الأربعاء، 29 مارس 2017

الحاكم المسلم بين اليوم والامس..!



لم تعـرف البشرية حُكمـاً عـادلاً 
كما عرفته في الإسلام 
الذي جاء ليُحرر الناس من عبادة العباد
 إلى عبادة رب العباد


لم تعرف البشرية عبر تاريخها العريض على الأرض - من الملوك إلا الظُلم و البطش و الاستحواذ على السُلطة و مُقدرات الشعوب ...! و لم نر عبر التاريخ العريض ملكاً عادلاً إلا ما ندر ............. و تكشف لنا صفحات التاريخ عن الملوك عِشق السُلطة و الدفاع عنها و الهوس الجنسي و المادي و الطُغيان و النرجسية و العظمة المُفرطة و البارانويا أو جنون العظمة الذي يجعل صاحبه يشعر بأن ثمة مؤامرات تُحاك ضده ... اهتم الملوك بشهوات البطن و الفرج و كُل المُتع الحسية من حل و حرام و بذلوا في سبيل رغباتهم الغالي و النفيس و هم يشعرون و كأنهم مبعوثون من قِبل الرب ليمنحوا الخير للشعوب سواء جاء الأمر تقتيراً أو على قدر من السخاء .... و في كُل الأحوال فقد ذاقت الشعوب ويلات الحروب و الأطماع بل و كانت في الأغلب الوقود الذي يُضحي به الملك للحفاظ على مُلكه أو لضم المزيد من الممالك و الأطيان ............. وصل طُغيان العديد من الملوك إلى حد تأليه أنفسهم و الاستبداد و الاستئثار بالمُلك و لو على حساب الغلابة و المُعدمين ....! 
قُبيل مجيء الإسلام رأينا البشرية ترزح تحت نيران الرق و الاستعباد و عبادة العباد و الانحناء للملوك و لأوامرهم الظالمة .. و رأينا الظُلم الطاغي في أباطرة روما و الحُكم الروماني أما في بلاد فارس فلم تكن الأحوال بأفضل منها ... و في مصر فقد كان حُكم الفراعنة و تأليه الفرعون و السُخرة و الاضطهاد و الوثنية ...! 
لم تعرف البشرية حُكماً عادلاً كما عرفته في الإسلام الذي جاء ليُحرر الناس من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد الواحد الأحد ، و من جور الأديان و قد رأينا الحُكم البابوي كما يدّعون ظل الرب في الأرض و السُلطة المُطلقة و التي أعدمت المُفكرين و العُلماء تحت زعم الهرطقة و التجديف و الخروج على الإنجيل و تعاليم المسيح .. و تحت هذا الزعم أحرقت الكُتب و الأبحاث و النظريات و أعدم أصحابها .. و استئثار الملك و الكنيسة و الكهنة بالسُلطة و الثروة ... جاء الإسلام ليُحدث نقلة نوعية في المُعتقد و السلوك لتكون العقيدة هي التوحيد لله الواحد الأحد و لتُحرر البشرية من رق العبودية و من استعباد الملوك و أيضاً من استعباد الشهوات و الهوى الطاغي .. و لعل هذا كان الدافع للمُسلمين ليبحثوا و يستكشفوا و ينهلوا من فيض العلم و البحث و التجريب . فالمُسلمين الذين دخلوا الإسلام و تشربوا جوهر و مقاصده تحررت عقولهم فأبدعوا و ابتكروا و صنعوا لنا حضارة عظيمة سطعت شمسها على العالم ألف سنة و قدمت للبشرية عُلماء و نظريات و أبحاث في الطب و الفلك و الكيمياء و الهندسة و الطبيعة و الرياضيات و في العلوم الإنسانية كعلم الاجتماع و الفلسفة و المنطق و علم النفس .. حتى أن البشرية راكمت على هذا الميراث الإسلامي و بنّت حضارتها الحديثة . و لم تعرف البشرية أعدل من الحُكام المُسلمين الذين تركوا آثاراً في الأندلس و جنوب أوربا لا تزال حتى يومنا هذا تشي بجمال العمارة و الهندسة المدنية ...! جاء الحاكم في المفهوم الإسلامي ليعتبر نفسه خادماً للشعب و ليس سيداً أو سيفاً مُسلطاً عليه ، و كان جُل طموح الحاكم هو رعاية شعبه حسبة لله و تفانياً حتى لا يُظلم لديه أحد من الرعية فإن عثرت بغلة في العراق سُئل عنها عُمر لما لم تُعبد لها الطريق ... هكذا عرف حُكام المُسلمين الأوّل العدل و التواضع و الزُهد في الملك و في بريق الدُنيا و متاعها الزائل فقد اشتروا الآخرة بالأولى و جعلوا الدُنيا في عقولهم لا في قلوبهم - فسادوا في الدُنيا و امتدت إمبراطوريتهم إلى أقاصي الأرض ...! 

فما بالنا اليوم بحُكامنا و ملوكنا و قد عضوا على المُلك بالنواجذ و آثروا الدُنيا على الآخرة و ظلموا و طغوا و بغوا و أصبحوا مُستبدين يشيع إجرامهم و لا تجد لهم عدلاً و لا صرفاً .... بل و قد رأينا حُكاماً يُحاربون شعوبهم و يقصفونهم بالبراميل المُتفجرة و الأسلحة الكيماوية من أجل الحفاظ على الكرسي و لو حكموا جماجم و أشلاء ...........!!! 
فهل آن الأوان لتصحو الشعوب المُسلمة لتعود لمنابعها الأصيلة و تُدرك أن خلاصها في حُريتها و انعتاقها من الحُكام الطُغاة البُغاة .. و أن ثورتها المليونية و التنادي للإضراب العام و العصيان المدني هو سبيلها للخروج من الانحطاط و درك الشقاء.!
***
يتناول هذا المقطع الحديث عن عدم مشروعية التصرف في المال العام إلا بعد إذن الشعب، بوضع نظام فَعَّال يضمن وصول إذنهم في هذا التصرف، مثله في ذلك مثل البيعة والمتمثلة في عصرنا الحاضر بالانتخابات، وذكر الشروط الواجب توافرها في الحاكم المسلم، وفي حكام الأقطار، وتتمثل في: الإسلام، والعدالة، والذكورة، والاجتهاد في الدين، والكفاءة والقدرة على اتخاذ القرارات، والسمع والبصر والكلام؛ بحيث لا يحتاج إلى أحد في القيام بتصرفاته.




ليست هناك تعليقات: