الأربعاء، 21 ديسمبر 2016

كيف تقام دولة الخلافة بمساندة أمريكا وعملائها؟.داعش.فيديو



كيف تقــام دولـــة الخلافــة الاســلامية 
بمســـاندة أمريكـــا وعملائهــــا؟



داعش (2): كيف تقام دولة الخلافة بمساندة أمريكا وعملائها؟! 
 هذا هو الجزء الثاني من دراسة بعنوان (داعش: أنهار من الدماء بلا طائل.. وتشويه شعار "الخلافة الاسلامية" تحدثنا حتى الآن في نقطتين:
 (1) المبالغة في استخدام العنف بما يتجاوز النموذج الاسلامي المستقر من القرآن والسنة.
 (2) تحول مشروع إقامة دولة إسلامية إلى حرب طائفية متعمدة ضد الشيعة كهدف أول ورئيسي. 
 وكنت قد بدأت في النقطة الثالثة:
 كيف تقام دولة الخلافة الاسلامية بمساندة أمريكا وعملائها؟
 المعادلة الاسلامية القرآنية مبثوثة في العديد من الآيات والأحاديث، ولكن سنكتفي الآن بآية واحدة في سورة الأنفال (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) فحسب! سبحان الله! وهي معادلة ثلاثية
 (1) الاعتماد على الله.. ويتضمن ذلك الاعتماد على الخطة القرآنية التي تنهي عن استرضاء النصارى المحاربين (أمريكا في حالتنا الآن) (لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَىٰ أَوْلِيَاءَ ۘ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ) ضمن أشياء أخرى عديدة.
 (2) القيادة الاسلامية: الممثلة في الرسول عليه الصلاة والسلام ومن بعده تكون الحركة الاسلامية النزيهة المتمسكة بالسنة النبوية.
 (3) المؤمنون: أي الشعب. 
.اذن الآية تقول ذلك على سبيل الحصر (حسبك). 
ولكن مع الأسف فان الحالة الاسلامية السنية في العراق وسوريا اعتمدت في زخمها "العسكري" على السعودية وقطر وتركيا والامارات والناتو (حلف الصليبيين الأطلسي). 
 ولكن في البداية لابد من تنشيط الذاكرة لأن هذه الأحداث مر عليها 6 سنوات إلا قليلاً. الثورة السورية كانت في البداية 2011 تسير كباقي الثورات العربية السلمية، ولكن جهة مجهولة أخذت قرار الكفاح المسلح. 
 في الشهور الأولى لعام 2011 كانت الثورة السلمية تضع النظام السوري في مأزق شديد وكانت مطالبها إصلاحية (تعديلات في الدستور) وكان النظام وحشيا في مواجهة المظاهرات السلمية ولكنه كان يدرك مأزقه ويبحث عن وساطات مع التيار الاسلامي من أجل تهدئة الأوضاع وقد لجأ بالفعل على سبيل المثال - لحركة حماس التي كانت قياداتها متمركزة في سوريا.
 وبغض النظر عن أخطاء وخطايا النظام فإننا مشغولون أكثر بتكتيك واستراتيجية الحركة الاسلامية. فأنت أمام نظام ديكتاتوري شديد الشبه بنظام صدام حسين الذي ما كان يقبل أي نوع من المعارضة وفي نفس الوقت كان معارضاً للهجمة الأمريكية على بلاده.
وهذه الأنظمة ليست قدرا، وليس بالضرورة أن نتحمل استبدادها إلى آخر مدى طالما هي ضد أعداء الأمة.
 ولكن الفقه الاسلامي علمنا أن الخروج على الحاكم الظالم يجب أن يكون محسوباً بدقة بحيث لا يؤدي إلى فتنة أكبر. 
 ومن الواضح أن الخروج على النظام السوري كان مشروطاً بالنجاح، والنجاح السريع والخاطف، ولكن في الحقيقة لم يكن هناك قيادة إسلامية رشيدة تقود هذا الخروج وتحسب حساباته (الخروج في الفقه يعني الخروج المسلح).
 والحقيقة فإن قرار الخروج المسلح لم يصدر من جهة مجهولة ولكن من أجهزة المخابرات الغربية عبر النظامين السعودي والقطري (مع دور أقل للإمارات) وعبر النظام التركي أساساً ولكن مع كونسرتيوم مخابراتي أوسع بكثير من ذلك (الأردن - اسرائيل - معظم دول الغرب) ويالها حقاً من خلافة إسلامية! 
 في حديث نادر على أحد المواقع سأل صحفي مسئولا من داعش: 
لماذا اندفعتم عسكرياً بكل هذا الزخم لاحتلال الموصل ثم المثلث السني من شمال سوريا لاعلان الدولة الاسلامية؟ 
 لماذا ابتعدتم عن اسرائيل ولماذا استبعدتم الأردن مثلاً؟!
 فكان رد المسئول الداعشي: إن المكان الذي نجده مفتوحاً نندفع إليه!! 
 ولكن الصحفي لم يسأله من الذي فتح لكم هذا الممر ومكنكم منه وقدم لكم المال والسلاح والدعم العالمي والاقليمي؟ 
(سنكشف لغز الموصل بعد قليل) 
عندما قام الكفاح المسلح في سوريا أولاً في منتصف أو أواخر 2011 لم يكن هناك داعش ولكن داعش كانت جزءاً من الحالة في طيات تنظيم النصرة (القاعدة) قبل أن يحدث انشقاق بين الطرفين.
 في تلك الفترة تم تشكيل مجموعة أصدقاء سوريا وهي عملياً كل الدول الغربية، وتم تشكيل المعارضة السورية العلمانية خارج سوريا بزخم إعلامي كبير وبأسماء ومسميات عديدة، وكان برهان غليون أول قائد لهذه الحالة.
وأعلن أن الثورة السورية عندما تنجح فانها ستطرد حماس من سوريا وستقطع العلاقات مع حزب الله وإيران.
 وكان هذا إعلاناً صريحاً للأهداف الجوهرية للغرب في سوريا. فمهما قلت عن النظام السوري (في مجال الحريات) وفي التعامل مع الحركة الاسلامية، مع ملاحظة يجب تثبيتها فقد كان النظام يسمح بالنشاط الاسلامي السني على أوسع نطاق في كل أنحاء سوريا طالما هو بعيد عن السياسة، وهذا دأب معظم الأنظمة العربية، وقد شهدت سوريا حالة غير مسبوقة في بناء المساجد والجمعيات الخيرية والأنشطة الاجتماعية والثقافية ذات الخلفية الاسلامية، مهما قلت عن النظام السوري فقد كان دوره كهمزة وصل بين إيران وحزب الله في مجال التسليح يثير حفيظة اسرائيل وأمريكا.
 وآخر تقدير لاسرائيل أن حزب الله لديه ما لا يقل عن (100 ألف صاروخ حاليا) موجهة ضد اسرائيل. وكان الحلف الايراني - السوري - اللبناني هو ما يشكل الخطر الرئيسي بل الوحيد على اسرائيل في هذه الآونة وهذا ما تؤكده كل أبحاث ومؤتمرات اسرائيل حول الأمن القومي خاصة مؤتمر هرتزليا السنوي بالاضافة لفيض من المقالات والتصريحات السياسية.
 كما أن حرب 2006 جسدت هذه المخاطر وأكدتها 3 حروب مع حماس حيث بدأ سلاح الصواريخ يضرب في صميم نظرية الأمن القومي الاسرائيلي. 
 ورأى الحلف الصهيوني - الأمريكي ان ضرب هذا التحالف لابد أن يكون في أضعف نقطة بعد استبعاد الحرب على ايران أو حزب الله أو احتلال غزة وكان النظام السوري بكل عيوبه هو أضعف نقطة وبالتالي تم استغلال ثورة الشعب الطبيعية والتي لم تستمر طبيعية إلا شهور قليلة، للانقضاض على النظام السوري، فكان هذا الحلف الأول (أصدقاء سوريا) الذي ضم 40 دولة وربما زاد بعد ذلك، وكان يبدوا حلفاً بريئاً سياسياً يتغنى بالديمقراطية وحقوق الانسان. 
ولكن الغرب لم يكن غاضبا على سوريا بسبب الاستبداد وإلا لماذا يصمت على الاستبداد في معظم بلاد العرب والمسلمين؟!.
 ولكنه غاضبا على سوريا بسبب تحالفاتها مع إيران وحزب الله واستضافة حماس والجهاد الفلسطيني وبسبب موقفها من التطبيع مع اسرائيل وعدم اعلان انفتاح اقتصادي شامل مع الغرب، بدلا من التمسك بعلاقات مع روسيا والصين. 
وبالنسبة لسوريا بالذات كانت مسألة التقسيم حاضرة بسبب تعدد الأديان والمذاهب والخطة كما ذكرت مكتوبة في عديد من الدراسات شبه الرسمية.
كما إن إضعاف سوريا وتدمير المجتمع السوري هو الحد الأدنى الذي طمحوا إليه، وقد تحقق الآن مهما تكن مآلات العمل العسكري في حلب أو غير حلب. 
الفوضى الخلاقة كانت تستهدف حتى البلاد الصديقة لأمريكا. أما بالنسبة للدول المعادية فالفوضى مطلوبة في حد ذاتها خلاقة أو غير خلاقة. طبعا مع الدول الصديقة المقصود أن تكون خلاقة لصالح أمريكا!!
 لماذا النظــام الســـوري هــو النظـــام الوحيــد 
الذي طرد من جامعة الدول العربية؟! 
 وهو النظام الوحيد المطرود من شرعية الغرب ولا يوجد معه في العالم كله إلا "كوريا الشمالية"!! هذا العالم الغربي الديمقراطي المحب لحقوق الانسان لا يرى شعب الروهينجا الذي يباد إبادة وحشية في ميانمار رغم أن حاكمة البلاد صديقة حميمة لأمريكا. لا يتذكرون إبادة 200 ألف جزائري معظمهم على يد النظام الحالي وكأن هذه قضية يمكن أن تسقط بالتقادم.
لا يرون كتم الأنفاس في دول الخليج، وقتل النساء والأطفال في اليمن، وطبعا لا يتوقفون عند إطلاق النار يوميا على الشباب الفلسطيني، وخنق 2 مليون غزاوي حتى الموت، وانتهاك حرمة المسجد الأقصى يومياً، ومنع الآذان في مساجد فلسطين.
 وسنرى كيف استدرج الغرب لتحويل سوريا إلى أفغانستان أي البؤرة الأولى لحشد كل قوى الاسلاميين على مستوى العالم، ولو كان هذا خياراً ذاتياً اسلامياً فكان لابد على القوى التي اندفعت إلى الموصل أن تتوجه إلى دمشق التي كانت في وضع ضعيف من أجل حسم السلطة في سوريا والاستعداد لمواجهة اسرائيل، وإلا ما معنى حشد الاسلاميين في شتى أركان الأرض. 
إذن قامت السعودية وقطر وتركيا بالتواصل مع الحالة الاسلامية في سوريا وعلى رأسها النصرة التي انفصلت عن "الدولة الاسلامية فيما بعد".. وقدمت عشرات المليارات من الدولارات بشكل سائل وأسلحة (إحصاء من مصدر موثوق يقول أن السعودية أنفقت في سوريا واليمن معاً 45 مليار دولار) قيادات القاعدة لم يكن أمامهم بديل إلا المال الخليجي وبالتالي لابد أن تستمع للارشادات، وهذا يتم في إطار تسعير العداء للشيعة، حتى يكون أساساً مبدأياً للقاء، كما أن النظامين السعودي والقطري يقدمان لإسلامي سوريا وعلى رأسهم القاعدة شخصيات غير رسمية لإراحة ضمائر المجاهدين، وأيضاً من أجل تأمين هذه القنوات بعيداً عن الرسميات.
والحديث بين الطرفين يجري بمصطلحات اسلامية، ولكن هذه العملية الكبرى كانت بالاتفاق مع الأجهزة الأمنية الأمريكية.
 وكانت السعودية ترسل عناصر دعوية من وزارة الأوقاف وغيرها وتولت الجهاز الدعوي داخل النصرة، والجهاز الدعوي هو الذي يحدد تركيبة التنظيم من حيث الصعود والهبوط في المناصب.
وهذه العناصر أسماؤها معروفة ومكتوبة على الانترنت ولم أجد حماساً لجمعها فالأمر لا يحتاج إلى كل هذه الأدلة. 
 ولكن عناصر داعش كشفت كثيراً من هذه الأسرار في خضم الخلاف مع النصرة الذي وصل إلى حد الاقتتال، وموت المئات وربما أكثر بين الطرفين. 
 الآن يتبرأ عناصر داعش من الدعم السعودي والقطري ولكنهم لا يمكن أن ينكروا أنه كان يمثل الدفعة الأولى للجميع وحتى معركة الاستيلاء على الموصل. 
 ولا يستطيع أي داعشي أن ينكر دور تركيا فبدون تركيا ما حدث كل ما حدث في شمال سوريا ثم المثلث السني في العراق. 
 وأنا لست مضادا على طول الخط لأردوجان وأتمنى أن ينجح في معركته مع الاتحاد الأوروبي وأمريكا الآن، ولكن في عام 2011 كانت خطة أردوجان تجاه سوريا خاطئة من وجهة نظري فقد تمت تحت الاشراف التام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) وهو حلف أمريكا وأوروبا. 
وقد دخل عشرات الألاف من المقاتلين تحت اشراف وبعلم الأجهزة التركية وكانت تسجل أسماؤهم وكذلك الأسلحة، بل ان ما قاله بوتين وغيره عن علاقات النظام التركي بداعش ليس بعيداً عن الحقيقة. 
والمشكلة أن أردوجان مارس ذلك ليس في إطار مشروع إسلامي، ولكن في إطار توسيع الهيمنة التركية داخل سوريا والعراق بما لا يسبعد تعديلات في الحدود، ولكن مع الأسف في إطار مشروع عثماني مفرغ من الاسلام. 
وتخبط أردوجان في السياسة الخارجية واضح بصورة كبيرة (وهذا يحتاج إلى موضوع آخر). 
 ما يهمنا الآن أن إدخال كل هذه الجحافل من كل الجنسيات إلى سوريا كان تحت الاشراف المباشر لتركيا وبعلم ومشاركة حلف الناتو.
بل شارك الجيش التركي وحلف الناتو في تدريب بعض المقاتلين من الجيش الحر وغيره، على الأراضي التركية. 
أردوجان يبدو سيخرج من هذه اللعبة خاسراً. 
 ولكن الهدف الغربي تحقق: تدمير سوريا وتقسيمها وإضعافها.
ولكن الآن أمريكا تملك مفاتيح المال والسلاح فقد كانت تقلل من الدعم حتى لا يسيطر مجاهدون على العاصمة السورية دمشق، خاصة وأن الائتلافات المعارضة العلمانية خارج سوريا قد فشلت وثبت باليقين أنه لا يوجد لها وزن على أرض المعركة. 
وهنا لابد أن نؤكد أن الجسم الأساسي للمقاتلين الاسلاميين هم مخلصون للقضية ولا يفهمون تعقيدات كل هذه التحالفات ويقاتلون بإخلاص من أجل الدولة الاسلامية. 
وهذا ما يحزن المرء على إهدار كل هذه الأرواح في معركة فاشلة.
وهذا مع الأسف ما تعلمه أمريكا ولذلك فهي تقطع أو تقلل الدعم المالي والعسكري عبر قطر والسعودية (حتى في ظل أوباما) حتى لا يصل المجاهدون لحكم دمشق، وإلا فيمكن للصف الثاني أو الثالث أن يسيطر على البلاد ويعلن دولة إسلامية بحق وحقيقة أي مستقلة. ونلاحظ الآن أن خطوط الامداد من تركيا قد ضعفت بسبب فقدان أردوجان للحماس في تقديم أسلحة مضادة للطيران والدروع، ليس خوفاً من وصول الاسلاميين للحكم فحسب بل لأن معظم الهدف قد تحقق وهو إصعاف وتدمير سوريا ووضع أسس التقسيم، والنجاح في جعل الجروح غائرة بين الشيعة والسنة في سوريا. 
رغم أن عدد الشيعة في سوريا قليل للغاية 2- 3%، ولكن باعتبار العلويين والاسماعيلية والدروز فرق شيعية وباعتبار المقاتلين الشيعة الذين أتوا من لبنان والعراق وأفغانستان. 
... فلن تعود سوريا كما كانت دولة متماسكة مهما كانت النتائج الحربية على الأرض...
 وها نحن نرى مثلا أن النصرة تكاد تفقد مدينة حلب، ولكن داعش تعود للاستيلاء على تدمر!! والواقع السني عموماً وليس في سوريا وحدها يفتقد مع الأسف- حتى الآن- من يقود الجماهير بشكل عقلاني واسلامي مستقل عن النفوذ الأجنبي ويكون مرتبطاً بشعوب المنطقة بإخلاص.
إذن هذا هو التحليل ولكن هناك من يسأل عن الأدلة الأكثر تفصيلية.. لقد قرأت بعض هذه الأدلة وفي غيرها.. وأعيد ترتيبها.. في الامداد بالسلاح كانتا السعودية وقطر متنافستين إلى حد أثار حفيظة السعودية التي تميزت غيظا من هذه الدويلة التي تنافسها في مجال نفوذها التقليدي (سوريا) وبلغت العلاقات أقصى توترها بين البلدين بسبب ذلك.
وأمريكا لا يهمها هذا بل تستفيد منه. وهكذا أصبحت هناك مناطق نفوذ في سوريا للسعودية وأخرى لقطر.
 وفي إحدى المرات كان الأسد يتفاوض من أجل الافراج عن الرهائن (وكانوا راهبات) فوجد المفاوض من طرف الخاطفين شخصاً قطرياً!! وكان للامارات دور أقل في التمويل في إطار تقسيم العمل الامبريالي. 
وكان دور تركيا هو الترانزيت، وكذلك الأردن والأصح أن نقول ترانزيت وتجميع وتدريب وتخطيط باعتبارهما دول جوار، وكان للحريري دور المد بالرجال عبر الحدود وكان للمنظمات الاسلامية في العراق دورا في البداية في مد سوريا بالمقاتلين المدربين في حرب المقاومة ومن قبل أفغانستان، وقامت اسرائيل بدور علاج عشرات المصابين من المسلحين في مستشفيات اسرائيل بالاضافة لدور التخطيط في الغرف السوداء المخابراتية، والتي كانت تجتمع في أماكن عدة أهمها الأردن.
 ولكن كانت تركيا هي المصدر الأساسي لحشد ومرور المقاتلين والأسلحة إلى سوريا وهذا يفسر الفقدان السريع للدولة السورية لسلطتها في الشمال. 
 وكانت الأسلحة بالمال السعودي والقطري تُشترى من أسواق السلاح وهي أسلحة من أوروبا الشرقية ومن مصادر أخرى عدة. 
وتم رصد وهذا ما سربته نيويورك تايمز أكبر جسر جوي في التاريخ (منذ الجسر الذي أقامته أمريكا لمد اسرائيل بالسلاح في حرب 1973) من مطار في كرواتيا إلى أحد مطارات الأردن العسكرية.
وكان تأسيس مئات التنظيمات السورية مقصوداً للتعمية على هذه المركزية الشديدة في إدارة الصراع في الخفاء، فيبدوا أن هناك ظاهرة شعبية تلقائية وكل ناحية أسست تنظيما خاصاً حتى وصلت في بعض الاحصاءات إلى (1800 تنظيم) والأغلبية الكبيرة لهذه التنظيمات يمتد حبلها السري إلى السعودية أو قطر ولكن هناك تنظيمات يمتد حبلها السري إلى الأردن وهي التي تتحرك في درعا والمناطق القريبة من الأردن، ومنها من يتصل بسعد الحريري في لبنان وكثير منها يتصل بتركيا، وهناك من يتصل مباشرة بالأمريكان كالتنظيمات الكردية والتنظيم الذي يسمى نور الدين زنكي وهكذا، ولكن لأن الروح الاسلامية هي المسيطرة فقد كان الصراع الأساسي بين السعودية وقطر حول تنظيم القاعدة (النصرة) والآن (فتح الشام) الذي يتقلب في تبعيته بين البلدين حتى لا يخسر أحدهما (بزعامة الجولاني). 
 وقد كانت لعبة فاشلة حين غيرت النصرة اسمها إلى فتح الشام لتقطع صلتها بالقاعدة، وحين بدا ذلك ساذجا، فقد جرت لعبة أكثر سذاجة حين أعلن الظواهري زعيم القاعدة أنه يوافق على انفصال النصرة عن التنظيم حتى يعطيها حرية الحركة في الواقع السوري. 
 والواقع أن تنظيم النصرة (فتح الشام) تحول إلى تنظيم براجماتي بقيادة الجولاني ولكن انفصاله عن القاعدة بهذا الأسلوب (أي برضاء الطرفين) سبب حرجاً للأمريكان فلم يستطيعوا تغيير تصنيف النصرة كتنظيم إرهابي، ولكن أصبحت السعودية وأمريكا متهمتين بالتعاون العلني مع النصرة (من خلال مواقف معارك حلب) وأصبح موقف روسيا أكثر منطقية في معاداة "الارهاب". 
 القضية أن النصرة أصبحت عميلة للسعودية (ومن ثم أمريكا) منذ مشاركتها في الائتلاف المعارض السوري في السعودية، ومنذ بدأت "الجزيرة" تلمع الجولاني في أحاديث صحفية مع أحمد منصور وغيره. 
ونؤكد من جديد أن طريق إقامة دولة الخلافة الاسلامية لن يكون عن طريق السعودية وإلا لماذا لم تعلن السعودية نفسها دولة خلافة. 
 وشهادة لا إله إلا الله على علمها والحرمان الشريفان على أرضها؟!
 ** ومن المؤسف إنك تلاحظ أن كثيرا من الاسلاميين لا يفهمون أبجديات السياسة ويفكرون ويتعاملون مع السعودية وباقي دول الخليج كدول مستقلة ذات إرادة وتفكير حر وكأنهم لا يعرفون (ولعلهم لا يعرفون) أن القواعد العسكرية الأمريكية الجوية والبحرية والبرية راسخة في هذه البلدان، وانها دول واقعة تحت الاحتلال المباشر وان أموالها الموضوعة في البنوك الأمريكية وهي تفوق الـ 2 تريليون دولار أشبه بالأموال المصادرة، وانها لا تملك اصدار أي قرار سياسي أو اقتصادي جوهري بدون إذن أمريكي، وأن أمريكا استلمت هذه المنطقة من بريطانيا التي كانت تحكمها منذ أوائل القرن 19 حيث لم تكن هناك حتى ولا حكومات محلية، مجرد شيوخ+ ادارة بريطانية+ قواعد عسكرية بريطانية وعقب الحرب العالمية الثانية تم التسليم التدريجي من بريطانيا لأمريكا بدون أي فجوات.

 وبمناسبة احتلال العراق للكويت عام 1991 
أصبح الوجود الأمريكي سافراً بدون أي تمويه حتى الآن. ولكن أمريكا أقامت أول قاعدة لها في السعودية في الأربعينات لحماية آبار البترول. 
 وكانت انجلترا ثم أمريكا تقدمان الدعم المالي لشيوخ السعودية والخليج حتى الستينات من القرن العشرين، أي حتى أصبح انتاج النفط غزيراً. 
(في أول لقاء بين روزفلت والملك عبد العزيز آل سعود في مصر عام 1945 تعهد الأول بتقديم معونة بـ 35 ألف جنيه استرليني مقابل حرية التصرف في النفط وحمايته عسكرياً). 
 -وحتى العملة السعودية (الريالات الفضية) كانت تأتي مجاناً ومسكوكة من أمريكا. ومن الطرائف أن إحدى السفن الحاملة لشحنة ريالات فضة تم إغراقها بطوربيد ألماني في الحرب العالمية الثانية، وهذه السفينة تم انتشالها عام 1994!! 
 ونرى الآن التبعية السعودية الذليلة للموقف الأمريكي في سوريا، فعندما تتراجع أمريكا تتراجع خلفها السعودية بسرعة البرق!! هل تذكرون "جبير" وزير خارجية السعودية أين هو الان؟ لا أسكت الله له حسا!
 كان منذ شهور يقود حملة لاسقاط النظام السوري، وكانت السعودية تروج لارسال قوات إلى تركيا لتحرير سوريا من داعش والأسد معاً. 
وتصور بعض الناس من شدة الحملة أن القوات السعودية وصلت فعلاً، ثم قيل لا بل وصلت الطائرات كطليعة. وكل هذا تبخر كما يتبخر الندى بعد ظهور الشمس. 
.... جبير لم يستقل ولكنه اختفى من مسرح التصريحات....
فأمريكا قررت عدم تصعيد الصدام مع روسيا، وتركيا مواقفها اختلفت بتقاربها مع روسيا وإيران، فانطوت السعودية على نفسها حين أدركت أنها لا تملك الحفاظ على مواقفها المعلنة كزعيمة لتحرير سوريا من الاستبداد، وكان الأحرى أن توقف الاستبداد في بلادها.
 ** عندما أعلنت قطر بعد موافقة ترامب الفائز انها ستواصل تقديم الأسلحة للجماعات المسلحة في سوريا حتى وان تراجعت أمريكا
(وهذا من قبيل تقسيم الأدوار مع أمريكا) رفض مسئول سعودي هذا الموقف، وقال لابد من الحوار مع أمريكا في الكواليس وبدون إحراج!!. 
 بالعودة إلى الماضي الكاشف للحاضر.. منذ قرابة عامين كان أمير قطر يستعد لزيارة بريطانيا، فإذا بالاعلام البريطاني يهاجم هذه الزيارة ، ويتهم قطر بالمسئولية عن إعلان الدولة الاسلامية في الشام والعراق ويطالب بإلغاء هذه الزيارة.
 --- هنا خرج رئيس المخابرات القطرية - ونحن لا نسمع عنه عادة - لا لينفي تقديم السلاح للقوى الاسلامية في سوريا والعراق ولكن ليقول: ان كل ما فعلته قطر في سوريا والعراق كان بالتنسيق الكامل مع المخابرات الأمريكية !!
ولم يعلق أحد علي ذلك!!
 وأيضا في اطار محاولة الغرب لتحميل الأطراف العربية الاسلامية ظاهرة داعش وانتصارها المدوي.. أعلن بايدن نائب الرئيس الأمريكي انه يحمل مسئولية ظهور داعش إلى تركيا والإمارات والسعودية. وجاء الصراخ والاعتراض من تركيا، ولأهمية تركيا اعتذر النائب الأمريكي عن تصريحه، وهو اعتذار لا معنى له إلا محاولة استرضاء تركيا.
 (منذ قرابة عامين) أكد وزير دفاع بريطاني سابق نفس المعلومات عن دور قطر والسعودية في دعم وتسليح داعش. (منذ قرابة عامين) استغربت رئيسة البرازيل الضجة الأمريكية حول داعش رغم الدور الأمريكي في تأسيس هذه الظاهرة. 
(منذ قرابة عامين: أي كل هذه التصريحات كانت عقب سقوط الموصل).
وأيضا عقب سقوط الموصل.. 
أكد طلال سلمان رئيس تحرير السفير وهو معروف باتصالاته الرفيعة، أكد مرتين في مقالين على معلومة ملفتة للنظر، إذ قال ان موكباً كبيراً من السيارات اليابانية ذات الدفع الرباعي الجديدة (على الزيرو) انطلقت من نقطة ما في تركيا ولم تتوقف إلا في الموصل وهي التي قادت عملية السيطرة على المدينة.
 - فهل قامت داعش بجمع تبرعات من أهل الخير لشراء هذه السيارات - وكيف سمحت تركيا لهذا الموكب بالتجمع والمرور إلى سوريا ثم العراق.
 *الاجابة جاءت بعد قرابة سنة من شخص لا علاقة له بطلال سلمان، إذ كتب نجيب ساويرس في مقاله بالأخبار ان دولا عربية خليجية اشترت عشرات من سيارات دفع رباعي من شركة تايوتا اليابانية وتم إرسالها إلى تركيا للقيام بهذا الدور.
 - إذن فتح الموصل تم بتمويل وقرار من السعودية وقطر وتركيا. - فلماذا يقول أنصار الدولة الاسلامية أنه لا علاقة لهم بالسعودية! 
 ذكرنا من قبل ان وثائق بوتين عن علاقة أردوجان بداعش لا تقبل التشكيك، فما كان ممكن بيع النفط السوري إلا عبر تركيا، بالاضافة لكل هذا التواصل الأرضي بين داعش وتركيا. 
 وعلاقات داعش بالمخابرات التركية مسألة منطقية ولا تحتاج لألف دليل.. وإن وجد ألف دليل! ولاعيب في ذلك إلا أن ذلك كان يتم بمعرفة واشراف الناتو، قبل حدوث الأزمة الراهنة بين أردوجان والغرب بعد الانقلاب الفاشل. 
 ** نشر مؤخراً عبر ويكليكس مكاتبات لهيلاري كلينتون عن .... تسليح قطر والسعودية للمسلحين في سوريا، ولا نحتاج لذلك فالسعودية وقطر تعلنان ذلك الآن رسميا! ولكن ما يهمنا هنا هو الاشراف الأمريكي.
 في الأردن تجري اجتماعات منظمة بين المخابرات الغربية والأردنية لتحديد من يدخل عبر الحدود الأردنية إلى سوريا ومن لا يدخل بالاضافة لكافة الخطط العسكرية الأخرى في جنوب سوريا.
 - سيقال كيف تقول ذلك؟ (رغم انها معلومات موثقة ومعلنة وأمريكا الآن تضرب داعش بالطائرات ومعها دول الغرب ودول عربية- ثم كيف تقول ذلك رغم عمليات داعش في أوروبا خاصة في فرنسا وبلجيكا. 
 الممارسة المخابراتية الغربية أكثر تعقيداً من أساليبنا العربية.. مثلاً عندما لعبت أمريكا دوراً كبيراً في حشد وتجميع وتسليح المسلمين في باكستان لضرب السوفيت في أفغانستان، وحققت إنجازاً كبيراً في استنزاف وقصم ظهر الاتحاد السوفيتي ففي مقابل هذا الانجاز الكبير ما أهمية ان هذا الجسد الاسلامي المسلح يمكن أن ينقلب على أمريكا والغرب فهذا يمكن التعامل معه كآثار جانبية محتملة جداً خاصة في حالة وجود اختراقات في مستويات شتى لهذا الجسد. 
 بل ان هذه الأعمال الارهابية المتوقعة تبرر للغرب حالة العداء للاسلام، وتجذير هذا العداء في نفوس شعوبهم. 
 أما خسائر الأبرياء الذين يموتون فهي جداً وغير مهمة بالنسبة للعقلية الامبريالية.
 - (لاحظوا أن أعمال الارهاب لم تصل إلى قيادات أو نخب أمريكية أو غربية أو أثرياء إلا نادراً جداً، وحتى أحداث 11 سبتمبر فقد أصبح مشكوكاً فيها إلى حد كبير (ولكن ليس هذا موضوعنا الآن).
 - لاحظوا أيضا أن تجربة أفغانستان اعتمدت في التنفيذ على نظام السادات وبعض دويلات الخليج وباكستان (الأخيرة هي الأهم)، والسعودية الأهم بين دويلات الخليج. وهو نفس النمط الذي يجري في سوريا.
 *** ومع ذلك فإن ضربات الطيران الأمريكي والغربية ضد داعش أشبه بالخربشة
إذا قورنت بالقصف الذي تعرض له العراق أثناء حكم صدام، أو أفغانستان أثناء حكم طالبان. لقد تم تدمير العراق في 3 أو 4 أسابيع مرتين 1992، 2003 حيث تم إقصاء صدام، وتم إقصاء حكم طالبان في 4 أسابيع. 
وهذا التباطؤ (الذي وصل إلى 8 غارات في اليوم) كان مخططا له، فعقب سقوط الموصل بل وكان المثلث السني العراقي في يد داعش، أعلن وزير الدفاع الأمريكي بمنتهى الغرابة: ان هذه الحروب ستستمر 10سنوات، فكيف يقول قائد أكبر جيش في العالم ومعه أكثر من 40 جيش حليف (تحالف دولي) انه سيستمر 10سنوات؟ّ ... وكأنه يدعو للهزيمة. 
ثم تم التراجع عن هذه التصريحات وأخذوا يتحدثون عن 3 أو 4 سنوات!! 
 كذلك انسحبت الجيوش العربية أو الطيران الخاص بها (الخليج- الأردن) أما بلجيكا فترسل 6 طائرات وحاملة طائرات فرنسا نوع من الاستعراض لأنه يمكن استخدام قواعد الخليج. 
لماذا؟ هل يؤيدون أفكار داعش؟ لأ. 
أفكار داعش تشوه الاسلام وهم يريدون أن تكون البؤرة الاعلامية عليها. 
وهم دائما يُظهرون في اعلامهم المتطرفين لا المعتدلين من الاسلاميين. 
 ولكن الأهم من ذلك انهم يريدون تقسيم البلاد العربية خاصة سوريا والعراق الأكثر مناسبة والأكثر نضجاً لهذا المشروع التقسيمي. 
والعجيب وقد سقطت هيبة العرب والمسلمين فإن قادة الغرب يتحدثون صراحة عن تقسيم سوريا والعراق منذ استيلاء داعش على الموصل وحتى الآن. 
نتحدث في ذلك الحلقة القادمة إن شاء الله. 
 (مشروع التقسيم اليهودي- الأمريكي الغربي). ملاحظة: 
رغم كل ما سبق فإن الغارات الأمريكية الغربية تستهدف على نار هادئة وبمعدلات بطيئة قصم ظهر داعش من الناحية العسكرية باستهداف القيادات وعدد كبير من الممقاتلين الذين لا يمكن السيطرة عليهم وهم أحياء، فرغم كل هذه الاستفادة من داعش فقد انتهى دورها وليس لها مكان في مشروع التقسيم الذي نتحدث عنه، ولكن استمرار "المتطرفين" كمجموعات وبؤر لا بأس به في لوحة الشرق الأوسط الجديد، كما سنوضح. وهذا سر عدم الرغبة في محو داعش تماماً.

عودة الخـــلافة بين الأسطــــورة والحقيقــــة
 





؛؛؛؛ مصـــر الـيـــوم ؛؛؛؛


ليست هناك تعليقات: