الثلاثاء، 10 نوفمبر 2015

عن أي مصالحة تتحدثون..النظام والإخوان؟!



الإخوان لا يطمعون فى شىء ولا يرهبون أحدًا
 و(قصـــة المصــالحة) بالنسبة لهم أشبه بخرافــة
 الجريمة التى ارتكبت فى حقهم وحق بلدهم
 أكبر من أن تنفع معها المصالحة



.. الهــزار ده بجــد.. الإخوان ليسوا بتلك السذاجة ..
كثُر الحديث هذه الأيام عن مصالحة بين النظام الفاشى والإخوان، وسمعنا عن مبادرات أطلقها أفراد محترمون، لا نشك فى وطنيتهم ورجولتهم؛ إذ منهم من فر خارج البلاد لئلا يطاله إرهاب العسكر.. لكن العجب فى كثرة هذه المبادرات، وفى توقيتها، وكذلك فى مبرراتها، وشروطها. 
 فالذين طرحوا المبادرات كأنما اجتمعوا فى مكان واحد، وفى زمان محدد ثم انطلقوا لإعلان مبادراتهم، وكلهم فى بداية حديثهم يثنون على الإخوان كفصيل وطنى محترم، لكن - وتلك شروط المبادرات المطروحة جميعها - لا بد أن يتنازلوا للصالح العام، وأن (يستعوضوا ربنا) فيما وقع عليهم من ظلم وانتهاكات لم يشهدها التاريخ من قبل، وعليهم ألا يتحدثوا فى الوضع الذى كان قائمًا، أى: (مفيش مرسى، مفيش حكومة، مفيش مجلس نواب.. إلخ)، وكفى الله المؤمنين القتال .. وهذه المصالحة تذكرنى -والله- بما كان يجرى فى قريتنا، عندما يأتى (الحاج محمود!!) ليصلح بين اثنين ساذجين فى الشارع ربما أدميا بعضهما، فيطيب خاطر هذا، ويمدح ذاك، وفى خلال دقيقة أو اثنتين تجد الطرفين المتشاحنين يمزحان معًا.. فإذا جاز هذا (السيناريو) فى عرف السذج والدهماء من لا رأي لهم، فلا يجوز فى العرف السياسى، أي فى عرف إدارة الدول، كما لا يجوز أن يصدر عن شخصيات وصفتها بالوطنية والرجولة، وهم من يدركون أن الإخوان ليسوا بتلك السذاجة التى لم تستعصِ على أمثال (الحاج محمود). 
 كما أنى أقسم إنه لن تكون مصالحة إلا إذا أذن الأمريكان والصهاينة، كما أذنوا بالانقلاب على الشرعية، وما العسكر إلا منفذون لهذا الأمر، فلو اعترضت (السى آى أيه) على هذه المصالحة لا يمكن لعسكرى أن يتمها، ولو وافقت عليها وأمرتهم بها ما استطاعوا تعطيلها.. لكن لم ينظر أصحاب المبادرات لهذه الجزئية، كما لم ينظروا لواقع حال الطرف الآخر، وقد ظنوا - أى أصحاب المبادرات - أنه عندما يعلنون عن تلك المبادرات فإن الإخوان وأنصارهم سوف يتدافعون إليهم طمعًا ورغبًا فى العسكر، أو تفاديًا -على الأقل- لما يقع عليهم من ظلم لم يرتكبه قساة فرعون وهامان، وما يعلمه العبد لله عن الإخوان - من قبل والآن - أنهم لا يطمعون فى شىء ولا يرهبون أحدًا، وأن (قصة المصالحة) بالنسبة لهم أشبه بحديث خرافة؛ لأن الجريمة التى ارتكبت فى حقهم وحق بلدهم أكبر من أن تنفع معها المصالحة. 
 وإذا كانت ثمة مصالحة حقيقية فليوكل ذلك إلى الشعب، فى استفتاء حقيقى، يقرر فيه من يحكمه، ومن هو أولى بالسلطة، وأن يعاقب كل ذى جرم على جرمه، وأن ترد الحقوق إلى أصحابها، وأن نعود بالبلاد سياسيًا إلى ما كانت عليه أواخر عام 2011.. ولا أظن أن تلك الشروط يقبل بها العسكر، أما المؤكد فإنهم يقبلون بدمار مصر ولا يقبلون بأن ينازعهم أحد السلطة، أيًا كان توجهه، وأنهم لن يتخلوا عن تلك السلطة إلا بصاعقة يرسلها الله عليهم فتزلزل أركانهم وتدمر عروشهم. 
 ساذج من يظن أن جرائم العسكر تتمثل فى قتل الإخوان وتعذيبهم ومصادرة أموالهم، أبدًا والله فجرائمهم أفسدت الأخلاق، وقسمت العائلات، وقطعت الأرحام، .. واقرءوا تلك القصة المبكية:
** حكى لى صديق أثق به أنه ذهب للعزاء فى أحد شهداء رابعة، فاستقبله والد الشهيد - ذو منصب كبير - وعمه، وشقيقه الوحيد، فنظر صديقى إلى الوالد معزيًا: البقاء لله، وتقبله الله فى الشهداء، فرد مشمئزًا: شهيد؟! لقد مات عاقًا لوطنه محاربًا لجيش بلده. 
 استعجب صديقى فنظر إلى عمه، الذى هز رأسه مؤيدًا كلام أخيه، فما كان من صديقى إلا أن ترك العزاء متعجبًا من تلك المصيبة التى حلت بنا بعد مجيء العسكر .... حتى جعلت الأب لا يحزن لفقد ابنه حرصًا على منصبه، وجعلت العم والشقيق يؤيدان ما يقول دون أدنى شفقة على من مات غدرًا وغيلة وهو من لحمهما ودمهما.😪
 وسوف تأتى الأيام بقصص وحكايات يشيب لها الولدان، ما يجعل من يسعون لتلك المصالحة المزعومة شركاء فى تلك الجرائم، وفى الدماء التى سفكت والتى لن تنام إلا بالقصاص لها، فإن لم يقتص لها ظلت ساهرة حتى يقتص لها الجليل، وقصاصه عادل، وعقابه أليم شديد.. فهل يعى ذلك الساعون لتلك المصالحة. 
 إن ما جرى فى مِصْر فى 30 يونيو 2013 وما بعدها أحداث تاريخية مريعة، سقط خلالها آلاف الضحايا، بلا جريرة، وانتهكت الأعراض، وديست الكرامة، وسلب الوطن، وسلمت أراضيه إلى عدونا التاريخى .. من ثم لم تعد المصالحة تخص الإخوان وحدهم، وهى وإن تمت - كالتى تجرى فى الصعيد حيث تحمل فيها الأكفان لأهل القتيل - فماذا تنتظرون بعدها؟! أتصور أن العسكر سوف يثبتون بتلك المصالحة سلطتهم، وسوف ينقضون الغزل، وبعد أن محوا الديمقراطية من مصر سوف يبحثون عن الترتيب لتدشين إلهًا كما كان لهم إله منذ منتصف خمسينيات القرن الماضى، بل إنهم شرعوا - بالفعل - فى هذا الأمر، حتى قبل الحديث عن المصالحة المزعومة، وما معركة تعديل الدستور إلا عودة للوراء ستين سنة، ما يعنى خراب مِصْر مثلما خربت سوريا والعراق والصومال ودول أخرى حكمها العسكر الفاشلون.

"خالد السرتي " ... الهــزار ده بجــد 
 


|••| رحماك ربي ما أرحمك |••| 


.


ليست هناك تعليقات: