عودة الرئيس الشرعي لن تكون بالأماني الطيبة
أو بالنضال على "الفيس بوك"
ولكن بثورة حقيقية تخرج فيها الجماهير وقرارهـــا أنـــه لا عــــودة قبـــل الانتصــــار
.. أمين عام الإخوان: لسنا في حرب مع الدولة ..
ومستعدون للمصالحة بشروط
.. أمين عام الإخوان: لسنا في حرب مع الدولة ..
ومستعدون للمصالحة بشروط
الرئيس محمد مرسي: ملكت قلـــوب احـــرار العــــالم
يوم السبت الماضي، صرخ الرئيس محمد مرسي من داخل القفص الزجاجي وهو يخبر هيئة المحكمة أنه منذ أربع سنوات لم يلتقِ بأهله أو محاميه، مشيراً إلى تعرض حياته للخطر. ومع أن أبسط قواعد العدالة، كانت تقتضي أن يمكِّنه القاضي من ذلك، إلا أنه لم يفعل!
ورغم أن هذا الأمر كان يستدعي من أنصاره على مواقع التواصل الاجتماعي، أن ينطلقوا لينددوا بهذا الانتهاك لحقوقه، ويدفع مَن هم بالخارج للدعوة لمظاهرات أمام معاقل العالم الغربي المساند للانقلاب العسكري في مصر، سواء أمام سفارات هذه الدول، أو أمام قصور الحكم، إلا أن القوم كانوا في "وصلة" نضال ضد "حمدين صباحي"؛ لأنه دعا إلى مرشح توافقي تدفع به القوى الوطنية لمنافسة مرشح السلطة في الانتخابات الرئاسية القادمة!
لا نعلم إن كان "حمدين" يعتبر التيار الإسلامي بتنويعاته، وفي القلب منه جماعة الإخوان، من ضمن هذه القوى المعنية بدعوته هذه، لكن أستطيع الجزم أن دعوته لم تشملها، ومع ذلك فقد اندفع المناضلون على مواقع التواصل الاجتماعي دفاعاً عن شرعية الرئيس، وباعتبار أن الدعوة إنما تستهدف شرعيته في المقام الأول والأخير، في الوقت الذي لم تشغلهم فيه حياة الرئيس ذاتها، وقد قال إنها معرضة للخطر، وعلى نحو يجعلنا نقف على أن شرعية الرئيس أصبحت كقميص عثمان!
بقواعد الديمقراطية وتقاليدها، فإن شرعية مرسي قائمة، لكن الانتصار لهذه الشرعية، لا يكون إلا بثورة حقيقية تخرج فيها الجماهير وقرارها أنه لا عودة قبل الانتصار لشرعية الرئيس المنتخب
فقد رفع بنو أمية "قميص عثمان"، والحجة المعلنة أنهم يعملون للانتقام من قتلة سيدنا عثمان بن عفان، وكانوا في واقع الأمر يثبتون بشدتهم أركان حكمهم، وكان هذا القميص المرفوع ليروي شهوة الحكم، والرغبة في الانتقام من أي خطر محتمل على دولتهم!
والحال كذلك، فقد سيطر علي إحساس أن القوم ليسوا معنيين بشرعية الدكتور محمد مرسي، ولا يعنيهم من هذه الشرعية إلا لاستخدامها في مجال المزايدة السياسية، وفي إبقاء الأمر على هو عليه، فليسوا معنيين بحياة الرجل وبما يتعرض له في سجنه من انتقام، بل لن يكونوا معنيين إذا قتله خصومه، ففي الجعبة ما يكفي لاختراع شرعية بديلة، فهناك من يتكلمون عن شرعية حكومته، مع أن هذه الحكومة برئاسة هشام قنديل، وفي خطوة كاشفة عن وصفنا القديم لها: "حكومة الضعف العام"، تقدمت باستقالتها في اليوم التالي للانقلاب العسكري، "فياما جاب الغراب لأمه"!
الأصل، أن المسار الذي ينطلق منه "حمدين صباحي" ومن معه، لا يعني قومنا في شيء، فقد سبق له أن خاض الانتخابات الرئاسية ضد عبد الفتاح السيسي، وإذا كان القوم يتخوفون من أن وجود منافس يعطي بخوضه للانتخابات شرعية للانقلاب، فقد خاض عبد الفتاح السيسي الانتخابات الرئاسية في السابق مع منافس فهل أقروا بشرعيته رئيساً؟!
بقواعد الديمقراطية وتقاليدها، فإن شرعية الرئيس محمد مرسي قائمة، لكن الانتصار لهذه الشرعية، لا يكون إلا بثورة، وكما قال حسن البنا، لابد للحق من قوة تحميه. فأين هذه الثورة، وأين هي القوة؟!
لن دفن رؤوسنا في الرمال، حتى نهرب من الحقيقة؛ فالثورة جرى تبريدها، حتى وصلنا إلى ما نحن عليه، مع أنها الحل الوحيد لعودة الرئيس المنتخب، وقد تم إنهاؤها بقرار إخواني بعد أربع أيام من الاعتصام في ميدان المطرية في ذكرى يناير 2014، يومئذ كان وفد من المجلس الثوري في زيارة لواشنطن يمني نفسه بمقابلة موظف بوزارة الخارجية، فإذا بأكثر من مسؤول أمريكي يسعى لمقابلته، ليكون السؤال المقلق: ماذا هناك؟!
ولأن أحداً لا يريد أن يقلق "الراعي الأمريكي" فقد صدرت التعليمات للمعتصمين بمغادرة الميدان، فتمر ذكرى الثورة بعد ذلك في كل عام فلا حس ولا خبر، فالقوم في خلاف حول من يمتلك الشرعية داخل الجماعة: مكتب الإرشاد أم المكتب الإداري؟.. ودخل الطرفان في معركة اللائحة، وتدخلت أطراف لها ثقلها مثل الشيخ يوسف القرضاوي، وخالد مشعل، ففشلت في مهمة إصلاح ذات البين.
ولأن المصالحة كانت ستطرح السؤال الأزمة: ما هى خطتنا للثورة؟.. وهو سؤال تريد بعض الأطراف تجاوزه بالاستمرار في الخلاف، لأنها رتبت أحوالها على "تغريبة طويلة"، وتكمن المشكلة في إنها لا تصارح جماهيرها بذلك، ويظهر الطرفان على الشاشة، وهم يتحدثان بلسان واحد عن الثورة والشرعية، ليتساءل المشاهد: وما هو سبب الخلاف إذن؟!
سيخرج علينا الآن من يردد ذات الدفوع التي صارت من كثرة ترديدها كالأسطوانة المشروخة: إن الانقلاب يمارس القتل والفجور، ولا يمتلكون القدرة على مواجهته. ولا بأس من العزف على هذه الاسطوانة، لكن شرعية الرئيس ليست كلاماً على الورق، ولابد من وجود خطته لتحويلها إلى حقيقة، فهل هناك خطة لذلك؟!
في الواقع أنه لا خطة هناك ولا يحزنون، لكنه "قميص عثمان" الملطخ بدمائه والذي يرفعه بنو أمية لتعزيز أركان دولتهم!
من يتحدثون عن شرعية الرئيس محمد مرسي، دون أي اهتمام بوضع الرجل في السجن والمخاطر التي يتعرض لها، هم يريدون أن تكون قضيتهم هم هي محور الحديث والاهتمام، لدرجة شعورهم بالقلق من ظهور شخصيات مارست "المناوشات" ضد حكم السيسي، مثل وكيلة نقابة الأطباء "منى مينا"، ورئيس الجهاز المركزي للمحاسبات "هشام جنينة"، بل وصل الحال إلى استدعاء قضية الدماء عندما بدأت انتفاضة الأرض، وطرحوا سؤالا مفخخاً: أيهما أولى بالانتفاضة الدماء أم الأرض؟، فحتى القضايا الجامعة، التي تنال من الحكم القائم، لا يكترثون بها، فالمهم أن تكون البوصلة في اتجاههم هم، وباعتبارهم من يضعون "أجندة الثورة"!
وفي كل قضية، تظهر الثنائيات العجيبة: "الدماء أم الأرض؟".. "الفساد أم الدماء"، "الاعتداء على الأطباء أم الاعتداء على الشرعية؟"!
الذين يطرحون هذه الثنائيات لم يكن للشرعية أن تشغلهم لولا أن المعني بها هو مرشحهم المختار. ولم يكن للدماء أن تعنيهم لولا أنها تصب في حساباتهم؛ لأنه لم تكن أول دماء أريقت بعد الانقلاب، فقد أريقت الدماء بعد الثورة في ميدان التحرير، وفي أحداث محمد محمود، وأمام ماسبيرو، فلم يعنيهم هذا لأن تحركهم ليس لحرمة الدماء، ولكن لأنهم يعتقدون أن أول دم أريق على أيدي العسكر يخصهم!
مرسي هو الرئيس الشرعي ما في ذلك شك، لكن الشرعية لن تعود لمجرد أن هناك من أكدوا عليها على صفحاتهم على "الفيس بوك"، فهي ستعود بثورة والثورة أخذها الغراب وطار، وإذا كان هناك من يراهن على انفجار الموقف بسبب الغلاء، فإن ثورة الجياع لن تكون معنية بالشرعية، ولا يشغلها عودة مرسي، بل إن الجماعات المسلحة سبق لها أن أصدرت بياناً مبكراً أكدت فيه أن قضية الشرعية لا تشغلها وليست معنية بها، فما هو السبيل لعودة الرئيس الشرعي لسدة الحكم!
قضية الشرعية هى شأن خاص بأنصار الشرعية، وعودة الرئيس الشرعي لن تكون بالأماني الطيبة، أو بالنضال على "الفيس بوك" ولكن بثورة حقيقية
اللافت أن "دراويش الشرعية"، يعودون لاستدعاء قضايا رفضوا إثارتها لتوظيفها في سياق قضية الشرعية، فلا حل إلا بعودة مرسي لإلغاء الاتفاقيات الخاصة بالتنازل عن الجزر، وبناء سد النهضة، والتفريط في حقول الغاز، لأنه الوحيد الذي يمتلك الشرعية، وأنهم إذا كانوا قد رفضوا فكرة الاصطفاف في السابق، فلا مانع من استغلالها الآن ليحتشد الجميع من أجل عودة الشرعية ليتمكن الرئيس الشرعي من إلغاء هذه الاتفاقات، وكأن الشعب الذي منح الشرعية للدكتور محمد مرسي رقد على رجاء القيامة، فلم يعد لدينا شعب يمنح الشرعية لغيره ليستخدم شرعيته في إلغاء هذه الاتفاقات!
وكأن الاتفاقات التي وقعها السيسي لا تحتاج إلا لمرسي ليلغيها فينتهي مفعولها، وبعيداً عن قضية الجزر لأنها لم تنته رسميا، فإن كل الاتفاقات الأخرى يوجد أطراف أخرى فيها لا يعني إلغاءها بالنسبة لها شيئا، إلا إذا توافر أمران: الأول إعلان الحرب، وهو أمر ليس سهلاً، أو اللجوء إلى المحاكمات الدولية وهو أمر يستطيع فعله أي حاكم ولو بانقلاب عسكري إذا توافرت الإرادة لذلك!
هؤلاء "الدراويش" لابد من مواجهتهم بالحقيقة المرة، وعلى طريق الصدمات الكهربائية، فليس لدى الآخرين وإن انتقلوا من تأييد السيسي إلى العداء له، أي استعداد للاصطفاف على قواعدك، فلا يزال ما في القلب في القلب، في مواجهة أفكار مثل الشرعية أو ما يمت لها بصلة، فالآخر بالكاد يعلن أن ما جرى في "رابعة وأخواتها" جريمة!
ومن هنا فإن قضية الشرعية هى شأن خاص بأنصار الشرعية، وعودة الرئيس الشرعي لن تكون بالأماني الطيبة، أو بالنضال على "الفيس بوك" ولكن بثورة حقيقية تخرج فيها الجماهير وقرارها أنه لا عودة قبل الانتصار.
فهل أنتم مستعدون؟!
أمين عام الإخوان: لسنا في حرب مع الدولة..
ومستعدون للمصالحة بشروط
ومستعدون للمصالحة بشروط
الرئيس محمد مرسي: ملكت قلوب احرار العالم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق