الاثنين، 12 ديسمبر 2016

"الناجي الوحيد" ,هكذا يقتل أمن الانقلاب المختفين قسريا


"الداخليـــة كــاذبة"
إعتقــــال ثم تعـــذيب.. فتصفية..


 اعتادت وزارة داخلية الانقلاب في مصر، على الإعلان بين وقت وآخر، عن مقتل بعض الأشخاص المطلوبين أمنيا "في تبادل لإطلاق النار مع قوات الأمن؛ أثناء مداهمة أماكن اختبائهم".
وشهد الأسبوع الماضي حادثتي تصفية لمعتقلين، مقرونتين بالادعاء بأنهم قتلوا في اشتباكات مع الشرطة، ووقعت الحادثة الأولى الثلاثاء الماضي، حيث قتلت الشرطة ثلاثة شبان في محافظة أسيوط جنوبي البلاد، بزعم انتمائهم لحركة سواعد مصر "حسم" التي أعلنت مسؤوليتها عن العديد من عمليات "العنف" في الشهور الأخيرة. وبعدها بيومين؛ أعلنت داخلية الانقلاب عن قتل شاب آخر في القليوبية، أثناء مداهمة قوات الأمن لمكان اختبائه.
الناجي الوحيد يروي
وروى (م. ف) المقيم حاليا خارج مصر، تجربته القاسية في هذا المجال، حيث نجا بأعجوبة من محاولة للقتل بدم بارد على أيدي قوات الأمن بعد اعتقاله، ليصبح الناجي الوحيد من تلك الحوادث.
وقال لـ"عربي21" إنه تم اعتقاله من إحدى الشقق بعد مراقبة اتصالاته لمعرفة المكان الذي يختبئ فيه، حيث كان مطلوبا على ذمة العديد من القضايا، وبعدها تعرض لتعذيب شديد لعدة أيام في أحد المقرات الأمنية حتى يعترف بارتكاب عمليات تفجير واغتيال لا يعرف عنها شيئا، وبالفعل اعترف بكل الجرائم حتى يتخلص من التعذيب، فتوقف التعذيب وبقي رهن الاعتقال لأكثر من أسبوعين.
وفي أحد الأيام؛ فوجئ برجال الأمن يقتادونه وهو معصوب العينين، واصطحبوه إلى أحد المنازل ويده مقيدة في يد أحد أمناء الشرطة، حتى لا يتمكن من الهرب، وبمجرد دخوله سمع دوي انفجار هائل لمتفجرات كان معدة؛ ليتم تصويرها لاحقا وكأنها مضبوطات وجدت في هذا "الوكر"، إلا أنها انفجرت عن طريق الخطأ، ودمرت أجزاء كبيرة من المنزل، مما أدى إلى إصابته بجروح، ومصرع عدد من رجال الشرطة، ومن بينهم الرجل المقيد في يديه. وأضاف (م. ف) أنه عندما رفع العصابة من فوق عينيه؛ رأى حالة الفوضى العارمة التي سادت المكان، فاستغل الموقف وأخرج مفتاح القيود من ملابس أمين الشرطة المقيد في يديه، وفك قيوده وهرب من المكان وسط عشرات من الأهالي، ليكتب له عمر جديد. 
  اعتقال ثم تعذيب فتصفية
وأكد إسلام سلامة، المحامي الحقوقي الذي يتولى الدفاع عن عدد من المختفين قسريا، أن الشبان الثلاثة الذين قتلوا الثلاثاء الماضي على يد الشرطة "كانوا معتقلين، وتعرضوا للاختفاء القسري لعدة أسابيع؛ قبل أن تعلن الداخلية قتلهم في اشتباك مع الشرطة". 
  وقال سلامة لـ"عربي21" إن "اعتقال هؤلاء الشباب مثبت رسميا في بلاغات للنائب العام، وبيانات من مراكز حقوقية كانت تتابع مصيرهم، لكننا فزعنا بما حدث لهم على أيدي الشرطة وما قالته وزارة الداخلية عن مصرعهم أثناء الاشتباكات مع القوات".  
وأوضح أن "الاختفاء القسري هو جريمة ترتكب في حق الشعب المصري، وكثيرا ما نرى شبابا مختفين قسريا؛ يظهرون في مقاطع فيديو وهم يعترفون بجرائم لا يعرفون عنها شيئا، ولكنهم يقرون بها تحت التعذيب الجسدي والمعنوي. وأحيانا نفاجأ بإدراج المعتقل ضمن إحدى القضايا التي لا يعرفون عنها شيئا".
"الداخلية كاذبة"
ونشر أهالي الضحايا أدلة عديدة تثبت اعتقال أبنائهم، واختفاءهم قسريا منذ شهور، بالإضافة إلى وجود آثار تعذيب بشع على جثثهم، مما يؤكد تعرضهم لتعذيب شديد قبل مقتلهم. وأكد نشطاء سياسيون ومنظمات حقوقية "كذب" رواية الداخلية، مؤكدين أن هؤلاء الشبان تعرضوا للتصفية الجسدية عبر قتلهم بدم بارد بعد اعتقالهم واختفاءهم قسريا على أيدي قوات الأمن. 
  وأكد الحقوقي المتخصص في ملف الاختفاء القسري، المحامي حليم حنيش، أن الضحايا الذين تمت تصفيتهم في أسيوط الأسبوع الماضي "كانوا مختفيين قسريا منذ أكثر من شهرين"، وأن "أقاربهم قدموا بلاغات عديدة للنائب العام للمطالبة بكشف مكان احتجازهم، لكنهم فوجؤوا بإعلان تصفيتهم في تبادل لإطلاق نار مع الشرطة". 
  وقالت "المنظمة العربية لحقوق الإنسان" في تقرير لها الأربعاء الماضي، إنها وثقت قبل أشهر اعتقال القتلى الثلاثة، وتعريضهم للاختفاء القسري دون عرضهم على أية جهة قضائية، ومنعهم من التواصل مع ذويهم بشكل كامل، مشيرة إلى أن أُسرهم تقدموا ببلاغات رسمية إلى جهات أمنية وقضائية لمعرفهم مصيرهم، إلا أن السلطات رفضت الرد على تلك البلاغات، وانقطع الاتصال مع الضحايا منذ اعتقالهم، حتى فوجؤوا بإعلان الداخلية عن مقتلهم". 
  وأكدت المنظمة أنها وثقت قتل السلطات المصرية 89 شخصا بالرصاص بعد اعتقالهم، فيما تم قتل أربعة آخرين بإلقائهم من أماكن مرتفعة، منذ الثالث من تموز/يوليو 2013، وفي كل هذه الحالات دأبت الداخلية على اختلاق روايات كاذبة حول مقتلهم". وبحسب منظمات حقوقية؛ فإنه في الغالبية العظمى من هذه االحوادث؛ يثبت تشريح جثامين الضحايا أن قتلهم تم عبر رصاصة واحدة في الرأس من الخلف ومن مسافة قريبة، مما يثبت أنهم تعرضوا للتصفية، وليس أثناء اشتباكات كما تزعم الداخلية.






ليست هناك تعليقات: