السبت، 20 فبراير 2016

كيف يهدد الإخوان بقاء النظام؟.



لقد علقتم كل فشلكم على شماعة الإخوان
 لأكثر من عامين، و نحن صامتون 
 فهل حان وقت الحساب ؟!


نشرت جريدة الفورن بولوسي في عددها الصادر بتاريخ 22 يناير 2016، تقريرا بعنوان: نظام السيسي المتصدع (Sisi’s Fracturing Regime)، ولو تجاوزنا الترجمة الحرفية فإن معنى هذا العنوان هو: "نظام السيسي يتصدع من الداخل". و كاتب المقال هو ايرك تراجر الباحث بمعهد واشنطون لسياسات الشرق الأدنى.
(1)
و حتى نفهم ما جاء في العنوان، يجب أن نعود إلى الأساس الذي بنى عليه الباحث وجهة نظره. فخلال العامين و النصف الماضيين، استطاع النظام الحاكم، تكوين تحالف عجيب و متناقض (سمك – لبن - تمر - هندي)؛ كان القاسم المشترك الوحيد بين مكوناته هو مجرد: كره الإخوان المسلمين.
ضم تحالف 3 يوليو، إضافة إلى رجال مبارك و الحزب الوطني، و الذين كونوا العمود الفقري له، مجموعات نخبوية من علمانيين، و قوميين، و يساريين؛ و جموعات ثورية، و شبابيه مثل حركة 6 إبريل، و اشتراكيين، و لبراليين، بل و حتى إسلاميين من فرقة برهامي. و كل هؤلاء لم يكن لهم هدف من وضع أيديهم في يد بعض إلا "إقصاء الإخوان" من الحكم، أو من الحياه تماما.
ففي وجود الإخوان، لن يستطيع السياسيون، و الثوريون، أن يلعبوا سياسة، و يصلوا إلى الحكم؛ لأن الإخوان يكتسحون أي انتخابات تجرى في بر مصر، حتى قال قائلهم: لو رشح الإخوان كلب ميت في الإنتخابات لنجح باكتساح (كلام فارغ!).
و هذا بالتحديد ما دفع رجل مثل محمد البرادعي العلماني المدني المستغرب، من وضع يده في يد زعامات دينية أزهرية و كنسية و سلفية برهامية، و قيادات عسكرية فاشية و رجعية، و مجموعات فلولية سلطوية و قبلية.
و لعل السبب الحقيقي في النقطة السابقة، هو أن الإخوان قضوا (بغشومية) على حلم هؤلاء (المشروع طبعا) في الوصل إلى كراسي الحكم. و لم يتركوا لهم هامشا مناسبا للمشاركة في الحكم بعد الثورة. و  الحق –أيضا - هو لو أن هؤلاء، صبروا قليلا على العملية الديموقراطية، فربما كان الشعب سيختارهم يوما، ذلك بعد أن ينتهي حكم الإخوان بطريقة شرعية و ديموقراطية، فمشاكل مصر لا تنتهي، و كان الشعب سيجرب كل من على الساحة تقريبا، و لكن في وجود نظام ديموقراطي مستقر، و دون الحاحة إلى سفك الدماء.
(2)
نعود إلى التحالف الجهنمي، الذي وصل إلى الحكم في 3 يوليو، و بالتحديد إلى عموده الفقري؛ وهو رجال أعمال مبارك. فهؤلاء لم تكن لهم مشكلة مع الإخوان على السطلة نفسها، و لكن مشكلتهم الحقيقية هو أن الإخوان لم يكونوا ليسمحوا لهم بالسرقة، فضلا أنهم كانوا يهددون، و بطريقة مهذبة –بين الحين و الآخر- بالمحاسبة، على ما تم نهبه أيام مبارك (ضرائب ساويرس كمثال).
كل هذه العوامل كانت كفيله بلم الشامي على المغربي، من أجل القضاء على العدو المشترك و التخلص منه؛ حتى يخلوا الجو لمن أراد السلطة، و من أراد المال. و بالفعل؛ فقد سارت الخطة كما هو مرسوم لها؛ فوصل إلى السلطة، من وصل؛ دون تعب أو عناء، أو حتى برنامج انتخابي.
أما من نهب المال فقالوا له: حلال عليك...براءه. و أحيانا طلبوا منه أن يدفع – شيء يسير، على ما قسم – كتبرع - لصندوق تحيا مصر، من باب: نفع و استنفع.
(3)
إن جملة "خطر الإخوان": كانت كلمة السر ، التي تعمل كالغراء، الذي يربط قطع البازل في تحالف المصالح ببعضها البعض.  و الذي يجب من أجله، أن يتغاضى أطراف هذا التحالف غير المتجانس عن خلافاتهم، و أن يصبروا على تحقيق مكاسبهم، حتى إزالة الخطر ، الذي يهدد مصالحهم جميعا.
كان "خطر الإخوان" بمثابة الخيط الذي يجمع حبات هذا العقد.
و لك أن تتخيل، كيف حال العقد، لو قطعت الخيط، الذي يربط حباته؟ هل تبقى منه حبه بجوار أخرى؟
ليست المشكلة في أن التحالف الذي كونه نظام 3 يوليو، قد انفض من حوله؛ فهو أصلا لم يكن ليعبأ بوجود الثوريين، و اللبراليين، و العلمانيين، و القومجيين حوله. و لم يكن لهم قيمة عنده؛ اللهم إلا مجرد ديكور ، مدني مزركش لإنقلاب عسكري دموي. فتفكك تحالف 3 يوليو الديكوري و الكرتوني، لم يكن ليهدد النظام، إطلاقا.
فأين الخطر إذن؟!
(4)
هنا نستدعي مقال الفورن بولسي، و الذي اعتمد في تحليله على التفكك داخل عنصرين أساسيين لنظام 3 يوليو؛ و هما رجال الأعمال و المؤسسات الأمنية.
فالصراع مع رجال الأعمال، بدأ مع اعتقال رجل الأعمال صلاح دياب (المقرب من واشنطون)، ثم الضغوط على ساويرس و غيره، و لعل أزمة الدولار الحالية ليست بعيده عن هذا الصراع.
أما المؤسسات الأمنية، فقد أصبح الصراع بينها محموما، على النفوذ و السلطة، في داخل دوائر النظام. و أشار الباحث إلى سعي جهاز المخابرات العامة – مثلا- للسيطرة على البرلمان و تشكيله، في سياق تنافسه مع جهاز المخابرات الحربية على النفوذ  . و كذلك الشرطة؛ فهي ليست غائبة عن هذا الصراع بأي حال. و  لعلنا نذكر أنه قد تم السمح للشرطة أخيرا، بأن تنشيء شركات استثمارية، لتنافس بذلك الشركات الإستثمارية المملوكة للجيش و المخابرات.
لم تكن المشاكل بين مكونات النظام لتطفوا إلى السطح إذا ظل "خطر الإخوان" قائما، كما كان بعد 3 يوليو مباشرة. فغياب خطر الإخوان –و لو إلى حين- عن ساحة الصراع، يمنح أجهزة الدولة، و مراكز القوى المختلفة، شعورا بالإنجاز، و شعورا أقوى بالرغبة في جمع الغنائم.
(5)
إن أصدق مثال للمشهد العبثي لبقايا الدولة المصرية، هو أن "أمين الشرطة" و الذي يمثل آخر شخص في هرم السلطة؛ قد أصبح كالثور الهائج، الذي يجري وراء الفريسة. فهو الآخر يريد أن يأخذ قطعة من تورتة الإنتصار على الإخوان. فإن لم يترك له الكبار أي شيء ليأخذه، فلا أقل من أن لا يحاكموه على أي شيء يفعله؛ تحت شعار: "ما فيش حاتم يتحاكم".
أما الشعب فيقول: لقد علقتم كل فشلكم على شماعة الإخوان لأكثر من عامين، و نحن صامتون، فهل حان وقت الحساب ؟!
.





ليست هناك تعليقات: