السبت، 5 سبتمبر 2015

ما هو تأثيرخفض العملة الصينية على مصر



تصاعد عمليات خروج الاستثمارات من مصر خلال السنوات الأخيرة. 
والتى بلغـت قيمتهـا أكثر من 11 مليــار دولار 
خلال الشهور الإحدى والعشرين الأخيرة، 
ما بين يوليو 2013 وحتى مارس 2015 حسب بيانات البنك المركزى المصري
ولكن ما هو تأثير ذلك على مصر؟


مع انخفاض قيمة الصادرات الصينية خلال شهر يوليو الماضي بنسبة 8 %، فقد قامت الصين بخفض قيمة عملتها اليوان بمعدل انخفاض لم يحدث منذ 11 عامًا، حتى تكون صادراتها أرخص بالنسبة لدول العالم، مما يزيد تنافسيتها ويؤدى لاستمرار ارتفاع حصيلتها.
وتحتل الصين المركز الأول عالميًا فى قيمة صادراتها السلعية، والتى بلغت خلال العام الماضى 2 تريليون و252 مليار دولار، أى ما يعادل 87 مرة ضعف قيمة الصادرات المصرية البالغة 26 مليار دولار.
ما يؤرق الدول الكبرى وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية هو تزامن خفض قيمة العملة الصينية مع ارتفاع قيمة الدولار، الأمر الذى يعنى سهولة أمام الصادرات الصينية وصعوبات أمام الصادرات الأمريكية نظرًا لارتفاع قيمة السلع الأمريكية.
كما يمثل الفائض التجاري السلعي الصيني منذ سنوات، مشكلة تؤرق كثير من الدول الصناعية خاصة أمريكا، وهو الفائض الذى بلغ 303 مليار دولار خلال العام الماضي وحده، بينما يعاني الاقتصاد الأمريكي من عجز تجاري مزمن منذ عشرات السنين، وهو عجز متكرر فى عدد من الدول الصناعية.
وتستفيد الصين من خفض عملتها والذي يجعل منتجاتها وخدماتها أرخص، وبالتالي يمكن أن تزيد صادراتها، وتزيد معدلات السياحة إليها، وقدوم الاستثمار الأجنبي إليها. خاصة مع استقطابها استثمار أجنبي مباشر خلال العام الماضى بلغ 129 مليار دولار، لتحتل المركز الأول عالميًا فى الاستثمارات الداخلة.
ولكن ما هو تأثير ذلك على مصر؟
من الناحية النظرية فإن خفض قيمة اليوان ورخص المنتجات الصينية يجعل الواردات المصرية منها أقل تكلفة، وهو ما يتزامن مع انخفاض أسعار البترول مما يقلل من تكلفة النقل البحرى الذى يهيمن على التجارة بين البلدين، كما يسهل خفض اليوان سفر المصريين للصين للسياحة والتبضع، لكنه على الجانب العملي فإن الاحتكارات المهينة على التجارة المصرية هى التى تتحكم فى الأسعار المحلية، مهما قلت أسعارها بالخارج. بدليل ضعف استفادة المستهلك المصري من تراجع أسعار السلع الغذائية بالعالم مؤخرًا، والتى تراجعت أسعارها لأدنى مستوياتها خلال السنوات الست الماضية، وبدليل أن تراجع سعر صرف اليورو مؤخرًا لم يؤد إلى انخفاض أسعار السلع المستوردة من دول اليورو التسعة عشر، والتى تشكل حجمًا مؤثرًا من إجمالي الواردات المصرية  بينما الواردات المصرية من الصين ليست ذات حجم مؤثر.

فخلال الشهور التسعة الممتدة من يوليو من العام الماضي وحتى مارس من العام الحالي، فقد بلغ النصيب النسبى للواردات من الصين 8 % من إجمالى الواردات المصرية بتلك الفترة، بينما كان نصيب ثلاث دول من دول اليورو التسعة عشر، وهى ألمانيا وإيطاليا وفرنسا فقط 12 % من إجمالى قيمة الواردات.
ورب قائل أن أزمة تدبير الدولار محليًا ستقلل من إمكانية الاستيراد، والاستفادة من انخفاض سعر المنتجات الصينية، لكن بيانات الواردات الأخيرة وحتى شهر مايو الماضي، تشير إلى ارتفاع قيمتها بالمقارنة للفترات السابقة، وبما يشير إلى أن المستوردين لديهم وسائلهم البديلة لتدبير الدولار، ومن ذلك شراء دولارات المصريين بالخليج بسعر أعلى، وإرسالها مباشرة إلى الموردين.
ويخشى البعض من تكرار أزمة 1997 مع انهيار النمور الآسيوية وتكالب المستوردين على شراء السلع الآسيوية، مما أسفر عن أزمة سيولة حادة بالسوق المحلية وقتها، خاصة وأن انخفاض سعر صرف اليوان الصيني، قد أدى لانخفاض سعر صرف عملات دول أخرى مثل استراليا ونيوزيلندا.
والمعروف أن دخول السلع الصينية لا يكون فقط من خلال المستوردين مثل باقي الدول، ولكن هناك رافدًا موازيًا آخر يتمثل فى الباعة الصينيين الذين يدخلون البيوت المصرية فى الحضر والريف، بالإضافة إلى التهريب.
لكن الخطر الأكبر فى حالة ورود السلع الصينية الرخيصة هو التأثير السلبي على كثير من الصناعات المحلية، والتى لا تستطيع المنافسة لتلك الأسعار، وعلى سبيل المثال فإن مئات من ورش تصنيع الجلود قد أغلقت أبوابها، بسبب رخص المنتجات الجلدية الصينية، حتى أن سعر المنتج النهائي الصينى أرخص من ثمن الخامات قبل تصنيعها.

وهو أمر يمكن أن يتكرر فى كثير من الأنشطة الصناعية التى تنتج سلعًا مستوردة من الصين، ويؤثر سلبيًا على مشكلة البطالة، وبالطبع لن يستطيع وزير الصناعة أن يكرر قراره بمنع استيراد فوانيس رمضان الصينية لوجود لوبي قوي للمستوردين الذين استطاعوا إلغاء قرار حظر استيراد القطن.. إلى جانب تعارض تكرار تلك القرارات مع عضوية مصر بمنظمة التجارة العالمية والتزامها بحرية التجارة، بل أن وزارة التجارة المصرية قد أعلنت عن إلغاء خضوع السلع الصينية للفحص من أجل التأكد من جودتها، بحجة أن ذلك يطيل الإجراءات ويعطل التجارة.
ويمكن أن يؤد انخفاض سعر اليوان لجذب جانب أكبر من السياحة الخليجية والأوربية، بل ومن المصريين العاملين بالخليج الذين أصبح الكثيرين منهم يفضلون قضاء أجازاتهم السنوية فى بلدان آسيوية، بدلًا من الحضور لمصر خشية أحداث العنف.
كما يمكن أن يتكرر الأثر مع الاستثمارات الخليجية بل وعلى جانب من المستثمرين المصريين الذين يعانون من مشكلات متعددة بالداخل، مما أدى لتصاعد عمليات خروج الاستثمارات من مصر خلال السنوات الأخيرة. والتى بلغت قيمتها أكثر من 11 مليار دولار خلال الشهور الإحدى والعشرين الأخيرة، ما بين يوليو 2013 وحتى مارس 2015 حسب بيانات البنك المركزى المصري.




ليست هناك تعليقات: