السبت، 19 مارس 2016

سر فتح السيسى لملف " التمويل الأجنبى" واغضاب الثعلب الأمريكى .


مفارقـات الانقـلاب في زيادة معارضيه 
وحميمية علاقاته بالصهاينة
"التمويل الأجنبى" 
سر فتح القضية وغضب الثعلب الأمريكى من "طنطاوى" 
 هل هى ورقة ضغط جديدة 
للمطالبة بمساندة واشنطن للسيسى بعد أنباء تحضير البديل ؟


الأساليب العشوائية هى التى تسيطر على سياسات العسكر فى أغلب الأوقات، فمن المكن أن أفعل أى شئ مهما كان حتى أصل إلى ما أريد مع أى شخص فى العالم، هذا ملخص تلك السياسة التى نتحدث عنها، والتى من أجلها خرجت القضية 173 والتى تتعلق بالتمويل الأجنبى، ومتهم بها عدة منظمات أشخاص مصرية وأجنبية.
فعقب ثورة الخامس والعشرين من يناير وإبان حكم المجلس العسكرى الذى ذاق مرارة الهزيمة على يد منظمات حقوقية فى مصر التى كشفت جميع انتهاكاته وما كان يحاول إخفائه من حقبة حكم المخلوع "مبارك" من أجل حمايتة من المسائلة، بفتح قضايا التمويل الأجنبى، والتى اتهم فيها مجموعة كبيرة من الحقوقيين المصريين والأمريكان بتهم عدة أبرزها الحصول على تمويل أجنبى فى الأراضى المصرية دون رقابة وبالمخالفة للقانون، وهو ما يحتسبه بعض القانونيين أنه قضية تجسس أو فى نطاق تلك القضايا.

المجلس العسكرى وحماية "تجسس" الأمريكان
فى بدايات شهر يناير 2012 خرج رجال المجلس العسكرى والموالين له فى الصحف المحلية والحكومية، يتحدثون عن كون بعض الدول الغربية وعلى رأسها أمريكا وألمانيا والنرويج، يريدون زعزعة استقرار الوطن بصرف مبلغ تخطى حاجز 240 مليون جنيه مصرى فى عام واحد (العام الذى أعقب ثورة الخامس والعشرين من يناير)، بجانب بعض المنظمات المصرية والشخصيات الحقوقية التى تنتمى إلى هذا المجال، والتى واجهت المجلس العسكرى بقوة فى تلك الفترة وفضحته فى المحافل الدولية مما اضطره إلى اتخاذ تلك الاجراءات حتى يكمل مسلسله الذى انكشف فيما بعد. وتم على إثر ذلك مهاجمة عدة منشآت أجنبية حقوقية فى مصر ومصادرة جميع الملفات ومحتويات تلك المواقع واخراج أمر ضبط واحضار لـ 43 شخصًا بينهم 19 أمريكيًا وآخرين من ألمانيا والنرويج بالتهم المذكورة سلفًا، لكن بعد شهر تقريبًا من بدأ التحقيقات الفعليه وبدون انذار تم تسليم جميع الملفات التى كان متحفظ عليها إلى المسئولين الأمريكان فى مصر، بل والأدهى من ذلك تم تهريب الأمريكان المتهمين فى تلك القضية بتهم تتعلق بالتمويل الاجنبى من مطار القاهرة وتحت رعاية العسكر، أى أنهم بعد أن اتهمومهم قاموا بتهريبهم خارج البلاد والذين كان على رأسهم سام آدم لحود مدير مكتب المعهد الجمهوري الدولي في القاهرة ونجل وزير النقل الأمريكي راي لحود.


والمنظمات المتهمة هي المعهد الجمهوري الدولي الذي يشغل منصب مديره السيناتور الأمريكي جون ماكين والمعهد الديمقراطي الوطني الذي أسسته وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة مادلين أولبرايت وفريدوم هاوس والمركز الدولي الأمريكي للصحفيين وتتلقّى كلّها تمويلات أمريكية فيدرالية. كذلك فإن مؤسسة كونراد أديناور الألمانية متهمة بالقضية أيضا.
سر فتح القضية وغضب الثعلب الأمريكى من "طنطاوى"
ورغم انتهاء ولاية المشير محمد حسين طنطاوى، وزير الدفاع السابق ورئيس المجلس العسكرى الذى كان يحكم البلاد وقت اخراج القضية، والذى وعد أمريكا بنفسه أنها قد انتهت وقدم بعدها هروب المتهمين كدليل على حسن نيته، الذى لاقى بعدها ما يقرب من 27 مليون دولار كمعونة من أمريكا على تلك القضية التى سُجن فيها حقوقين مصريين والإعفاء عن البقية وهو ما أغلق صفحة  معاداة المجلس العسكرى (التابع) لأمريكا إلا أنة فتحها فى الوقت الحالى مع وجود حكم عسكرى فى البلاد أثار دهشة وغضب. وقال الثعلب الأمريكى، ووزير خارجيتها جون كيرى، الذى صُعق من القرار على ما يبدوا رغم وعد حليفه "المشير حسين طنطاوى"، الذى يملى على "السيسى" الكثير من الأفعال، أنه يشعر بقلق عميق من التدهور في وضع حقوق الإنسان في مصر، بما في ذلك قرار مصر بإعادة فتح تحقيق بشأن المنظمات غير الحكومية المصرية. وأضاف كيري في بيان أصدرته وزارة الخارجية الأمريكية، أن القرار الذي اتخذته الحكومة المصرية الأسبوع الماضي بالتحقيق مع المنظمات غير الحكومية التي توثق انتهاكات حقوق الإنسان يأتي في سياق أوسع من الاعتقالات وترهيب المعارضة السياسية والصحفيين والناشطين وآخرين. وقال كيري في البيان: "أحث الحكومة المصرية على العمل مع الجماعات المدنية لتخفيف القيود عن (حرية) إنشاء الجمعيات، والتعبير، والسماح لمنظمات حقوق الإنسان غير الحكومية الأخرى بالعمل بحرية". وما خلف بيان الثعلب الأمريكى لم ينتهى هنا، فالسر وراء فتح تلك القضية هو الأهم، فقد تحدثت مصادر مطلعة أن السبب من فتح العسكر لملف الجمعيات الأجنبية، يأتى على سبيل الانتقام الغبى  بعد قرارات الإدانة التي وجهت من قبل الاتحاد الأوروبي والمنظمات الحقوقية. وأضافت المصادر أنهم يتوقعون مزيدًا من الإجراءات القمعية، وأن هناك مسئولين حاليين بالحكومة عبروا بوضوح في السابق عن مناهضتهم لمنظمات المجتمع المدني وكالت لها الاتهامات المباشرة بالعمالة.
مفارقات الانقلاب في 
زيادة معارضيه وحميمية علاقاته بالصهاينة
قال الكاتب الصحفي فهمي هويدي، إن منع أربعة من أبرز الحقوقيين من التصرف فى أموالهم وممتلكاتهم، بعدما قررت السلطة إعادة فتح ملف قضية المساعدات الأجنبية التى أثيرت منذ خمس سنوات، لملاحقة منظمات المجتمع المدنى التى تسبب لها صداعا مستمرا وإزعاجا مزمنا، وهم نجاد البرعى رئيس المجموعة المتحدة وجمال عيد مدير الشبكة العربية لحقوق الإنسان، وعايدة سيف الدولة خبيرة مركز النديم لتأهيل ضحايا التعذيب، وحسام بهجت آحد مؤسسي المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، يعد تطور جديد في الحرب على المنظمات الحقوقية في مصر.
 وأضاف هويدي خلال مقاله بصحيفو "الشروق" اليوم السبت، أن هذه ليست "الوجبة الأولى" من النشطاء المستهدفين ولكن ستتبعها وجبات أخرى، رغم أن ملف قضية التمويل الأجنبى مفتوح منذ عام ٢٠١١، كما أنه ليس معلوما الطرف الذى استدعى الملف هذه الأيام لأن النشطاء يتحدثون عن تعدد الأجهزة السيادية والتنافس أو الصراع بينها وبذات القدر ليس واضحا ما إذا كان فتح تلك الجبهة له علاقة بقرار البرلمان الأوروبى «فى ٣/١٠» الذى أدان سجل مصر فى مجال حقوق الإنسان ودعا إلى مقاطعتها، لكن التزامن بين الحدثين يثير السؤال.
 وأوضح أن القضية الحقيقية ليست فى الشكوك التى يثيرها التمويل الأجنبى، لأن فى مصر عدة مؤسسات بحثية ومنابر إعلامية يعرف الجميع أنها تعتمد بالكامل على التمويل الأجنبى، ولكن أنشطتها مرضى عليها ومشمولة بالتشجيع والرعاية لأنها تؤدى دورا فى خدمة النظام،  إنما القضية والمشكلة تكمن فى طبيعة الأنشطة التى تمارسها المنظمات الحقوقية، المستقلة خصوصا فى مجال توثيق الانتهاكات أو الدفاع عن الحريات العامة ومناهضة التعذيب. بما يعنى أنها تكشف ما يراد إخفاؤه وتفضح ما يراد ستره.
وأكد هويدي أن المستهدف ليس المنظمات الحقوقية وحدها، ولكنه حراك المجتمع المدنى الذى يراد إخضاعه لسيطرة النظام وتأميم أنشطته بحيث لا تتجاوز الحدود المرسومة من قبل أجهزة التوجيه المعنوي، وذلك هو التفسير الوحيد لاحتجاز باحث حر مثل إسماعيل الإسكندرانى وتوجيه الاتهام لباحث آخر هو حسام بهجت الذى منع من السفر وشمله القرار الأخير بمنع التصرف فى الأموال والممتلكات، وبعد هندسة مجلس النواب وإخراجه بالعَوَار الذى نلمسه. فإن سياسة استمرار الاحتواء والترويض اقتضت تقليم أظاهر المجتمع المدنى لإلحاقه بالسلطة. وتوجيه مثل هذه الضربات يحقق الهدف المطلوب.
 ونبه هويدي على أن اتساع جبهات المواجهة مع الانقلاب بدءا من تصفية الذين تصدوا للدفاع عن استقلال القضاء وفضحوا تزوير الانتخابات ومرورا بـ ثوار ٢٥ يناير وحركة ٦ أبريل ونقابة الأطباء والمحامين واتحاد طلاب الجامعات وحملة الماجستير والدكتوراه والرافضين لقانون الخدمة المدنية و إضرابات العمال وحملات وقف الاختفاء القسرى وحظر التعذيب ومنع المحاكمات العسكرية وإنقاذ ضحايا سجن العقرب، لا يعنى سوى استمرار أجواء التوتر وإشغال السلطة والأجهزة الإعلامية والرأى العام بتفاصيل تلك الحروب، كما أن صداه السلبى فى الخارج له انعكاساته الطبيعية على حركة السياحة وانكماش الاستثمار الأجنبى.
يأتي ذلك في الوقت الذي أشار فيه هويدي أنه لا يستطيع أن يخفى دهشته إزاء مفارقة استمرار التصعيد فى مواجهة حركة المجتمع فى الداخل، بالتوازى مع مؤشرات التهدئة والدفء الذى يلوح فى علاقات مصر مع اسرائىل، العدو الاستراتيجى للأمة والتهديد الأكبر للأمن القومى المصرى.





ليست هناك تعليقات: