الثلاثاء، 18 سبتمبر 2018

عندما فرط السادات في مصر وفلسطين - السلام المُر..فيديو



.. 40 عاما على كامب ديفيد ..
 عندما فرط السادات في مصر وفلسطين



في 17 سبتمبر من عام 1978، وقع أنور السادات اتفاقية كامب ديفيد مع العدو الصهيوني وبرعاية أمريكية، وهي الاتفاقية التي لا يمكن أن تكون مجرد معاهدة لوقف الحرب مع إسرائيل، ولكنها عنوان مرحلة بل دستور يحكم مصر وسياساتها الداخلية والخارجية من عام 1978 حتى الآن . دستور يعلو على دستور مصر المفترض سواء دستور 1971 أو تعديلاته أو دستور 2012 أو 2014 ، بل كامب ديفيد دستور يعلو القرآن والسنة وينسخ كثيراً من الآيات والأحاديث ويهيمن عليهما والعياذ بالله. دون أي مبالغة أو رغبة في التحريض السياسي أو الديني.
إن كامب ديفيد كاعتراف بإسرائيل، كارثة لأنها أسرع هزيمة لأمة في التاريخ في صراع مصيري كبير . أمة عربية من 100 مليون مسلم وراءها 800 مليون مسلم في العالم، تستسلم بعد 29 عاماً فقط أمام 3 ملايين يهودي غاصب جاءوا من أشتات الأرض ولا علاقة لهم بفلسطين من (1948 - 1977) من عام إقامة دولة الكيان إلى عام زيارة السادات للقدس المحتلة 29 عاماً . والمسألة ليست أرقاماً فحسب بل هي صراع عقائدي أنبأنا الله سبحانه وتعالى أنه سيكون محورياً في حياة المسلمين.
كان من أبرز مخاطر كامب ديفيد، الاعتراف بإسرائيل بدون حدود، ولم تحدد الاتفاقية الحدود بشكل قطعي وبقيت عدة نقاط أبرزها طابا ولم تحسم إلا بعد سنوات في التحكيم .. ولكن إسرائيل كانت مستعدة منذ البداية لإرجاع سيناء لمصر مقابل فصلها التام عن العرب، وإخراجها من الصراع العربي - الإسرائيلي ، وهذا هو الثمن الغالي لإرجاع سيناء ، ولكن منزوعة السلاح. 
ولكن الاتفاقية لم تنص على العودة لحدود 1967 وبالتالي ظلت الجولان والضفة الغربية وغزة مسائل مفتوحة . ورغم اعتراف مصر بإسرائيل فإن إسرائيل ضمت القدس تماماً وأعلنت أنها عاصمة أبدية ، وضمت الجولان بقرار وتشريع ، وضمت الضفة الغربية عملياً ، بل حدث قبل عودة سيناء توسع إسرائيلي في جنوب لبنان تطور بعد ذلك لاحتلال جزء من بيروت عام 1982 . 
وخلال المباحثات التالية مع سوريا تأكد أن إسرائيل مصممة على العودة لحدود 4 يونيو 1967 لأن النظام السوري لم يوافق على الشروط المذلة المماثلة للمعاهدة المصرية كمسألة التطبيع الإجباري . ولكن الأهم من ذلك إصرار إسرائيل على التمسك بمصادر المياه في هضبة الجولان وبالأخص بحيرة طبرية ، وبالتالي ظلت الجولان جزءاً من دولة إسرائيل حتى الآن . 
إن إسرائيل هي الدولة الوحيدة في العالم التي لا توجد لها خريطة حدود رسمية قاطعة وكامب ديفيد قننت لها هذا الامتياز ، حيث قال أحد قادة إسرائيل إن حدود إسرائيل تصل حيث تصل الدبابات الإسرائيلية !! ومن ثم انطلقت الصداقة المصرية الإسرائيلية بغض النظر عما تفعله إسرائيل مع باقي العرب في لبنان أو سوريا أو الأردن أو العراق وهي سياسة لا تمت بمبادئ وضوابط الإسلام . بل بغض النظر عما تفعله إسرائيل بمصر 


كذلك، فإن من كوارث كامب ديفيد التسليم بضياع فلسطين، وهذه جريمة دينية ووطنية وقومية وأخلاقية ، فكما ذكرنا أن الكلمات والعهود والمواثيق أخطر من البنادق والصواريخ والصواعق لأن كل هذه الأخيرة لا تقرر حقاً ثابتاً لأحد، ولكن المواثيق والكلمات والعهود تعطي شرعية للمعتدي الغاصب . أما بالنسبة للقدس والمسجد الأقصى فقد قاموا بلعبة لا يتذكرها أحد لأنها لعبة سخيفة ولا قيمة لها . فعندما قال السادات لكارتر أن موضوع القدس محرج له ولابد من مخرج بعدم التسليم بضياعها ، وفي وقت أصر فيه بيجن على أن القدس الموحدة عاصمة لإسرائيل أبد الدهر ، توصل المجتمعون إلى هذه اللعبة السخيفة : أن يرسل السادات خطاباً لكارتر رئيس الولايات المتحدة يؤكد فيه تمسكه بالقدس الشرقية التي احتلت في 1967 ، ويرسل بيجن رئيس وزراء إسرائيل خطاباً لكارتر يقول فيه : أنه متمسك بالقدس .
وتم وضع الرسالتين في أحد أدراج البيت الأبيض حتى الآن . وشكراً . ومن شدة سخافة هذه اللعبة فإن أنصار كامب ديفيد لا يشيرون إليها أبداً ولا أحد يتحدث عنها .
رغم أن الرسالتين من ملاحق كامب ديفيد . وهذا تلاعب بالمقدسات ، فاستمرار اغتصاب القدس 41 عاماً بعد هذه الواقعة لم يؤثر على الصداقة المصرية  الإسرائيلية لأن القدس أصبحت مشكلة فلسطينية - إسرائيلية!
كثيرا ما قال المجاهد مجدي حسين عن كامب ديفيد، إنها فوق الدستور وفوق القرآن والسنة، ورغم أن كامب ديفيد علت في كل جوانبها على الدستور والقرآن والسنة كما يبدوا في سياق الحديث إلا أن اليهود لا يتركون شيئاً للصدفة وهم يحذقون فن سد كل الثغرات، فنصت معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية وهي أهم وثائق عملية كامب ديفيد ، لأنها الصياغة العملية والتنفيذية للسلام المصري الإسرائيلي نصت على أنه في حالة تعارض أي نص بها مع نص آخر لأي اتفاقية أخرى، فإن الالتزام يكون بنص معاهدة السلام .
وبالتالي فإن أي نص في أي اتفاقية مع دولة إسلامية يتعارض مع نص في معاهدة السلام يلغي النص الأول ، وهذا خرق واضح وسافر لآيات القرآن الكريم العديدة التي تحدثت عن موالاة المؤمنين بعضهم لبعض دون الكافرين .
وقد حدث ما يؤكد ذلك فإن مصر شريكة في اتفاقية الدفاع المشترك العربية .
وبالتالي فإن أي اعتداء أجنبي على دولة عربية يحتم مشاركة مصر في الدفاع بشكل أو بآخر مع الدولة العربية ، ولكن مصر لم تحرك ساكناً عندما ضربت إسرائيل لبنان أو الضفة أو غزة أو عندما ضربت أمريكا العراق ، بل كانت مصر تشارك في العدوان على العراق، وتعطي مظلة سياسية لإسرائيل في ضرب لبنان وغزة ، بل وتشارك في المجهود الحربي الإسرائيلي بمحاصرة غزة !! فنحن لسنا إزاء نصوص باردة مركونة في الأضابير ، بل حكام مصر مخلصون لنصوص كامب ديفيد إخلاصاً لم نعهده مع أي نص قرآني أو حديث نبوي ، بل هم مخلصون لنص يناقض وينسخ عشرات من آيات القرآن الكريم ، وليس هذا إلا مجرد مثال (اتفاقية الدفاع المشترك) 
أما أخطر ما في كل هذه القصة ( كامب ديفيد ) هو تكريس مسألة العلاقات المثلثة "الأبدية" بين مصر وإسرائيل وأمريكا بالنص على أن أمريكا هي المشرفة على عملية السلام بين البلدين وستدعمها بمعونة الطرفين .
وهذا هو النص الدستوري الأهم الذي يعلو فوق الدستور المصري عملياً ، ويعلو فوق القرآن والسنة بل ويخالفهما على خط مستقيم .
فكل الدساتير المصرية من 1971 حتى 2014 تنص على أن مصر جزء من الأمة العربية . ولكن نص كامب ديفيد يعلو فوق ذلك وقد كرس أن العلاقات المصرية - الإسرائيلية - الأمريكية هي الأعلى والأهم ولا تتأثر بأي شيء، فحتى إذا أهانت إسرائيل مصر، بل حتى إذا نشرت الأمراض المميتة عبر التعاون الزراعي لا نستطيع أن نقطع العلاقات معها ، وحتى إذا قتلت أمريكا 2 مليون مسلم في العراق وأفغانستان فهذه مسألة تستوجب الحوار مع أمريكا لا أكثر ، بل أحياناً نشاركها .. ولكن نختلف معها في بعض التفاصيل في مسألة العراق ، لكن بسبب مباراة كرة أعلنا الحرب على الجزائر ، وبسبب روايات ملفقة أعلنا الحرب على غزة.

إن انتماء مصر منذ 1977 حتى الآن لهذه الدائرة المثلثة فنحن أذلة على الكافرين ونخفض لهم جناح الذل، أعزة على المؤمنين ! والغريب أن هذا النص لم يوضع في الدستور ولكنه أصبح قرآن حكام مصر : منذ السادات حتى الآن .. " العلاقة المثلثة " .. فأمريكا تحت شعار السلام ولأنها هي اليد العليا بمعونة 2.3 مليار دولار لمصر ( و3.3 مليار دولار لإسرائيل ) فإنها أصبحت تتدخل في كل شئون مصر ليس العسكرية فحسب بل الثقافية والتعليمية والتشريعية والإعلامية والاقتصادية والقضائية،  وإسرائيل تساعدها من خلال يهود أمريكا وأوروبا ومن خلالها مباشرة . وبذلك ضمنت إسرائيل الأمان من أكبر دولة عربية، وهي لم تكتف بذلك بل عملت على إعمال معول الهدم في مصر ما استطاعت إلى ذلك سبيلاً، مثل تدمير الزراعة ونشر الأمراض من خلال المبيدات المسرطنة والمخدرات والفتن الطائفية .. الخ .


ومع ذلك تظل صديقة هي وأمريكا بل في الدائرة الأولى . مصر قاطعت على مدار عهد كامب ديفيد كل البلاد العربية والإسلامية، ولكن إسرائيل وأمريكا من الثوابت فنحن الثلاثة " أمة واحدة من دون الناس " وهكذا قلبنا كل المعاني القرآنية ومعاني الأحاديث الشريفة . وبعد ذلك يتساءل البعض بسذاجة : لماذا حل الشؤم على البلاد وتلاشت البركة ؟!
كذلك، من ضمن كوارث كامب ديفيد أنها جعلت التطبيع إجباريا، لا يملك أي حاكم في ظل كامب ديفيد أن يوقف التطبيع مع إسرائيل في حين أنه لو فعل ذلك مع اليابان أو تركيا أو روسيا فلا تثريب عليه .
أما مع إسرائيل فقد أصبحت علاقات التعاون الاقتصادي والتجاري وغيرها نصاً في المعاهدة . إذا أوقفناها ستكون " الطامة الكبرى " !! هذا خطير وسيء بطبيعة الحال ، بل وانتقاص واضح من سيادة البلاد . فمعروف ومستقر أن إقامة العلاقات مع الدول مسألة سيادية واختيارية وهذا ما كان يقوله السادات في أحاديثه العلانية قبل التوقيع على الاتفاقية ، ولكنه رضخ؛ لأنه اختار "سكة اللي يروح ما يرجعش" فبعد كل ما عمله من زيارة إسرائيل وإلقاء خطاب في الكنيست ولقاءاته الودية مع الإسرائيليين وحديثه المفعم عن السلام الأبدي، لم يكن بإمكانه أن يعلن فشل مفاوضات السلام فوافق على كثير مما كان يرفض وليست هذه النقطة الجوهرية فحسب. 
ومع ذلك فإن ما يروجه الإعلام وساسة الحكومة أخطر من هذا النص.
ونقصد إرهاب الناس من مسألة عدم الالتزام بأي شيء في المعاهدة وأنها يمكن أن توردنا مورد التهلكة ، علماً بأن إسرائيل لا تلتزم بكثير من بنود المعاهدة ولم تتعرض لأي مخاطر أو عقوبات . ويروج الإعلام الرسمي أن المعاهدات مقدسة أكثر من القرآن وكأن دول العالم تلتزم فعلاً بالمعاهدات بدقة وبكل بنودها. وهذا ترويج للأكاذيب لتخويف الناس وتعليمهم الجبن والخوف من أمريكا وإسرائيل. وأسهل كلمة تقال: هل تريدون أن نحارب أمريكا وإسرائيل مرة أخرى ؟! وتذهب مصر في داهية ؟! وعلى سبيل المثال صرح مرة مراد موافي مدير المخابرات العامة السابق عندما كان محافظاً لشمال سيناء : بأن دخول حرب مع إسرائيل معناه عودة البلاد 100 سنة للوراء . وعندما يقول ذلك رمزاً للجيش المصري كان يتولى حرس الحدود .. فهذه كارثة . طبعاً 

. الإعلام امتلأ بمثل هذا الغثاء منذ 37 سنة . 
بل صوروا للشعب أن الإخلال بأي بند من كامب ديفيد يعرضنا للحرب ولضياع سيناء مرة أخرى. وأنا استطرد في هذه النقطة لأن السياسات والأجواء التي ارتبطت بمرحلة كامب ديفيد أخطر من نصوص المعاهدة ذاتها . 
فعلموا الشعب أن القانون الدولي مقدس وأن التراجع عن تصدير الغاز لإسرائيل يعرضنا لعقوبات دولية في المحاكم .
وواقع الأمر أن الدساتير والقوانين تحترم إلى حد معقول داخل كل دولة على حدة (في البلاد غير الاستبدادية) أما القانون الدولي فهو لا يحترم أساساً بين الدول ، ولا يتم الالتزام به إلا من قبل الضعفاء، ولا يوجد أصلاً قانون دولي !! بمعنى أنه لا يوجد سفر أو مجلد أو كتاب اسمه القانون الدولي كما يوجد كتاب اسمه الدستور ، ولا يعتبر ميثاق الأمم المتحدة هذا الكتاب بل القانون الدولي مجموعة من القواعد المنبثقة من مجموعة من المعاهدات المتشابكة العديدة ولا يوجد إجماع حول تفسيرها !! فكل دولة تفسرها على هواها وهناك مدارس ووجهات نظر في كل مسائل القانون الدولي . 
وعملياً فإن تفسير القوي هو الذي يطبق على أرض الواقع . ولا توجد جهة دولية تقوم بدور الحكومة المحلية في فرض القانون .


ليست هناك تعليقات: