الشام ولم يطرح أحد جزيرة العرب كأي احتمال لأنها لم تكن موطنا لا للزراعة ولا للحضارة.
أما اليمن فسنعطيه حقه إن شاء الله في مسألة قدم السبق الحضاري في الفصل القادم . إذن جزيرة العرب وحدها هي المستبعدة من كل المستطيل القرآنى / الشرق الأوسط  كأحد مراكز الحضارة الإنسانية الأولى ، وهذا طبيعي ولا يمارى فيه أحد.
{ المعلومات الجيولوجية مستقاه من شخصية مصر - د. جمال حمدان - الجزءان  الأول والثاني - مرجع سابق }
عاد وثمود:
 سنرى  القرآن الكريم يقرن في عدة مواقع بين هاتين القصتين :عاد وثمود رغم البعد الجغرافي بينهما ولكن يجمع بينهما أنهما في جزيرة العرب واحدة في أقصى الجنوب الشرقي والثانية في اقصى الشمال الغربي ، وينطبق عليهما أنهم من العرب البائدة ، أي أبيدوا تماما ولم يبقى منهم أحد.
 والمؤكد كما سنوضح ان هاتين الحضارتين قد انبثقتا في العصر المطير ، وليس عصر الجفاف هو الذي أبادهم ، بل أبيدوا بذنوبهم كما أخبرنا القرآن الكريم ، فالجفاف حدث بالتدريج وهناك فرصة متسعة للترحال والبحث عن نقاط أخرى للعيش كما فعل كثيرون واتجهوا الى بلاد الشام والعراق والقليل اتجه إلى سيناء ومصر وقليل آخر عبر البحر الأحمر لأرض افريقيا.
وسنجد في القصتين علامة أخرى على إعجاز القرآن ، في مجال الإخبار عن الغيب الماضي ، فمن كان من العرب في عهد سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم يتحدث عن العصر المطير الذي طويت صفحته منذ آلاف السنين و يكاد لا يترك أثرا ، الا مساكن ثمود..
وهذا هو موضوعنا القادم بإذن الله تعالى.


؛؛؛؛ مصـــر الـيـــوم ؛؛؛؛



ليست هناك تعليقات: