الأربعاء، 3 أغسطس 2016

"غرفة السيسي السرية و" خطة " تصنيع" تمرد و30 يونيو



"السيسى" خدعنا بمطبخه الملوث فى 30 يونيو


ثبت أن الشعب تعرض ثلاث مرات للغش ومحاولة التسميم، فقد طلب الشعب وجبته بصوت مسموع للعالم كله: "عيش مغموس بالحرية والكرامة"، لكنه في كل مرة كان يحصل على القمع والفساد والمهانة، في 11 فبراير قدم المجلس العسكري الطبخة، وفي 30 يونيو تغيرت الوجوه مرتين ولم تتغير الطبخة المسمومة.
(1) هل تحتاجون إلى دليل لإثبات أن لكل مطعم مطبخ، أو أن كل عرض مسرحي تسبقه تدريبات و"بروفات"؟
(2) من يصدق أن مثل هذا السؤال يصلح كمفتتح لمقال سياسي، أو كمدخل لاستكمال الحديث حول "غرفة السيسي السرية"، التي طبخت لنا "طبخة 30 يونيو" وقدمتها على طبق من فضة، لتلبي مطلب الجماهير الجائعة للحرية؟!.. على كل حال تعالوا نجرب بشكل عملي العلاقة بين المقدمات والنتائج.
(3) في السياسة كما في كل شئ، لا تمضي الأمور بمحض الصدفة، ولا تتحرك من تلقاء ذاتها بعفوية وبراءة، لكنها تحتاج إلى قوة دفع، وتصور للاتجاه، وترتيبات وخطط لتمهيد الطريق وتنظيم حركة (وانفعالات) الناس، وهذا شئ طيب طالما أن "البروفة" لن تظل سراً مخجلاً، لأنها لم تكن مؤامرة في الظلام، أو فعل مستتر يفضي إلى نتيجة غير مستحقة؛ لأن مصيرها إلى "العرض" بعد التمحيص والتدقيق والتمرين، فكل "بروفة" تتناقض مع العرض تصبح جريمة تحتاج إلى تفسير، كأن يضع الطباخ السم في الطعام، ثم يحرص أن يقدمه لك ساخنا مغرياً محاطا بالمشهيات، وربما وضع على المائدة زهرة مبهجة في آنية بديعة، وخدعك أكثر بانسياب الموسيقى الحالمة في المكان!
(4) هذا الكلام البديهي البسيط صاغ منه الفيلسوف الفرنسي جان بودرياد نظرية كاملة، لخصها في شعار مثير جدا هو "موت الواقع"، بمعنى أن الممثل (لنفترض ان اسمه مثلا عبد الفتاح) الذي كان يحضر "البروفات" يتعامل بنصف شخصيته الواقعية، وبنصف الشخصية التي يقوم بدورها (ولنفترض مثلا أن اسمها عبد الناصر)، أثناء العرض يختفي عبد الفتاح تماما.. يموت على الخشبة لصالح الشخصية المصنوعة (عبد الناصر)، وهذا يعني أن موت عبد الفتاح (الواقع) يعتمد على مدى إقناع الناس بالشخصية المصنوعة، ومدى التدريب على هذه الخدعة، وتقمصها، وتكرارها حتى تصبح هي الحقيقة.. هي الواقع الذي تم اصطناعه كبديل لوراثة "الواقع الواقعي".
(5) الاصطناع ليس عيباً، فالمجتمعات الحديثة لايمكنها أن تتنكر للدور الذي قام به التصنيع في تقدمها، لكن هناك معايير إذا تم مخالفتها يتحول التصنيع إلى جريمة.. إلى نوع من الغش والإضرار، مثل وضع السم في الطعام، ويجب أن ننتبه هنا إلى أن الطعام في حد ذاته ليس خطأً ولا مكروها.. الخطيئة في الغش والكراهية للسم، لهذا لا يزعجنا أن نعلم أن هناك "غرفة سرية" أو "مطبخ" لترتيب أوضاع الحكم، لكن السؤال يظل قائما عن اشتراطات ومعايير هذا المطبخ وما يقدمه، والسؤال هنا يتعلق بالفترة الممتدة من 25 يناير 2011 وحتى الآن، حيث ثبت أن الشعب تعرض ثلاث مرات للغش ومحاولة التسميم، فقد طلب الشعب وجبته بصوت مسموع للعالم كله: "عيش مغموس بالحرية والكرامة"، لكنه في كل مرة كان يحصل على القمع والفساد والمهانة، في 11 فبراير قدم المجلس العسكري الطبخة، وفي 30 يونيو تغيرت الوجوه مرتين ولم تتغير الطبخة المسمومة.
(6) إذا كان التصنيع و"الطبخ" أمرا عاديا ومفهوماً، فأين المشكلة؟
المشكلة كما قلنا في غياب الثقة في هذا المطبخ الملوث الخبيث، فالمشكلة ليست في 25 يناير، ولا في محمد محمود، ولا في 30 يونيو، ولا في 25 أبريل، ولا في محاكمة زكريا عبد العزيز وجنينة وشباب الأرض والحرية، المشكلة أن من يقوم بذلك أياديه ملوثة، وأفكاره ملوثة، ونيته خبيثة تستهدف تسميم كل من يطلب الوجبة الشعبية: عيش.. حرية.. كرامة إنسانية.
(7) الرئيس الذي ظل ثلاث سنوات يتحسس بطحته، ويحوم حول مكان جريمته، كرر الحديث كثيرا عن سلامة نيته، وأنه لم يدبر، ولم يخطط، وكان يدعم، ويساعد، ويريد لمصر أن تمضي في طريق الخير والأمن والأمان، بعيدا عن التقسيم والتمزق ومخاطر الحرب الأهلية، لكنه مع الوقت والاسترخاء، تزحلق باتجاه "التبرير النفسي" لمحاولة التكيف، أو بطريقة القاتل في فيلم “7” اراد أن يترك خيطا يدل المحقق على ذكائه وعظمة خطته، فتحدث عن “مشاروات” و”ترتيبات”، وقال للإعلام: "كان لازم نتحرك.. بس مش كل حاجة لازم تتعمل في ساعتها، ولا تعلن في ساعتها".
قال هذا لصحيفة أجنبية، وقاله في حوار تليفزيوني من الإعلامي اسامة كمال: اللي حصل في 30 يونيو، ما بدأش في 30 يونيو، ده حصل قبل كده بكتير، واستدعينا أنفسنا خوفا من سقوط الدولة في حرب أهلية، ولما سأله الإعلامي عن سبب تردده في الترشح لرئاسة الجمهورية، لم يتذكر ما تعهد به في بيانه بعدم اقتراب الجيش من الحكم، ولم ينف رغبته في الترشح، لكنه رد بتلقائية: كلمة تردد لا تليق.. أنا ما اتأخرتش، بس كان فيه ترتيبات لازم تتعمل.. ترتيبات بوقت… ترتيبات بظروف، وكان لابد نعملها..!
(8) كانت اسوشيتد برس، ووسائل إعلام غربية كثيرة، نشرت جانبا من خطة "تصنيع" تمرد و30 يونيو (وأكرر أن التصنيع ليس عيباً.. العيب في الغش)، وكانت السلطة عندنا تتحفظ، وتدعي البراءة، حتى تمكن النظام وبدأ رأسه تسريب جانبا من الترتيبات ليضفي على النظام لمسات الهيبة ووجاهة المسيطر، وهذا المدخل يكشف بوضوح الخلفية والدوافع في مخطط تصفية قوى الثورة ومحاربي الفساد، فما حدث مع شباب الثورة الذي يملأ السجون، حدث مع المستشارين الجليلين زكريا عبد العزيز، وهشام جنينة، بينما لوبي الفساد يتشفى وينتعش ويتوغل ويستمر.



ليست هناك تعليقات: