الاثنين، 11 أبريل 2016

أبوهاشم يكشف عن الأهداف السعودية من صفقة "تيران وصنافير"..



.. لن يُلدغ المصريون من العسكر مرتين ..
..هل أمن الدولة من وجهة النظر العسكرية يعنى بيع إقليمها..


لم يكن السيسى عابثًا ـ كما ظن البعض ـ حين قال : إنه مستعدٌ لبيع نفسه إن كان ذلك هو الحل الوحيد لتتجاوز مصر أزمتها الاقتصادية التى كان هو و نظامه سبب ازدياد حدتها ، بل ـ على العكس من ذلك تمامًا ـ لم يكن تصريحه هذا سوى مجرد تمهيدٍ للبدء فعليًّا فى بيع مصر أو ما تبقى فيها ، أراد السيسى أن يقول للمصرين : إنه كسلعةٍ لا تجد رواجًا في الأسواق لانعدام قيمتها و نفعها ؛ لأن أحدًا لن يدفع مليمًا واحدًا في شراء شيئٍ يفتقد القيمة و المنفعة ، و بالتالى فلن يكون من الحلول متاحًا سوى البحث عما يمكن بيعه ، و بالطبع فإن مصر ملأى بما يطمح الكثيرون في شرائه بأىِّ ثمنٍ كان إذا عرضه السيسى للبيع.
الانحدار بمصر إلى حافة الإفلاس كانت سياسته ليجد المبرر و الذريعة للتنازل تباعًا عن أجزاءٍ من إقليم الدولة و ثرواتها الطبيعية في صفقات بيعٍ يحاول إيهام الناس بالباطل أن حصيلة أثمانها ستوجَّه إلى توفيرالغذاء و الوقود اللذين ستعانى الدولة افتقارًا حادًا فيهما بسبب الأزمة الاقتصادية التى تسبب فيها عن قصدٍ وعمدٍ ، لكن الأمر في حقيقته لن يخلو ـ بالطبع ـ من الكثير من المنافع الشخصية التى حصدها و سيحصدها من وراء صفقات الخيانة تلك ، و من ثم فإنه ـ بذلك ـ يضع المصريين بالخيار بين أرض الوطن و بين الغذاء و الوقود ، إما التنازل عن الأرض و إما الموت جوعًا ، وهو ما يمكن صياغته في تعبير " الأرض مقابل الغذاء والوقود " .
بمثل تلك الآليات استُخدِم تعبير " النفط مقابل الغذاء " إبان حصار العراق ، و استُخدِم ـ أيضًا ـ تعبيرا " الأرض مقابل السلام " ثم " الأمن مقابل السلام " في المفاوضات العربية الإسرائيلية ، ليكون جليًّا ـ بما لا يدع مجالًا للشك ـ أن جميع تلك التعبيرات و المصطلحات و إن كانت تختلف في مبانيها و معانيها و ظروفها و ملابساتها و المَعْنِيين بها إلا أنها تنبثق من آلية تفكيرٍ واحدةٍ تسعى إلى الهيمنة على العالم بأسره و سلب مقدرات الشعوب و تجويعها للسيطرة عليها .
لن تكون جزر البحر الأحمر التى ورد نبأ تنارل السيسى عنها إلى السعودية هى آخر ما يعرضه للبيع ، بل هى أول ما فُتِح المزاد عليه ، و قائمة المزاد طويلةٌ جدًّا تستعصى على الحصر لكنها ـ بالطبع ـ ستشمل أجزاءًا أخرى من إقليم الدولة على رأسها شبه جزيرة سيناء و قناة السويس ، و ربما تشمل القائمة أبا الهول و أهرامات الجيزة ، و لا يستطيع أحدٌ على الاطلاق أن يتكهن بما يمكن بيعه و لاسيما أن البائع ـ و هو رأس النظام في الدولة ـ أبدى استعداده أن يكون بشخصه قابلًا للبيع ، و هو ما يعنى قابلية من هم دونه من عامة الشعب للبيع أيضًا ، و أعتقد أنه لن يجد غضاضةً في عرض النساء و الرجال و الأطفال للبيع في مزادٍ علنىٍّ ، بل إنه سيعتبر ذلك منهم عملًا وطنيًّا و تضحيةً في سبيل الوطن .
و رغم أن السعوديين يعلمون جيدًا أن دستور السيسى يحظر بموجب الفقرة الأخيرة من المادة 151 منه التنازل عن أىِّ جزءٍ من إقليم الدولة المصرية و قد جرى نص تلك الفقرة على أنه : " و فى جميع الأحوال لا يجوز إبرام أية معاهدةٍ تخالف أحكام الدستور ، أو يترتب عليها التنازل عن أىِّ جزء من إقليم الدولة . 
" ، و رغم علمهم أن البرلمان المصرىَّ الشرعىَّ في الخارج قد أصدر قانونًا يقرر بطلان و انعدام كافة تصرفات و أعمال النظام الحالىِّ في مصر بما يشمل كافة المعاهدات الدولية التى يبرمها من أىِّ نوعٍ و تحت أىِّ مسمًى كانت ؛ بحسبان أنه نظامٌ منقلبٌ غير شرعىٍّ لا تُلزِم تصرفاته الشعب المصرىَّ ، فإن السؤال الذى يطرح نفسه والحال كذلك ، لماذا أقدم النظام السعودىُّ على إبرام معاهداتٍ تتنازل فيها مصر عن جزءٍ من إقليمها مقابل ثمنٍ مادىٍّ و عينىٍّ تتقاضاه منه رغم علمه ببطلانها و انعدامها ؟
ببساطةٍ شديدة يستطيع النظام الحالىُّ في مصر أن يتنصل من الالتزامات الملقاة على عاتقه بموجب هذه المعاهدات قِبَلَ الجانب السعودىِّ استنادًا إلى أحكام المادة 46 من اتفاقية فينا لقانون المعاهدات التى تخوِّل الدول الأطراف في المعاهدات الدولية الحق في التنصل منها إذا كانت القوانين المحلية في تلك الدول تحظر إبرام مثل تلك المعاهدات كليةً أو كانت لا تخوِّل شخص من أبرمها الاختصاص في ذلك ، و من ناحيةٍ أخرى فإنه في حال سقوط هذا النظام و إحلال نظامٍ و طنىٍّ محله ـ و هذا الأمر أضحى من الأمور القريبة المنال ـ فمن الطبيعىِّ أنه لن يكون لهذه المعاهدات أىُّ فرصةٍ للبقاء ؛ ذلك أنها ستكون ـ أيضًا ـ محلًا للإبطال بموجب المادة 46 من معاهدة فينا المشار إليها لافتقار السلطة الحالية لأىِّ مسوغٍ شرعىٍّ للاختصاص بإبرامها ، و لن يستطيع السعوديون الاحتجاج بأيَّة شرعيةٍ للنظام الحالىِّ لأن دستوره الذى أبرِمت المعاهدات في ظله يحظر عليه إبرامها كليةً .
لكن يبدو أن السعوديين يقفون على حقيقة مجريات الأحداث التى ستجرى في مصر خلال المرحلة القادمة وفقًا لمخطَّطٍ دولىّ ٍ يرسم شكل النظام البديل لنظام السيسى يلعبون هم فيه دورًا محوريًّا فعالًا ، من المؤكد أنهم يدركون ـ وفقًا لهذا المخطط ـ أن بديل السيسى لن يكون إلا ظلًّا باهتًا له يستكمل مسيرة خيانته و عمالته ، و كما أن السيسى لن يُقدِم على إبطال المعاهدات التى أبرموها معه بالمخالفة لدستوره فإن خلفه ـ أيضًا ـ سيفعل نفس الشئ ، لكنه إن صح ذلك فهذا يعنى أنهم من السذاجة بمكانٍ أن يهملوا إرادة الشعب المصرىِّ التى و إن وضِعَت أمامها الحواجز و العراقيل فلن تثنيها إن آجلًا أو عاجلًا عن استرداد مكتسبات ثورتها .
لم يبقَ لنا إلا أن نتجه بأسئلتنا إلى المؤسسة العسكرية التى تذرعت في انقلابها على الرئيس الشرعىِّ المنتخب بدعوى الحفاظ على إقليم و أمن الدولة ، أين هى الآن و السيسى ذو الخلفية العسكرية يبيع الأرض التى من أجلها ضحى السابقون بأرواحهم ؟
هل أمن الدولة من وجهة النظر العسكرية يعنى بيع إقليمها ؟
أليس من واجبها الحفاظ على كلِّ شبرٍ من أرض الوطن ؟
أين الخلفية العسكرية التى دائمًا ما تتصدر المشهد ؟
و أين الشرف العسكرىُّ الذى طالما تسترت النخبة العسكرية بردائه أم أن الزىَّ العسكرىَّ الذى يلبسونه مجرد " يونيفورم " موحدٍ يخفى من تحته كائناتٍ من كوكبٍ آخر ؟
بل أين الشعب الذى سمح للعسكر بالتفريط في الأرض و العرض ؟
هل ستتكرر حكاية الأغنية الشعبية الشهيرة " عواد باع أرضه يا طوله يا عرضه . "
أما إن كان هناك اتفاقًا بين العسكر و بين السعوديين على إبرام هذه المعاهدات التى يتنازل لهم بموجبها السيسى عن جزر البحر الأحمر لتكون تكئةً ترتكن المؤسسة العسكرية إليها لإثبات خيانته و عمالته من أجل كسب تأييدٍ شعبىٍّ يدعم انقلابًا تخطط له معهم تحت رعايةٍ دولية للإطاحة بالسيسى و إجلاس خائنٍ جديدٍ على العرش بدلًا منه معلوم بالضرورة لديهم ، فليثق طرفا ذلك الاتفاق أن الأمر ليس بهذه البساطة التى يتصورونها ، فلن يُلدغ المصريون من العسكر مرتين .
قال الكاتب الصحفي عماد الدين أديب، إن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، سيشترط على الرئيس عبد الفتاح السيسي من أجل المصالحة، الإفراج عن الرئيس الأسبق محمد مرسى، وإنهاء قرارات الإعدام ضد قيادات الإخوان، والسماح بعودة كل أشكال الشرعية لجماعة الإخوان دعوياً وسياسياً. وكان نص مقال "أديب"، بصحيفة "الوطن": هل من مصلحة الرئيس التركى رجب طيب أردوغان أن يتصالح - اليوم - مع نظام حكم الرئيس عبدالفتاح السيسى؟ بالحسابات الإقليمية تكون الإجابة «نعم» له مصلحة من أجل دعم ما يعرف باسم القوى الإسلامية «السنية» أو من أجل أمن البحر المتوسط أو التعاون فى ملف مواجهة الإرهاب والتنمية. ولكن.. إذا نظرنا إلى نفس السؤال من منظور المصلحة الداخلية لـ«أردوغان» كزعيم سياسى وبالنسبة إلى تركيبة حزبه الحاكم، فإن الإجابة ستكون «لا»، ليس من مصلحته ولا مصلحة حزبه. مصر بالنسبة لـ«أردوغان» مسألة داخلية لأنه -شخصياً- أول من قام بتسويق نموذج حكم جماعة الإخوان لمصر كنموذج مماثل لحكم الإسلام السياسى فى تركيا عقب سنوات طويلة من حكم المؤسسة العسكرية التركية.
من هنا كان سقوط حكم جماعة الإخوان بعد 12 شهراً -فقط- من الحكم فى مصر ضربة قاصمة لمصداقية «أردوغان» عند واشنطن، وتحطماً لأحلام أنقرة بعودة «العثمانية الجديدة». 
من هنا أصبح سقوط نظام حكم «30 يونيو» وعودة الإخوان هو إحدى ركائز السياسة الإقليمية والدولية التركية، وتم احتضان قيادات الإخوان وتقديم الدعم للتنظيم الدولى ووصل الأمر إلى تقديم الدعم العسكرى للقوى الليبية المناوئة لمصر بهدف إحداث مصادمات على الحدود مع مصر.
هنا يأتى السؤال: ماذا يحدث لو طلب الملك سلمان بن عبدالعزيز من «أردوغان» أثناء لقائهما الأسبوع المقبل فى القمة الإسلامية تهدئة الأمور مع مصر ومصالحة الرئيس عبدالفتاح السيسى؟.
السؤال صعب، وتكلفته عند «أردوغان» عالية سياسياً، لأن ذلك يعنى الاعتراف بسقوط حكم «الإخوان» واستقرار حكم «السيسى».
قبول المصالحة يعنى التضحية بدعم «الإخوان» والتوقف عن أى أعمال عدائية ضد مصر سياسياً وعسكرياً وإعلامياً.
فى اعتقادى أن «أردوغان» لن يقول «نعم» أو «لا» للملك سلمان، لكنه سوف يقول إنه على استعداد للحوار مع «السيسى»، ولكن بشروط مسبقة هى:
1- الإفراج عن الرئيس الأسبق محمد مرسى.
2- إنهاء قرارات الإعدام ضد قيادات الإخوان.
3- السماح بعودة كل أشكال الشرعية لجماعة الإخوان دعوياً وسياسياً.
هنا سوف يلقى «أردوغان» بالكرة فى ملعب مصر!




ليست هناك تعليقات: