الثلاثاء، 11 ديسمبر 2018

الأطفال ضحية فى زمن العسكر



بين حلم “عبد الباسط ” و”شيشة” الصغار
الأطفال ضحية فى زمن العسكر


مرحلة الطفولة من أهم مراحل حياة الإنسان العمرية، وفيها يكتسب الطفل المهارات والأساسيات الضرورية لإكمال حياته بشكل طبيعي، ويسعى لتحقيق أهداف يرسمها في مراحل حياته اللاحقة. ويجب أن يحصل الطفل على كامل حقوقه، ولكن في كثير من الأحيان يتعرض الطفل لانتهاك جمّة.
ومنذ الانقلاب العسكرى، ارتفعت معدلات استغلال الأطفال مع استمرار انتهاكات حقوق الطفل، وغياب الدور الفعال لقطاعات الطفولة وتطبيق القانون، دون وجود أي جهد مثمر لدور المجلس القومى للطفولة والأمومة، وأصبح الخطر يهدد الأطفال بشكل يومي.
ويوجد العديد من العوامل التي تضع الطفل تحت مقصلة الانتهاكات، منها حرمانه من التعليم بشكل جاد، وعدم وجود الرعاية الصحية والنفسية والاهتمام اللازم، كذلك عمله في سن مبكرة مما يعرضه للتعدي اللفظي والجنسي.
وفى هذا الإطار، تداول ناشطون عبر السوشيال ميديا صورتين لطفلين كانا محط اهتمام رواد التواصل الاجتماعى، الذين اعتبروا أن تلك النماذج هى ميراث العسكر فى شبه الدولة، ما بين الطموح الذى يطالب بحقه فى الرعاية، وما بين الإهمال الذى يؤدى لكارثة قادمة.
“بليـــة”.. يحـــلُم
ونشر رواد التواصل صورة للطفل “محمد عبد الباسط”، والذى يعمل بورشة ميكانيكا بمنطقة “الهرم”، والذي منعته ظروفه الاجتماعية من إكمال دراسته، فقرر أن يرتدى “كيس مشمع” على شكل “تى شيرت” للنجم العالمى محمد صلاح، والذى أفصح أنه يحبه وقدوته، وأنه يتمنى اللعب في نادي ليفربول الإنجليزي مثل “مو”.
فى المقابل، تداول مستخدمو موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”، في إطارٍ واسع، صورة لأطفال يجلسون على مقهى ويشربون “الشيشة”. 
ونشر مغردون صورة لـ”تشييش” الأطفال بأحد الكافيهات الكبيرة بمدينة 6 أكتوبر، والتى تقدم الشيشة للأطفال دون حرج.


وأكد المغردون أن براثن دولة العسكر مستمرة فى قتل الأطفال، معتبرين أن بعض الأماكن لا تقتصر على تقديم الشيشة للأطفال، ولكن “ما خفى كان أعظم”، وقالوا إنه تم مناشدة رئيس مدينة 6 أكتوبر ولكنه لم يتحرك حتى الآن.
وأضافوا أن تلك الكافيتريات تخالف القوانين ولا تمنع شرب الأطفال للشيشة، مؤكدين أن الأطفال فى العاشرة من عمرهم.
... جــريمة كبيــرة ...
وما بين لقطة “عبد الباسط” الحالم، و”شيشة” الأطفال التى أثارت استنكار وغضب العديد من المستخدمين، الذي اتفقوا على عدم تقبل المشهد بأي حال من الأحوال، واختلفوا على السبب الذي قد يدفع أطفالًا في مثل هذا العمر للجلوس على المقاهي.
فقال أحد النشطاء، إن العيب في المقهى الذي سمح لهم بتناول الشيشة، فيما أرجع آخر العيب في التربية والمنزل، ورأى أحدهم أن الأطفال تقتبس هذه التصرفات من الأعمال الفنية على التلفزيون. ولم يتضح أين أو متى تم التقاط الصورة، إلا أنها لاقت انتشارًا واسعًا.
وقالت سهير ضياء: “عمالة الأطفال جريمة يعاقب عليها القانون، ولكن يجب إيصال صوت هؤلاء المقهورين للعالم بنشر صورهم”.
وكتبت “كريمة الله”: “يا رب حقق له حلمه.. مش بعيد عن ربي كل شيء بيده.. ضحكة الأطفال البريئة بيضيعوها كمان”.
بينما استنكر عمر السبع من يدفع أموالاً للجمعيات الشهيرة التى تنهب الملايين، مطالبا بتوجيه ذلك إلى مثل هؤلاء الأطفال، مغردًا “صدقوني الأطفال دي أولى بالفلوس دي”.
وكان لعبد الرحمن حمزة رأى آخر فقال: “مخطط لتغييب جيل كامل، الكل بيحلم وبيتحلمله أن يكون محمد صلاح، يعني مش هنلاقي لا دكاترة ولا مهندسين ولا مدرسين بكره”.


... أرقـــام مفجعـــة ...
وطبقا لأرقام الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، هناك ما يقرب من ثلاثة ملايين طفل يعملون في الورش والمصانع لساعات طويلة يوميا، بعد أن أجبرتهم الظروف الاجتماعية على التخلي عن طفولتهم، وممارسة أعمال الكبار في أسواق العمل، رغم تعرضهم للعنف والقمع، حتى أصبحوا بحق أطفال شقاء وحرمان.
اسم الطفل العامل من هؤلاء “الأسطى بلية”، منهم من يعمل في كيّ الملابس، ومنهم السباك والكهربائي والعامل في ورش السيارات، وكذلك “الجزمجي” وغيرها من المهن الشاقة.
ورغم زيادة أعدادهم سنويا، إلا أن حكومة الانقلاب والجهات المختصة تتجاهل الكارثة، وتكتفي بالتصريحات الإعلامية التي تحمل وعودًا وردية بالقضاء على ظاهرة عمالة الأطفال في مصر.
ويعدّ أطفال الشوارع كارثة أخرى بعد أن تخطى عددهم المليوني طفل، نسبة كبيرة منهم متواجدون في شوارع محافظات القاهرة الكبرى. عوامل عدة أدت إلى تفشي تلك الظاهرة، منها الأمية والفقر والبطالة وانتشار الجهل وارتفاع نسب الطلاق، ويؤدي ذلك إلى انفصالهم عن المجتمع، وعدم شعورهم بالانتماء له، والانتقام منه عبر أعمال يقومون بها.
... التسرب من التعليم ...
ويعاني الأطفال، خاصة الفقراء ومحدودي الدخل، من تفشي الأمراض بأنواعها المختلفة. وتشير إحصاءات منظمات حقوقية تهتم بالطفولة إلى إصابة أكثر من 25 في المائة من الأطفال بعدد من الأمراض الناتجة عن قلة المناعة لديهم.
وفى آخر إحصائية أجراها المجلس القومي للأمومة والطفولة عن عام 2017، رصد وجود أكثر من ألف حالة اغتصاب تعرض لها الأطفال وأُبلغ عنها رسميًا، في حين أن الحالات التي لم يُبلغ عنها تزيد على العدد المذكور.
... ثقــافة التعــامل ...
من جانبه، أكد الدكتور جمال حماد، أستاذ علم الاجتماع بكلية الآداب جامعة المنوفية، أن الثقافة العامة للتعامل مع الطفل تحتاج لإعادة هيكلة من جميع النواحى للحد من انتهاك حقوق الطفل، مبينًا أن هناك مشكلة وعى عام عند معظم الأطفال، وفي حاجة إلى إعادة هيكلة على كل المستويات المتعلقة بالطفل.
وأشار حماد، في تصريحات له، إلى أن هناك العديد من القوانين لحماية الأطفال ولكن لا تطبق، مشددا على إحياء الوعى العام لتطبيق القانون على الملأ، وتأسيس محكمة خاصة للطفل مثل محكمة الأسرة بشكل عام.
كما أكد أستاذ علم الاجتماع أن الطفل مستقبل البلد، وطالب بالعمل على فكرة الوعى العام للطفل نفسه، مؤكدا أن الطفل يكون لديه الوعي الكامل في ثقافة اللمسة والنظرة والكلمة.


؛؛؛؛ مصـــر الـيـــوم ؛؛؛؛


ليست هناك تعليقات: