الاثنين، 28 نوفمبر 2016

متى حط النسر على علم مصر؟ وكيف ابتلعها؟



قطع أي صلة لمصر بهويتها الإسلامية
 من خلال القضاء على
 آخر ملمح من ملامح الخلافة العثمانية،
 وهو العلم المصري الأخضر


في وقت كانت مصر فيه على أعتاب ثورة تضم كل فصائل المجتمع وأطيافه ، وجذوة حراك طلابي يشتعل من حين لآخر ،بدعم قوي من شيوخ أزهر وعلماء دين مستنيرين،
كان الإنجليز على وعي تام بانتهاء دورهم في المنطقة العربية، وعلى استعداد للتسليم والجلاء عن مصر ،
- جاء حينها إنقلاب الثالث والعشرين من يوليو 52 كثورة مضادة دعمتها أمريكا 
لتحقيق أهداف عدة بضربة واحدة :
 أولها - هو منع قيام ثورة إسلامية في مصر تقضي على الاستعمار الموجود حاليا وتمنع تواجده مستقبلا ...
وثانيها - حماية إسرائيل من غضب شعبي بدأت بوادره تلوح في الأفق..
وأخيرا - تصفية الإمبراطوريتين البريطانية والفرنسية في العالم العربي، وإحلال النفوذ الأمريكي وليس الروسي محلهما.
- وثائق وأدلة يقينية لا تقطعها الشك قدمها الكاتب والصحفي "محمد جلال كشك" في كتابه "ثورة يوليو الأمريكية" على كون عبد الناصر صناعة أمريكية مئة بالمئة، لم يكن هدفه هو نقد شخصية عبد الناصر ، بل فقط وضع الأمور في نصابها وتبصرة الرأي العام بحقائق تعمد إعلام عبد الناصر دفنها أو تشويهها
يحكي حسين حموده (أحد الضباط الأحرار) في كتاب "صفحات من تاريخ مصر المخفي" قائلا :
بعد أن يئس الأمريكان من الملك فاروق حاولوا الاتصال بالجيش عن طريق الملحق العسكري الأمريكي.. وقد حضرت عدة اجتماعات في منزل الملحق العسكري الأمريكي بالزمالك مع جمال عبدالناصر، وكان الكلام يدور في مسائل خاصة بالتسليح والتدريب والموقف الدولي والخطر الشيوعي.. وأن الولايات المتحدة سوف تساند أي نهضة تقوم في مصر.. وهذه الاتصالات بالسفارة الأمريكية كانت في الفترة من 1950  إلى 1952
- أرادت أمريكا القضاء على حالة التحرر الوطني التي عاشتها مصر والبلاد العربية مع ضمان انتقال هاديء للسلطة من الاستعمار البريطاني إلى الاستعمار الأمريكي في إطار لعبة الأمم.
ففي الفترة من نهاية الحرب العالمية الثانية إلى انقلاب يوليو شهدت مصر حراكا قويا يهدف إلى التخلص من الاستعمار والملكية مع المناداة بالجمهورية والديمقراطية.
وحفل عام 1946 بمظاهرات واسعة للطلبة تنادي بالجلاء التام عن مصر قوبلت بقمع شديد .
وتعددت الإضرابات والمظاهرات التي اشتركت فيها كافة فئات المجتمع من إخوان وشيوعين، وطلبة وعمال وفلاحين، حتى أن بعض ممن كان في الحكومة وقتها ساند هذا الحراك ، ومنهم وزير داخلية حكومة الوفد "فؤاد سراج الدين" ...
وهو ما جعل أمريكا تستشعر الخطر الكبير من ثورة بدأت جذوتها في الإشتعال، ستقود حتما مصر والأمة العربية للتحرر الكامل من الإستعمار الأنجلو أمريكي،
فدفعها ذلك لدعم ذلك التنظيم السري الموجود على الأرض وبدأ يتمدد داخل الجيش المصري تحت اسم الضباط الأحرار من خلال تجنيدها لأحدهم وهو الصاغ "جمال عبد الناصر"..
ولكي نعرف محورية الدور الأمريكي في صناعة ودعم إنقلاب  عبد الناصر 52 ،
علينا قراءة ما أورده "كشك" من حكايات خطيرة قدمها عراب الإنقلاب  "محمد حسنين هيكل" في كتابه "السويس قطع ذيل الأسد" في نسخته الإنجليزية وهي الرواية التي حرفها تماما "هيكل" وقدمها بشكل مغلوط وغير حقيقي في النسخة العربية لنفس الكتاب ...
فيقول هيكل أن الوزير البريطاني "ريتشارد كروسمان" فشل في الحصول على مقابلة مع جمال عبدالناصر من خلال السفير البريطاني، فأحال الأمر إلى السفير الأمريكي الذي رتب الأمر مع وليام ليكلاند وتمت المقابلة في ديسمبر 1953.
 فمن هو يا ترى وليام ليكلاند؟..
وليام ليكلاند كان ضابط الاتصال السياسي بالسفارة الأمريكية، وبصيغة أخرى هو مسئول الاتصال بالمخابرات المركزية الأمريكية في السفارة
وفي كتابه "الطريق إلى السويس" لمؤلفه "مايكل ثورنهيل" قال نصا:
"تزاور ناصر وليكلاند مرارا من أجل سهرات طويلة من المحادثات الاستراتيجية"
فلا يوجد تفسير منطقي لكون رئيس مصري يتم ترتيب لقاءاته من خلال المخابرات الأمريكية إلا بالقول بأن انقلاب يوليو كان بمثابة انتقال للسلطة الفعلية من يد بريطانيا إلى يد أمريكا، فهي استبدال لاستعمار باستعمار جديد،
يؤكد "كشك" في كتابه ، أن التدخلات الأمريكية فشلت في تحقيق أهدافها في عهد الملك فاروق لعدة أسباب:
أولها - وجود حياة ديمقراطية وحزبية قوبية ،كانت تدعم الثورة السلمية والمسلحة ضد الإنجليز ، ويصعب بالطبع في ظل تلك الحياة المساومة أو اللعب القذر
وثانيا - رفض الملك أخذ خطوات صلح مع إسرائيل اشترطتها أمريكا
وثالثا - تمسك فاروق بلقب ملك مصر والسودان وعدم استعداده لفصل القطرين، وهو الشرط الذي اشترطه إنجلترا للجلاء عن مصر ، فعليه تعتمد كل مشاريعها الإستراتيجية في أفريقيا ، وسعت كذلك  لتحقيقه بكل قوة أمريكا،
فتحتم عليهم استبدال النظام الموجود بنظام عسكري يستطيعون التفاوض معه والضغط عليه لتحقيق كافة رغباتهم في المنطقة،
فجاء عبد الناصر وألغى وحدة وادي النيل، وقتل البرجوازية المصرية وأمم رؤوس المال الوطني التي أسست أول بنك مصري ، ودعمت اقتصادا راسخا لمصر جعلها دائنة لبريطانيا في زمن الملك فاروق ، وتملك عملة نقدية قوية، وحياة ديمقراطية ثرية، مع تنوع في الافكار والآراء ،بجانب حراك شعبي مستنير
فقمع ناصر الحريات ، وألغى الأحزاب ، وعصف بوحشية بكافة الجماعة الإسلامية، وضجت السجون بكل أطياف المعارضة ، وقتل الفكر والرأي، وأصبحت الصحافة في عهده نشرات حكومية ، والإعلام وسيلة من وسائل التضليل والتغييب، وتم وأد الثورة في مهدها،
واستبدل ناصر الهوية الإسلامية التي هي قوام المجتمعات العربية وملمحها الرئيسي وشعلة أي حراك ثوري ، بصنم قدسته مصر وصدرته لجيرانها العرب وهو ما أطلق عليه اسم القومية العربية،
وكان من الضروري قطع أي صلة لمصر بهويتها الإسلامية من خلال القضاء على آخر ملمح من ملامح الخلافة العثمانية، وهو العلم المصري الأخضر الذي يتوسطه هلال و3 نجوم ،
وهو ما استبدله ناصر بالعلم الذي دعمته بريطانيا وهو شرائط بيضاء وحمراء وسوداء ، ألوانها مستمدة من الشارات التي يحملها ضباط الجيش على صدورهم ، ويتوسطه شعار الجمهورية "النسر الجمهوري" و له درع اخضر يحوى هلالا أبيض اللون وثلاثة نجوم، وقد استخدم لأول مرة في الاحتفال بمرور 6 أشهر على إنقلاب "ناصر" كعلم لما سمي بهيئة التحرير،
وظل العلم ذو الثلاث شرائط دليلا على الحقبة العسكرية التي حكمت مصر منذ عبد الناصر وإلى الآن، لم تلحقه سوى تغييرات بسيطة أثناء اتحاد مصر مع سوريا في عهد ناصر وأثناء اتحاد الجمهوريات العربية في عهد السادات،
إلى أن اُعتمٍد بشكله الحالي بقانون رسمي في عهد مبارك عام 1984،
وهو ما يدفعنا للقول بحتمية مطالبة الثوار في مصر تغيير هذا العلم وما يحمله من دلالات وإشارات على الحقبة العسكرية وتبعيتها للغرب وقوى الإستعمار، والعودة لعلم المصريين الأخضر ذي الهلال الأبيض والثلاثة نجوم وهو بالمناسبة العلم الذي رفعه المصريون في ثورتهم العظيمة في عام 1919، كما تم الإستفتاء عليه شعبيا،
وعن مبادرة تغيير العلم المصري والنشيد والشعار التي رفعها رئيس حزب الفضيلة المصري وأحد رموز ثورة يناير "محمود فتحي" ، نستكمل حديثنا في مقالات قادمة بإذن الله





ليست هناك تعليقات: